باكستان تسمح لـ1.45 مليون لاجئ أفغاني بالبقاء عاماً آخر

أعلنت عن «حملة الطرد» بعد ازدياد في وتيرة الهجمات عبر الحدود

حملة بحث وتحقق من باب إلى باب عن المواطنين الأفغان غير المسجلين بمخيم أفغاني بضواحي كراتشي في باكستان يوم 21 نوفمبر 2023 (رويترز)
حملة بحث وتحقق من باب إلى باب عن المواطنين الأفغان غير المسجلين بمخيم أفغاني بضواحي كراتشي في باكستان يوم 21 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

باكستان تسمح لـ1.45 مليون لاجئ أفغاني بالبقاء عاماً آخر

حملة بحث وتحقق من باب إلى باب عن المواطنين الأفغان غير المسجلين بمخيم أفغاني بضواحي كراتشي في باكستان يوم 21 نوفمبر 2023 (رويترز)
حملة بحث وتحقق من باب إلى باب عن المواطنين الأفغان غير المسجلين بمخيم أفغاني بضواحي كراتشي في باكستان يوم 21 نوفمبر 2023 (رويترز)

سيُسمح لنحو 1.45 مليون لاجئ أفغاني في باكستان بالبقاء في البلاد عاماً آخر، على ما أعلنت إسلام آباد، الأربعاء، مؤكدة استمرار إجراءات طرد المهاجرين غير الشرعيين.

وفر أكثر من 600 ألف أفغاني من باكستان منذ أمرت إسلام آباد العام الماضي المهاجرين غير الشرعيين بمغادرة أراضيها تحت طائلة الاعتقال وسط توتر العلاقات مع كابل على خلفية الأمن.

وقال مراقبو حقوق الإنسان إن أولئك الذين أُرسلوا إلى أفغانستان التي تحكمها حركة «طالبان» لم يتلقوا سوى قليل من الدعم، وإن بعضهم تعرض للاضطهاد من قبل حكام كابل الجدد.

لاجئون أفغان يعودون من باكستان إلى منطقة تاختا بول بمقاطعة قندهار يوم 22 مايو 2024 (أ.ف.ب)

وقالت الحكومة الباكستانية برئاسة شهباز شريف إنها وافقت على تمديد الإقامة حتى يونيو (حزيران) 2025 لـ1.45 مليون لاجئ أفغاني يقيمون على أراضيها بشكل قانوني ويحملون بطاقات إثبات التسجيل.

وانتهت صلاحية البطاقات في نهاية الشهر الماضي، مما ترك حامليها في حال غموض قانوني بشأن حقهم في البقاء بباكستان.

ولا يحمل جميع الأفغان في باكستان مثل هذه البطاقات، وحتى من يحملونها أفادوا بأنهم تعرضوا للمضايقة والترهيب كي يغادروا البلاد.

وجاء إعلان إسلام آباد غداة زيارة من المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، استمرت 3 أيام.

وقالت المفوضية، في بيان الثلاثاء، إن غراندي «عبر عن تقديره تعليق خطة إعادة الأجانب غير الشرعيين».

لكن متحدثة باسم وزارة الخارجية أكدت أن «هذا غير صحيح». وقالت ممتاز زهرة بلوش، في تصريحات للصحافيين، إن «باكستان لم تعرض مثل هذا التفاهم على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، وإن الخطة «لا تزال قائمة ويجري تنفيذها بطريقة منظمة وعلى مراحل».

في تلك الأثناء، قال مسؤول هجرة باكستاني عند معبر «تورخام» الحدودي إنهم بدأوا مصادرة وثائق؛ من بينها بطاقات تسجيل اللاجئين، من الأفغان المغادرين.

وقال المسؤول في أكثر المعابر ازدحاماً بين باكستان وأفغانستان: «ننفذ هذا التوجيه بناء على تعليمات وزارة الداخلية».

وصرح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن اسمه، بأن «هذا الإجراء يهدف إلى ضمان عدم عودتهم إلى باكستان ومغادرتهم بشكل دائم، علماً أن بإمكانهم الدخول مجدداً بعد الحصول على تأشيرة».

وتدفق ملايين الأفغان على باكستان على مر السنين هرباً من عقود من الحروب المتتالية.

ووصل إلى باكستان نحو 600 ألف شخص منذ عادت «طالبان» إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021 وفرضت تفسيرها المتشدد للشريعة.

وكانت إسلام آباد قد أعلنت في وقت سابق أن خطة الترحيل الجماعي لها ما يبررها من المخاوف الأمنية واقتصاد البلاد المتعثر.

ويرى محللون أن باكستان تضغط على كابل بسبب الهجمات المتزايدة في المناطق الحدودية مع أفغانستان؛ إذ تُتهم حكومة «طالبان» بتوفير ملاذ آمن للمسلحين.

وكانت باكستان قد شرعت العام الماضي في تنفيذ حملة إجراءات صارمة واسعة النطاق ضد المهاجرين غير الشرعيين. وغادر أكثر من نصف مليون لاجئ أفغاني منذ ذلك الحين باكستان إلى وطنهم الذي دمرته الحرب، وفق إحصاءات رسمية.

وأعلنت إسلام آباد، في أوائل هذا العام، أنها ستطرد أيضاً الأفغان المسجلين «لاجئين» لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

لكن حكومة رئيس الوزراء شهباز شريف سمحت الآن للاجئين الذين يتمتعون بوضع قانوني بالبقاء حتى نهاية يونيو 2025، استجابة لطلب من جانب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفقاً لما ذكره بيان رسمي صادر عن مكتب رئيس الوزراء الباكستاني.

وكانت باكستان قد أعلنت عن حملة الطرد بعد ازدياد في وتيرة الهجمات عبر الحدود، التي يشنها متشددون إسلامويون يتردد أنهم يديرون عملياتهم من مخابئهم في أفغانستان.

وتضغط إسلام آباد على كابل لاتخاذ إجراءات ضد حركة «طالبان» الباكستانية، وهي جماعة مختلفة عن نظيرتها الأفغانية.

لكن التقاعس الواضح من جانب السلطات الأفغانية أدى إلى تفاقم التوترات بين الجارتين اللتين تسود بينهما علاقات غير مستقرة.


مقالات ذات صلة

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
أميركا اللاتينية رئيسة المكسيك الجديدة كلوديا شينباوم باردو توجه رسالة إلى أنصارها بعد فوزها في الانتخابات (د.ب.أ)

الرئيسة المكسيكية: مقتل 6 مهاجرين برصاص الجيش «فعل مؤسف»

ندّدت الرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، الخميس، بمقتل 6 مهاجرين من مصر والسلفادور والبيرو، الثلاثاء، برصاص الجيش في جنوب البلاد، معتبرة أنه «فعل مؤسف».

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني العمالي كير ستارمر (رويترز)

أكثر من 25 ألف مهاجر وصلوا إلى بريطانيا منذ بداية العام

أظهرت أرقام مؤقتة، الاثنين، أن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى بريطانيا عبر المانش بواسطة قوارب صغيرة تجاوز 25 ألفاً منذ بداية العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أفريقيا أحد سواحل العاصمة السنغالية داكار (أ.ف.ب)

العثور على 30 جثة داخل قارب قبالة سواحل داكار

عثرت البحرية السنغالية، الأحد، على قارب جنح على بعد عشرات الكيلومترات قبالة سواحل داكار وعلى متنه 30 جثة على الأقل، حسبما أعلن الجيش.

«الشرق الأوسط» (داكار)
شمال افريقيا «الحرس الوطني التونسي» ينقذ قارباً يحمل مهاجرين غير نظاميين (أرشيفية - صفحة الحرس الوطني التونسي على فيسبوك)

الحرس البحري التونسي ينقذ 28 مهاجراً من الغرق

قال الحرس الوطني التونسي، اليوم (الخميس)، إن وحدات من البحرية أنقذت 28 مهاجراً تونسياً، من بينهم امرأة وطفلاها، بعد تسرُّب المياه إلى قارب كان يقلهم.

«الشرق الأوسط» (تونس)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)
قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)
TT

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)
قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

استمر العنف في الارتفاع في مقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد. غير أن الغارات والعمليات العسكرية فشلت على ما يبدو في منع الجماعات الإرهابية من تنفيذ هجمات مميتة على قوات الأمن.

يُذكر أن قوات الأمن الباكستانية تقوم بعمليات مكافحة تمرد منخفضة الكثافة في جنوب غربي وشمال غربي البلاد. بيد أن العنف آخذ في الارتفاع في هذه المناطق، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة بحثية مقرها إسلام آباد.

القوات الباكستانية بعد اعتقالها لمسلحين في جنوب البلاد (الجيش الباكستاني)

وقد تجاوز الآن مجموع عدد الوفيات الناجمة عن أعمال العنف الإرهابية في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024 الأرقام المسجلة في عام 2023 بأكمله. فقد قُتل ما لا يقل عن 1534 شخصاً خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، بالمقارنة مع 1523 حالة وفاة مسجلة طوال السنة الماضية. ويبدو أن الحكومة الباكستانية عاجزة عن منع تصاعد أعمال العنف في البلاد في مواجهة استمرار وتيرة المصادمات بين قوات الأمن والجماعات الإرهابية الباكستانية قرب الشريط القبلي. وبحسب تقرير صادر عن مركز البحوث والدراسات الأمنية، فقد سجلت الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) زيادة مذهلة في عدد الوفيات بنسبة بلغت 90 بالمائة مقارنة بالربع السابق. وقد وقعت جميع الوفيات تقريباً المسجلة خلال هذه الفترة - نحو 97 بالمائة - في خيبر بختونخوا وبلوشستان، وهو ما يمثل أعلى عدد من الضحايا في المنطقة خلال عقد من الزمن. وفي شهر سبتمبر، نفذت قوات الأمن الباكستانية عدة عمليات قائمة على الاستخبارات في مناطق الحدود الباكستانية - الأفغانية جرى خلالها تبادل كثيف لإطلاق النار بين قواتها والمسلحين، مما أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثين مسلحاً.

مركبات محترقة بعد هجوم شنه الانفصاليون البلوش بمنطقة مساخيل في بلوشستان (وسائل إعلام باكستانية)

وتكمن المشكلة في أنه كلما زاد عدد المسلحين الذين يُقتلون على أيدي قوات الأمن الباكستانية، زاد عدد المسلحين الذين يشقون طريقهم عائدين إلى الأراضي الباكستانية من المدن والبلدات الحدودية في أفغانستان. وفي بعض الأحيان ينجح الجيش الباكستاني في منع هؤلاء الإرهابيين من دخول باكستان. ولكن في أغلب الأحيان، وبسبب طبيعة الحدود التي يسهل اختراقها، ينجح المسلحون في دخول الأراضي الباكستانية من دون أي مانع أو عائق.

فرقة من القوات الخاصة العسكرية الباكستانية خلال عرض اليوم الوطني (الجيش الباكستاني)

وكما يقول مسؤول عسكري باكستاني في 19 سبتمبر، اكتشفت قوات الأمن في منطقة سبينووام العامة، في إقليم وزيرستان الشمالي، حركة لمجموعة من سبعة إرهابيين، كانوا يحاولون التسلل عبر الحدود الباكستانية - الأفغانية.

وشهدت باكستان أكثر الفترات عنفاً في العام حتى الآن، حيث شهد الربع الثالث من عام 2024 زيادة حادة في الإرهاب؛ إذ قُتل نحو 722 شخصاً، من بينهم مدنيون وأفراد أمن ومسلحون، في حين أصيب 615 آخرون في 328 حادثة مسجلة.

وتشير تقارير المراكز البحثية الباكستانية إلى أن عدد الفصائل المتحالفة مع حركة «طالبان» الباكستانية المحظورة قد ارتفع إلى 60 فصيلاً، وكان فصيل «نعيم بخاري» من جماعة «عسكر جنجوي» أحدث إضافة إرهابية.

«جيش تحرير بلوشستان»

ورغم أن العديد من الهجمات الإرهابية خلال هذه الفترة لم تتبنَّ أي جهة مسؤوليتها، فقد أعلنت عدة جماعات، بما في ذلك «جيش تحرير بلوشستان»، و«جيش بلوشستان المتحد»، وحركة «طالبان» الباكستانية، وجماعة «غول باهادور»، مسؤوليتها عن حوادث محددة بارزة.

إضافة إلى ذلك، يشتبه في أن جماعة «جيش العدل» المسلحة، التي تتخذ من إيران مقراً لها، متورطة في هجمات معينة في بلوشستان، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني. وأفاد التقرير بأنه «في حين شهدت منطقة خيبر بختونخوا زيادة كبيرة في العنف؛ إذ سجلت 77 بالمائة و159 بالمائة زيادة في الهجمات على التوالي، شهدت مقاطعات أخرى مثل البنجاب والسند انخفاضاً نسبياً في النشاط الإرهابي».

قوات عسكرية باكستانية خلال مسيرة في جبال وزيرستان الشمالية المغطاة بالثلوج (وسائل إعلام باكستانية)

وأضاف: «الزيادة في قوة شرطة خيبر بختونخوا وبلوشستان تشير إلى وجود جهد مركز من جانب الجماعات المسلحة لزعزعة استقرار هذه المناطق. وقد تحمل المدنيون وطأة هذا العنف؛ إذ يمثلون 66 بالمائة من الوفيات، يليهم أفراد الأمن والمسؤولون الحكوميون».

وشكلت الهجمات التي استهدفت المدنيين وأفراد الأمن وممثلي الحكومة نسبة 82 بالمائة من جميع الحوادث، مما يعكس اتجاهاً مقلقاً يتمثل في تحويل المتمردين تركيزهم بعيداً عن المواجهات المباشرة مع قوات الأمن إلى استهداف أكثر المجموعات ضعفاً.