محمد يونس... «مصرفي الفقراء» الذي ينتظره متظاهرو بنغلاديش

الخبير الاقتصادي محمد يونس في 2016 (أ.ب)
الخبير الاقتصادي محمد يونس في 2016 (أ.ب)
TT

محمد يونس... «مصرفي الفقراء» الذي ينتظره متظاهرو بنغلاديش

الخبير الاقتصادي محمد يونس في 2016 (أ.ب)
الخبير الاقتصادي محمد يونس في 2016 (أ.ب)

في الوقت الذي تزداد فيه وتيرة الأحداث في بنغلاديش، مع إعلان قائد الجيش الجنرال وقر الزمان، الاثنين، في بث على التلفزيون الرسمي، استقالة الشيخة حسينة من منصبها رئيسة للوزراء، مؤكداً أن الجيش سيشكّل حكومة مؤقتة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، أعلن الطلاب الذين نظّموا الاحتجاجات في بنغلاديش، اليوم (الثلاثاء)، أنهم سيضغطون من أجل إشراف محمد يونس -الحائز جائزة «نوبل»- على الحكومة المؤقتة، بعد يوم على إطاحة رئيسة الوزراء، وتولي الجيش السلطة.

وقال قائد حركة «طلاب ضد التمييز» ناهد إسلام، في تسجيل مصوّر: «قررنا أن يتم تشكيل حكومة مؤقتة، يكون الحائز جائزة (نوبل) الدكتور محمد يونس الذي يتمتع بقبول واسع، كبير مستشاريها».

من هو محمد يونس؟

هو أحد أشهر الاقتصاديين والمصرفيين في العالم، والحاصل على جائزة «نوبل» للسلام عام 2006. ولد يونس (83 عاماً) في عام 1940 في مدينة شيتاجونغ التي كانت تعد في ذلك الوقت مركزاً تجارياً لمنطقة البنغال الشرقي في شمال شرقي الهند. كان والده يعمل صائغاً في المدينة، وهو ما يسَّر عليه أمر تعليم أبنائه.

وفي عام 1965، حصل يونس على منحة من مؤسسة «فولبرايت» لدراسة الدكتوراه بجامعة «فاندربيلت» بولاية تينيسي الأميركية. وكان ضمن الحركة الطلابية البنغالية المؤيدة للاستقلال. وعاد إلى بنغلاديش المستقلة حديثاً في عام 1972، ليصبح رئيساً لقسم الاقتصاد في جامعة شيتاجونغ.

الخبير الاقتصادي محمد يونس الحائز جائزة «نوبل» للسلام (أ.ف.ب)

ونظراً لظروف بلاده الاقتصادية، أنشأ في عام 1979 بنك «غرامين» في بنغلاديش، لإقراض الفقراء بنظام القروض متناهية الصغر التي تساعدهم على القيام بأعمال بسيطة، تدر عليهم دخلاً معقولاً. ولذا عُرف باسم «مصرفي الفقراء». وقد حصل على جائزة «نوبل» للسلام عام 2006، مناصفة مع بنك «غرامين»، بفضل عملهما على انتشال الملايين من الفقر، من خلال منح قروض صغيرة تقل قيمتها عن 100 دولار للفقراء بأرياف بنغلاديش، ما فتح الباب أمام ما بات يُعرف بمصطلح «الإقراض متناهي الصغر».

أزمته مع الشيخة حسينة

يقول مبشر حسن (أكاديمي ومؤلف عدة كتب عن تاريخ بنغلاديش) إن رئيسة الوزراء السابقة في البلاد، الشيخة حسينة، كانت تنظر إلى يونس على أنه منافس محتمل؛ خصوصاً بعدما أعلن في 2007 عن خططه لإطلاق حزب سياسي منافس لحزب «رابطة عوامي» الذي تتزعمه حسينة، إلا أنه تخلى عن هذه الخطط في العام التالي. وأكد يونس: «لم أسعَ أبداً للعمل بالسياسة».

وفي يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، اتُّهم يونس وثلاثة من زملائه في «غرامين تيليكوم»، وهي واحدة من الشركات التي أسسها، بعدم إنشاء صندوق ادخار فيها، وبالتالي انتهاك قانون العمل.

محمد يونس وسط مؤيديه بعد الحكم عليه في دكا (إ.ب.أ)

ونشرت «وكالة الصحافة الفرنسية» حينها أن يونس وزملاءه «أدينوا بموجب قوانين العمل، وحكم عليهم بالسجن 6 أشهر»؛ مشيراً إلى إطلاق سراحهم بكفالة في انتظار الاستئناف. وينفي المتّهمون ما نُسب إليهم.

وقال يونس بعد النطق بالحكم: «عُوقبت على جريمة لم أرتكبها».

ويواجه يونس أكثر من 100 تهمة أخرى تتعلق بانتهاكات لقانون العمل ومزاعم بالفساد.

ورغم ذلك، اتهمته الشيخة حسينة «بامتصاص دماء الفقراء». وقال مؤيدوه إن الحكومة تحاول تشويه صورته؛ لأنه فكر ذات مرة في تأسيس حزب سياسي منافس لحزب «رابطة عوامي» الذي تتزعمه حسينة، حسبما ذكرت وكالة «رويترز».

وبات يونس -بفضل شعبيته الكبيرة بين سكان بنغلاديش- منافساً محتملاً لرئيسة الوزراء السابقة.

وفي أغسطس (آب) الماضي، نشرت 160 شخصية دولية، بينهم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، رسالة مفتوحة مشتركة، تندد «بالمضايقات القضائية المتواصلة» التي يتعرض لها يونس، وتبدي مخاوف على «أمنه وحريته».

ووجَّه 12 عضواً بالكونغرس الأميركي في يناير، خطاباً إلى الشيخة حسينة، يطالبها بوقف «المضايقات المتكررة» ليونس.

وقال يونس في تصريحات حينها: «السبب الوحيد لملاحقتي قضائياً أن حسينة تراني تهديداً سياسياً بسبب شعبيتي؛ لأني عملت من أجل الناس، وزرت تقريباً كل القرى في بنغلاديش».

واتهمت منظمة العفو الدولية حكومة بنغلاديش بتسييس قانون العمل، واستخدامه أداة ضد يونس، خلال إحدى جلسات محاكمته في سبتمبر (أيلول)، ودعت إلى وضع حد فوري «للمضايقات» التي تؤكد المنظمة أنه يواجهها. وعدّت المنظمة الملاحقات الجنائية ضده «شكلاً من أشكال الانتقام السياسي، بسبب عمله ومعارضته».

يونس والاحتجاجات

ومع تصاعد الاحتجاجات في بنغلاديش منذ مطلع الأسبوع الحالي، قال يونس في مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، إن الجيش تخلى عن الشيخة حسينة، وإلا فلم يكن ممكناً أن تستقيل وتخرج من البلاد، مضيفاً أنه من الضروري تشكيل حكومة مدنية وإجراء انتخابات في أسرع وقت.

ويرى يونس أن أولئك الذين يملكون البلاد لعقود من الزمن سيفعلون كل ما بوسعهم لزعزعة استقرار البلاد، وأن الثورة لم تنتهِ بعد؛ لأن المطلوب الآن هو العمل على تغيير الأمور بعمق، معتبراً أن بنغلاديش تمر بنقطة تحول في تاريخها، وفقاً لما ذكرته إذاعة مونت كارلو الفرنسية.

احتفالات في بنغلاديش بعد استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة (رويترز)

ويونس حالياً في أوروبا، وأفاد مساعد مقرّب منه في وقت متأخر، الاثنين، بأنه لم يحصل حتى اللحظة على أي عرض من الجيش لقيادة الحكومة المؤقتة.

وبينما لم يعلِّق يونس على الدعوة؛ قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة «ذي برنت» إن بنغلاديش كانت «بلداً محتلاً» في عهد حسينة، مضيفاً: «يشعر جميع سكان بنغلاديش اليوم بأنه تم تحريرهم»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».


مقالات ذات صلة

تقرير: ماسك وأسانج مرشحان لجائزة نوبل للسلام

يوميات الشرق الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

تقرير: ماسك وأسانج مرشحان لجائزة نوبل للسلام

ذكرت مجلة «بوليتيكو» الأميركية أن رجل الأعمال إيلون ماسك والصحافي جوليان أسانج رشحا لجائزة نوبل للسلام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا مارتي أهتيساري (إ.ب.أ)

وفاة أهتيساري الرئيس الفنلندي الأسبق الحاصل على «نوبل للسلام»

أعلن مكتب الرئاسة الفنلندية اليوم (الاثنين) وفاة الرئيس الفنلندي الأسبق والحاصل على جائزة نوبل للسلام مارتي أهتيساري عن عمر يناهز 86 عاماً.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
شؤون إقليمية مطالبة أممية بإطلاق الإيرانية الحائزة «نوبل السلام»

مطالبة أممية بإطلاق الإيرانية الحائزة «نوبل السلام»

طالبت الأمم المتحدة بالإفراج عن ناشطة حقوق الإنسان الإيرانية المسجونة في طهران، نرجس محمدي، بعد الإعلان، أمس، عن فوزها بجائزة نوبل للسلام لهذا العام. وقالت ليز…

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

ماكرون: منح نرجس محمدي «نوبل للسلام» خيار قوي جداً

رحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الجمعة)، بـ«الخيار القوي جداً» بعد منح جائزة نوبل للسلام إلى الناشطة الإيرانية نرجس محمدي المسجونة في طهران

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني (الخارجية الإيرانية)

طهران: منح نرجس محمدي «نوبل للسلام» خطوة لتسييس الجائزة

استنكرت الخارجية الإيرانية، قرار لجنة جائزة «نوبل» منح نرجس محمدي جائزتها للسلام، عادّة أنه يتماشى مع سياسات التدخل في شؤونها.

«الشرق الأوسط» (طهران)

«طالبان»: الأجانب الحاصلون على تأشيرات من الحكومة السابقة يمكنهم البقاء

مقاتلو «طالبان» يحضرون يوم الأحد 4 أغسطس 2024 في كابل بأفغانستان حفل تأبين لزعيم «حماس» إسماعيل هنية الذي اغتيل في إيران (أ.ب)
مقاتلو «طالبان» يحضرون يوم الأحد 4 أغسطس 2024 في كابل بأفغانستان حفل تأبين لزعيم «حماس» إسماعيل هنية الذي اغتيل في إيران (أ.ب)
TT

«طالبان»: الأجانب الحاصلون على تأشيرات من الحكومة السابقة يمكنهم البقاء

مقاتلو «طالبان» يحضرون يوم الأحد 4 أغسطس 2024 في كابل بأفغانستان حفل تأبين لزعيم «حماس» إسماعيل هنية الذي اغتيل في إيران (أ.ب)
مقاتلو «طالبان» يحضرون يوم الأحد 4 أغسطس 2024 في كابل بأفغانستان حفل تأبين لزعيم «حماس» إسماعيل هنية الذي اغتيل في إيران (أ.ب)

أعلنت حكومة جماعة «طالبان» الأفغانية، الاثنين، أنها ستسمح للأشخاص الموجودين في البلاد، بناءً على تأشيرات صادرة من الحكومة السابقة المدعومة من الغرب، بالبقاء في الوقت الحالي؛ لكن لن تسمح لهم بالعودة دون وثائق من بعثة دبلوماسية معتمدة من «طالبان»، بموجب تقرير «أسوشييتد برس» الثلاثاء.

أميرجان ثاقب (في الوسط) نائب «طالبان» في أكاديمية العلوم يفتتح معرضاً للكتاب في كابل بأفغانستان يوم 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

وجاء الإعلان الذي أصدرته وزارة خارجية «طالبان» عبر منصة التواصل الاجتماعي «إكس» («تويتر» سابقاً)، بهدف توضيح البيان الذي سبق إصداره في 30 يوليو (تموز)، حول أنها لن تقبل بعد الآن وثائق من القنصليات والبعثات الدبلوماسية في الخارج التي يعمل بها أعضاء من الحكومة السابقة.

وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود «طالبان» للسيطرة على تمثيل أفغانستان في الخارج، منذ عودتها إلى السلطة عام 2021.

مسؤول أمني من «طالبان» يقف حارساً بجوار العلم الفلسطيني خلال حفل تأبين لزعيم «حماس» الراحل إسماعيل هنية في كابل بأفغانستان يوم 4 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

ويعني إدراج «طالبان» للبعثات الدبلوماسية في كندا وأستراليا وكثير من الدول الأوروبية على القائمة السوداء، أن كثيراً من الأشخاص قد يضطرون إلى السفر مئات؛ بل وربما آلاف الأميال، من أجل استصدار وثائق أو تجديدها أو اعتمادها.

وقالت وزارة خارجية «طالبان» إن الوثائق الصادرة من البعثات في المملكة المتحدة وبلجيكا وسويسرا وفرنسا واليونان وإيطاليا وبولندا والنرويج والسويد وكندا وأستراليا غير صالحة، ما لم يجرِ تسجيلها لدى الوزارة في كابل.

وأوضحت الوزارة أن الوثائق «غير صالحة بسبب الفساد الإداري والافتقار إلى الشفافية والتنسيق». وأضافت أن الوثائق شكَّلت «انتهاكاً واضحاً للمبادئ»؛ لكن دون توضيح ماهية تلك المبادئ.

وأعلنت وزارة خارجية «طالبان» التي تدير بعثات دبلوماسية في عدد من الدول، بينها باكستان وإيران وتركيا ودبي، الاثنين، أن بعثاتها الدبلوماسية «المقبولة» في أوروبا هي القنصلية العامة في ميونيخ بألمانيا، والسفارات الأفغانية في هولندا وإسبانيا وبلغاريا وجمهورية التشيك.

في المقابل، أفاد بيان أصدره الأسبوع الماضي مجلس يمثل السفراء المعينين من قبل الحكومة السابقة، بأن تلك البعثات تظل ملتزمة بتقديم الخدمات القنصلية، بالتعاون مع سلطات الدولة المضيفة.

وقال «مجلس تنسيق السفراء والقنصليات العامة لجمهورية أفغانستان الإسلامية» في بيان: «للأسف، عبر تصرفاتها الخاطئة وقصيرة النظر، خلقت (طالبان) مراراً مشكلات للاجئين والمواطنين الأفغان المقيمين خارج بلادهم».

من جهتها، لم ترد وزارة خارجية «طالبان» على أسئلة حول عدد الأفغان المتضررين من القرار. واكتفت بالقول إن الخدمات القنصلية عبر الإنترنت ليست متاحة بعد.

قوات «طالبان» تقوم بدورية في عربة «همفي» تم الاستيلاء عليها من قوات الأمن الأفغانية في سبين بولداك بأفغانستان (متداولة)

يُذكَر أنه في مارس (آذار) 2023، قالت «طالبان» إنها تحاول السيطرة على مزيد من السفارات الأفغانية في الخارج. وأعلن المتحدث الرئيسي باسمها، ذبيح الله مجاهد، أن الإدارة أرسلت دبلوماسيين إلى 14 دولة على الأقل.

جدير بالذكر أن كثيراً من قادة «طالبان» يخضعون لعقوبات، ولا تعترف بهم أي دولة حكاماً شرعيين لأفغانستان.

ولا يزال مقعد أفغانستان في الأمم المتحدة يشغله ممثل عن الحكومة السابقة للبلاد التي كان يقودها أشرف غني، رغم مساعي إدارة «طالبان» للمطالبة بهذا المقعد كذلك.