بوتين يغادر أقصى شرق روسيا إلى كوريا الشمالية

في أول زيارة من نوعها منذ 24 عاماً

بوتين يغادر أقصى شرق روسيا إلى كوريا الشمالية
TT

بوتين يغادر أقصى شرق روسيا إلى كوريا الشمالية

بوتين يغادر أقصى شرق روسيا إلى كوريا الشمالية

قالت قناة «14 نيوز» الإخبارية الروسية الإقليمية، اليوم (الثلاثاء)، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غادر منطقة ساخا في أقصى شرق روسيا، متوجهاً إلى كوريا الشمالية بعد توقف هناك لبضع ساعات، في طريقه لحضور قمة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

ومن المقرر أن يصل بوتين إلى كوريا الشمالية، مساء اليوم (الثلاثاء)، في أول رحلة له إلى الدولة المعزولة منذ 24 عاماً، في وقت تشهد الحدود بين سيول وبيونغ يانغ توترات بعدما عَبَر عشرات الجنود الكوريين الشماليين لفترة وجيزة الحدود الشديدة التحصين مع الجنوب، لكنهم عادوا أدراجهم بعدما أطلق الجيش الكوري الجنوبي طلقات تحذيرية.

وعُلّقت لافتات ضخمة على أعمدة إنارة في أنحاء بيونغ يانغ تحمل صورة الرئيس الروسي مبتسماً، وكتب عليها: «ترحيب حار بالرئيس بوتين!»، بالإضافة إلى أعلام روسية، وفق ما أظهرت مشاهد لوسائل إعلام روسية رسمية.

بدأ تحالف موسكو وبيونغ يانغ منذ تأسيس كوريا الشمالية بعد الحرب العالمية الثانية، وتوثّقت علاقتهما بشكل أكبر منذ الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، وتحرك الغرب لعزل بوتين على الساحة الدولية.

وبحسب الغرب، استخدمت بيونغ يانغ مخزونها الضخم من الذخائر لتزويد روسيا بكميات كبيرة منها، واتهم البنتاغون موسكو الأسبوع الماضي باستخدام صواريخ باليستية كورية شمالية في أوكرانيا. وتقول واشنطن وسيول إن روسيا في المقابل زوّدت كوريا الشمالية الخبرة اللازمة لبرنامجها للأقمار الاصطناعية، وأرسلت مساعدات لمواجهة نقص الغذاء في البلاد. ورغم أن كوريا الشمالية نفت إمداد روسيا بمعدات عسكرية، شكر بوتين قبل رحلته حكومة كيم جونغ أون على مساهمتها في المجهود الحربي. وقال بوتين، في مقال نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية: «نحن نقدر عالياً دعم جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) القوي للعمليات العسكرية الخاصة التي تنفذها روسيا في أوكرانيا»، مضيفاً أن البلدين يعملان على توسيع «تعاونهما المتبادل وعلى قدم المساواة».

ويخضع البلدان لعقوبات فرضتها «الأمم المتحدة»: بيونغ يانغ منذ عام 2006 بسبب برامجها النووية والصواريخ البالستية المحظورة، وموسكو بسبب حربها على أوكرانيا. وأشاد بوتين بكوريا الشمالية «لدفاعها عن مصالح (البلدين) بشكل فعال رغم الضغوط الاقتصادية والاستفزازات والابتزاز والتهديدات العسكرية الأميركية المستمرة منذ عقود». كذلك، أشاد بموسكو وبيونغ يانغ «لحفاظهما على النهج المشترك ومواقفهما في (الأمم المتحدة)».

قلق أميركي

من جهتها، وصفت كوريا الشمالية الاتهامات الغربية بتزويد روسيا أسلحة بأنها «سخيفة». وفي مارس (آذار)، شكرت روسيا لاستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي لوضع حدّ لمراقبة انتهاكات العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية. وأعربت الولايات المتحدة عن «قلقها»، الاثنين، بشأن زيارة بوتين بسبب التداعيات الأمنية على كوريا الجنوبية وأوكرانيا. وبقيت الكوريّتان في حالة حرب من الناحية التقنية منذ نزاع 1950 - 1953، وتعدّ الحدود التي تفصلهما واحدة من الأكثر تحصيناً في العالم . وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، لصحافيين، الاثنين: «ما يقلقنا هو تعمّق العلاقات بين هذين البلدين». وأضاف أن القلق لا يقتصر على «الصواريخ البالستية الكورية الشمالية فقط، التي تستخدم في ضرب أهداف أوكرانية، بل لأنه قد يحصل تبادل أيضاً، من شأنه أن يؤثر على أمن شبه الجزيرة الكورية».

مواجهة العلاقة الوثيقة بإمدادات لكييف

قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، الاثنين، في واشنطن، إن زيارة الرئيس الروسي تظهر «مدى اعتماد الرئيس بوتين وموسكو الآن على الدول الاستبدادية في كل أنحاء العالم». وأضاف: «أقرب أصدقائه وأكبر الدول الداعمة للمجهود الحربي الروسي، الحرب العدوانية، هي كوريا الشمالية وإيران والصين». بدوره، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا المجتمع الدولي إلى مواجهة العلاقة الوثيقة التي تربط بوتين وكيم، عبر زيادة إمدادات الأسلحة إلى كييف. وقال: «أفضل طريقة للرد عليها (الزيارة) هي مواصلة تعزيز التحالف الدبلوماسي من أجل سلام عادل ودائم في أوكرانيا، وتسليم مزيد من صواريخ باتريوت والذخائر إلى أوكرانيا». ووصف يوري أوشاكوف، المستشار الدبلوماسي لفلاديمير بوتين، زيارة الأخير بأنها محطة مهمة للبلدين الخاضعين لعقوبات غربية، وقال لوسائل إعلام روسية إنه ستوقّع خلالها «وثائق مهمة للغاية»، مشيراً إلى «احتمال إبرام اتفاق شراكة استراتيجية شاملة». من جهته، قال بروس بينيت، محلل الشؤون الدفاعية في مؤسسة «راند» لوكالة يونهاب، إن كوريا الشمالية يمكن أن تتعهّد «تزويد روسيا إمدادات متواصلة من المدفعية والصواريخ الموجهة والصواريخ القصيرة المدى لدعم العمليات الروسية في أوكرانيا». وفي المقابل، تريد «أن تقدم روسيا مجموعة من التقنيات المتقدمة»، بالإضافة إلى «تدفق كبير للمنتجات النفطية والغذائية الروسية إلى جانب مدفوعات بالعملة الصعبة». وأصدر الكرملين، الثلاثاء، بياناً يؤكد فيه أن روسيا تخطط لتوقيع شراكة استراتيجية مع كوريا الشمالية. كذلك، أشارت وسيلة إعلام رسمية روسية إلى أن بوتين قد يسعى إلى تقديم مزيد من الدعم لكوريا الشمالية من أجل التغلب على العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

روسيا وإيران توقعان اتفاقية تتضمّن تطوير «تعاونهما العسكري»

شؤون إقليمية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يحضران حفل توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في الكرملين بموسكو 17 يناير 2025 (إ.ب.أ)

روسيا وإيران توقعان اتفاقية تتضمّن تطوير «تعاونهما العسكري»

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، إن موسكو تدرس بناء وحدات جديدة للطاقة النووية في إيران.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصلان لحضور حفل توقيع بعد محادثاتهما بموسكو في 17 يناير 2025 (أ.ب)

تحليل إخباري إيران للبحث عن «لاعب قوي» قبل مواجهة ترمب

استشعار إيران للمخاطر يدفعها للبحث عن «طرف قوي» مثل روسيا؛ إذ تعول على اتفاقية الشراكة لتحسين أوراقها في مواجهة الولايات المتحدة.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا لقاء بزشكيان وبوتين أكتوبر الماضي (الرئاسة الإيرانية) play-circle 01:58

هل على الغرب القلق من شراكة روسيا وإيران الاستراتيجية؟

قالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إنه قبل يومين من تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، ستوقّع، الجمعة، اثنتان من خصوم الغرب الرئيسيين روسيا وإيران اتفاقية

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

مصادر: بوتين سيطالب بعدم انضمام أوكرانيا لـ«الناتو» أبداً ضمن أي محادثات مع ترمب

كشفت مصادر مطلعة عن أن روسيا ستطالب بأن تقلص أوكرانيا علاقاتها العسكرية بشكل كبير مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأن تصبح دولة محايدة تمتلك جيشاً محدوداً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

قال مستشار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ومولدوفا يمكن أن تفقدا وضعهما كدولتين مستقلتين، وذلك في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مسؤول في «طالبان» يحث على إلغاء حظر تعليم الفتيات والنساء في أفغانستان

شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
TT

مسؤول في «طالبان» يحث على إلغاء حظر تعليم الفتيات والنساء في أفغانستان

شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)
شير محمد عباس ستانيكزاي الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الأفغاني (إعلام أفغاني)

حثَّ مسؤولٌ بارزٌ بحركة «طالبان» قادةَ الحركة على إلغاء حظر تعليم النساء والفتيات الأفغانيات، قائلاً إنه «لا يوجد سبب لذلك»، وذلك في انتقاد علني نادر لسياسة الحكومة. وأدلى شير عباس ستانيكزاي، النائب السياسي بوزارة الخارجية، بهذه التصريحات خلال خطاب، السبت، في إقليم خوست بجنوب شرقي البلاد.

أفغانيات يتظاهرن ضد قرار حرمانهن من التعليم (متداولة – أرشيفية)

وقال للحضور، خلال مراسم دينية بمدرسة، إنه «لا يوجد سبب لحرمان النساء والفتيات من التعليم»، بحسب تقرير لـ«أسوشييتد برس»، الأحد.

وأضاف: «لم يكن هناك مبرر لذلك في الماضي، ولا يجب أن يكون هناك مبرر على الإطلاق». وكانت الحكومة قد منعت تعليم الفتيات بعد الصف السادس.

وقال ستانيكزاي، في مقطع فيديو نشره الحساب الرسمي له على موقع «إكس»: «نطالب القيادة مجدداً بفتح أبواب التعليم».

فتيات أفغانيات في الطريق إلى المدرسة قبل قرار حظر التعليم (متداولة)

فعل ظالم بحق 20 مليون شخص

وأضاف: «نحن نرتكب فعلاً ظالماً بحق 20 مليون شخص من بين 40 مليون شخص، ونحرمهن من جميع حقوقهن. هذا ليس من صفات الإسلام، ولكن خيارنا الشخصي أو الطبيعة». يُشار إلى أن ستانيكزاي كان يترأس في السابق فريق «طالبان» خلال المباحثات التي أدَّت للانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من أفغانستان.

طابور من الأفغانيات في انتظار حصولهن على المعونات الغذائية في العاصمة كابل (متداولة)

يذكر أن الحكومة الأفغانية كانت قد منعت الإناث من التعليم بعد الصف السادس، وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وردت تقارير تفيد بأن السُلطات أوقفت أيضاً تدريب النساء في القطاع الطبي، والدورات التعليمية المُخصصة لهن في هذا المجال.

وفي أفغانستان، لا يمكن للنساء والفتيات تلقي العلاج إلا على أيدي طبيبات ومتخصصات في الرعاية الصحية. وحتى الآن، لم تؤكد السلطات حظر التدريب الطبي.

وقال ستانيكزاي، في مقطع فيديو نشره على حسابه الرسمي على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «ندعو القيادة مرة أخرى إلى فتح أبواب التعليم. نحن نرتكب ظلماً بحق 20 مليون شخص من أصل 40 مليون نسمة، بحرمانهم من جميع حقوقهم. هذا ليس في الشريعة الإسلامية، بل هو نتيجة لخياراتنا الشخصية أو طبيعتنا».

أفغانية تعمل على الحاسوب من منزلها في كابل (أ.ف.ب)

وهذه ليست المرة الأولى التي يقول فيها ستانيكزاي إن النساء والفتيات يستحققن الحصول على التعليم، حيث أدلى بتصريحات مماثلة في سبتمبر 2022، أي بعد عام من إغلاق المدارس للفتيات، وقبل أشهر من فرض حظر على دخولهن الجامعات.

أول دعوة علنية لزعيم الحركة

لكن تصريحات ستانيكزاي الأخيرة تُمثَّل أول دعوة علنية له لتغيير السياسة، وأول نداء مباشر إلى زعيم «طالبان» هبة الله أخوند زاده.

وقال إبراهيم بهيس، وهو محلل في برنامج جنوب آسيا بمجموعة الأزمات الدولية، إن ستانيكزاي كان يدلي بتصريحات مماثلة بشكل دوري يؤكد فيها أن التعليم حق لجميع النساء الأفغانيات. وأضاف: «مع ذلك، يبدو أن التصريح الأخير يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث إنه يدعو فيه علناً إلى تغيير السياسة، ويشكك في مدى شرعية النهج الحالي».

أفغانيات عاملات بالتطريز (أرشيفية)

وفي العاصمة الباكستانية إسلام آباد، دعت الحائزة جائزة «نوبل للسلام»، ملالا يوسفزاي، القادة المسلمين، في وقت سابق من الشهر الحالي، إلى تحدي «طالبان» بشأن تعليم النساء والفتيات.

الحائزة جائزة «نوبل للسلام» ملالا يوسفزاي تتحدث خلال جلسة لمناقشة تعليم الإناث في العالم الإسلامي حضرها مندوبون عن «منظمة التعاون الإسلامي» في إسلام آباد بباكستان في 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

جاء ذلك خلال حديثها في مؤتمر استضافته «منظمة التعاون الإسلامي» و«رابطة العالم الإسلامي».

وقالت الأمم المتحدة إن الاعتراف بحكومة «طالبان» يكاد يكون مستحيلاً في ظل استمرار حظر تعليم الإناث وتوظيفهن، وعدم السماح لهن بالخروج إلى الأماكن العامة دون ولي أمر ذكر.

ولا تعترف أي دولة بحركة «طالبان» حكومةً شرعيةً لأفغانستان، إلا أن دولاً مثل روسيا بدأت في بناء علاقات معها، كما تعمل الهند على تطوير علاقاتها مع السلطات الأفغانية الحالية.

وفي دبي، في وقت سابق من الشهر الحالي، أظهر اجتماع بين أكبر دبلوماسي هندي فيكرام ميستري، ووزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي، مدى عُمق التعاون بين البلدين.