«امرأة العام» في أفغانستان: إنهم يحاولون القضاء علينا بالكامل

مشاعر صحافية وآلامها بسبب قصصها عن النساء في كابل

تم اختيار زهرة جويا واحدةً من نساء مجلة «تايم» لعام 2022 لتقاريرها عن أفغانستان (مجلة تايم)
تم اختيار زهرة جويا واحدةً من نساء مجلة «تايم» لعام 2022 لتقاريرها عن أفغانستان (مجلة تايم)
TT

«امرأة العام» في أفغانستان: إنهم يحاولون القضاء علينا بالكامل

تم اختيار زهرة جويا واحدةً من نساء مجلة «تايم» لعام 2022 لتقاريرها عن أفغانستان (مجلة تايم)
تم اختيار زهرة جويا واحدةً من نساء مجلة «تايم» لعام 2022 لتقاريرها عن أفغانستان (مجلة تايم)

في الليالي التي تتمكن فيها من النوم، تعود زهرة جويا دائماً إلى أفغانستان في أحلامها، ففي الليالي السعيدة، تسافر إلى مقاطعة باميان، مسقط رأسها، بجبالها الخضراء وبحيراتها الزرقاء الزاهية، أو إلى والديها في الشكل الذي كانا يبدوان عليه عندما كانت طفلة صغيرة.

أحلام مليئة بالقنابل المزروعة

ومع ذلك، فإن أحلامها عادةً ما تكون مليئة بالقنابل المزروعة على جانبي الطريق أو الرجال المسلحين، وفي بعض الليالي، تتكرر ذكريات ساعاتها الأخيرة في أفغانستان مراراً وتكراراً، والتي تتضمن الحشود المذعورة خارج مطار كابول، والناس الذين يتعرّضون للجلد والضرب، وأصوات بكاء أخواتها.

طالبات أفغانيات يهتفن «التعليم حقنا... والإبادة الجماعية جريمة» خلال احتجاج في هيرات في عام 2022 وسط مراقبة من أحد مسلحي «طالبان» (أ.ف.ب)

وعندما تستيقظ زهرة في شقتها الصغيرة في لندن، والتي تعيش فيها مع ثلاث من أخواتها وشقيقها المراهق كلاجئين منذ هروبهم من حركة «طالبان» في أغسطس (آب) 2021، تكون أفغانستان أيضاً هي أول ما تفكر فيه، وفي غضون ساعات قليلة من استيقاظها، تذهب إلى جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص بها، حيث تقضي ساعات يقظتها في الكتابة عما يحدث للنساء والفتيات في كابل.

حقوق المرأة في ظل حكم «طالبان»

وفي السنوات الثلاث والنصف الماضية منذ أن تمكنت زهرة من مغادرة أفغانستان في رحلات الإجلاء الأخيرة بعد استيلاء «طالبان» على السلطة، نشرت «روخشانا ميديا​​»، وهي وكالة أنباء أطلقتها زهرة في عام 2020 لتروي قصص النساء والفتيات الأفغانيات، مئات القصص التي توثق الاعتداء الوحشي على حقوق المرأة في ظل حكم «طالبان»، بحسب تقرير لـ«الغارديان» الخميس.

وقام فريق زهرة جويا الصغير من المراسلين، الذين أُجبروا جميعاً على العمل بشكل سري، بكتابة قصص عن انهيار نظام الرعاية الصحية في البلاد ومنع الفتيات من دخول الفصول الدراسية والاعتداء على الفنانات والقاضيات وضباط الشرطة والناشطات، وزيادة معدل نقص الغذاء.

ووصفت جماعات حقوق الإنسان الوضع الذي تواجهه المرأة في أفغانستان بأنه بمثابة «فصل عنصري بين الجنسين»، وتقول زهرة: «الوضع يصبح أكثر يأساً كل أسبوع، وقد أصدرت حركة (طالبان) للتو قانوناً لرجم وإعدام النساء في الأماكن العامة بتهمة الزنا، فلا يوجد أي لجوء إلى القضاء، كما أنهم يحرمون ملايين الفتيات من التعليم، أو العمل أو الخروج من المنزل، فهم يحاولون القضاء علينا بشكل كامل».

تقارير صحافية من المنفى

وقبل أن تُجبَر على الذهاب إلى المنفى، كانت زهرة تتجول في شوارع كابل حاملة دفترها لتسجيل ملاحظاتها؛ إذ كانت واحدة من جيل جديد من الصحافيات الشابات اللاتي يتعرضن لمخاطر هائلة لخلق دوراً لأنفسهن في صناعة الإعلام الذكورية في أفغانستان.

وتقول: «كان لدينا حلم بأن نساعد في بناء أفغانستان حرة يمكن فيها للجميع أن يصبحوا كما يريدون، وكنا نعلم أنه عندما تغادر القوات البريطانية والأميركية، سيكون هناك تغييرات عظيمة، لكنني كنت أؤمن بالمستقبل، ولم أتخيل أبداً ما سيحدث لنا جميعاً».

والآن، بعد تدمير صناعة الإعلام التي كانت مزدهرة في أفغانستان، بات يقع على عاتق زهرة وغيرها من الصحافيين الأفغان، الذين يجدون أنفسهم مشتتين في جميع أنحاء العالم، مواصلة تقديم التقارير عما يحدث في وطنهم.

وتتحدث زهرة بشغف عن إيمانها بقدرة الصحافة على تسليط الضوء على الظلم، لكنها تشعر بعبء ثقيل بسبب الحزن والصدمة والشعور بالذنب الناتج عن عثورها على الأمان بينما تعاني الملايين من النساء والفتيات في كابل.

وتدرك زهرة نعمة الحرية التي مُنحت لها ولأخواتها، فقد تعلّم إخوتها اللغة الإنجليزية وهم على وشك الالتحاق بالجامعة؛ إذ تقول: «لقد حصلنا على فرصة ثانية للحياة، ولا أستطيع أن أتخيل الحياة التي كان سيعيشها أخواتي لو بقين هناك».

ومع ذلك، تدرك زهرة أنهم جميعاً يكافحون من أجل علاج الصدمة التي مرّوا بها منذ أن غادروا منزل عائلتهم للمرة الأخيرة في أغسطس (آب) 2021.

جويا مع أخواتها وابنة أختها في عام 2021 ولم يتمكن شقيقاها الأكبر سناً من مغادرة أفغانستان (الغارديان)

وتقول: «نعيش جميعاً وقلوبنا منقسمة، فقد قسمت حركة (طالبان) عائلتنا إلى نصفين؛ إذ لم يتمكن والداي وأخواي الأكبر سناً من القدوم معنا، ولم يكن لدينا الوقت لتوديع بعضنا بعضاً»، مشيرة إلى أن الأمر كان صعباً بشكل خاص على شقيقها المراهق الذي كان عمره 15 عاماً عندما ترك والديه في كابل.

وتضيف زهرة: «إنه أمر محزن بشكل خاص بالنسبة لأخي الصغير، الذي انفصل عن والدتي وعانى كثيراً، فهو يفقد وزنه بسبب معاناته... وعلى الرغم من أنني أفعل كل ما في وسعي فإنني لا أستطيع أن أعطيه ما يحتاج إليه».

التهديد والترهيب

وذكرت زهرة أن قرارها مواصلة إدارة «روخشانا ميديا» من المنفى أدى إلى تعرّض والديها وعائلتها للتهديد والترهيب من قِبل «طالبان»، لافتة إلى أنه في عام 2022، تم القبض على والدها، المدعي العام السابق، واحتجازه واستجوابه من قِبل الحركة حول مكان وجودها، وبعد فترة وجيزة، غادر والداها منزلهما وعبرا الحدود إلى باكستان، حيث يقيمان هناك منذ ذلك الحين، ولكنهما ما زالا يتلقيان تهديدات من أشخاص مرتبطين بـ«طالبان» حتى الآن.

وقد منحتهما السلطات الباكستانية تأشيرات لجوء متتالية مدة كل منها ستة أشهر، لكن احتمال عدم تجديد وثائقهما وترحيلهما إلى أفغانستان بات حقيقياً الآن؛ إذ قامت إسلام آباد بالفعل بترحيل عشرات الآلاف من اللاجئين الأفغان قسراً عبر الحدود إلى كابول التي تسيطر عليها حركة «طالبان»، ووفقاً لجماعات حقوق الإنسان، فإنها تُخضع كثيرين آخرين للاعتقال التعسفي والعنف.

وتقول زهرة إن شقيقها الأكبر، الذي يعيش مع والديهما في باكستان، اختفى مؤخراً لمدة ثلاثة أيام بعد أن اعتقلته الشرطة الباكستانية، وتمكن بالكاد من النجاة من إجباره على العودة عبر الحدود، مضيفة: «عندما غادروا أفغانستان، قيل لهم إن عائلتي مُدرجة على القائمة السوداء ويجب ألا يعودوا أبداً».

وبعد وقت قصير من وصولهم إلى باكستان، تقدم والدا زهرة بطلب إلى وزارة الداخلية للحصول على تأشيرة؛ حتى يتمكنوا من الانضمام إلى بقية أولادهم في المملكة المتحدة، ولكن تم رفض طلبهما قبل بضعة أسابيع.

وتابعت: «من المؤلم جداً أنني لم أجد مكاناً آمناً لعائلتي في هذا العالم الواسع، وهو شعور مدمر ويائس، وأخشى ألا أتمكن من رؤيتهم مرة أخرى أبداً، ولكنني أشعر بالمسؤولية لأنني أعلم أن الصحافة التي أمارسها لها دور تؤديه في وضعهم».

ويسيطر القلق بشأن سلامة فريق الصحافيين الذين يغطون أخبار «روخشانا ميديا» من داخل أفغانستان على حياة زهرة أيضاً؛ إذ تقول: «في بعض الأيام، لا أستطيع التوقف عن التحقق من هاتفي مراراً وتكراراً لمعرفة ما إذا كان هناك شيء سيئ قد حدث، فكل صحافي مستقل يعمل سراً في أفغانستان يعرّض نفسه لخطر كبير، لكنهم جميعاً يؤمنون بقوة أنه لا يوجد أمل في تغيير الأوضاع من دون الصحافة».

وتضيف أنه قبل بضعة أشهر، ألقت حركة «طالبان» القبض على صحافي واستجوبته للاشتباه في عمله لصالح «روخشانا ميديا»، وظل في السجن لمدة 11 يوماً، ولم يطلَق سراحه إلا بعد أن ناشد بعض شيوخ مقاطعته مسؤولي «طالبان»، لكنه غادر أفغانستان منذ ذلك الحين، وتابعت زهرة: «ليس هناك الكثير مما يمكنني فعله إذا جرت مشكلة ما».

وقد أصبح مستقبل وسائل الإعلام الأفغانية التي تعمل في المنفى، أمثال «روخشانا ميديا»، غير مؤكد على نحو متزايد، ففي عام 2021، تبرع الناس في جميع أنحاء العالم بأكثر من 180 ألف جنيه إسترليني لدعم عمل الوكالة، ولكن منذ ذلك الحين، كافحت «روخشانا ميديا»، مثل الكثير من المؤسسات الإعلامية الأفغانية في الشتات؛ لتأمين تمويل طويل الأجل للاستمرار في العمل.

وقد أصبحت الآن مؤسسة خيرية مُسجَّلة، لكن زهرة تقول إنه من دون وجود تمويل طويل الأجل فإنها ليس لديها أي فكرة عن كيفية الاستمرار في دفع رواتب مراسليها وفريق التحرير والحفاظ على تشغيل الموقع الإلكتروني، مضيفة: «أحاول ألا أفكر في المستقبل، وأكتفي بمواصلة إعداد التقارير لأطول فترة ممكنة، فلا أستطيع أن أترك النساء والفتيات هناك يعانين بمفردهن بسبب عدم سرد قصصهن».


مقالات ذات صلة

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

شؤون إقليمية المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

قرَّرت تركيا تقليص صفقة شراء مقاتلات «إف - 16» الأميركية في الوقت الذي أعلنت فيه أن أميركا أعادت تقييم موقفها من حصولها على مقاتلات «إف - 35» الشبحية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)

جولة الرئيس التايواني في منطقة الهادئ تثير حفيظة بكين

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

جولة الرئيس التايواني في منطقة الهادئ تثير حفيظة بكين

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

أثارت جولة رئيس تايوان، لاي تشينغ تي، المقررة في منطقة الهادئ، حفيظة بكين، ورصدت تايبيه الجمعة 41 طائرة عسكرية وسفينة صينية في محيط الجزيرة قبيل بدء جولة لاي تشينغ - تي في من هاواي وغوام، السبت، في رحلة تستمر أسبوعاً، يزور خلالها أيضاً جزر مارشال وتوفالو وبالاو، وهي 3 دول حليفة دبلوماسياً للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي.

صورة التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية لقاذفة صينية من طراز «H - 6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)

ردّت الصين بغضب على خطة زيارة لاي فيما تعهّد الناطق باسم وزارة الدفاع وو شيان الخميس «سحق» أي مساع تايوانية للاستقلال بشكل «حازم». ولدى سؤاله عما إذا كان الجيش الصيني سيتّخذ إجراءات للرد على جولة لاي في الهادئ، قال وو شيان: «نعارض بشدة أي شكل من أشكال التواصل مع منطقة تايوان الصينية».

وتحت ضغط من جانب الصين - تصر بكين على أن تايوان، التي تحظى بحكم ذاتي، هي جزء من أراضيها وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة واعتبار نفسها دولة ذات سيادة - لم يعد للجزيرة سوى 12 حليفاً دبلوماسياً رسمياً. ومع ذلك فإنها تحتفظ باتصالات قوية مع عشرات الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، المصدر الرئيسي للدعم الدبلوماسي والعسكري. وأكد مكتب لاي الجمعة أن الرئيس سيتوقف في ولاية هاواي الأميركية وإقليم غوام الأميركي.

الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يتكلم في ندوة استثمارية في تايبيه (رويترز)

ولتأكيد مطالبها، تنشر الصين مقاتلات ومسيرات وسفناً حربيةً في محيط تايوان بشكل يومي تقريباً، فيما ازدادت عدد الطلعات الجوية في السنوات الأخيرة.

وأفادت وزارة الدفاع التايوانية بأنها رصدت 33 طائرة صينية وثماني سفن تابعة لسلاح البحرية في أجوائها ومياهها.

شمل ذلك 19 طائرة شاركت في «دورية الجهوزية القتالية المشتركة» الصينية، مساء الخميس، في أكبر عدد منذ أكثر من 3 أسابيع، حسب بيانات صادرة عن الوزارة. ورصدت تايوان أيضاً منطاداً، كان الرابع منذ الأحد، على مسافة نحو 172 كيلومتراً غرب الجزيرة.

وقال الخبير العسكري لدى «معهد تايوان لأبحاث الدفاع الوطني والأمن» سو تزو - يون لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكن استبعاد أن تجري مناورات عسكرية واسعة النطاق نسبياً رداً على زيارة لاي».

ولاي المدافع بشدة عن سيادة تايوان، الذي تصفه الصين بأنه «انفصالي»، يبدأ السبت أول رحلة له إلى الخارج منذ تولى السلطة في مايو (أيار). وسيتوقف مدة وجيزة في جزيرتي هاواي وغوام للقاء «أصدقاء قدامى» حلفاء لتايوان في الهادئ. وخلال زيارة لمعبد طاوي، الجمعة، تعهّد لاي «العمل بجد لتعميق العلاقات بين تايوان والبلدان الأخرى وتعزيز القوة للاستجابة إلى مختلف التحديات حول العام للسماح لتايوان بالوصول إلى العالمية».

زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

وسبق لمسؤولين حكوميين تايوانيين أن توقفوا في أراض أميركية أثناء زيارات إلى منطقة الهادئ أو أميركا اللاتينية، ما أثار حفيظة الصين التي ردّت أحياناً بتنفيذ مناورات عسكرية في محيط الجزيرة. ونظّمت الصين مناورات عسكرية واسعة النطاق مرّتين منذ تولى لاي السلطة ونددت مراراً بتصريحاته وخطاباته.

وقال الخبير العسكري لدى «جامعة تامكانغ» لين ينغ - يو إن الرد الصيني سيعتمد على التصريحات التي يدلي بها لاي أثناء الجولة. وأفاد لين وكالة الصحافة الفرنسية: «قد تنظّم الصين مناورات عسكرية، لكنها قد لا تكون كبيرة. سيعتمد الأمر على ما يقوله الرئيس لاي»، مضيفاً أن أحوال الطقس حالياً «ليست مناسبة جداً» للقيام بمناورات.

عدّت منطقة جنوب الهادئ في الماضي معقلاً لدعم مطالب تايوان بالاستقلال، لكن الصين عملت بشكل منهجي على تغيير ذلك. وخلال السنوات الخمس الماضية، تم إقناع كل من جزر سليمان وكيريباني وناورو بتبديل اعترافها الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين. وباتت جزر مارشال وتوفالو وبالاو الدول الجزرية الوحيدة في الهادئ المتحالفة مع تايوان.

وحدة من المجندين التايوانيين خلال مناورات عسكرية في تينان (إ.ب.أ)

وأثارت جهود بكين لكسب تأييد حلفاء تايوان وتوسيع نفوذها في المنطقة قلق الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا. وقال المحاضر في الدراسات الصينية لدى «جامعة تسمانيا»، مارك هاريسون، إن تحويل الاعتراف إلى الصين «فتح الباب لانخراط أعمق بين بكين وهذه البلدان». وكانت زيارة لاي فرصةً نادرةً من نوعها للرئيس لتمثيل تايوان في الخارج ودعم مطالبها بالاستقلال. وقال هاريسون: «رغم أنها تبدو أشبه بتمثيلية نوعاً ما، إلا أن (هذه الزيارات) تعطي تايوان في الواقع صوتاً حقيقياً في النظام الدولي». وأضاف: «إنها تضفي شرعية وتوحي بالسيادة وفي ظل النظام الدولي القائم، فإن الإيحاء بالسيادة هو أيضاً سيادة».

من جانب آخر، أعلنت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ستبدأ زيارة لبكين خلال يومي 2 و3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بدعوة من نظيرها الصيني وانغ يي.

مدمرة تبحر في مضيق تايوان (أ.ف.ب)

يذكر أن بيربوك، كما نقلت عنها وكالة الأنباء الألمانية، أعربت مؤخراً بصورة متكررة عن انتقادات لدور الصين في سياسة المناخ الدولية والحرب الروسية في أوكرانيا. وحذرت بيربوك، بكين، من عواقب في ضوء افتراض الحكومة الألمانية أن موسكو تتلقى دعماً من الصين متمثلاً في طائرات مسيرة.

كانت آخر زيارة قامت بها الوزيرة للصين في منتصف أبريل (نيسان) 2023، التي شملت بكين ومدينة تيانجين المجاورة، حيث تنشط العديد من الشركات الألمانية. وبعد بضعة أشهر، في 14 سبتمبر (أيلول) 2023، تسببت بيربوك في نزاع دبلوماسي بتصريحاتها على شاشة التلفزيون الأميركي حول الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال مقابلة على قناة «فوكس نيوز» التلفزيونية الأمريكية، علقت بيربوك أيضاً على الحرب الروسية في أوكرانيا، وقالت، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «إذا انتصر بوتين في هذه الحرب، فيا لها من إشارة بالنسبة لديكتاتوريين الآخرين في العالم، مثل شي، مثل الرئيس الصيني؟».

وأعربت وزارة الخارجية الصينية، في ذلك الوقت عن استيائها، ووصفت تصريحات بيربوك بأنها «سخيفة للغاية». وذكرت الوزارة أن تلك التصريحات أهانت بشكل بالغ الكرامة السياسية للصين، وتمثل استفزازاً سياسياً صريحاً. وكان رد فعل بيربوك هادئاً على الغضب، وأوضحت أنها أُحيطت علماً به. وكرد فعل استدعت بكين أيضاً السفيرة الألمانية.