لماذا يزداد الاعتقاد بأن هجوماً مثل «11 سبتمبر» قد ينطلق من أفغانستان؟

«داعش خراسان» تشكل تهديداً متنامياً... و«طالبان» تستضيف المتطرفين

تخريج دفعة جديدة من مقاتلي «داعش خراسان» من «معسكر حقاني» في أفغانستان (متداولة)
تخريج دفعة جديدة من مقاتلي «داعش خراسان» من «معسكر حقاني» في أفغانستان (متداولة)
TT

لماذا يزداد الاعتقاد بأن هجوماً مثل «11 سبتمبر» قد ينطلق من أفغانستان؟

تخريج دفعة جديدة من مقاتلي «داعش خراسان» من «معسكر حقاني» في أفغانستان (متداولة)
تخريج دفعة جديدة من مقاتلي «داعش خراسان» من «معسكر حقاني» في أفغانستان (متداولة)

تعتقد المنظمات الدولية التي تراقب أفغانستان والدول المجاورة لها والحكومة الباكستانية وأجهزة الاستخبارات أن أفغانستان أصبحت مرة أخرى مركزاً للإرهاب الدولي. وهناك أيضاً اعتقاد واسع النطاق في دوائر السياسة الخارجية والاستخبارات الإقليمية بأن هجمات أخرى شبيهة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) قد تنشأ في أفغانستان عاجلاً وليس آجلاً.

داخل مسجد شيعي بعد هجوم لـ«داعش» في كابول (وسائل الإعلام الأفغانية)

وقد أشارت الحكومة الباكستانية، بما في ذلك رئيس الوزراء شهباز شريف، مراراً، للمجتمع الدولي، بأن باكستان مهددة بشكل خاص بوجود منظمات إرهابية دولية مثل «داعش خراسان» في أفغانستان.

«طالبان» تقود الجيش في وقت العرض العسكري السنوي في قاعدة باغرام الجوية (وسائل الإعلام الأفغانية)

وتعتقد الحكومة الباكستانية أنها تُركت بمفردها للتعامل مع عواقب الانسحاب الأميركي من أفغانستان، حيث يشكل تنظيم «داعش خراسان» تهديداً متزايداً، وتستضيف حكومة «طالبان» العديد من المتطرفين والمنظمات الإرهابية الدولية والإقليمية، بما في ذلك حركة «طالبان» الباكستانية، وهي جماعة إرهابية تشارك في مهاجمة قوات الأمن الباكستانية من قواعدها في أفغانستان في السنوات الأولى بعد سيطرة «طالبان» على كابول في أغسطس (آب) 2021.

«داعش خراسان»

ونجحت الحكومة الباكستانية في حشد دعم الحكومة الإقليمية لجهودها ضد التهديد المتزايد لتنظيم «داعش خراسان» في أفغانستان والمنطقة الأوسع. وقد شارك تنظيم «داعش» في هجمات إرهابية انطلاقاً من قواعده بأفغانستان في إيران وآسيا الوسطى وباكستان.

مقاتل «داعشي» في أفغانستان بقبضة «طالبان» (وسائل الإعلام الأفغانية)

ورغم أن الخبراء الدوليين يعتقدون أن «القاعدة» في أفغانستان ليست سوى ظل لذاتها السابقة، ولا يمكنها المشاركة في أي ضربة إرهابية على المستوى الدولي، فإن الأهم من ذلك هو أن لتنظيم «داعش» طابعاً وطموحات دولية واضحة، وهو ما يؤكده هجومه الأخير في موسكو.

وقد شاركت حركة «طالبان» الأفغانية في حملة عسكرية منهجية ضد وجود تنظيم «داعش في أفغانستان». وتقدم الاستخبارات الروسية والجيش الأميركي المساعدة لـ«طالبان» في التعامل مع تهديد تنظيم «داعش خراسان» في شمال وشرق أفغانستان.

مجتمع شيعي هزاري داخل مسجدهم في وسط أفغانستان بعد هجوم لـ«داعش خراسان» (وسائل الإعلام الأفغانية)

وأشار «معهد السلام الأميركي»، في تقريره الأخير حول أفغانستان وتنظيم «داعش»، إلى التعاون العسكري الضمني الأميركي مع «طالبان» في الحملة ضد «داعش»، وقال إن «التعاون السابق بين الولايات المتحدة و(طالبان) ضد تنظيم (داعش في باكستان) كان ضمنياً في أفضل الأحوال».

فيما تشير التقارير الصحافية إلى أن الجيش الأميركي دعم استهداف «طالبان» لتنظيم «داعش» في باكستان من دون التنسيق مع «طالبان» على المستوى السياسي. وكان الجيش الأميركي يعترض الاتصالات اللاسلكية التي تجريها حركة «طالبان» لتحديد الأماكن التي تحتاج فيها حركة «طالبان» إلى مساعدة في استهداف تنظيم «داعش» في باكستان، كما أنه تعاون مع حملة حركة «طالبان» وفقاً لذلك، كما جاء في أحدث تقرير صادر عن «معهد السلام الأميركي».

وهذا يشير إلى مستوى التهديد الذي يشكله الوجود المتزايد لتنظيم «داعش خراسان» في المنطقة بأن الجيش الأميركي كان مستعداً للتعاون مع الأعداء السابقين، أي حركة «طالبان»، لمواجهة تهديد تنظيم «داعش خراسان» في أفغانستان.

وتشير تقارير وسائل الإعلام الباكستانية إلى أن الحكومة الباكستانية والاستخبارات الباكستانية تعتقدان أن استخبارات حركة «طالبان» الأفغانية تستضيف عدداً كبيراً من المقاتلين الأجانب والمنظمات الإرهابية التي على خلاف مع حكومة بلادها، والتي تختبئ الآن في أفغانستان، منها أنصار «حركة أنصار الله» في طاجيكستان و«الحركة الإسلامية» في أوزبكستان، وهما ليستا المنظمتين المتمردتين الوحيدتين المتمركزتين في أفغانستان اللتين تستضيفهما استخبارات «طالبان».

«شبكة حقاني»

في الواقع، تم تحويل العملية بأكملها للتعامل مع وإدارة الجماعات المسلحة والإرهابية الأجنبية إلى استخبارات «طالبان» التي تعمل تحت عين وزير داخلية «طالبان»، سراج الدين حقاني. ويدير سراج الدين حقاني فصيله الخاص من حركة «طالبان»، المعروف شعبياً باسم «شبكة حقاني». وهو يرأس الآن الجهاز الأمني لنظام «طالبان»، وخصوصاً جهاز الاستخبارات. وتقوم استخبارات «طالبان» بتسهيل إقامة هذه الجماعات في المجتمع الأفغاني.

الشرطة الفرنسية في حالة تأهب خارج الألعاب الأولمبية في باريس بعد تهديد من تنظيم «داعش» (أ.ف.ب)

ومنذ أغسطس (آب) 2021، تم إصدار بطاقات تسجيل لهذه الجماعات ومقاتليها، وأجبروا على إبقاء استخبارات «طالبان» على علم بتحركاتهم داخل أفغانستان.

وقد كلف قادة «طالبان» استخبارات الحركة بدمج بعض مقاتلي هذه الجماعات في صفوف «طالبان» لإبقائهم منشغلين بمهام الأمن الداخلي داخل أفغانستان لإبعادهم عن شن هجمات داخل آسيا الوسطى والبر الرئيسي للصين.

وتتمتع حركة «طالبان» الأفغانية بعلاقات وثيقة وودية مع الصين، ومن ثم قامت الاستخبارات الأفغانية بتحويل كل الجماعات المسلحة والإرهابية من الأراضي الصينية بعيداً عن الحدود القصيرة لأفغانستان مع الصين.


مقالات ذات صلة

مقتل 10 أشخاص في هجوم بأفغانستان

آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم بأفغانستان

قال متحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية لوكالة «رويترز» للأنباء، اليوم (الجمعة)، إن 10 أشخاص على الأقل لقوا حتفهم في هجوم بإقليم بغلان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».