ملف كوريا الشمالية يفرض نفسه على «إدارة» هاريس

رغم وجود قضايا أشد سخونة وأكثر إلحاحاً في مقدمتها أوكرانيا والشرق الأوسط

مقاتلات من طراز «إف - 22» تابعة للقوات الأميركية أثناء مناورة مشتركة في كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
مقاتلات من طراز «إف - 22» تابعة للقوات الأميركية أثناء مناورة مشتركة في كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
TT
20

ملف كوريا الشمالية يفرض نفسه على «إدارة» هاريس

مقاتلات من طراز «إف - 22» تابعة للقوات الأميركية أثناء مناورة مشتركة في كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)
مقاتلات من طراز «إف - 22» تابعة للقوات الأميركية أثناء مناورة مشتركة في كوريا الجنوبية (أ.ف.ب)

ستجد نائبة الرئيس الأميركي ومرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية الحالية كامالا هاريس صعوبة بالغة في تجنب التعامل مع ملف كوريا الشمالية، لما يمثله من تهديد كبير للمصالح الأميركية وحلفاء واشنطن في منطقة آسيا، رغم وجود ملفات أشد سخونة وأكثر إلحاحاً على الأقل في بداية ولاياتها، في مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية والصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

وفي خطاب إعلان قبولها ترشيح الحزب الديمقراطي لها في الانتخابات، أكدت هاريس رفضها الشديد للقادة المستبدين، وقالت إنها لن «تتقرب» من المستبدين مثل زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون.

المرشحة الرئاسية الديمقراطية ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث أثناء حملتها في نورث هامبتون (رويترز)
المرشحة الرئاسية الديمقراطية ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث أثناء حملتها في نورث هامبتون (رويترز)

وانتقدت منافسها الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب بسبب اعتزامه التواصل مع مثل هؤلاء القادة، مؤكدة تمسكها بالقيم الديمقراطية والريادة العالمية للولايات المتحدة.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأميركية، قال المحلل السياسي الدكتور سانغ سو لي، الباحث الزميل المشارك في «المركز الأوروبي لدراسات كوريا الشمالية» في جامعة فيينا النمساوية وأحد مؤسسي شركة الاستشارات «ستراتيجيك لينكيدج»، الموجودة في استوكهولم والمتخصصة في الشأن الكوري، إنه رغم اختلاف وجهات نظرها السياسية عن ترمب، فإن إرادة هاريس في حل المشكلة النووية لكوريا الشمالية ما زالت غير واضحة. فربما تواصل سياسة «الصبر الاستراتيجي»، في الوقت الذي تركز فيه بصورة أكبر على صراعات أوكرانيا والشرق الأوسط. ورغم ذلك فإن تطور تكنولوجيا الصواريخ النووية لكوريا الشمالية، الذي قد يتسارع بدعم من روسيا، يمثل تهديداً متزايداً للولايات المتحدة، مع ازدياد خطر الانتشار النووي في شمال شرق آسيا. لذلك قد تجد هاريس في حال فوزها بالرئاسة نفسها مضطرة للتعامل مع هذه التهديدات بشكل مباشر وبما يتجاوز مجرد زيادة قدرات الردع لدى حلفاء الولايات المتحدة في هذه المنطقة.

يعرضان اتفاقية «التعاون الاستراتيجي الشامل» (رويترز)
يعرضان اتفاقية «التعاون الاستراتيجي الشامل» (رويترز)

لكن ما زال الأمر غير واضح، ما إذا كانت هاريس ستفكر في نهج أكثر وقائية وتوازن الردع مع الدبلوماسية لإدارة المخاطر النووية المتزايدة في المنطقة. والحقيقة أن كوريا الشمالية أظهرت مؤخراً إشارات بسيطة إلى رغبتها في إعادة الانخراط في المجتمع الدولي بعيداً عن علاقاتها المحصورة مع كل من الصين وروسيا، بعد أربع سنوات من العزلة الصارمة بسبب جائحة فيروس «كورونا المستجد». وشكلت مشاركتها في دورة الألعاب الأوليمبية باريس 2024 إشارة إلى عودتها للمسرح العالمي إلى جانب استقدامها أساتذة جامعيين أوروبيين وأميركيين للتدريس في جامعة بيونغ يانغ للعلوم والتكنولوجيا. علاوة على ذلك من المتوقع عودة الدبلوماسيين السويديين إلى بيونغ يانغ قريباً لاستئناف عملهم.

هذه الإيماءات تشير إلى احتمال استعداد بيونغ يانغ لإعادة فتح أبوابها للغرب، وربما إعادة النظر في سياستها الخارجية تجاه الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. ورغم ذلك فإن رغبة كوريا الشمالية في الانخراط ستعتمد على ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تستطيع تقديم نهج عملي يتعامل مع هواجس كوريا الشمالية الأمنية وحوافزها الاقتصادية.

ويقول سانغ سو لي، الذي عمل نائباً لمدير ورئيس مركز استوكهولم لكوريا في معهد سياسة الأمن والتنمية، كما جاء في تحقيق وكالة الأنباء الألمانية، إنه من المحتمل أن تعطي إدارة هاريس أولوية لنزع السلاح النووي، كهدف أولي للسياسة الأميركية تجاه كوريا الشمالية، مع مواصلة المحادثات معها دون شروط مسبقة، متبعةً نهج إدارة رئيسها الحالي جو بايدن. في الوقت نفسه قد تعترف هاريس بأن تحقيق النزع الكامل للسلاح النووي الكوري الشمالي في وقت قصير هدف غير واقعي بصورة متزايدة.

رئيس الوزراء الياباني المنتهية ولايته فوميو كيشيدا يصافح الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول خلال اجتماع كجزء من قمتهما في المكتب الرئاسي بسيول في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الياباني المنتهية ولايته فوميو كيشيدا يصافح الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول خلال اجتماع كجزء من قمتهما في المكتب الرئاسي بسيول في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

ففي فترة عملها الحالية نائباً للرئيس، أظهرت هاريس تركيزاً على تحقيق التوازن بين المصالح الأميركية والالتزام بالحلول الدبلوماسية والتعاون متعدد الأطراف. لذلك فقد تركز في البداية على القيام بخطوات قصيرة وتراكمية مثل الحد من التسلح ومنع الانتشار النووي بدلاً من السعي للوصول إلى صفقات كبيرة من غير المحتمل الوصول إليها في ظل الموقف الجيوسياسي الراهن. هذا التحول يمكن أن يوفر إطاراً عملياً أكثر واقعية وعملية يركز على الأمن الإقليمي الأوسع نطاقاً بدلاً من النزع الفوري للسلاح النووي، وهو النهج الذي يمكن أن تراه كوريا الشمالية مقبولاً بصورة أكبر.

علاوة على ذلك، فإن هاريس قد تنأى بنفسها عن عقد القمم الثنائية مع كيم يونغ أون، وتفضيل النهج متعدد الأطراف والمستوى العملي. وإذا أضيف هذا إلى نهجها العملي، فإن إجراءات الحد من التسلح النووي متعددة الأطراف يمكن أن تكبح بفاعلية سباق التسلح الإقليمي، وتمنع كوريا الشمالية من تطوير المزيد من القدرات النووية وتحد من الانتشار النووي في المنطقة من خلال تقليل القدرات والأصول النووية الإقليمية.

في المقابل، فإن تطور القدرات النووية لكوريا الشمالية وازدياد شكوك كوريا الجنوبية في قدرة أمريكا على ردعها، يصبح أحد التحديات الرئيسية أمام إدارة هاريس هو إقناع كوريا الجنوبية بدعم التحول نحو إطار عمل متعدد الأطراف للحد من التسلح، وهو ما يمكن أن تراه الأخيرة إضعافاً لضماناتها الأمنية.

بالونان يُعتقد أن بيونغ يانغ أطلقتهما يحلقان في الجو (رويترز)
بالونان يُعتقد أن بيونغ يانغ أطلقتهما يحلقان في الجو (رويترز)

ولمعالجة هذه المخاوف ستحتاج الولايات المتحدة إلى إظهار أن الإجراءات متعددة الأطراف للحد من التسلح يمكن أن تحسن الأمن لكوريا الجنوبية من خلال تقليص التهديد النووي من كوريا الشمالية، مع تعزيز قدرات الردع لدى الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية. علاوة على ذلك فإن هذا النهج لن يشير إلى التخلي عن هدف النزع الكامل للسلاح النووي، لكنه سيكون خطوة أولى في إخلاء شبه جزيرة كوريا من الأسلحة النووية على المدى الطويل.

وفي كل الأحوال، يرى سانغ سو لي أن هاريس ستحتاج إلى تأكيد استمرار التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن كوريا الجنوبية، وتأكيد أن هذه الجهود تستهدف تعزيز أمنها. وسيكون التوازن بين الدبلوماسية متعددة الأطراف واستراتيجية الردع الموثوق فيها أمر حيوي للمحافظة على ثقة حلفاء واشنطن مثل كوريا الجنوبية واليابان فيها، في الوقت الذي تتعامل فيه مع الملفات النووية الإقليمية.


مقالات ذات صلة

كوريا الشمالية تختبر مدمرة نووية جديدة (صور)

آسيا صورة نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية تُظهر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (في الوسط- يمين) وابنته كيم جو آي (في الوسط- يسار) وهما يحضران أول تجربة إطلاق لأنظمة الأسلحة على المدمرة متعددة المهام «تشوي هيون» في موقع غير معلن بكوريا الشمالية (إ.ب.أ)

كوريا الشمالية تختبر مدمرة نووية جديدة (صور)

أعلنت كوريا الشمالية اليوم (الأربعاء) أن الزعيم كيم جونغ أون شهد أولى عمليات إطلاق صواريخ من مدمرة جديدة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 00:26

ترمب: يتعين على إيران التخلص من فكرة امتلاك سلاح نووي

حذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب من إجبار بلاده على «فعل أمر قاسٍ» ضد إيران، مجدِّداً تعهده بحرمان طهران من امتلاك سلاح نووي.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا أحد المفاعلات في محطة تشيرنوبل النووية (رويترز)

أوكرانيا تسعى لإصلاح أضرار في حاجز منع تسرب الملوثات المشعة بـ«تشيرنوبل»

أعلنت أوكرانيا، السبت، أنها تسعى إلى إيجاد حلول لإصلاح الأضرار التي سببها هجوم بمسيرات روسية على الحاجز الآمن الجديد لمنع تسرب الملوثات المشعة في محطة تشيرنوبل.

«الشرق الأوسط» (تشيرنوبل (أوكرانيا))
شمال افريقيا أعمال تركيب المستوى الثاني لمفاعل الوحدة الثانية بمحطة «الضبعة» النووية (هيئة المحطات النووية بمصر)

مصر: قرار رئاسي بالموافقة على قرض من روسيا لإنشاء محطة طاقة نووية

نشرت الجريدة الرسمية المصرية الخميس قراراً رئاسياً بالموافقة على قرض من روسيا لإنشاء محطة طاقة نووية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يدفع حلفاء واشنطن لإعادة فتح النقاش بشأن الأسلحة النووية

يرى خبراء أن هجمات الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حلف «شمال الأطلسي» والنظام العالمي القائم، تقوض ثقة حلفائه تحت المظلة الأمنية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

روسيا لتطوير تعاون أمني مع «طالبان» في مواجهة الإرهاب

موسكو استقبلت وفوداً من حركة «طالبان» على مدار السنوات الماضية (وزارة الخارجية الروسية-أرشيف)
موسكو استقبلت وفوداً من حركة «طالبان» على مدار السنوات الماضية (وزارة الخارجية الروسية-أرشيف)
TT
20

روسيا لتطوير تعاون أمني مع «طالبان» في مواجهة الإرهاب

موسكو استقبلت وفوداً من حركة «طالبان» على مدار السنوات الماضية (وزارة الخارجية الروسية-أرشيف)
موسكو استقبلت وفوداً من حركة «طالبان» على مدار السنوات الماضية (وزارة الخارجية الروسية-أرشيف)

أعلنت موسكو استعدادها لتقديم كل أشكال المساعدة اللازمة لحركة «طالبان» لتعزيز قدراتها في مواجهة الإرهاب. وبعد مرور شهر واحد على شطب الحركة من قوائم الإرهاب الروسية، بدا أن الكرملين يستعد لإقامة علاقات تحالف مع أعداء الأمس.

جنود روس في مركبة مدرعة تسير على طول شارع تفرسكايا باتجاه الساحة الحمراء لحضور بروفة للعرض العسكري ليوم النصر في موسكو (أ.ب)
جنود روس في مركبة مدرعة تسير على طول شارع تفرسكايا باتجاه الساحة الحمراء لحضور بروفة للعرض العسكري ليوم النصر في موسكو (أ.ب)

وتحدث المبعوث الرئاسي الخاص إلى أفغانستان زامير كابولوف عن تعاون «ضد عدو مشترك» والسعي إلى بناء «شراكة كاملة». وقال كابولوف في حديث لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية إن روسيا مستعدة لمساعدة «طالبان» في مكافحة الإرهاب في أفغانستان، من خلال تعاون بين الهياكل والمؤسسات المتخصصة.

مسؤولون من «طالبان» تابعون لوزارة الصحة العامة يحضرون مؤتمراً صحافياً لنور جلال جلالي وزير الصحة العامة في «طالبان» بكابل... أفغانستان 30 أبريل 2025 (إ.ب.أ)
مسؤولون من «طالبان» تابعون لوزارة الصحة العامة يحضرون مؤتمراً صحافياً لنور جلال جلالي وزير الصحة العامة في «طالبان» بكابل... أفغانستان 30 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

ورأى أن قرار المحكمة العليا في الاتحاد الروسي تعليق الحظر الذي ظل مفروضا لسنوات على نشاط حركة «طالبان»، أزال عمليا «كل العقبات أمام إقامة شراكة كاملة مع السلطات الأفغانية الحالية، بما في ذلك في إطار مواجهة مشتركة للتهديدات الإرهابية».

وأوضح الدبلوماسي الروسي أن بلاده «ترى وتقدر الجهود التي تبذلها حركة (طالبان) في مكافحة الجناح الأفغاني لتنظيم (داعش - ولاية خراسان)». وزاد أن «هذا التنظيم الإرهابي يتبنى آيديولوجية الجهاد العالمي المتطرفة. وهذه الجماعة عدو مشترك لروسيا وأفغانستان، وسنقدم كل مساعدة ممكنة للسلطات الأفغانية من خلال المؤسسات المتخصصة».

نور جلال جلالي (يسار) وزير الصحة العامة في «طالبان» يجلس مع محمد نعيم الله أيوبي المدير العام لوكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية وشرفات زمان أمرخيل المتحدث باسم وزارة الصحة العامة خلال مؤتمر صحافي في كابل (إ.ب.أ)
نور جلال جلالي (يسار) وزير الصحة العامة في «طالبان» يجلس مع محمد نعيم الله أيوبي المدير العام لوكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية وشرفات زمان أمرخيل المتحدث باسم وزارة الصحة العامة خلال مؤتمر صحافي في كابل (إ.ب.أ)

وكانت المحكمة الروسية العليا رفعت الشهر الماضي حركة «طالبان» من قوائم الإرهاب، ما يعني تلقائيا رفع الحظر المفروض على أنشطة الحركة في البلاد.

واللافت أن موسكو برغم الحظر السابق كانت قد طورت علاقات وثيقة مع الحركة واستقبلت وفودها عدة مرات للمشاركة في اجتماعات إقليمية وثنائية.

ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نهاية العام الماضي، قانونا ينص على إمكانية تعليق الحظر مؤقتا على أنشطة منظمات مدرجة في القائمة الموحدة للتنظيمات الإرهابية، ما منح الاتصالات مع «طالبان» أساسا قانونيا ومهد لإصدار قرار المحكمة العليا.

وكان لافتا أن «طالبان» أوفدت ممثلا عنها إلى الجلسة الحاسمة للمحكمة العليا الشهر الماضي، ودافع محامي الحركة عن موقفها أمام ممثلي مكتب الادعاء العام ووزارة العدل الروسية.

وقد وافقت المحكمة الروسية العليا في الجلسة التي جرت خلف أبواب مغلقة، على التماس المدعي العام تعليق الحظر المفروض على أنشطة «طالبان» في روسيا.

وكما أشارت الخدمة الصحافية لمكتب المدعي العام فإن الأساس القانوني للاستئناف أمام المحكمة كان التعديلات التي أجريت في نهاية العام الماضي على قانون الإجراءات الإدارية والقانون الفيدرالي «بشأن مكافحة الإرهاب».

وتجيز هذه التعديلات التي وقعها بوتين في مرسوم رئاسي خاص، تعليق حظر أي منظمة إرهابية حال توقف الأنشطة التي تهدف إلى الترويج للإرهاب وتبريره ودعمه أو ارتكاب جرائم إرهابية ضد مصالح روسيا. وبالنظر إلى بيانات الجهات المختصة، تأكدت هذه الظروف في جلسة المحكمة، التي خلصت إلى أن الدعوى التي رفعها المدعي العام الروسي كانت مبررة. وأعلنت أن «تنفيذ القرار سيتم فورا».

أعلنت المحكمة العليا في روسيا يوم 17 أبريل 2025 أنها صادقت على رفع حركة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية في خطوة تعكس مرونة المفهوم الروسي للإرهاب (متداولة)
أعلنت المحكمة العليا في روسيا يوم 17 أبريل 2025 أنها صادقت على رفع حركة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية في خطوة تعكس مرونة المفهوم الروسي للإرهاب (متداولة)

وبالإضافة إلى عدد من الأسباب السياسية التي دفعت موسكو إلى تعزيز التقارب مع «طالبان» بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، شكلت الهواجس الأمنية ومواجهة روسيا عددا من الهجمات الإرهابية من جانب تنظيمات متشددة دافعا قويا لتسريع عملية التقارب مع الحركة، خصوصا أن بعض التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم «داعش خراسان» تتخذ من أراضي أفغانستان ومناطق مجاورة في جمهوريات آسيا الوسطى السوفياتية السابقة منطلقا لتخطيط وشن هجمات داخل روسيا.

ووقع أعنف هذه الهجمات وأكثرها دموية في مارس (آذار) 2024 عندما هاجم مسلحون تابعون لتنظيم «داعش خراسان» مركزا ضخما للتسوق والترفيه بالقرب من موسكو. وأسفر إطلاق نار كثيف بالأسلحة الرشاشة وتنفيذ عدة تفجيرات عن مقتل نحو 150 شخصا، وإصابة عدد مماثل في أسوأ ضربة أمنية للسلطات الروسية منذ سنوات.

وأكد مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف، في وقت لاحق، أن التحقيقات أظهرت أن تنظيم «داعش خراسان» جند المهاجمين وقدم إليهم الأسلحة ووسائل النقل اللازمة.

وأضاف بورتنيكوف، في كلمة خلال اجتماع مجلس رؤساء الأجهزة الأمنية والهيئات المختصة في بلدان رابطة الدول المستقلة: «بات معروفا بشكل يقيني أن المشرفين على تجنيد منفذي هجوم كروكوس الإرهابي قرب موسكو، كانوا أعضاء في تنظيم ولاية خراسان وعملوا وسط الجالية الطاجيكية في روسيا عبر الإنترنت، أثناء وجودهم فعليا في أفغانستان».

ولفتت أوساط أمنية روسية إلى أن تزايد نشاط هذا التنظيم في روسيا خلال السنوات الأخيرة، حوله إلى العدو المشترك رقم واحد لكل من روسيا وحركة «طالبان» ودفع بين أسباب أخرى إلى تنشيط وتائر تعزيز التعاون الأمني مع الحركة.