بعثة أممية تزور كاراباخ للمرة الأولى منذ 30 عاماً

قبل أيام من لقاء باشينيان وعلييف في غرناطة

أرمن يغادرون إقليم كاراباخ بعد سقوطه في أيدي القوات الأذربيجانية (أ.ف.ب)
أرمن يغادرون إقليم كاراباخ بعد سقوطه في أيدي القوات الأذربيجانية (أ.ف.ب)
TT

بعثة أممية تزور كاراباخ للمرة الأولى منذ 30 عاماً

أرمن يغادرون إقليم كاراباخ بعد سقوطه في أيدي القوات الأذربيجانية (أ.ف.ب)
أرمن يغادرون إقليم كاراباخ بعد سقوطه في أيدي القوات الأذربيجانية (أ.ف.ب)

وصلت بعثة تابعة للأمم المتحدة، الأحد، إلى كاراباخ، لتكون الأولى منذ ثلاثة عقود، بعدما غادر جميع السكان الأرمن تقريباً، منذ استعادت أذربيجان السيطرة على الجيب الانفصالي. وقال ناطق باسم الرئاسة الأذربيجانية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «بعثة أممية وصلت إلى كاراباخ، صباح الأحد»؛ لتقييم الاحتياجات الإنسانية خصوصاً. وهذه هي المرة الأولى منذ ثلاثين عاماً التي تتمكن فيها المنظمة الدولية من دخول المنطقة. وجاء ذلك بعد أسبوع من موافقة الانفصاليين الأرمن، الذين سيطروا على كاراباخ لمدة ثلاثة عقود، على تسليم أسلحتهم وحلّ حكومتهم، على أثر هجوم خاطف شنّته قوات باكو. من جهتها، أعربت فرنسا عن أسفها لعدم موافقة أذربيجان على دخول البعثة إلا بعد نزوح أكثر من 100 ألف أرمني. وبدَّد اتفاق السلطات الانفصالية في كاراباخ حُلم الأرمن منذ قرون بإعادة توحيد ما يعتبرونه أراضي أسلافهم المقسّمة بين قوى إقليمية منذ العصور الوسطى. وفي المجموع، أُفيد بمقتل حوالي 600 شخص في أعقاب الهجوم العسكري، وأدّت المعارك إلى مقتل نحو 200 جندي من كل جانب.

نزوح جماعي

وبات إقليم كاراباخ على وشك أن يفرغ من سكانه، البالغ عددهم نحو 120 ألف نسمة، مما أثار أزمة لاجئين.

لاجئون من كاراباخ يصلون إلى مركز استقبال في بلدة غوريس بأرمينيا 24 سبتمبر (رويترز)

وأكد سيرغي أستساريان (40 عاماً) أنه من آخِر الأرمن الذين غادروا كاراباخ. وقال، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ليس لديّ أدنى فكرة إلى أين سأذهب، ربما أوروبا»، مُبدياً أمله في أن يعود اللاجئون حال «تقديم أذربيجان ضمانات ومساعدات». وأضاف: «تحدثتُ مع الشرطة الأذربيجانية التي أخبرتني أنه لن يكون هناك أي مشاكل، إذا رغبنا في العودة، وبإمكاننا أن نعيش في بيوتنا». وأعلنت رئاسة أذربيجان أن فريقاً تابعاً لسلطات الهجرة الأذربيجانية بدأ العمل في خانكندي (ستيباناكرت بالأرمنية)؛ كبرى مدن كاراباخ، لتسجيل مَن بقي من السكان الأرمن؛ من أجل ضمان «إعادة دمجهم بشكل مستدام... في المجتمع الأذربيجاني»، وتوفير «رعاية الدولة الأذربيجانية» لهم. وقالت نظلي باغداساريان، المتحدثة باسم رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان: «وصل 100.490 من النازحين قسراً إلى أرمينيا» بحلول صباح الأحد. وأضافت أن 47.322 لاجئاً باتوا في أماكن إقامة موقتة.

اتهامات «تطهير عرقي»

والأحد، دعت السفيرة الأرمينية في فرنسا، هاسميك تولماجيان، المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تأمين «ظروف لائقة» لعودة اللاجئين الأرمن إلى كاراباخ. وطالبت أيضاً بفرض عقوبات، في وقت «يُظهر تاريخ الإنسانية أن الإفلات من العقاب يسهّل تكرار الجريمة». وقالت إنه «منذ قيام الأمم المتحدة، إنها المرة الأولى التي نرى فيها جمهورية تزول»، محذّرة من أن هذا الأمر قد يخلق سابقة.

قافلة طويلة من السيارات التي تُقلّ فارّين من كاراباخ تنتظر عبور الحدود إلى أرمينيا في 28 سبتمبر (أ.ف.ب)

واتهمت أرمينيا، البالغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة، أذربيجان بارتكاب «تطهير عِرقي»، وهو ما رفضته باكو التي دعت الأرمن إلى عدم مغادرة الإقليم، وتعهدت باحترام حقوقهم. وتُواجه أرمينيا صعوبات كبرى في استيعاب العدد الهائل من اللاجئين. وطلب «الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، الجمعة، بشكل طارئ، ما يزيد على عشرين مليون يورو لتلبية الحاجات الإنسانية المتنامية مع نزوح الأرمن. وتُجري أذربيجان، الآن، مع القادة الانفصاليين محادثات «إعادة دمج»، في وقت تحتجز بعض المسؤولين في حكومتهم السابقة وقيادتهم العسكرية. وفي أذربيجان، أعلن المدّعي العام قمران علييف فتح تحقيقات جنائية حول ارتكاب جرائم حرب على يد 300 مسؤول من الانفصاليين. وأكّد، في مؤتمر صحافي، الأحد: «أحثُّ هؤلاء الأشخاص على تسليم أنفسهم طوعاً».

وساطة غربية

ويلتقي رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الخميس، في غرناطة بإسبانيا، لإجراء محادثات بوساطة غربية؛ في محاولة لإنهاء العداء التاريخي.

وتبلغ مساحة كاراباخ أقل من 3200 كيلومتر مربع. وشهد الإقليم أربعة نزاعات كبيرة في التاريخ الحديث. الأول بين أرمينيا وأذربيجان، استمر من 1988 إلى 1994، وأسفر عن مقتل 30 ألف شخص، ونزوح مئات الآلاف من الأذربيجانيين والأرمن. وأعقب ذلك اندلاع أعمال عنف ومعارك في 2016، ثم في 2020 عندما قضى 6500 شخص خلال ستة أسابيع. ومُنيت أرمينيا بهزيمة ساحقة. وأخيراً، الحرب الخاطفة في 2023.


مقالات ذات صلة

سوريا «مسرح جريمة» قد تُفْتح أبوابه أخيراً للمحققين الأمميين

المشرق العربي يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)

سوريا «مسرح جريمة» قد تُفْتح أبوابه أخيراً للمحققين الأمميين

يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا أن يتيح لهم سقوط بشار الأسد الوصول أخيراً إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم «مسرح الجريمة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان ينتقد الصمت الدولي إزاء انتهاك إسرائيل حقوق الإنسان في فلسطين

انتقد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، صمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في فلسطين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» يقفون عند مدخل أحد المقرات الحكومية بعد سيطرتهم على مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: «تحرير الشام» أرسلت حتى الآن «رسائل إيجابية» إلى السوريين

عدّ مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، أن «هيئة تحرير الشام» التي قادت الهجوم الذي أدى إلى إسقاط بشار الأسد «أرسلت حتى الآن رسائل إيجابية».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يمزحون بجوار مركبة مدرعة متوقفة بالقرب مما يسمى «الخط ألفا» الذي يفصل مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل عن سوريا في بلدة مجدل شمس (أ.ب)

إيران تدين دخول القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة في الجولان

أدانت إيران، الثلاثاء، دخول الجيش الإسرائيلي المنطقة العازلة في الجولان السوري، معتبرة أنه «انتهاك» للقانون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يصعدون التل داخل المنطقة العازلة التي تفصل مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل عن بقية سوريا 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: إسرائيل «انتهكت» اتفاق فض الاشتباك مع سوريا

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن تقدم إسرائيل داخل المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل، يشكل «انتهاكاً» لاتفاق فض الاشتباك الذي وُقّع عام 1974 بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تايوان: رصدنا 47 طائرة عسكرية و12 سفينة حربية صينية حول الجزيرة خلال 24 ساعة

مقاتلتان تايوانيتان من طراز «ميراج 2000» تقلعان بعد وضع الجيش في حالة تأهّب (أ.ف.ب)
مقاتلتان تايوانيتان من طراز «ميراج 2000» تقلعان بعد وضع الجيش في حالة تأهّب (أ.ف.ب)
TT

تايوان: رصدنا 47 طائرة عسكرية و12 سفينة حربية صينية حول الجزيرة خلال 24 ساعة

مقاتلتان تايوانيتان من طراز «ميراج 2000» تقلعان بعد وضع الجيش في حالة تأهّب (أ.ف.ب)
مقاتلتان تايوانيتان من طراز «ميراج 2000» تقلعان بعد وضع الجيش في حالة تأهّب (أ.ف.ب)

أعلنت تايوان الثلاثاء أنّها رصدت حول الجزيرة خلال الساعات الـ24 الماضية 47 طائرة عسكرية و12 سفينة حربية صينية، وذلك بعيد أيام من انتهاء جولة خارجية قام بها الرئيس التايواني لاي تشينغ تي وأدانتها بكين بشدّة.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان إنّها رصدت الطائرات العسكرية والسفن الحربية الصينية خلال فترة 24 ساعة انتهت في الساعة السادسة صباحا (22,00 ت غ الإثنين). وتأتي هذه التحركات الصينية في الوقت الذي تستعدّ فيه تايبيه لمناورات عسكرية صينية محتملة ردّا على الجولة التي قام بها الرئيس التايواني في المحيط الهادئ.

وأثارت الجولة التي قام بها الرئيس التايواني وشملت منطقتين أميركيتين هما هاواي وغوام غضبا صينيا عارما وتكهّنات بشأن ردّ محتمل من جانب بكين. والإثنين، تعهّدت بكين "الدفاع بشدّة" عن سيادتها، مؤكّدة أنّ تايوان "جزء لا يتجزأ" من أراضيها.

من جهتها، قالت الحكومة التايوانية الإثنين إنّها وضعت قواتها المسلحة في حالة تأهّب "عال" بعدما فرضت الصين قيودا جوية واسعة النطاق قبالة ساحلها الشرقي. كما أعلنت تايبيه الإثنين أنّها رصدت سفنا صينية تبحر بالقرب من مضيق تايوان وفي المحيط الهادئ، مشيرة إلى أنّها، ردا على ذلك، شاركت في "مناورات تحضيرية للقتال".

وتعتبر الصين تايوان جزءا من أراضيها وتعارض أيّ اعتراف دولي بالجزيرة. وتعود جذور النزاع بين تايوان والصين إلى العام 1949 عندما فرّت القوى القومية بقيادة تشانغ كاي تشيك إلى الجزيرة إثر هزيمتها في برّ الصين الرئيسي أمام القوى الشيوعية بقيادة ماو تسي تونغ. وكانت جولة لاي في المحيط الهادئ أول رحلة خارجية له منذ تولّيه منصبه في أيار (مايو).