«خيار الضرورة»... أكراد يدعمون كليتشدار أوغلو بمواجهة إردوغان

أنصار مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو خلال فعالية انتخابية (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو خلال فعالية انتخابية (أ.ب)
TT

«خيار الضرورة»... أكراد يدعمون كليتشدار أوغلو بمواجهة إردوغان

أنصار مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو خلال فعالية انتخابية (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو خلال فعالية انتخابية (أ.ب)

سيعتمد علي خياراً واضحاً في الانتخابات التركية، في 14 مايو (أيار)، بالتصويت لصالح كمال كليتشدار أوغلو، على حساب رجب طيب إردوغان. هذا القرار ليس اقتناعاً بخيارات هذا المرشح، بل هو رفض لبقاء الرئيس الحالي، بعد الحملات المتكررة التي شنّها ضد الأكراد. ويقول علي: «حان وقت التغيير»، وذلك خلال لقاء مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، في مدينة ديار بكر؛ مركز الثقل لأكراد تركيا، والواقعة بجنوب شرقي البلاد.

ويضيف الرجل، البالغ 50 عاماً وطلب عدم كشف اسمه الكامل، أنّ «(الأكراد إرهابيون)... هذا ما يخلُص إليه كل من يشاهد التلفزيون في تركيا»، وفق تعبيره.

ورغم تأكيده أنه سيصوّت، الأسبوع المقبل، لصالح مرشّح «حزب الشعب الجمهوري» كليتشدار أوغلو، لا يخفي أنه سيكون «كاذباً إذا قلتُ إنني أثق بمرشح المعارضة بالكامل».

تاريخ طويل

وعانى الأكراد، الذي يشكّلون نحو 20 في المائة من سكان تركيا، البالغ عددهم 85 مليون نسمة، من الاضطهاد في حقبة الجمهورية، التي أنشأها عام 1923 مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس «حزب الشعب». ونفت الجمهورية التركية، رسمياً، وجود هذه الأقلية العِرقية، وحرَمَت الأكراد من الحقوق الثقافية والتعليمية، لكن عدداً من الأكراد دعّموا «حزب العدالة والتنمية»، بزعامة إردوغان، لدى وصوله إلى الحكم عام 2002، وقيادته البلاد تدريجياً، بعيداً عن عقود من العلمانية سياسياً واجتماعياً.

أنصار مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو خلال فعالية انتخابية (أ.ب)

وسعى إردوغان لإبرام اتفاق مع الأكراد، المطالبين بدولة مستقلة، يضع بموجبه حداً لنزاع دامٍ امتد أعواماً، وتدوين اسمه تاريخياً كمن وضع حداً لإحدى أكثر المشكلات إيلاماً للأتراك وتركيا.

إلا أن انهيار المباحثات بين الطرفين في عام 2015، ومحاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرّض لها في العام التالي، دفعتاه إلى استئناف العمليات العسكرية في مناطق الأكراد، وجعلتاه أقرب إلى موقف القوميين الأتراك.

«دفعة هائلة» لكليتشدار أوغلو

وبعدما التزم الصمت، خلال معظم الحملة، دعا «حزب الشعوب الديمقراطي» اليساري المؤيِّد للأكراد، وحلفاؤه، في أواخر أبريل (نيسان)، للتصويت لصالح كليتشدار أوغلو، في تبنٍّ قد يسهم في ترجيح الكفّة، خلال الانتخابات التي تُعدّ الأكثر تقارباً منذ فترة طويلة. ويرى المحلل في شركة «فيرسك مايبلكروفت» الاستشارية هاميش كينير، في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن دعم «حزب الشعوب» هو «دفعة هائلة» لكليتشدار أوغلو.

ويؤكد أكراد أنّهم سيصوِّتون لصالح المرشح، البالغ 74 عاماً، لمجرّد تأييد الحزب إياه، ومنهم محمد أمين يلماظ. وقال الرجل الستيني، الذي ارتدى زياً كردياً تقليدياً: «أنا كرديّ. حزب الشعوب يدافع عن حقوقي. إذا أوقفتني الشرطة تعسفياً، اليوم، فحزب الشعوب سيهتمّ بي».

اهتمام ضعيف

ورغم ذلك، ورغم أن الانتخابات ستكون مفصلية في تحديد مستقبل حكم إردوغان، الممتدّ لأكثر من عقدين، يبدو الاهتمام بها ضعيفاً في ديار بكر. وقال المسؤول المحلي في «حزب الشعوب» إردم أونال، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الناس تحت الترهيب. ثمة كاميرات في كل مكان. إذا تجمَّع أكثر من شخصين، يحضر عناصر الشرطة بالزي المدني» إلى المكان فوراً. وتابع أن «إردوغان وضع الأكراد أمام خيارين لا ثالث لهما: المسجد، أو السجن»، مضيفاً أن «ديار بكر تحوّلت إلى سجن في الهواء الطلق».

وتحالف إردوغان مع «حزب الدعوة الحرة»، الذي يرتبط بصلات مع «حزب الله» الكردي، وهي جماعة تتألف من إسلامويين يشتبه بضلوعهم في عمليات قتل لناشطين أكراد في تسعينات القرن الماضي. ورأى محللون أن «حزب الله» الكردي كان ذراعاً للحكومة بمواجهة التمرّد الكردي، بقيادة «حزب العمال» الكردستاني الذي تصنِّفه أنقرة على أن تنظيم إرهابي.

إلا أن أيوب بورتش، مؤسس قناة «آي إم سي»، المؤيِّدة للأكراد التي جرى إغلاقها، يَعتبر أن إردوغان يسعى بالتقارب مع «حزب الدعوة الحرة»، إلى التمسك بأكثر الأصوات تحفظاً لدى الأكراد.

ويوضح أن «الاستطلاعات تُظهر أن التأييد لإردوغان في ديار بكر يناهز 15 في المائة، وهو يتضاءل بشكل إضافي»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

في المقابل، ينعدم، تقريباً، التأييد لحزب كليتشدار أوغلو في ديار بكر، إلا أن المرشّح السبعيني بدأ يستقطب التعاطف، بعدما كشف انتماءه إلى الأقلية العلوية، كاسراً بذلك أحد المحرّمات في تركيا.

مرشح المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو خلال فعالية انتخابية (رويترز)

وينافس إردوغان (69 عاماً) 3 مرشحين؛ أبرزهم كليتشدار أوغلو، المرشح عن تحالف 6 أحزاب معارِضة، تشمل اليمين القومي، وصولاً إلى اليسار الديمقراطي. ورغم تأييد «حزب الشعوب» لكليتشدار أوغلو، يبدي عدد من الأكراد تحفظهم على التشكيل الداعم له، خصوصاً أن أطرافه سبق أن دعمت العمليات العسكرية للجيش التركي، التي استهدفت قوات كردية في شمال سوريا.

وأتى دعم «حزب الشعوب» لكليتشدار أوغلو، بعد توقيف أكثر من 100 ناشط وصحافي ومحامٍ كردي في عملية ضد «الإرهاب»، وفق التصنيف الرسمي، بينما رأتها شخصيات كردية محاولة للترهيب.

وأكدت نائبة رئيس الحزب في ديار بكر، غولستان تيك دمير، أنه على مرشح المعارضة «ألا يعتبر دعم حزب الشعوب مسلَّماً به»، مشيرة إلى أن الأخير يتوقع من كليتشدار أوغلو أن يُظهر «شجاعة».


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

استقالة زعيم الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية... ومحققون يستجوبون الرئيس

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول يلقي خطاباً إلى الأمة في مقر إقامته الرسمي في سيول 14 ديسمبر 2024 (رويترز)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول يلقي خطاباً إلى الأمة في مقر إقامته الرسمي في سيول 14 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

استقالة زعيم الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية... ومحققون يستجوبون الرئيس

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول يلقي خطاباً إلى الأمة في مقر إقامته الرسمي في سيول 14 ديسمبر 2024 (رويترز)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول يلقي خطاباً إلى الأمة في مقر إقامته الرسمي في سيول 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

أعلن زعيم الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية استقالته، اليوم (الاثنين)، بعد يومين على تمرير البرلمان اقتراحاً لعزل الرئيس يون سوك يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية التي لم تدم طويلاً.

وقال هان دونغ-هون في مؤتمر صحافي: «أستقيل من منصب زعيم حزب سلطة الشعب»، مقدماً «اعتذاره الصادق لجميع الذين عانوا بسبب الأحكام العرفية».

من جهتة أخرى، أعلنت سلطات إنفاذ القانون في كوريا الجنوبية، أنها ستطلب من الرئيس المعزول يون سيوك يول المثول للاستجواب هذا الأسبوع بشأن مرسوم الأحكام العرفية، في الوقت الذي يوسعون فيه تحقيقاتهم بشأن ما إذا كانت محاولته الأخيرة للانقضاض على السلطة هذا الشهر تشكل تمرداً.

وقالت الشرطة، اليوم، إن فريقاً مشتركاً من المحققين، يضم رجال شرطة، وهيئة مكافحة الفساد ووزارة الدفاع يعتزم توجيه طلب إلى مكتب يون ليحضر للاستجواب يوم الأربعاء المقبل.

وكانت الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية، التي تسيطر عليها المعارضة، قد أقالت يون يوم السبت، على خلفية فرضه للأحكام العرفية في 3 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وستعلق صلاحياته الرئاسية إلى حين أن تقرر المحكمة الدستورية ما إذا كانت ستخلعه رسمياً من منصبه.