باكستان تنأى بنفسها عن «طالبان» في حين يقترب الإيرانيون والروس منها

مؤتمر الدوحة كشف بوضوح داعمي الحركة الأفغانية

رئيس أركان الجيش قاري فصيح الدين فطرت (يسار) ووزير الدفاع الأفغاني بالإنابة محمد يعقوب مجاهد (وسط) والمتحدث باسم وزارة دفاع «طالبان» عناية الله خوارزمي يتحدثون خلال مؤتمر صحافي بكابل في 28 أغسطس 2022 (متداولة)
رئيس أركان الجيش قاري فصيح الدين فطرت (يسار) ووزير الدفاع الأفغاني بالإنابة محمد يعقوب مجاهد (وسط) والمتحدث باسم وزارة دفاع «طالبان» عناية الله خوارزمي يتحدثون خلال مؤتمر صحافي بكابل في 28 أغسطس 2022 (متداولة)
TT

باكستان تنأى بنفسها عن «طالبان» في حين يقترب الإيرانيون والروس منها

رئيس أركان الجيش قاري فصيح الدين فطرت (يسار) ووزير الدفاع الأفغاني بالإنابة محمد يعقوب مجاهد (وسط) والمتحدث باسم وزارة دفاع «طالبان» عناية الله خوارزمي يتحدثون خلال مؤتمر صحافي بكابل في 28 أغسطس 2022 (متداولة)
رئيس أركان الجيش قاري فصيح الدين فطرت (يسار) ووزير الدفاع الأفغاني بالإنابة محمد يعقوب مجاهد (وسط) والمتحدث باسم وزارة دفاع «طالبان» عناية الله خوارزمي يتحدثون خلال مؤتمر صحافي بكابل في 28 أغسطس 2022 (متداولة)

يبدو أن باكستان بدأت في النأي بنفسها عن حكومة «طالبان» في كابل في المنتديات المتعددة الأطراف؛ إذ عارض مبعوثها الخاص بشأن أفغانستان، آصف دوراني، بوضوح موقف «طالبان» بشأن تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة بشأن أفغانستان في مؤتمر الدوحة الأسبوع الماضي.

عَلم «طالبان» يظهر في إحدى الأسواق في كابل (رويترز)

وكشف مؤتمر الدوحة بوضوح عن من هم الداعمون الحقيقيون لنظام «طالبان» الأفغاني في هذه المنطقة، حيث إن إيران وروسيا دعمتا بوضوح موقف «طالبان» بشأن مسألة تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة بشأن أفغانستان.

وكان الموقف الباكستاني معارضاً لموقف حركة «طالبان» الأفغانية عندما أيّد ممثل الحركة في المؤتمر آصف علي دوراني تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة في أفغانستان من دون التشاور مع حكومة «طالبان» الأفغانية.

ورفضت حكومة «طالبان» إرسال ممثلها إلى الدوحة لحضور المؤتمر بعد أن رفضت الأمم المتحدة مطلبها بالاعتراف بها ممثلاً شرعياً وحيداً لأفغانستان.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتحدث إلى وسائل الإعلام في ختام مؤتمر الدوحة (موقع الأمم المتحدة)

وعُقد المؤتمر، الذي استمر يومين، لوضع خريطة طريق للمشاركة البناءة مع نظام «طالبان» في المستقبل. ولم تقدم أي دولة حتى الآن اعترافاً دبلوماسياً بنظام «طالبان» في كابل.

أفغانيات ينتظرن الحصول على حصص غذائية توزعها مجموعة مساعدات إنسانية بالعاصمة كابل في 23 مايو 2023 (أ.ب)

ومع ذلك، فإن مؤتمر الدوحة طلب من «طالبان» تحسين حالة المرأة، ووضع حقوق الإنسان، وتشكيل حكومة شاملة في كابل.

وفى ختام المؤتمر، صرح سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحافي بأنه بدأ مشاورات حول تعيين مبعوث للأمم المتحدة لتنسيق المشاركة بين كابل والمجتمع الدولي، في حين عارضت إيران وروسيا تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة من دون التشاور مع حركة «طالبان» الأفغانية، وهو المطلب الذي لن تكون الأمم المتحدة مستعدة للموافقة عليه.

ومن الواضح أن المواقف الإيرانية والروسية تؤيد موقف «طالبان» الأفغانية التى لا تطالب فقط بالاعتراف بها ممثلاً وحيداً ومشروعاً لأفغانستان، ولكنها تطالب أيضاً بأن يتشاور الأمين العام للأمم المتحدة معها قبل تعيين المبعوث. وفي ديسمبر (كانون الأول) تبنى مجلس الأمن القرار الذي يدعم التوصيات المتعلقة بتعيين مبعوث خاص إلى أفغانستان، في حين دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها فكرة تعيين مبعوث خاص، امتنعت الصين وروسيا عن التصويت.

ووفقاً لما قاله خبير السياسة الخارجية في إسلام آباد كمران يوسف، المرتبط بدار الإعلام الباكستانية «إكسبريس»، أعربت باكستان عن تحفظاتها بشأن تعيين المبعوث الخاص للأمم المتحدة. بيد أنها تؤيد الآن هذا الاقتراح، وفقاً لما ذكرته المصادر، إلا أنهم أضافوا أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة يجب أن يكون «مسلماً ودبلوماسياً محنكاً ومن المنطقة».

مقاتلو «طالبان» ورجال آخرون يصلّون في مقبرة بقرية في منطقة نائية بأفغانستان (رويترز)

وقال الخبير الباكستاني كمران يوسف إن موقف بلاده يتعارض بشكل مباشر مع موقف حركة «طالبان» الأفغانية. وقال أحد المسؤولين إن هذا يرجع إلى أن إسلام آباد لم تعد تؤيد قضية «طالبان».

وفي الأيام الأولى التي تلت استيلاء «طالبان» على كابل في أغسطس (آب) 2021، كان الدبلوماسيون الباكستانيون يدعمون بنشاط قضية حكومة «طالبان» للاعتراف الدولي في المنتديات المتعددة الأطراف، واستخدم الدبلوماسيون الباكستانيون بنشاط للضغط من أجل اعتراف المجتمع الدولي بنظام «طالبان»، كما قال أرشد محمود، وهو صحافي وخبير في السياسة الخارجية.

لقطة من مقطع فيديو تم التقاطه في 22 يناير 2024 تُظهر رجالاً أفغاناً يغادرون ملعب كرة قدم بعد حضور الإعدام العلني الذي نفذته سلطات «طالبان» في رجلين أدينا بالقتل في غزنة (أ.ف.ب)

وفي مؤتمر الدوحة، عارض الدبلوماسيون الباكستانيون صراحة مواقف «طالبان»، التي تعكس التوتر بين إسلام آباد وكابل، لا سيما بشأن مسألة دعم «طالبان» عناصر حركة «طالبان الباكستانية».

حاجز لحركة «طالبان» وسط العاصمة كابل (إ.ب.أ)

كما أن دعم باكستان تعيين مبعوث خاص بشأن أفغانستان يعني أن الحكومة الباكستانية لم تقبل موقف حركة «طالبان» الأفغانية بأنه لا يوجد صراع في المجتمع الأفغاني. وقد عارضت حكومة «طالبان» بشدة تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة، وأصرت على أنه لا توجد حاجة إلى مثل هذا التعيين.

وتقول إدارة «طالبان» إن تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة لن يتم إلا إذا كانت البلاد في صراع. وتؤكد حكومة «طالبان» أن أفغانستان تعمل الآن كدولة طبيعية.

شاحنات تحمل بضائع متجهة إلى أفغانستان تصطف في انتظار فتح الحدود في أعقاب اشتباكات بين قوات الأمن الباكستانية والأفغانية في طورخم (إ.ب.أ)

وتم تمثيل المجتمع المدني الأفغاني في مؤتمر الدوحة بواسطة الكثير من المنظمات غير الحكومية، والناشطين الحقوقيين، والشخصيات السياسية الأفغانية.

وطالبت «طالبان» الأمم المتحدة بأن تمثل حركة «طالبان» أفغانستان فقط في المؤتمر. حتى أن روسيا أيّدت موقف «طالبان» من هذه القضية.

وقالت السفارة الروسية في كابل إن موسكو تتصرف «بناءً على طلب من السلطات الأفغانية» ولن تنضم إلى «ما يسمى بالناشطين المدنيين الأفغان، الذين جرى اختيارهم، بالمناسبة، ومن دون شفافية ومن دون معرفة كابل».

أرشيفية لمعبر طورخم الحدودي بين باكستان وأفغانستان (رويترز)

وفي وقت لاحق، قالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن الاجتماع الذي عُقد تحت رعاية الأمم المتحدة حول أفغانستان في قطر واستمر يومين كان «فاشلاً». وقالت زاخاروفا: «إن وفد الحكومة الأفغانية رفض المشاركة بسبب الظروف المهينة المرتبطة بحقيقة أنه لم يسمح له بالمشاركة إلا في أحداث ثانوية تشمل مبعوثين هاربين من ما يسمى بالمجتمع المدني الأفغاني».

كما ذكرت زاخاروفا أنه لم يتم اتخاذ قرار حول الخطط التى أعلنتها الأمم المتحدة من قبل لإنشاء منصب مبعوث خاص و«مجموعة اتصال صغيرة» لأفغانستان، وأضافت أن مثل هذه القضايا تم إدراجها على جدول الأعمال من دون توضيح مناسب.


مقالات ذات صلة

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

أفريقيا مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

اندلعت، الخميس، معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد ينظمون مسيرة حاشدة احتفالاً بيوم الجمهورية التونسية إلى جانب احتجاج أنصار أحزاب المعارضة للمطالبة بالإفراج عن المعارضين السياسيين في البلاد (د.ب.أ)

تطورات جديدة في قضايا المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة» في تونس

أعلنت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات مكافحة الإرهاب ووحدات أمنية من النخبة في محافظات عدة ألقت مؤخراً القبض على عدد من المتهمين في قضايا إرهاب وتهريب بشر.

كمال بن يونس (تونس)
آسيا قوات الأمن التركية ألقت القبض على سيريبرياكوف عقب وصوله بودروم الأربعاء (صورة موزعة من الداخلية التركية)

تركيا سلمت روسيا مُنفِّذ تفجير سيارة أحد العسكريين في موسكو

سلمت تركيا مواطناً روسياً مطلوباً دولياً إلى السلطات في موسكو بعد أن هرب إلى موغلا في ولاية بودروم الجنوبية الغربية عقب تفجيره سيارة ضابط.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة)
آسيا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

ألمانيا: إيداع اثنين السجن على ذمة التحقيق للاشتباه في دعمهما «داعش»

عقب إلقاء القبض على اثنين للاشتباه في تأييدهما لتنظيم «داعش» بولايتي هامبورغ وشليزفيج-هولشتاين، تم إيداعهما السجن على ذمة التحقيق.

«الشرق الأوسط» (كارلسروه )
أوروبا حالة استنفار في العاصمة بروكسل إثر إنذار إرهابي (متداولة)

بلجيكا تفتش 14 منزلاً في تحقيق لمكافحة الإرهاب وتحتجز 7 لاستجوابهم

قال مكتب المدعي العام الاتحادي في بلجيكا، الخميس، إن الشرطة فتشت 14 منزلاً في إطار تحقيق يتعلق بالإرهاب، مضيفاً أن 7 أشخاص احتُجزوا بغرض استجوابهم.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

كيم جونغ أون: العلاقات «الودية» مع الصين يجب أن تمضي قدماً «بقوة»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)
TT

كيم جونغ أون: العلاقات «الودية» مع الصين يجب أن تمضي قدماً «بقوة»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)

أعلن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أن العلاقات «الودية» مع الصين ستمضي قدماً «بقوة»، وذلك في أثناء زيارته نصباً تذكارياً يرمز إلى العلاقات الثنائية، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية، (السبت)، وسط مؤشرات تقود إلى وجود توتر بين الدولتين الصديقتين، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يضع إكليلاً من الزهور على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)

وزار كيم، الجمعة، برج الصداقة في بيونغ يانغ، الذي تم تشييده لإحياء ذكرى مشاركة الصين في الحرب الكورية 1950 - 1953، وأشاد بالجنود الصينيين الذين سقطوا خلال الحرب، وذلك قبل يوم من الذكرى الـ71 للهدنة التي أنهت الصراع، بحسب «وكالة الأنباء المركزية الكورية».

كيم جونغ أون يظهر وهو يضع الزهور على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)

وذكرت الوكالة أن الزعيم الكوري «أعرب عن ثقته بأن الصداقة بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والصين، التي تأسست كعلاقات قرابة، ستستمر بقوة، وستتطور جنباً إلى جنب مع الروح الخالدة للشهداء».

كيم جونغ أون يضع الزهور على ضريح ضحايا الحرب الكورية في بيونغ يانغ (د.ب.أ)

وتأتي زيارة كيم في الوقت الذي يبدو فيه أن كوريا الشمالية تقترب من روسيا وتبتعد عن الصين، خصوصاً بعدما وقّع الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاق «شراكة استراتيجية شاملة»، خلال قمتهما في بيونغ يانغ، الشهر الماضي، وفقاً لوكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء.