الصين ترفض «تلطيخ سمعة» قانون الأمن القومي في هونغ كونغ

بعد انتقادات غربية حذرت من «تقليص الحريات»

مشرعون يصوتون لصالح قانون الأمن القومي الجديد في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
مشرعون يصوتون لصالح قانون الأمن القومي الجديد في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
TT

الصين ترفض «تلطيخ سمعة» قانون الأمن القومي في هونغ كونغ

مشرعون يصوتون لصالح قانون الأمن القومي الجديد في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
مشرعون يصوتون لصالح قانون الأمن القومي الجديد في هونغ كونغ (أ.ف.ب)

ندّدت الصين بالانتقادات الدولية لقانون الأمن القومي الجديد في هونغ كونغ، الأربعاء، بعدما عدت دول غربية والأمم المتحدة بأنه سيقلّص الحريات بشكل أكبر في المركز المالي الآسيوي. جاء ذلك بعد إقرار المجلس التشريعي في هونغ كونغ القانون بالإجماع، الثلاثاء، ليُدخل عقوبات جديدة مشددة على خمس فئات من الجرائم؛ تشمل الخيانة، وسرقة أسرار الدولة. وسيُطبّق القانون الجديد، الذي صاغته هونغ كونغ، ويعرف بـ«المادة 23»، بالتوازي مع نسخة فرضتها بكين العام 2020 أدت إلى إسكات المعارضة في هونغ كونغ، وتم على أساسها توقيف نحو 300 شخص، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

انتقادات غربية وأممية

سارعت بلدان غربية، بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوة الاستعمار السابقة، لانتقاد القانون الجديد. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن من شأن القانون أن «يلحق المزيد من الأضرار في الحقوق والحريات التي تتمتع بها المدينة»، عادّاً أنه «أُعدّ على عجل».

وردّ الناطق باسم الخارجية الصينية، لين جيان، في مؤتمر صحافي الأربعاء بالقول إن «الهجمات وتلطيخ سمعة» قانون هونغ كونغ من قبل حكومات أخرى وجهات خارجية «مصيرها الفشل». وأفاد بأن «الأمن من متطلبات التنمية، وسيادة القانون هو حجر الأساس للازدهار». وندّدت المفوضية الصينية للشؤون الخارجية في هونغ كونغ، الأربعاء، بعقلية «المستعمر» البريطانية، واتّهمتها «بازدواجية المعايير»، في إشارة واضحة إلى قوانين لندن المرتبطة بالأمن القومي.

وانضم كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان إلى منتقدي القانون الجديد. فيما حذّرت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ نظيرها الصيني وانغ يي، الذي يزور كانبيرا، من أن القانون قد يؤدي إلى «تآكل الحقوق والحريات بشكل إضافي»، وبأن تداعياته قد تتجاوز الصين بشكل كبير.

دولة واحدة بنظامين

وفي إطار اتفاق تسليمها من قبل بريطانيا إلى الصين «دولة واحدة بنظامين»، نالت هونغ كونغ ضمانات بالحصول على حريّات معيّنة تشمل الحكم الذاتي القضائي والتشريعي لمدة 50 عاماً.

لي جيان خلال المؤتمر الصحافي ببكين (إ.ب.أ)

رسّخ الاتفاق وضع المدينة بصفتها مركزاً تجارياً عالمياً، والذي تعزز بفضل حريّات قضائية وسياسية تُميّزها عن الوضع في بر الصين الرئيسي. لكن المظاهرات المنادية بالديمقراطية الحاشدة، والتي تخلّلها العنف أحياناً في 2019، ونزل خلالها مئات الآلاف من سكان هونغ كونغ إلى الشوارع للمطالبة بتعزيز الحكم الذاتي بعيداً عن هيمنة بكين، قوبلت برد سريع من السلطات. وفرضت بكين قانوناً للأمن القومي على هونغ كونغ في عام 2020، ركّز على المعاقبة على أربع جرائم؛ هي: الانفصال، والتخريب، والإرهاب، والتعاون مع قوى خارجية. وكما كانت الحال عندما فرض هذا القانون، قالت سلطات بكين إن النسخة الجديدة التي تدخل حيّز التنفيذ، السبت، ستؤثر «على عدد ضئيل للغاية من الأشخاص فحسب».

«قلق بالغ»

أفاد رئيس السلطة التنفيذية في هونغ كونغ، جون لي، بأن القانون الجديد الذي يعاقب على الخيانة والتمرّد وسرقة أسرار الدولة والتجسس والتخريب والتدخل الخارجي، يعمل بالتوازي لسد أي «ثغرات» في تشريع بكين. وشدّدت الحكومة على أن صياغة هذا القانون «مسؤولية دستورية»، ومحددة في «المادة 23» من دستور هونغ كونغ المصغّر الذي يحكم المدينة منذ تسليمها. لكن وزير الخارجية البريطاني لفت إلى أن التشريع يقوض «الإعلان الصيني البريطاني المشترك» العائد إلى عام 1984، وهو اتفاق ملزم دولياً يُشكّل أساس مبدأ «بلد واحد بنظامين». وقال: «أحضّ سلطات هونغ كونغ على (...) التمسك بأعلى درجات الحكم الذاتي وسيادة القانون، والتحرّك بما بتوافق مع التزاماتها الدولية والقانونية».

وقوبلت هذه التصريحات بتنديد من السفارة الصينية في المملكة المتحدة، التي رأت فيها «تشويهاً خطراً للحقائق». وأفادت السفارة بأن القانون الذي يحمل عقوبات تصل إلى السجن مدى الحياة لجرائم مرتبطة بالخيانة والتمرّد، «يضمن بشكل كامل الحقوق والحريات التي يتمتع بها سكان هونغ كونغ». وأضافت: «نحضّ المملكة المتحدة على وقف اتهاماتها التي لا أساس لها... والامتناع عن التدخل في شؤون الصين الداخلية بأي ذريعة كانت». من جانبه، قال الناطق باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتل، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تشعر «بالقلق حيال بنود (واردة في القانون) نعد أنها معرّفة بشكل غامض».

من جانبه، وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، القانون وتبنيه «على عجل» بأنه «خطوة إلى الوراء في حماية حقوق الإنسان». أما الاتحاد الأوروبي، فلم ينتقد التأثير المتوقع للقانون على الحريات في المدينة بالمجمل فحسب، بل قال بشكل محدد إنه يمكن أن «يؤثر بشكل كبير على عمل مكتب الاتحاد الأوروبي» والقنصليات الأوروبية ومواطني التكتل في هونغ كونغ. وأفاد الاتحاد الأوروبي في بيان الثلاثاء بأن «ذلك يثير تساؤلات أيضاً بشأن جاذبية هونغ كونغ على المدى البعيد بصفتها مركزاً للتجارة الدولية».


مقالات ذات صلة

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
شؤون إقليمية مدخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 3 مارس 2011 (رويترز)

الصين تدعو «الجنائية الدولية» لاتخاذ موقف «موضوعي» بشأن مذكرة توقيف نتنياهو

دعت الصين، اليوم (الجمعة)، المحكمة الجنائية الدولية إلى الحفاظ على «موقف موضوعي وعادل» بعدما أصدرت مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (موقع الخارجية الصينية)

الصين تدعو إلى «الهدوء» بعد توسيع بوتين إمكانية استخدام الأسلحة النووية

دعت الصين، الأربعاء، إلى «الهدوء» و«ضبط النفس»، غداة إصدار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يوسع إمكانية استخدام الأسلحة النووية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».