«طالبان» الباكستانية أكثر فتكاً الآن عما قبل الانسحاب الأميركي

تلقت دعماً بالمال والسلاح من نظيرتها الأفغانية

مسؤول أمني باكستاني يقف للحراسة على الحدود بعد اشتباكات بين قوات الأمن الباكستانية وأفغانستان في تورخام باكستان 7 سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)
مسؤول أمني باكستاني يقف للحراسة على الحدود بعد اشتباكات بين قوات الأمن الباكستانية وأفغانستان في تورخام باكستان 7 سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)
TT
20

«طالبان» الباكستانية أكثر فتكاً الآن عما قبل الانسحاب الأميركي

مسؤول أمني باكستاني يقف للحراسة على الحدود بعد اشتباكات بين قوات الأمن الباكستانية وأفغانستان في تورخام باكستان 7 سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)
مسؤول أمني باكستاني يقف للحراسة على الحدود بعد اشتباكات بين قوات الأمن الباكستانية وأفغانستان في تورخام باكستان 7 سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)

​اتخذ التهديد الذي تمثله حركة «طالبان» الباكستانية طابعاً خطيراً، بعد تطورين بالمنطقة؛ أولهما توضيح الحكومة الباكستانية أن مجموعة داخل حركة «طالبان» الأفغانية تدعم نظيرتها الباكستانية بالأسلحة والمال والدعم اللوجيستي. أما التطور الثاني فهو نجاح «طالبان» في الوصول إلى أنظمة الأسلحة الأميركية، التي خلفتها وراءها القوات الأميركية وقت انسحابها من أفغانستان».

ويبدو أن حكومة «طالبان» الأفغانية بدأت حملة قمع ضد مقاتلي الحركة الباكستانية المختبئين في بلدات ومدن حدودية أفغانية. أصبحت الحكومة الباكستانية واضحة في اعتقادها بأن فصيلاً داخل «طالبان» الأفغانية كان يزود «طالبان» الباكستانية بأسلحة أميركية، بعد أن استخدمت الأخيرة أحدث أنظمة الأسلحة ضد قوات الأمن داخل الأراضي الباكستانية».

وقال العميد سعد محمد، أحد كبار المحللين العسكريين في إسلام آباد، لـ«الشرق الأوسط»: «معظم هذه الأسلحة الأميركية دقيقة بشكل خطير، وهذه الحقيقة تشكل تهديداً كبيراً لقوات الأمن الباكستانية».

استنفار أمني باكستاني عقب عملية إرهابية بالقرب من الشريط الحدودي (أرشيفية)

وعززت حركة «طالبان» الباكستانية مواقعها في المنطقة الحدودية الباكستانية - الأفغانية منذ أغسطس (آب) 2021، عندما سيطرت «طالبان» الأفغانية على كابل.

جدير بالذكر أنه قبل ستة أشهر من الانسحاب الأميركي، بدأ مقاتلو «طالبان» الباكستانية في الخروج من مخابئهم الأفغانية والعودة إلى الأراضي الباكستانية.

وأشار تقرير مراقبة صادر عن الأمم المتحدة إلى أن الآلاف من مقاتلي «طالبان» الباكستانية يختبئون في البلدات الحدودية بأفغانستان، حيث يشنون هجمات إرهابية ضد قوات الأمن الباكستانية.

مركبة همفي بالقرب من البوابات المغلقة لمعبر تورخام الحدودي بين أفغانستان وباكستان في مقاطعة نانغارهار شرق أفغانستان في 6 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

وكان مقاتلو «طالبان» الباكستانية قد فروا إلى أفغانستان بعد العمليات العسكرية عام 2014.

وتمكنت «طالبان» باكستان من الاستيلاء على مخزن كبير للأسلحة الأميركية، بعد أن ساعدتها «طالبان» الأفغانية في أعقاب انسحاب القوات الأميركية. والاحتمال هنا أن هذه الأسلحة قد جرى بيعها إلى «طالبان» الباكستانية من جانب نظيرتها الأفغانية، أو أن «طالبان» الأفغانية أمدت «طالبان» الباكستانية بهذه الأسلحة باعتبارها حليفاً لها.

واستخدمت «طالبان» الباكستانية بنادق أميركية بعيدة المدى وأسلحة آلية وأجهزة رؤية ليلية وأجهزة حرارية تعمل بالأشعة تحت الحمراء، خلال مداهمتها لنقطة تفتيش عسكرية باكستانية في شيترال.

من جهته، قال العميد سعد محمد، الذي خدم في مناصب رفيعة في الجيش الباكستاني، وأسهم في صياغة استراتيجية داخل ساحة المعركة: «تزيد هذه الأجهزة من قدرتها على العمل ليلاً وعلى مدار الساعة... وأجهزة الأشعة تحت الحمراء الحرارية تجعلها قادرة على اكتشاف المعدات والأفراد وأنظمة الأسلحة».

وأضاف أن «طالبان استخدمت أسلحة أميركية في الهجوم على شيترال؛ إذ شاهدت مقاطع الفيديو الخاصة بهذه الهجمات، يمكن رؤية مقاتلي (طالبان) بوضوح وهم يستخدمون بنادق أميركية وأجهزة رؤية ليلية في هذه الهجمات. إن بنادق القنص بعيدة المدى أسلحة فتاكة ودقيقة بشكل خطير... والأسلحة بعيدة المدى تزيد من القدرة على إلحاق الأذى بالخصوم، والتسبب في وقوع إصابات. لقد استخدموا هذه الأسلحة في شيترال».

على المستوى الاستراتيجي، يمكن للأسلحة الأميركية، من وجهة نظر الخبراء العسكريين الباكستانيين، أن تساعد «طالبان» الباكستانية في توسيع نطاق تمردها داخل الأراضي الباكستانية، تبعاً لوجهة نظر العميد سعد محمد.

وهناك رأيان في صفوف الخبراء العسكريين الباكستانيين حول ما إذا كانت حركة «طالبان» الأفغانية تدعم أو تقيد أنشطة حركة «طالبان» الباكستانية. حيث قال العميد محمود شاه، وهو مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات الباكستانية عمل في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية، إن «طالبان» الأفغانية اعتقلت في الفترة الأخيرة 15 من مقاتلي «طالبان» الباكستانية المتورطين في هجمات شيترال.

وأضاف: «أعتقد الآن أن (طالبان) الأفغانية قررت السيطرة على نظيرتها الباكستانية، بعد أن وجهت باكستان رسالة قاسية للغاية إلى قيادة (طالبان)».


مقالات ذات صلة

الصومال: مقتل 46 إرهابياً على الأقل في الغارة الجوية الأميركية

الولايات المتحدة​ قوات الأمن في «بونتلاند» بالصومال تقوم بدورية بعد الاستيلاء على قواعد لتنظيم «داعش» في سلسلة جبال كال ميسكاد في باري شرقي خليج عدن بمدينة بوساسو يوم 25 يناير 2025 (رويترز)

الصومال: مقتل 46 إرهابياً على الأقل في الغارة الجوية الأميركية

أعلنت السلطات المحلية، الأحد، مقتل 46 إرهابياً على الأقل من تنظيم «داعش» في الغارة الجوية الأميركية التي استهدفت مواقعهم في شمال الصومال.

«الشرق الأوسط» (مقديشو- واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة من «القيادة الأميركية في أفريقيا»... وقد نفذ الجيش الأميركي غارات جوية منسقة ضد عناصر تنظيم «داعش» بالصومال يوم السبت 1 فبراير 2025 (القيادة الأميركية في أفريقيا - أسوشييتد برس)

الصومال: ضربات جوية أميركية تقضي على «قادة رئيسيين» في «داعش»

أعلنت حكومة منطقة بونتلاند، التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي، في شمال الصومال، الأحد، أنّ غارات جوية أميركية قتلت «قادة رئيسيين» في تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (فلوريدا (الولايات المتحدة) - مقديشو)
آسيا ركاب يمرون أمام بنك أضرم مسلحون النار فيه بمنطقة كلات بإقليم بلوشستان الباكستاني في الأول من فبراير 2025. وقالت الشرطة والجيش إن 18 من أفراد القوات شبه العسكرية قتلوا وأصيب 3 بجروح خطيرة في هجوم بالإقليم (أ.ف.ب)

باكستان: مقتل 18 جندياً و23 مسلحاً في معركة بإقليم بلوشستان

قُتل 18 جندياً على الأقل و23 مسلحاً، خلال معركة بالأسلحة النارية، في منطقة كلات بإقليم بلوشستان، طبقاً لما ذكرته العلاقات العامة المشتركة للجيش الباكستاني.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
شؤون إقليمية أنصار حزب «الشعب الجمهوري» يرفعون صور أكرم إمام أوغلو وشعارات تندد بالتحقيقات ضده خلال إفادته أمام النيابة العامة الجمعة (أ.ف.ب)

إمام أوغلو يندد بـ«مضايقات قضائية» بدفع من الحكومة بعد إفادته في تحقيقين

أكد رئيس بلدية إسطنبول المعارض للحكومة التركية، أكرم إمام أوغلو، تعرضه لمضايقات قضائية بأوامر من الحكومة وأنه لن يستسلم وسيواصل «النضال ضد الظلم».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا جنود «طالبان» يحتفلون بالذكرى الثانية لسقوط كابل في شارع بالقرب من السفارة الأميركية بالعاصمة الأفغانية 15 أغسطس 2023 (رويترز)

«الخارجية الروسية»: إجراءات شطب «طالبان» من قائمة الإرهاب مستمرة

أكدت «الخارجية الروسية» استمرار إجراءات شطب روسيا حركة «طالبان» من قائمة التنظيمات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

باكستان: مقتل 18 جندياً و23 مسلحاً في معركة بإقليم بلوشستان

ركاب يمرون أمام بنك أضرم مسلحون النار فيه بمنطقة كلات بإقليم بلوشستان الباكستاني في الأول من فبراير 2025. وقالت الشرطة والجيش إن 18 من أفراد القوات شبه العسكرية قتلوا وأصيب 3 بجروح خطيرة في هجوم بالإقليم (أ.ف.ب)
ركاب يمرون أمام بنك أضرم مسلحون النار فيه بمنطقة كلات بإقليم بلوشستان الباكستاني في الأول من فبراير 2025. وقالت الشرطة والجيش إن 18 من أفراد القوات شبه العسكرية قتلوا وأصيب 3 بجروح خطيرة في هجوم بالإقليم (أ.ف.ب)
TT
20

باكستان: مقتل 18 جندياً و23 مسلحاً في معركة بإقليم بلوشستان

ركاب يمرون أمام بنك أضرم مسلحون النار فيه بمنطقة كلات بإقليم بلوشستان الباكستاني في الأول من فبراير 2025. وقالت الشرطة والجيش إن 18 من أفراد القوات شبه العسكرية قتلوا وأصيب 3 بجروح خطيرة في هجوم بالإقليم (أ.ف.ب)
ركاب يمرون أمام بنك أضرم مسلحون النار فيه بمنطقة كلات بإقليم بلوشستان الباكستاني في الأول من فبراير 2025. وقالت الشرطة والجيش إن 18 من أفراد القوات شبه العسكرية قتلوا وأصيب 3 بجروح خطيرة في هجوم بالإقليم (أ.ف.ب)

قُتل 18 جندياً على الأقل و23 مسلحاً، خلال معركة بالأسلحة النارية، في منطقة كلات بإقليم بلوشستان، طبقًا لما ذكرته هيئة العلاقات العامة المشتركة لأفرع القوات المسلحة، الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني.

باكستانيون يتجمعون بالقرب من بنك أضرم مسلحون النار فيه بمنطقة كلات بإقليم بلوشستان الباكستاني في الأول من فبراير 2025 (أ.ف.ب)

وطبقاً لبيان صحافي: «في ليلة 31 يناير (كانون الثاني) والأول من فبراير (شباط)، حاول الإرهابيون إقامة حواجز طرق في منطقة كلات بإقليم بلوشستان»، حسب صحيفة «ذا نيشن» الباكستانية، الأحد.

وأضاف البيان: «بناء على أمر من قوى معادية، كان هذا العمل الإرهابي الجبان يهدف إلى تعطيل البيئة السلمية لإقليم بلوشستان، باستهداف المدنيين الأبرياء بالأساس».

وتابع البيان بأنه «على الفور تم حشد قوات الأمن ووكالات إنفاذ القانون التي نجحت في إحباط المخطط الشرير للإرهابيين، وقتل 23 إرهابياً، مما ضمن الأمن والحماية للسكان المحليين». وأضاف البيان: «خلال العمليات، قُتل 18 جندياً بعد أن قاتلوا بشجاعة».

شرطي باكستاني في بيشاور (متداولة)

وأعلنت مجموعة انفصالية من البلوش -هي «جيش تحرير بلوشستان»- السبت، مسؤوليتها عن هجوم أسفر -حسب الجيش- عن مقتل 18 عنصراً من قوات الحدود الباكستانية، في الولاية الواقعة جنوب غربي باكستان على الحدود مع إيران. وأكدت المجموعة -في بيان- قتل «17 من الأعداء»، وإقامة «حواجز على الطرقات» في إقليم قلعة. وتهاجم المجموعة بشكل متكرر قوات الأمن الباكستانية لتصديها منذ عقود للانفصاليين في الولاية.

وليل الجمعة- السبت، تعرضت مركبة تقلّ «مجموعة شبه عسكرية غير مسلحة» قرب بلدة مانغوشار «لإطلاق نار من قبل 70 إلى 80 مهاجماً مسلَّحاً كانوا يغلقون الطريق»، حسبما قال مسؤول في الشرطة السبت لـ«وكالة لصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف هويته. وأشار إلى «مقتل 17 من المجموعة»، إضافة إلى عنصر في قوات الحدود حضر لإنقاذهم. ولفت إلى أنَّ 3 آخرين أُصيبوا بجروح خطيرة، بينما نجا اثنان.

استنفار أمني في إقليم خيبر (متداولة)

وأكد الجيش حصيلة الشرطة كاشفاً أن «إرهابيين حاولوا إغلاق طرق في منطقة مانغوشار، بهدف تعطيلها واستهداف مدنيين بشكل رئيسي». وقال الجيش -في بيان- إن قوات الأمن انتشرت لإرساء النظام، وقتلت 12 «إرهابياً». وقالت المجموعة الانفصالية في بيانها: «إن عدة طرق في قلعة تخضع حالياً لسيطرة (جيش تحرير بلوشستان)، وننصح السكان بتجنب التنقل»، مضيفة أنها نفذت «عدة هجمات متزامنة في أماكن مختلفة في قلعة».

وقال علي عمراني، المسؤول المحلي في مانغوشار لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «أكثر من عشرين إرهابياً هاجموا أولاً مركزاً للشرطة، ثم أحرقوا مصرفاً، وأطلقوا النار على مركبة ما أسفر عن إصابة اثنين من ركابها». وأورد بيان عسكري أن قوات الأمن قتلت ما مجموعه «23 إرهابياً في عمليات مختلفة»، في الساعات الـ24 الأخيرة في بلوشستان.

وبلوشستان أكبر ولاية في باكستان وأكثرها فقراً، رغم وجود موارد غاز ومعادن يطالب الانفصاليون بتوزيع عائداتها محلياً. وشهدت الولاية زيادة في الهجمات في الأشهر الأخيرة. ويهاجم «جيش تحرير بلوشستان» أيضاً سكان البنجاب الذين يشكلون أكبر المجموعات العرقية الست الرئيسية في باكستان، ويُنظر إليهم على أنهم يهيمنون على صفوف الجيش الذي يخوض معركة ضد الانفصاليين. ودان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري الهجوم، قائلاً إن «قوات الأمن ستواصل عملياتها للقضاء على أعداء البلاد».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن الانفصاليون مسؤوليتهم عن هجوم بالقنابل على محطة رئيسية للسكك الحديدية في كويتا، ما أسفر عن 26 قتيلاً بينهم 14 جندياً.

وفي أغسطس (آب)، أعلن «جيش تحرير بلوشستان» مسؤوليته عن هجمات منسَّقة، أسفرت عن مقتل 39 شخصاً، في حصيلة تعد من الأعلى في المنطقة. وفي عام 2024 قُتل أكثر من 1600 شخص بهجمات، بينهم 685 من عناصر قوات الأمن، حسب مركز البحوث والدراسات الأمنية في إسلام آباد.