مساعٍ عديدة للوسطاء تدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المعنية بترتيبات أمنية وإدارية، وسط حراك جديد بشأن إنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع، غداة وصول وفد من «حماس» إلى القاهرة وترقب وصول حركة «فتح».
تلك الترتيبات تواجه بحسب مصدر فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط» الاثنين، عقبات عديدة في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنها، خصوصاً باختيار أسماء اللجنة المعنية، التي تم التوافق عليها قبل نحو عام بالقاهرة أن تكون من التكنوقراط، وكان ينتظر أن يتم التوافق عليها في جولات سابقة، وحال دون ذلك عدم وجود توافق فلسطيني - فلسطيني.
وبتقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستبقى جهود القاهرة ويتوقف الأمر كله على الأطراف الفلسطينية، مشددين على أهمية إنجاز توافق بينهم لقطع الطريق على ذرائع إسرائيلية تهدد الاتفاق وتنذر بانهياره وتجدد الحرب، وسط تباينات بشأن قرب حدث انفراجة.
تحركات جديدة
وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» الاثنين: «حتى اللحظة، لم يتم الاتفاق على تشكيل لجنة التكنوقراط، والقاهرة تبذل جهوداً متواصلة مع حركة (فتح) للحضور إلى مصر والمشاركة في الاتفاق على ترتيبات اللجنة، خصوصاً و(حماس) وافقت تحت الضغوط أن يكون رئيس اللجنة وزيراً من حكومة محمد مصطفى، وينتظر أن يكون هناك لقاء لبحث الأسماء المطروحة».
ووفقاً للمصدر ذاته، فإن «السلطة ترفض أن تشارك (حماس) والفصائل في اختيار الأسماء، وتصر على أن تسمي اللجنة باعتبارها مؤسسة من مؤسسات السلطة ويتولاها وزيرها، لكن نعول على تحركات القاهرة كثيراً في تجاوز الأجواء السابقة التي لا تبشر».
وكان قيادي في «حماس» قال الأحد، إن لقاءات وفد الحركة مع المسؤولين المصريين ستناقش «ترتيبات وتشكيل لجنة التكنوقراط المستقلة الفلسطينية التي ستتولى إدارة قطاع غزة».
ونوّه بأن لقاءات ثنائية ستعقد بين وفد «حماس» وقادة فصائل فلسطينية أخرى، لـ«بحث الوضع الداخلي الفلسطيني وترتيبات إدارة قطاع غزة ومستقبله»، والعمل على ترتيب لقاء قريب بين حركتي «فتح» و«حماس» في القاهرة.

والتقى الأحد في العاصمة المصرية القاهرة، وفد قيادي من حركة «حماس»، مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، وتناول اللقاء «تطورات اتفاق وقف إطلاق النار والأوضاع العامة في قطاع غزة، ومناقشة طبيعة المرحلة الثانية من الاتفاق».
وشدد الوفد على «أهمية وقف الخروقات الصهيونية المستمرة التي تهدد بتقويض الاتفاق، وذلك من خلال آلية واضحة ومحددة برعاية ومتابعة الوسطاء»، وسط إشادة منه بـ«جهود الوسطاء المتواصلة منذ وقف حرب الإبادة، وتحياتهم وتقديرهم للقيادة المصرية»، وفق بيان للحركة.
ووفقاً لتقديرات أستاذ العلوم السياسية المختص بالشأنين المصري والإسرائيلي، الدكتور طارق فهمي، فإن «تمرير (حماس) للجنة يعود لحجم الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها وعودة إسرائيل للتصعيد منذ نحو أسبوع واحتمال إقدامها على عمل عسكري بالقطاع، كما تثير وسائل إعلام إسرائيلية».
ويرجح فهمي أن «حركة (فتح) ستتجاوب رغم تحفظاتها، ليعود المشهد لانفراجة وتتحرك مصر للأمام مع أطراف الوساطة لعقد الخطوات التالية بشأن إعلان اللجنة».
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن جهود القاهرة المتواصلة تدرك أهمية الذهاب للمرحلة الثانية، لقطع الطريق على أي تصعيد إسرائيلي أو ذرائع تهدد اتفاق وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن ترتيبات إدارة القطاع كانت أحد الجهود المصرية في هذا الصدد، ولكن يجب على الأطراف الفلسطينية، خصوصاً حركة «فتح»، تحمل المسؤولية والذهاب باتجاه اتفاق قريب وعاجل لتشكيل اللجنة.
تصعيد ميداني
وقتلت القوات الإسرائيلية 3 فلسطينيين الاثنين، في غزة، بالقرب من الخط الفاصل الذي يحدد المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، مما «يسلط الضوء على الصعوبات التي تعترض الانتقال إلى الخطوة التالية، بعد اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي أبرم منذ أكثر من 6 أسابيع.
ومنذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، تتعرض الهدنة في غزة إلى «انتكاسة»؛ كان أبرزها، السبت، مع سقوط 21 قتيلاً على الأقل بضربات إسرائيلية، وفق «الدفاع المدني» في القطاع، في حين زعمت إسرائيل أن غاراتها تأتي رداً على هجوم لـ«حماس»، معلنة القضاء على 5 من كوادر الحركة، بعد أن اتهمت إسرائيل «حماس» بـ«انتهاك اتفاق الهدنة الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
ويرى الرقب أن التصعيد الإسرائيلي يفرض على الأطراف الفلسطينية التجاوب مع القاهرة، والوصول إلى ترتيبات في أسرع وقت بشأن لجنة إدارة غزة.
ويؤكد فهمي أن إسرائيل تحاول أن تسارع الوقت بهذا التصعيد والتهام مزيد من الأراضي التي انسحبت منها للوجود من 54 في المائة حالياً إلى 60 في المائة، استباقاً لأي ضغوط أميركية قد تحدث حال حدوث توافقات فلسطينية - فلسطينية بشأن ترتيبات لجنة إدارة قطاع غزة، مرجحاً أنه لو مضت الأمور على نحو التوافق، وهناك مؤشرات إيجابية نحو ذلك واستجابت «فتح»، يمكن عقد لقاء لها مع «حماس» قريباً، وكذلك عقد لقاء شامل للفصائل الفلسطينية.









