مودي يدشن معبد إيوديا ويكرس انتصار نهجه الهندوسي

أقيم على موقع مسجد تاريخي هدمه متطرفون في 1992

مودي يصلي بمعبد الإله رام في إيوديا الاثنين (أ.ف.ب)
مودي يصلي بمعبد الإله رام في إيوديا الاثنين (أ.ف.ب)
TT

مودي يدشن معبد إيوديا ويكرس انتصار نهجه الهندوسي

مودي يصلي بمعبد الإله رام في إيوديا الاثنين (أ.ف.ب)
مودي يصلي بمعبد الإله رام في إيوديا الاثنين (أ.ف.ب)

دشن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الاثنين، معبداً في إيوديا، أقيم في موقع مسجد تاريخي للمسلمين هدمه متشددون هندوس، محتفياً بما سمّاه «حقبة جديدة» للهند، وذلك في مراسم أرادها تجسيداً لانتصار سياساته الهندوسية القومية، وانطلاقة فعلية لحملته الانتخابية.

وقال مودي: «بكسره أكبال العبودية، على البلد أن ينهض ويأخذ العبر من الماضي... هكذا فقط تخلق الدول تاريخاً».

وألقى مودي كلمة متحدثاً أمام المعبد المكرس للإله رام، المشيّد على موقع أقيم فيه طوال قرون مسجد هدمه متشددون هندوس بدفع من أعضاء في «حزب الشعب الهندي» (بهاراتيا جاناتا) عام 1992، ما تسبب بأعمال شغب دينية تعدّ من الأعنف منذ الاستقلال، أودت بـ2000 شخص غالبيتهم مسلمون، وهزّت أسس النظام السياسي العلماني للهند المعلن رسمياً.

شرطيان يحرسان مسجد البابري التاريخي في إيوديا عام 1990 قبل أن يهدمه هندوس متطرفون عام 1992 (أ.ب)

وقال مودي إن «تاريخ 22 يناير (كانون الثاني) 2024، ليس مجرد تاريخ في التقويم، بل يؤذن بقدوم حقبة جديدة... ما نشاهده هو البركات العليا لرام».

وجاءت تصريحاته بعد أداء صلاة على أقدام تمثال من الحجر الأسود، في قلب المعبد الكبير المزين بالأزهار والمنحوتات والمرصع بالجواهر.

وخارج المعبد كان عشرات آلاف الأشخاص ينشدون ويرقصون، ملوحين بأعلام، ويطلقون الأبواق ويضربون الطبول في شوارع بلدة إيوديا الواقعة إلى الشمال، فيما كانت مروحيات عسكرية ترش الأزهار.

وشوهد عدد قليل من مسلمي إيوديا بين جموع المحتفلين في الشارع، بينما غاب قادة المعارضة.

مروحية عسكرية هندية ترش زهوراً خلال الاحتفال بتدشين المعبد الاثنين (أ.ب)

لكن بالنسبة لحزب «بهاراتيا جاناتا» الذي يتزعمه مودي، فإن تدشين معبد «رام ماندير» يمثل لحظة تاريخية في المساعي المتواصلة منذ عقود لجعل القومية الهندوسية راية للقوة السياسية المسيطرة على البلد.

وقبل مراسم التدشين «الميمون»، قال مودي إن «الإله جعل مني أداة لتمثيل شعب الهند برمته».

وبلغت الاحتفالات ذروتها مع نزول آلاف الهندوس إلى الشوارع المزدحمة، بينما صدحت مكبرات الصوت بالموسيقى الدينية.

وأمضى فيجاي كومار (18 عاماً) أربعة أيام للوصول إلى البلدة، سيراً ومستوقفاً السيارات المارة مسافة 600 كيلومتر.

ويؤدي نحو 2500 موسيقي عروضاً على أكثر من 100 مسرح لجموع الحجاج في محيط المعبد المزخرف، الذي قُدرت كلفة بنائه بنحو 240 مليون دولار، قال مؤيدو المشروع إنها سُددت من تبرعات عامة.

وعلى طول الطريق الممتدة 140 كيلومتراً بين البلدة ولوكناو عاصمة ولاية أوتار براديش، لا تبدو نهاية لسيل صور الإله رام ذي البشرة الزرقاء حاملاً قوسه ورمحه، وصور مودي والرئيس الأول في حكومة الولاية الراهب الهندوسي، يوغي أديتيناث، بردائه الأصفر الزعفراني.

ووصل كثيرون للمشاركة في المراسم عن طريق المطار الدولي الجديد، وسيقيمون في عدد من الفنادق التي أقيمت لتلبية متطلبات ملايين الحجاج المرتقبين كل عام.

هندوس داخل معبد الإله رام بعد تدشينه الاثنين (رويترز)

تدمير

سعى مودي وحزبه إلى الترويج للهندوسية وإعلاء مقامها منذ وصوله إلى الحكم قبل 10 سنوات.

وتنتقد شخصيات الحزب بانتظام الفترات السابقة من الحكم الإسلامي على أجزاء من الهند، ويعدّونها فترة «عبودية». وكانت إيوديا عنصراً أساسياً في خطابهم.

ورام من أهمّ الآلهة لدى الهندوس، وهو ولد بحسب معتقداتهم في إيوديا قبل نحو 7 آلاف عام، في موقع شهد لاحقاً تشييد المسجد البابري بمبادرة من إمبراطور مسلم في القرن السادس عشر.

واضطلع حزب «بهاراتيا جاناتا» الذي لم يكن وقتذاك في سدّة الحكم، بدور حاسم في الحملة التي أفضت إلى تدمير المسجد.

وكان تدمير المسجد نذيراً بصعود الحزب ومودي كقوة انتخابية لا يمكن إيقافها، ما أدى إلى إزاحة «حزب المؤتمر» العلماني الذي حكم الهند دون انقطاع تقريباً منذ الاستقلال عن بريطانيا.

ومن شأن تدشين مودي للمعبد، إلى جانب كهنة هندوس، أن يعزّز صورته باعتباره حامي العقيدة الهندوسية، قبل الانتخابات التشريعية المزمع انطلاقها في أبريل (نيسان).

مودي يصل لترؤس حفل تدشين المعبد الاثنين (أ.ب)

ويعدّ حزب «بهاراتيا جاناتا» الأوفر حظّاً بأشواط لتحقيق فوز ثالث متتالٍ، خصوصاً بفضل سياسة رئيس الوزراء المحابية للهندوس.

وقرّرت أحزاب المعارضة مقاطعة مراسم التدشين، باعتبارها حدثاً يكتسي ملامح حملة انتخابية.

وينظر الهنود المسلمون البالغ عددهم 200 مليون، الذين ما زالت أعمال العنف الدامية ماثلة في أذهانهم، بعين الريبة إلى التطوّرات الأخيرة في إيوديا.

وروى محمد شهيد (52 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية في إيوديا الشهر الماضي، كيف أحرق حشد والده حياً. وقال: «هذا المعبد بنظري لا يمثّل سوى القتل والتدمير».


مقالات ذات صلة

محكمة تأمر بسجن متطرف بالسويد بتهمة التحريض ضد المسلمين

أوروبا الناشط اليميني المتطرف راسموس بالودان (رويترز)

محكمة تأمر بسجن متطرف بالسويد بتهمة التحريض ضد المسلمين

أدانت محكمة سويدية، اليوم (الثلاثاء)، ناشطاً ينتمي لتيار اليمين المتطرف بتهمتين تتعلقان بجريمة الكراهية بعدما أدلى بتصريحات بذيئة ضد المسلمين.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا أشخاص يغطّون أنفسهم بعَلم إسرائيل خلال فعالية بلندن لإحياء ذكرى ضحايا هجوم 7 أكتوبر (رويترز)

جرائم الكراهية في بريطانيا تسجل ارتفاعاً قياسياً على خلفية حرب غزة

ارتفعت جرائم الكراهية الدينية بإنجلترا وويلز بنسبة قياسية بلغت 25 في المائة، العام الماضي، وخاصة منذ بدء الحرب بغزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
فيلدرز (رويترز)

إدانة باكستانييْن بشأن دعوات لقتل السياسي الهولندي المعادي للمسلمين فيلدرز

قالت محكمة هولندية إنها أدانت اثنين من الزعماء السياسيين الباكستانيين بتهمة دعوتهما لقتل النائب المعادي للمسلمين خيرت فيلدرز، برغم وجودهما خارج هولندا.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ف.ب)

شولتس: لا مكان في ألمانيا لمعاداة السامية وللتطرف

أكّد المستشار الألماني أولاف شولتس اليوم الخميس أنّه «لا مكان في ألمانيا لمعاداة السامية وللتطرف الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا  شخص يحرس مسجداً في بريطانيا (أ.ف.ب)

تصاعد العنف اليميني المتطرف يثير مخاوف المسلمين في المملكة المتحدة

تشهد المملكة المتحدة تصاعداً ملحوظاً في أعمال العنف اليميني المتطرف ضد المسلمين، ما أثار مخاوف كبيرة داخل المجتمع الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الشرطة الهندية تفتح تحقيقاً بعد التهام 5 من عناصرها معجنات محضرة لمسؤول سياسي

عناصر من الشرطة الهندية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الهندية (أرشيفية - رويترز)
TT

الشرطة الهندية تفتح تحقيقاً بعد التهام 5 من عناصرها معجنات محضرة لمسؤول سياسي

عناصر من الشرطة الهندية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الهندية (أرشيفية - رويترز)

فتحت الشرطة الهندية تحقيقاً بحق 5 من عناصرها يُشتبه في تناولهم معجنات سمبوسة كانت محضَّرة لتقديمها لمسؤول سياسي محلي، وفق ما أفادت تقارير إعلامية.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، وقع الحادث، الشهر الماضي، خلال زيارة قام بها الرئيس التنفيذي لولاية هيماشال براديش (شمال)، سوخافيندر سينغ سوخو، إلى المقر الإقليمي لإدارة التحقيقات الجنائية، الشرطة القضائية المحلية.

وكان مضيفوه قد خططوا لتقديم السمبوسة للوزير، وهي قِطع صغيرة لذيذة من اللحم أو الخضر المغطاة بالعجين تشكّل طعاماً محبباً لملايين الهنود.

لكن في ظروفٍ تهدف التحقيقات إلى توضيحها، جرى التهام قِطع السمبوسة المذكورة من جانب 5 من عناصر الشرطة قبل أن تُعرَض على الوزير.

وفي ظل التساؤلات عما إذا كان ما حصل خطأ بسيطاً أم خطوة متعمدة، وصفت إدارة التحقيقات الجنائية الحادثة، في تقرير لها، بأنها «عمل موجه ضد الحكومة».

وأشارت الوثيقة، التي نشرت مضمونها صحيفة «إيكونوميك تايمز»، إلى أن «هذا التقرير يلحظ أيضاً أن الموظفين المعنيين تصرفوا بمبادرة منهم، وسط قلق من حصول خطأ متعمد».

وقالت صحيفة «إنديان إكسبريس» إن عناصر الشرطة الخمسة جرى استدعاؤهم من رؤسائهم؛ لاستيضاح موقفهم مما حصل. وينبغي لهم المثول أمام رؤسائهم، مع إمكان اتخاذ إجراءات تأديبية في حقهم.