كيف تشكل «العالم السري» للقراصنة الصينيين؟ وماذا يفعلون تحديداً؟

قدمت الوثائق نظرة داخل العالم السري للقراصنة المدعومين من الدولة في الصين (رويترز)
قدمت الوثائق نظرة داخل العالم السري للقراصنة المدعومين من الدولة في الصين (رويترز)
TT

كيف تشكل «العالم السري» للقراصنة الصينيين؟ وماذا يفعلون تحديداً؟

قدمت الوثائق نظرة داخل العالم السري للقراصنة المدعومين من الدولة في الصين (رويترز)
قدمت الوثائق نظرة داخل العالم السري للقراصنة المدعومين من الدولة في الصين (رويترز)

أظهرت مجموعة من الوثائق الخاصة بشركة أمنية صينية تعمل لصالح وكالات حكومية صينية، أن بكين لجأت بشكل متزايد إلى الشركات الخاصة لشن حملات اختراق لشركات تابعة لعدد من الحكومات الأجنبية ومجموعة من شركات الاتصالات، خاصة في آسيا، بالإضافة إلى تكثيف أجهزة المراقبة المحلية في مختلف أنحاء البلاد لتعزيز رقابتها على سكانها المحليين.

وتم تسريب الوثائق من داخل شركة تدعى I-Soon في شنغهاي ونشرت على أحد مواقع الإنترنت الأسبوع الماضي. وقال ثلاثة خبراء في الأمن السيبراني أجرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية مقابلات معهم إن الوثائق تبدو أصلية.

وقدمت الوثائق نظرة داخل العالم السري للقراصنة المدعومين من الدولة في الصين، وكيف عملت سلطات إنفاذ القانون الصينية ووكالة التجسس الرئيسية، وزارة أمن الدولة، على الاستفادة من مواهب القطاع الخاص في حملة قرصنة عالمية.

فقد كشفت الوثائق عن جهد استمر ثماني سنوات لاستهداف قواعد البيانات والتنصت على الاتصالات في كوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ وماليزيا والهند وأماكن أخرى في آسيا. وكشفت الملفات أيضاً عن حملة لمراقبة أنشطة الأقليات العرقية في الصين وشركات المقامرة عبر الإنترنت من كثب.

وقال مسؤولون أميركيون إن حملة القرصنة استهدفت أيضاً البنية التحتية والحكومة الأميركية.

وتضمنت الملفات سجلات المراسلات بين الموظفين، بالإضافة إلى قوائم الأهداف ومواد تتعلق بأدوات الهجوم السيبراني المستخدمة.

وقال جون هولتكويست، كبير المحللين في شركة Mandiant Intelligence التابعة لـ«غوغل»: «لدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن هذه هي البيانات حقيقية وأن الصين تدعم عمليات التجسس الإلكتروني العالمية والمحلية».

وأشار هولتكويست إلى أن «البيانات أظهرت أن شركة I-Soon كانت تعمل لصالح مجموعة من الكيانات الحكومية الصينية التي ترعى القرصنة، بما في ذلك وزارة أمن الدولة، وجيش التحرير الشعبي، والشرطة الوطنية الصينية».

وأضاف: «الشركة هي جزء من نظام يضم عدداً كبيراً من المتعاقدين لهم صلات بـ(نظام القرصنة الوطني الصيني)، الذي تطور قبل عقدين من الزمن وأصبح شرعياً منذ ذلك الحين».

وأظهرت الملفات كيف تمكنت شركة I-Soon الاستفادة من مجموعة كبيرة من التقنيات أثناء عملها في مهام القرصنة التي كلفتها بها الحكومة الصينية. ووفقاً للوثائق، كان موظفو الشركة في بعض الأحيان يركزون على أهداف خارجية، وفي حالات أخرى يساعدون وزارة الأمن العام الصينية في مراقبة المواطنين الصينيين في الداخل والخارج.

ووصفت المواد المدرجة في التسريب والتي روجت لتقنيات القرصنة الخاصة بـI-Soon، تقنية مصممة لاقتحام حسابات البريد الإلكتروني في «Outlook» وأخرى يمكنها التحكم في أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام «ويندوز»، مع التهرب من 95 في المائة من أنظمة مكافحة الفيروسات.

وتفاخرت شركة I-Soon بقدرتها على الوصول إلى البيانات من مجموعة من الحكومات والشركات في آسيا، بما في ذلك تايوان والهند ونيبال وفيتنام وميانمار. وأظهرت إحدى القوائم سجلات طيران واسعة النطاق لشركة طيران فيتنامية، بما في ذلك أرقام هوية المسافرين ووظائفهم ووجهاتهم.

وفي الوقت نفسه، قالت شركة I-Soon في الوثائق إنها قامت بتطوير تكنولوجيا يمكنها تلبية المتطلبات المحلية للشرطة الصينية، بما في ذلك البرامج التي يمكنها مراقبة التوجهات العامة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي داخل الصين.

هذا بالإضافة لاستخدام الشركة أداة أخرى، مصممة خصيصاً لاستهداف الحسابات على موقع «إكس» (تويتر سابقاً)، يمكنها الوصول إلى عناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف وغيرها من المعلومات المحددة المتعلقة بحسابات المستخدمين.

وفي السنوات الأخيرة، تمكن مسؤولو إنفاذ القانون الصينيون من التعرف على النشطاء الذين انتقدوا الحكومة على «إكس» باستخدام حسابات مجهولة من داخل الصين وخارجها. وفي كثير من الأحيان هدد المسؤولون أولئك المستخدمين لإجبارهم على حذف منشوراتهم من الموقع.

ولفتت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن استخدام الحكومة الصينية لمقاولين من القطاع الخاص للقيام بمهام الاختراق نيابة عنها مقتبس من تكتيكات إيران وروسيا، اللتين استخدمتا لسنوات كيانات غير حكومية لملاحقة وقرصنة أهداف تجارية ورسمية.


مقالات ذات صلة

تقارير تتحدث عن قرصنة صينية لأنظمة تنصت أميركية

الولايات المتحدة​ رسم يُظهر العلمين الأميركي والصيني من خلال زجاج مكسور (صورة توضيحية - رويترز)

تقارير تتحدث عن قرصنة صينية لأنظمة تنصت أميركية

أفادت صحيفة أميركية بأن قراصنة إلكترونيين من الصين تمكّنوا من الوصول إلى شبكات مقدمي خدمات النطاق العريض في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب برفقة أنصاره في شانكسفيل في بنسلفانيا (أ.ب)

واشنطن لتوجيه اتهامات جنائية ضد قراصنة سيبرانيين مرتبطين بإيران

تستعد السلطات الفيدرالية لتوجيه اتهامات جنائية ضد قراصنة سيبرانيين مرتبطين بإيران سعوا إلى اختراق حملة الرئيس السابق دونالد ترمب والتأثير في انتخابات الرئاسة.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بايدن يتحدث في البيت الأبيض

جمهوريون يطالبون بايدن بـ«رد حاسم» على خروقات طهران

بعد خروقات إيرانية أمنية متعددة للحملات الانتخابية الأميركية، أعرب جمهوريون عن استيائهم من غياب رد حاسم على ممارسات طهران.

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية رجل يقف أمام لافتة «ميتا» خارج المقر الرئيسي للشركة في كاليفورنيا (أسوشيتد برس)

«قراصنة» إيرانيون استهدفوا حسابات «واتساب» أميركية

قالت شبكة «ميتا» للتواصل الاجتماعي إنها أحبطت هجوم مجموعة قراصنة إيرانية في تطبيق «واتساب» على مسؤولين أميركيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية القراصنة الإيرانيون استخدموا حسابات «واتساب» لاستهداف سياسيين مقربين من بايدن أو ترمب (رويترز)

حجب حسابات مرتبطة بإيران على «واتساب» استهدفت سياسيين أميركيين

أعلنت شركة «ميتا»، الجمعة، أنها حجبت عددا من الحسابات عبر تطبيق «واتساب» تعتقد أنها مرتبطة بمجموعة قرصنة إيرانية استهدفت سياسيين مقربين من بايدن أو ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روسيا: قرار رفع «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية «اتخذ على أعلى مستوى»

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأفغاني أمير خان متقي في موسكو (الخارجية الروسية - رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأفغاني أمير خان متقي في موسكو (الخارجية الروسية - رويترز)
TT

روسيا: قرار رفع «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية «اتخذ على أعلى مستوى»

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأفغاني أمير خان متقي في موسكو (الخارجية الروسية - رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأفغاني أمير خان متقي في موسكو (الخارجية الروسية - رويترز)

أوردت وكالة «تاس» الروسية للأنباء أن وزارة الخارجية الروسية قالت، الجمعة، إن قرار رفع حركة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية «اتخذ على أعلى مستوى».

ونقلت الوكالة عن زامير كابولوف، الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى أفغانستان، أن تفعيل القرار يتطلب اتباعه بإجراءات قانونية متنوعة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وكان بوتين قد ذكر في يوليو (تموز)، أن روسيا تعدّ حركة «طالبان» الأفغانية حليفاً في مكافحة الإرهاب.

واتخذت روسيا خطوات متمهلة لبناء علاقات مع «طالبان» منذ أن تولت الحركة السلطة بأفغانستان في أغسطس (آب) 2021، عند انسحاب قوات تقودها الولايات المتحدة بعد حرب استمرت 20 عاماً، لكن «طالبان» بقيت محظورة رسمياً في روسيا.

ولم تعترف أي دولة رسمياً بـ«طالبان» قيادة شرعية لأفغانستان، على الرغم من قبول الصين والإمارات سفراء لها.

وأدرجت روسيا حركة «طالبان» على قائمتها للمنظمات الإرهابية في عام 2003. وسيكون حذفها خطوة مهمة من جانب موسكو نحو تطبيع العلاقات مع أفغانستان.

وعبر وزير الخارجية في إدارة «طالبان» أمير خان متقي، في كلمة بموسكو، عن الترحيب بالقرارات التي اتخذتها كازاخستان وقرغيزستان في الآونة الأخيرة بحذف الحركة من قائمة الجماعات المحظورة.

وقال: «نثمن أيضاً التصريحات الإيجابية التي أدلى بها كبار المسؤولين في روسيا الاتحادية بهذا الصدد، ونأمل في أن نرى خطوات أكثر فاعلية قريباً».

وفي تصريحات منفصلة، اليوم (الجمعة)، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن موسكو مقتنعة بضرورة الحفاظ على «حوار عملي» مع الحكومة الأفغانية الحالية.

وأضاف، خلال اجتماع في موسكو مع متقي وممثلين لدول مجاورة: «ستواصل موسكو مسارها في تطوير العلاقات السياسية والتجارية والاقتصادية مع كابل».