قراصنة «روبرت» الإيرانيون يبيعون رسائل مسروقة من حملة ترمب

صورة تعبيرية تظهر شخصاً جالساً أمام جهاز كمبيوتر وخلفه مزج بين علمي إيران والولايات المتحدة (رويترز)
صورة تعبيرية تظهر شخصاً جالساً أمام جهاز كمبيوتر وخلفه مزج بين علمي إيران والولايات المتحدة (رويترز)
TT

قراصنة «روبرت» الإيرانيون يبيعون رسائل مسروقة من حملة ترمب

صورة تعبيرية تظهر شخصاً جالساً أمام جهاز كمبيوتر وخلفه مزج بين علمي إيران والولايات المتحدة (رويترز)
صورة تعبيرية تظهر شخصاً جالساً أمام جهاز كمبيوتر وخلفه مزج بين علمي إيران والولايات المتحدة (رويترز)

نجحت مجموعة قرصنة إيرانية، متهمة باعتراض رسائل البريد الإلكتروني لحملة المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب، أخيراً في نشر المواد التي سرقتها، بعد أن فشلت في بادئ الأمر في إثارة اهتمام وسائل الإعلام التقليدية.

وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، بدأ القراصنة في بيع رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بترمب إلى أحد المعاونين السياسيين في الحزب الديمقراطي، الذي نشر مجموعة من المواد على الموقع الإلكتروني لحملته للعمل السياسي المعروفة باسم «أميركان ماكراكرز».

وباع المتسللون أيضاً الرسائل لصحافيين مستقلين، ونشر أحد الصحافيين على الأقل تلك الرسائل على منصة المنشورات المكتوبة «صب ستاك».

وتظهر هذه المواد عمليات تواصل لحملة ترمب مع مستشارين خارجيين وحلفاء آخرين لبحث مجموعة من الموضوعات قبل انتخابات 2024.

المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وتتيح أنشطة المخترقين، التي تتبعتها وكالة «رويترز»، لمحة نادرة عن جهود التأثير في الانتخابات. وتظهر أيضاً أن إيران لا تزال مصممة على التأثير في الانتخابات، على الرغم من لائحة اتهام أصدرتها وزارة العدل الأميركية في سبتمبر (أيلول) تتهم قراصنة إلكترونيين بالعمل لصالح طهران وانتحال شخصيات مزيفة.

وذكرت لائحة الاتهام أن مجموعة قرصنة ذات صلة بالحكومة الإيرانية، معروفة باسم «مينت ساندستورم» أو «إيه بي تي 42»، قامت بسرقة كلمات المرور الخاصة بكثير من موظفي حملة ترمب بين مايو (أيار) ويونيو (حزيران) .

وحذّرت وزارة الأمن الداخلي، في مذكرة إرشادية منشورة في وقت سابق هذا الشهر، من أن القراصنة يواصلون استهداف موظفي الحملة. وسيواجه القراصنة أحكاماً بالسجن وغرامات إذا ثبتت إدانتهم.

وقالت لائحة الاتهام الصادرة عن وزارة العدل إن مسربي المعلومات هم 3 قراصنة إيرانيين يعملون مع قوات «الباسيج» الإيرانية.

المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وفي محادثات مع وكالة «رويترز»، لم يتناول مسربو المعلومات، ويُعرفون جميعاً باسم مزيف هو «روبرت»، الاتهامات الأميركية بشكل مباشر، وقال أحدهم: «أتتوقعون أن أجيب حقاً؟».

وذكرت رسائل بريد إلكتروني من مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي)، مرسلة إلى صحافيين، واطلعت عليها «رويترز»، أن الاسم «روبرت» هو الاسم المزيف نفسه المشار إليه في لائحة الاتهام الأميركية.

وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، في بيان، إن تقارير تورط البلاد في عملية اختراق لتقويض الانتخابات الأميركية «لا أساس لها أصلاً وغير مقبولة كلياً»، مضيفة أنها «تستنكر مثل هذه الاتهامات بشكل قاطع».

وأحجم مكتب التحقيقات الاتحادي عن التعليق، ويحقق المكتب في نشاط الاختراق الإيراني ضد كل من الحملتين الرئاسيتين في هذه الانتخابات.

وقال ديفيد ويلر، مؤسس «أميركان ماكراكرز»، إن الوثائق التي شاركها أصلية، وفي مصلحة الجمهور. وأضاف ويلر أن هدفه «كشف مدى يأس حملة ترمب لمحاولة الفوز» وتقديم معلومات حقيقية للجمهور. وأحجم عن مناقشة أصل المواد.

وقالت حملة ترمب، في وقت سابق هذا الشهر، دون أي إشارة محددة، إن عملية الاختراق الإيرانية «هدفها التدخل في انتخابات 2024 وزرع بذور الفوضى في عمليتنا الديمقراطية»، مضيفة أن أي صحافي سيعيد طباعة الوثائق المسروقة «ينفذ محاولات أعداء أميركا».

وفي 2016، كان موقف ترمب مختلفاً حينما حرّض روسيا على اختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهيلاري كلينتون وتقديمها إلى الصحافة.

عملية تسريب

ذكر شخصان مطلعان أن عملية التسريب بدأت قرب يوليو (تموز) حينما شرع حساب بريد إلكتروني مجهول، يستخدم العنوان [email protected]، في مراسلة صحافيين في عدة منافذ إعلامية باستخدام الاسم «روبرت».

وتواصلوا في بادئ الأمر مع صحيفة «بوليتيكو»، وصحيفة «واشنطن بوست»، وصحيفة «نيويورك تايمز»، ووعدوا بتقديم معلومات داخلية تدين حملة ترمب.

وقال الشخصان إن القراصنة الإيرانيين المتهمين استخدموا في أوائل سبتمبر (أيلول) عنوان بريد إلكتروني ثانياً، هو [email protected]، في جولة جديدة من عمليات التواصل تضمنت وكالة «رويترز» وما لا يقل عن منفذين إخباريين آخرين.

وفي ذلك الوقت، قدّموا أبحاثاً تم إعدادها بمعلومات عامة من حملة ترمب عن السياسيين الجمهوريين «جيه دي فانس» و«ماركو روبيو» و«دوج بيرجم»، وكانوا جميعاً موضع نظر من ترمب للترشح معه على مقعد نائب الرئيس.

وقال شخص مقرب من حملة ترمب، لوكالة «رويترز»، إن التقارير عن نائب الرئيس كانت أصلية. ولم تنشر «بوليتيكو» أو «واشنطن بوست» أو «نيويورك تايمز» أو «رويترز» قصصاً مستندة إلى التقارير.

وقالت دانييل رودز، المتحدثة باسم «نيويورك تايمز»، إن الصحيفة لا تنشر مقالات استناداً إلى المواد المقرصنة إلا «إذا وجدنا معلومات ذات أهمية إخبارية في المواد، وإذا تمكنا من التحقق من صحتها».

وأشارت «واشنطن بوست»، في بريد إلكتروني، إلى تعليقات سابقة أدلى بها محررها التنفيذي، مات موراي، الذي قال إن الحدث يعكس حقيقة أن المؤسسات الإخبارية «لن تنشر بلا تحقق أي معلومات مقرصنة» مقدمة لهم. وقال متحدث باسم «بوليتيكو» إن منشأ الوثائق أكثر أهمية من الناحية الإخبارية من المواد المسربة.

وقال متحدث باسم «رويترز» إن وكالة الأنباء لم تنشر هذه المواد، لأنها لم ترَ فيها أهمية إخبارية. وقال شخصان مطلعان على التحقيق إن حسابَي البريد الإلكتروني على منصة «إيه أو إل»، اللذين حددتهما «رويترز»، أغلقتهما شركة «ياهو» المالكة للمنصة في سبتمبر، وعملت «ياهو» مع مكتب التحقيقات الاتحادي قبل صدور لائحة الاتهام ليقودهما عنوانا البريد الإلكتروني إلى مجموعة القرصنة الإيرانية.

وقبل فقد القدرة على الوصول إلى البريد الإلكتروني، أشار «روبرت» إلى أن المراسلين ربما يحتاجون إلى وسيلة تواصل بديلة، وقدّم رقم هاتف على تطبيق الدردشات المشفرة (سيغنال). ولم يرد تطبيق «سيغنال» على رسائل بطلب التعليق، وتصعب على جهات إنفاذ القانون مراقبة «سيغنال».

ويقول مسؤولون كبار في المخابرات الأميركية وجهات إنفاذ القانون إن جهود التدخل الإيرانية في هذه الدورة من الانتخابات تركز على تشويه سمعة ترمب، إذ يحمّلونه مسؤولية اغتيال قاسم سليماني الجنرال السابق في الجيش الإيراني بطائرة مسيرة أميركية في 2020.

وحتى الآن، لا يبدو أن التسريبات المنشورة بالفعل غيّرت الآليات العامة لحملة ترمب.

«ماكراكرز»

في 26 سبتمبر، بدأت منظمة «أميركان ماكراكرز»، ومقرها ولاية نورث كارولاينا، في نشر رسائل البريد الإلكتروني الداخلية لحملة ترمب.

ولدى لجنة العمل السياسي، التي تعمل منذ 2021، تاريخ في نشر مواد غير لائقة عن شخصيات بارزة في الحزب الجمهوري. ووفقاً لتقارير إفصاح عامة، تحصل اللجنة على تمويلها من خلال متبرعين أفراد من جميع أنحاء البلاد.

وقالت «أميركان ماكراكرز»، على موقعها على الإنترنت، إن التسريبات جاءت من «مصدر»، ولكن قبل النشر الشهر الماضي، طلبت المجموعة علناً من «روبرت» التواصل. وقالت المجموعة، في منشور على منصة «إكس»: «هاكر روبرت، لماذا تستمر في إرسال معلومات ترمب إلى وسائل الإعلام المؤسسية؟ أرسلها إلينا وسننشرها».

وعند سؤاله عما إذا كان مصدره هو الشخصية الإيرانية المزعومة «روبرت»، قال ويلر: «هذا شيء سري للغاية»، وإنه «ليس لديه تأكيد على مكان المصدر». كما رفض التعليق على ما إذا كان مكتب التحقيقات الاتحادي قد حذّره من أن التواصل كان ناتجاً عن عملية تأثير أجنبية.

وفي أحد الأمثلة، نشر موقع «ماكراكرز» مواد في 4 أكتوبر (تشرين الأول) يقول إنها تظهر ترتيباً مالياً غير محدد مع محامين يمثلون المرشح الرئاسي السابق «روبرت ف. كينيدي» جونيور وترمب.

وقال سكوت ستريت، محامي روبرت ف. كينيدي جونيور، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى وكالة «رويترز»، إنه لا يستطيع التحدث علناً عن الواقعة.

وتمكنت «رويترز» من التأكد من صحة المواد المنشورة. ونشرت «ماكراكرز» لاحقاً وثائق من «روبرت» حول سباقين انتخابيين رفيعي المستوى.

وتضمنت المادة اتصالات مزعومة تتعلق بالمرشح لمنصب حاكم ولاية نورث كارولاينا، الجمهوري مارك روبنسون، والعضوة بمجلس النواب عن ولاية فلوريدا من الحزب الجمهوري، آنا بولينا لونا، وكلاهما يحظى بتأييد ترمب.

كان الحديث حول روبنسون يتعلق بمحاولة المستشار الجمهوري، دبليو كيرك بيل، طلب النصح والتوجيه من حملة ترمب بعد تعليقات منسوبة إلى روبنسون في منتدى إباحي. ونفى روبنسون التعليقات في السابق.

وجاءت الرسالة الأخرى من مستشار جمهوري، يشارك فيها معلومات مع حملة ترمب حول حياة لونا الخاصة.

وأحد الصحافيين القلائل الذين تواصل معهم «روبرت» ونشروا مواد، هو مراسل الأمن القومي المستقل، كين كليبنستاين، الذي نشر وثائق على «صب ستاك» أواخر الشهر الماضي. وأكد «روبرت»، لوكالة «رويترز»، أنه أعطى المواد لكليبنستاين.

وبعد نشر القصة، قال كليبنستاين إن عملاء مكتب التحقيقات الاتحادي اتصلوا به بشأن اتصالاته مع «روبرت»، محذرين من أنه جزء من «عملية تأثير أجنبي خبيث».

وفي منشور له، قال كليبنستاين إن المواد المسربة تستحق النشر، وإنه اختار نشرها لأنه يعتقد أن وسائل الإعلام لا ينبغي لها أن «تحجب ما ينبغي أن يعرفه الجمهور».

وقال متحدث باسم وكالة «رويترز» للأنباء، التي تلقت إخطارات مماثلة من مكتب التحقيقات الاتحادي: «لا يمكننا التعليق على تفاعلاتنا، إن وجدت، مع سلطات إنفاذ القانون».

ورفض متحدث باسم مكتب التحقيقات الاتحادي التعليق على جهود إخطار وسائل الإعلام. وقال ويلر إن ستكون لديه تسريبات جديدة «قريباً»، وإنه سيستمر في نشر وثائق مماثلة ما دامت «أصلية وذات أهمية».


مقالات ذات صلة

بعد تأكيد ترمب رغبته بالسيطرة عليها... الدنمارك تعزز دفاعاتها في غرينلاند

أوروبا لقطة تُظهر المنازل بعد غروب الشمس في تاسيلاك بغرينلاند (أ.ب)

بعد تأكيد ترمب رغبته بالسيطرة عليها... الدنمارك تعزز دفاعاتها في غرينلاند

أعلنت الحكومة الدنماركية عن زيادة ضخمة في الإنفاق الدفاعي على غرينلاند، بعد ساعات من تكرار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب رغبته في شراء المنطقة القطبية.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (يسار) يتحدث مع الرئيس جو بايدن (رويترز)

ترمب: سأوجه وزارة العدل نحو السعي بقوة لتطبيق عقوبة الإعدام

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، اليوم الثلاثاء، إنه سيوجّه وزارة العدل نحو «السعي بقوة» لتطبيق عقوبة الإعدام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد صورة لدونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

كيف ستؤثر عودة ترمب إلى البيت الأبيض في الأسواق المالية خلال 2025؟

يستعد المستثمرون الأميركيون لموجة من التغييرات الكبرى في عام 2025، تشمل التعريفات الجمركية، وإلغاء القيود التنظيمية، وتعديلات في سياسة الضرائب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مصنع «أرغور- هيرايوس» في موندريسيو بسويسرا (رويترز)

الذهب يرتفع مع ترقب سياسات ترمب و«الفيدرالي»

ارتفعت أسعار الذهب اليوم في تعاملات هادئة ضمن أسبوع مقتضب بسبب العطلات؛ حيث يترقب المستثمرون من كثب السياسات التجارية التي يعتزمها الرئيس الأميركي المنتخب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ترمب يتحدث في تجمع بفينيكس الأحد (رويترز)

ترمب يهدد بضم بنما وغرينلاند

أثار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، جدلاً بطرحه ضم قناة بنما وجزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك، إلى السيادة الأميركية، وذلك بعد تهديدات مشابهة عندما تحدث.

هبة القدسي (واشنطن)

تزايد المخاوف بشأن اصطدام الأقمار الاصطناعية في الفضاء مع كثرة أعدادها

صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
TT

تزايد المخاوف بشأن اصطدام الأقمار الاصطناعية في الفضاء مع كثرة أعدادها

صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)

لم يسلم الفضاء من تزايد التنافس الاقتصادي والتكنولوجي والجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، وسط تحذيرات من الخبراء من التعقيدات التي يسببها الازدحام الفضائي بالأقمار الاصطناعية التي تطلقها الدولتان.

دشنت الصين مبادرة جديدة في مجال الفضاء تعرف باسم «كيانفان» تهدف إلى بناء شبكة واسعة من الأقمار الاصطناعية لإتاحة الدخول على شبكة الإنترنت لمختلف مناطقها، مما يجعلها في موضع المنافس مع كوكبة «ستارلينك» المزودة لشبكة الإنترنت عن طريق الأقمار الاصطناعية، وتمتلكها شركة سبيس إكس الأميركية.

وأطلقت الصين مؤخراً الدفعة الأولى من الكوكبة التي تضم 18 قمراً اصطناعياً.

علم صيني حمله مسبار إلى القمر (إ.ب.أ)

وتأتي هذه المبادرة في إطار اتجاه عالمي أوسع نطاقاً، حيث أطلقت شركة سبيس إكس، أكثر من ستة آلاف قمراً اصطناعياً لتشغيل منظومة ستارلينك، على ارتفاعات منخفضة لإتاحة الاتصال بشبكة الإنترنت في جميع أنحاء العالم،

مع خطط لزيادة العدد ليصل الإجمالي إلى 34 ألف قمر اصطناعي.

غير أنه مع وجود العديد من كوكبات الأقمار الاصطناعية في الأفق، تتزايد المخاوف بشأن حجم الفضاء المتاح في المدار الأرضي المنخفض، بما يسمح

بإطلاق أقمار جديدة، وتتراوح مساحة هذا المدار بين 200 إلى 2000 كيلومتر فوق سطح الأرض.

وهذه المخاوف تدفع الخبراء للتساؤل، حول الكيفية التي ستتجنب بها الأقمار الاصطناعية، الاصطدام ببعضها داخل هذه المساحة الفضائية المزدحمة.

صاروخ «سبيس إكس» حاملاً 56 قمراً اصطناعياً لوضعها في مدار حول الأرض (أ.ب)

وتقول وكالة الفضاء الأوروبية إنه يوجد حالياً 13230 قمراً اصطناعياً في المدار حول الأرض، من بينها 10200 قمر لا يزال يعمل.

ومع زيادة عدد الأقمار الاصطناعية الموجودة في الفضاء، يزداد خطر التصادم بينها، مما قد يتسبب في حدوث أضرار جسيمة في سلسلة تفاعلات حطام الأقمار التي انتهى عمرها التشغيلي، وفقاً لما يقوله جوزيف أشباتشر رئيس وكالة الفضاء الأوروبية.

ويدعو إلى وضع قانون ينظم حركة المرور في الفضاء، يمكن تطبيقه على المستوى العالمي، ومن شأنه أن يوضح من الذي يجب عليه أن يفسح الطريق، في المدار الفضائي في المواقف المحفوفة بالمخاطر.

وتتطلع وكالة الفضاء الأوروبية إلى الحد بشكل كبير من كمية حطام الأقمار الاصطناعية السابحة في الفضاء التي تتكون بحلول عام 2030، أيضاً في ضوء العدد المتزايد من الأقمار الاصطناعية.

يظهر صاروخ «فالكون 9» بحمولة 20 قمراً اصطناعياً في سماء لونديل بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

ويوضح أشباتشر أن كل قمر اصطناعي يتم إرساله إلى الفضاء، ستتم إزالته من المدار في نهاية عمره التشغيلي، وسمحت وكالة الفضاء الأوروبية في سبتمبر (أيلول) الماضي، عمداً لأحد أقمارها الاصطناعية بالاحتراق في الغلاف الخارجي للأرض.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 40 ألف قطعة من الحطام، يزيد قطر الواحدة منها عن سنتيمتر واحد، نتجت في إطار التخلص من الأقمار الاصطناعية التي انتهى عمرها التشغيلي، ومنذ ذلك الحين كانت مناورة واحدة من كل اثنتين من مناورات تجنب الاصطدام، التي أجرتها أقمار وكالة الفضاء الأوروبية تسببت فيها قطع الحطام.

قمر اصطناعي من شركة نورثروب جرومان (محطة الفضاء الدولية عبر منصة إكس)

كما أن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، التي لديها ما يقرب من 2000 قمر اصطناعي في الفضاء، تشعر أيضاً بالقلق إزاء وجود هذا العدد المتزايد من الأقمار الاصطناعية وحطامها في الفضاء، وتردد أنها تعمل على وضع خطط «لتنظيف» المدار من الحطام.

وذكرت «ناسا» في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني، المخصص لحطام الأقمار الاصطناعية في الفضاء أن «النفايات الفضائية ليست مسؤولية دولة بعينها، ولكنها مسؤولية كل دولة لها أنشطة في الفضاء».