مركز الملك سلمان لـ«الشرق الأوسط»: نستهدف تقديم مساعدات لنازحي الفاشر

تنسيق مع المنظمات الأممية ودعم لوزارة الصحة السودانية

جانب من مساعدات يقدمها «مركز الملك سلمان للإغاثة» في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان تعزيزاً للأمن الغذائي هناك (واس)
جانب من مساعدات يقدمها «مركز الملك سلمان للإغاثة» في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان تعزيزاً للأمن الغذائي هناك (واس)
TT

مركز الملك سلمان لـ«الشرق الأوسط»: نستهدف تقديم مساعدات لنازحي الفاشر

جانب من مساعدات يقدمها «مركز الملك سلمان للإغاثة» في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان تعزيزاً للأمن الغذائي هناك (واس)
جانب من مساعدات يقدمها «مركز الملك سلمان للإغاثة» في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان تعزيزاً للأمن الغذائي هناك (واس)

أكد «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» أن لديه خطة استجابة مستمرة لتقديم المساعدات لكل المحافظات السودانية، المتأثرة بالحرب.

وكشف مدير إدارة الإغاثة الطارئة في المركز فهد العصيمي، لـ«الشرق الأوسط»، عن تنسيق بين المركز والمنظمات الأممية التي لديها إمكانات الدخول إلى مدينة الفاشر، حيث يستهدف المركز تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين من الفاشر في المحافظات التي نزحوا إليها، مشيراً في الوقت نفسه إلى تقديم دعم لوزارة الصحة السودانية يتمثّل في الأدوية والتجهيزات التي تساعد في تخفيف آثار الأزمة على المواطنين السودانيين.

وقال العصيمي إنهم ينتظرون المزيد من المعلومات حول الأوضاع في مدينة الفاشر، مشيراً إلى أن المركز يعمل كجهة مانحة، بينما يقوم الشركاء على الأرض بالتنفيذ. وأبان أن هناك زيارات رقابية من قبل المركز للمناطق المتضررة، وفقاً للوضع الأمني، إلى جانب وجود الشركاء للرقابة في المناطق التي لا يستطيع المركز الوصول إليها.

وأظهرت أرقام جديدة أن إجمالي الدعم الإنساني والإغاثي السعودي خلال الأزمة السودانية حتى مطلع الشهر الحالي، تخطّى الـ134 مليون دولار. ولفت العصيمي إلى أن السعودية كانت سبّاقة لتقديم يد العون للمحتاجين منذ اندلاع الأزمة في السودان، لافتاً إلى أن المركز أرسل 55 باخرة، و13 طائرة، تحمل كمّيّات تجاوز آلاف الأطنان من المساعدات الطبية، والغذائية، والإيوائية، إلى جانب الحملات الطبية التي من شأنها التخفيف على المواطنين السودانيين، مشيراً إلى أن المركز يستهدف بالمساعدات القطاعات الإنسانية المتأثرة بالأزمة، حيث يركز على قطاعات الأمن الغذائي، والقطاع الصحي، وقطاع المياه، والإصحاح البيئي، والزراعة والتعليم.

«مركز الملك سلمان للإغاثة» يوزع مساعدات غذائية في في مناطق بولاية شمال كردفان في السودان (واس)

عرّج العصيمي على نجاح الجهود الإنسانية السعودية في إجلاء 8455 شخصاً، منهم 404 مواطنين، و8051 من جنسيّات مختلفة، إلى جانب مساعدة عدد من الدول الصديقة بإجلاء رعاياها الذين تجاوز عددهم أكثر من 11184 شخصاً، في المراحل الأولى من الأزمة التي قاربت العامين ونصف العام حتى اليوم.

تفاعل شعبي

وتجاوز إجمالي تبرعات الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب السوداني عبر منصة «ساهم»، أكثر من 19,4 مليون دولار، وفقاً لتقديرات رسمية حديثة، ضمن الحملة التي وجّه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في مايو (أيار) 2023، وقفز عدد المتبرعين فوق حاجز نصف مليون متبرّع، إلى أكثر من 537 ألف متبرع حتى اللحظة.

سودانيون فروا من الصراع في إقليم دارفور يعبرون الحدود إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد أغسطس 2023. (رويترز)

والأسبوع الماضي، أعربت السعودية عن بالغ قلقها واستنكارها للانتهاكات الإنسانية الجسيمة التي جرتْ خلال الهجمات الأخيرة لـ«قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر السودانية، وشدَّدت «الخارجية السعودية»، في بيان، على ضرورة قيام «قوات الدعم السريع» بواجبها في حماية المدنيين، وضمان تأمين وصول المساعدات الإنسانية، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني وفق ما أورده «إعلان جدة» بشأن «الالتزام بحماية المدنيين في السودان» الموقع بتاريخ 11 مايو (أيار) 2023.

دعوة سعودية للحوار

ودعت السعودية في البيان نفسه، إلى العودة للحوار للتوصل بشكل فوري لوقف إطلاق النار، مؤكدةً أهمية وحدة السودان وأمنه واستقراره، وضرورة الحفاظ على مؤسساته الشرعية، ورفضها للتدخلات الخارجية التي تطيل أمد الصراع، وتزيد معاناة الشعب السوداني.

وكان ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية قد أكّدوا الأحد، إنهم يجمعون أدلة على أعمال قتل جماعي واغتصاب مزعومة في السودان، قد يرقى بعضها إلى جرائم حرب، وذلك بعد أن فرضت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معقل للجيش في إقليم دارفور بغرب البلاد.

وأصبح آلاف السودانيين مهددين في مدينتي «الفاشر»، حاضرة إقليم شمال دارفور، التي استولت عليها «قوات الدعم السريع» 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، و«بارا» الاستراتيجية في ولاية شمال كردفان، التي تشهد عمليات نزوح كبيرة في اتجاه مدينة الأُبَيِّض كبرى مدن كردفان، فيما أعربت منظمة «أطباء بلا حدود» السبت، عن خشيتها من أن آلاف المدنيين عالقون في مدينة الفاشر السودانية ويواجهون خطراً وشيكاً إثر سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، وأظهرت صور جديدة بالأقمار الاصطناعية أن المجازر ما زالت مستمرة في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأفاد ناجون وصلوا إلى بلدة طويلة القريبة من الفاشر بعمليات قتل جماعية وإطلاق نار على أطفال أمام ذويهم وضرب ونهب للمدنيين أثناء محاولتهم الفرار. وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 65 ألف شخص فرّوا من مدينة الفاشر منذ الأحد، لكن عشرات الآلاف ما زالوا عالقين هناك، بينما أظهرت صور جديدة التُقطت بالأقمار الاصطناعية مؤشرات على استمرار عمليات القتل الجماعي داخل مدينة الفاشر ومحيطها وفق باحثين في جامعة ييل الأميركية.

 


مقالات ذات صلة

خوف في مدينة الأبيض السودانية من هجوم محتمل لـ«قوات الدعم السريع»

شمال افريقيا عناصر «الدعم السريع» يحملون أسلحة في شوارع الفاشر السودانية (حساب القوات على تلغرام - أ.ف.ب)

خوف في مدينة الأبيض السودانية من هجوم محتمل لـ«قوات الدعم السريع»

أعرب سكان في الأُبيِّض بجنوب السودان عن خشيتهم مع ورود تقارير عن استعداد «قوات الدعم السريع» لشن هجوم على مدينتهم.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا نازحتان في مدينة طويلة بولاية شمال دارفور بعد فرارها من الفاشر (أ.ف.ب)

تشديد مصري - روسي على رفض أي «كيانات موازية» في السودان

أعربت مصر وروسيا عن رفضهما إقامة «كيانات موازية» في السودان، وتوافق البلدان بشأن «ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد».

أحمد جمال (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي) play-circle

الخارجية السودانية: الحكومة لا ترفض الهدنة ولكن لديها مخاوف

أعلن المستشار الإعلامي بوزارة الخارجية السودانية، عمار العركي، أن «الحكومة السودانية لا تتحفظ على الهدنة بأبعادها الإنسانية». 

محمد أمين ياسين (نيروبي) «الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

جددت مصر دعوتها إلى «ضرورة إقرار هدنة إنسانية شاملة في السودان لضمان تدفق المساعدات الإنسانية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)

الأمم المتحدة تحذر من «استعدادات واضحة» لمعارك جديدة في كردفان

حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الجمعة، من «استعدادات واضحة» لمعارك جديدة في السودان، وتحديداً في إقليم كردفان.

أحمد يونس (كمبالا) «الشرق الأوسط» (لندن)

الحوثيون يوهمون أتباعهم بإنجازات أمنية لتجاوز الاختراق الإسرائيلي

زعيم الحوثيين ادعى تعبئة وتدريب أكثر من مليون شخص على القتال خلال عامين (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ادعى تعبئة وتدريب أكثر من مليون شخص على القتال خلال عامين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوهمون أتباعهم بإنجازات أمنية لتجاوز الاختراق الإسرائيلي

زعيم الحوثيين ادعى تعبئة وتدريب أكثر من مليون شخص على القتال خلال عامين (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ادعى تعبئة وتدريب أكثر من مليون شخص على القتال خلال عامين (إ.ب.أ)

أكدت مصادر أمنية وسياسية يمنية أن الجماعة الحوثية تسعى جاهدة إلى تجاوز تداعيات الاختراق الأمني الأميركي - الإسرائيلي الذي أدى إلى مقتل عدد من قياداتها وتدمير بعض مخابئها السرية، عبر الترويج لإنجازات أمنية «وهمية»، وافتعال حملات اعتقال واقتحام لمكاتب منظمات إغاثية أممية ودولية في مناطق سيطرتها.

وقالت ثلاثة مصادر أمنية وسياسية لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان الجماعة، السبت، عن «تفكيك خلية تعمل لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل» بزعم أنها ساعدت في استهداف مخابئ ومعسكرات قيادات حوثية، من بينهم رئيس الحكومة غير المعترف بها وتسعة وزراء ورئيس أركان قواتهم، «هدفه الأساسي استعادة ثقة أنصارها في قدراتها المخابراتية، التي تضررت بشدة بعد الضربات الأخيرة».

وذكرت المصادر أن الضربات الدقيقة التي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد مواقع ومخابئ سرية، خصوصاً في محافظة صعدة، حيث يُعتقد أن أحدها كان يُستخدم من قبل زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، هزّت ثقة أتباع الميليشيا في جهازها الأمني.

الحوثيون يواصلون حشد المسلحين القبليين لإظهار قوتهم (رويترز)

وأشارت المصادر إلى أن تلك الهجمات، التي بلغت ذروتها حين استهدفت اجتماعاً حكومياً سرياً، دفعت الحوثيين إلى تكثيف أنشطتهم الأمنية منذ أكثر من شهرين «خشية انفجار شعبي في مناطق سيطرتهم».

وقالت المصادر إن إعلان الحوثيين الأخير حول «الخلية المزعومة» التي تضم تسعة أشخاص مجهولي الهوية، جاء ضمن حملة «رد اعتبار» لأجهزة المخابرات الحوثية التي لطالما استخدمتها الجماعة أداة قمع وتخويف، وروّجت لكونها «لا تُخترق».

وبحسب ما ذكرته المصادر، فإن الصورة الأسطورية التي رسمها الحوثيون عن جهازهم الأمني انهارت بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة.

تلميع نجل مؤسس الحوثية

أفادت المصادر بأن الجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران تحاول الآن تلميع علي حسين الحوثي، نجل مؤسسها ورئيس ما يسمى جهاز استخبارات الشرطة، تمهيداً لتعيينه وزيراً للداخلية خلفاً لعبد الكريم الحوثي، عمّ زعيم الجماعة، الذي تتكهن المصادر بأنه توفي أو أُصيب بجروح بالغة خلال الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الاجتماع الحكومي في صنعاء.

ووفقاً للمصادر نفسها، فإن عبد الملك الحوثي منح ابن أخيه صلاحيات موسعة تشمل كل الأجهزة الأمنية، بما فيها «الأمن والمخابرات» و«الأمن الوقائي»، ليشرف بنفسه على حملات اعتقال واسعة طالت عشرات من موظفي الأمم المتحدة ومئات المعلمين والأطباء والناشطين في محافظات إب وذمار وصنعاء، بتهمة «التجسس لصالح الخارج».

وتمثل هذه الخطوة - حسب المصادر - بداية مرحلة جديدة يسعى فيها الحوثي إلى إنهاء الازدواجية بين الأجهزة الأمنية تحت قيادته المباشرة.

نجل مؤسس الحوثيين أشرف على اعتقال موظفي الأمم المتحدة والمدنيين (إعلام محلي)

ويرى الباحث اليمني المتخصص في شؤون الحوثيين، عدنان الجبرني، أن الإعلان الحوثي الأخير «لا يحمل جديداً»، سواء في البيان الرسمي أو مقطع الاعترافات الذي بثته القناة الحوثية (قناة المسيرة)، مشيراً إلى أن «السيناريو نفسه تكرر مراراً منذ عام 2020، مع اختلاف الأسماء فقط». وعدّ الجبرني أن إسناد البيان إلى نجل مؤسس الجماعة «يشير إلى إعداد وتجهيز بديل محتمل في هرم القيادة الأمنية».

سياسيون يمنيون - بدورهم - سخروا من الاتهامات التي أوردتها الجماعة حول «رصد مواقعها وتحركات مسؤوليها»، مؤكدين أن الولايات المتحدة وإسرائيل تمتلكان قدرات تكنولوجية فائقة وأقماراً اصطناعية وطائرات استطلاع لا تحتاج إلى «عناصر تجسس بشرية» كما يزعم الحوثيون. وأشاروا إلى أن الجماعة «تكرر التهم ذاتها في كل أزمة، مع تغيير أسماء المتهمين فقط».

ورجّح هؤلاء السياسيون أن تكون حملة الاعتقالات الجديدة تعبيراً عن مخاوف عميقة داخل الجماعة بعد «الفشل الأمني الذريع» الذي تكبّدته، ومحاولة استباقية لمنع أي انتفاضة شعبية نتيجة تفاقم الأوضاع المعيشية وانقطاع المساعدات الإنسانية الدولية. وأكدوا أن الحوثيين «يختلقون تهم التجسس لتبرير القمع، وترهيب الشارع الغاضب».

محاولة لاحتواء الفوضى

تعليقاً على المزاعم الحوثية حول إنجازهم الأمني رأى وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني أن ذلك «لا يخرج عن نهج الجماعة المألوف في صناعة روايات مفبركة وتلفيق اعترافات قسرية، والتضحية بالمواطنين البسطاء لتحقيق أهداف سياسية وأمنية».

وقال إن الخطوة تأتي «في إطار صراع الأجنحة داخل الجماعة، ومحاولة من أحد أطرافها لتسويق إنجاز أمني مزعوم، وانتزاع الملف الأمني من جهاز الأمن والمخابرات الذي يقوده عبد الحكيم الخيواني».

الحوثيون أقروا بمقتل رئيس أركانهم محمد الغماري ويتكتمون على مصير قادة آخرين (إ.ب.أ)

وأوضح الإرياني أن الهدف الآخر لهذا الإعلان «هو التغطية على حالة الانكشاف الأمني غير المسبوقة التي يعيشها الحوثيون، ومحاولة رفع معنويات عناصرهم المنهارة بعد الضربات الدقيقة التي استهدفت مواقعهم وقياداتهم في صنعاء وصعدة وعمران». وأضاف أن الاختراق وصل إلى المستويات العليا في هرم الجماعة، بما في ذلك الدائرة المقربة من زعيمها عبد الملك الحوثي.

وأشار الوزير اليمني إلى أن الجماعة تستخدم مثل هذه البيانات «لتبرير حملات القمع والتنكيل التي تشنّها يومياً ضد السكان في مناطق سيطرتها، تحت ذريعة التخابر مع الخارج»، مؤكداً أن الهدف الحقيقي هو إحكام القبضة الأمنية على المواطنين بعد تصاعد الغضب الشعبي من سياساتها المدمّرة، وتردي الأوضاع المعيشية.

وأكد الإرياني أن الجماعة الحوثية، بعد سلسلة الضربات التي شلّت بنيتها العسكرية والأمنية، «تعيش حالة من الارتباك والهلع، وتحاول تعويض خسائرها المعنوية عبر مسرحيات إعلامية لا تنطلي على أحد».


هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
TT

هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)

تتعدد مطالب الوسطاء بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار» في قطاع غزة، في ظل تعقيدات ما زالت تواجهها «المرحلة الأولى» بشأن تسليم جثث الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، وعدم التوافق على تفاصيل المرحلة التالية، وسط مخاوف من تكرار ما حدث في اتفاق يناير (كانون الثاني) الماضي الذي نقضته إسرائيل.

وتضمن «اتفاق وقف إطلاق النار» في يناير الماضي، ثلاث مراحل، بدأت المرحلة الأولى عند التوصل إليه وانتهت في الأول من مارس (آذار) الماضي، لكن «حماس» وإسرائيل لم تتوصلا إلى اتفاق بشأن كيفية الانتقال إلى المرحلة الثانية.

في ذلك الحين، أرادت «حماس» الدخول في المرحلة الثانية، والتي كانت ستشهد انسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء الذين تحتجزهم الحركة، وبدلاً من ذلك، ضغطت إسرائيل من أجل تمديد المرحلة الأولى، من دون الالتزام بإنهاء الحرب أو سحب القوات، وعادت لاستئناف الحرب في 18 مارس.

وجددت مصر «مطالبتها الأطراف المعنية بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في قطاع غزة»، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مساء الجمعة، من الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس.

وشملت المرحلة الأولى من «اتفاق أكتوبر» وقف العمليات العسكرية وانسحاباً جزئياً للجيش الإسرائيلي وصفقة تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع، وحتى الآن سلمت الفصائل الفلسطينية بغزة 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 25 آخرين من أصل 28، فيما لم يتم فتح معبر رفح بعد، وبين الحين والآخر تقوم إسرائيل بشن ضربات على القطاع.

وقال مصدر لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن رئيس الأركان إيال زامير «أوصى بعدم الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق مع حركة (حماس) قبل استعادة جميع جثث الأسرى الإسرائيليين في غزة، وعدم السماح بأي عملية لإعادة إعمار القطاع قبل تنفيذ عملية نزع السلاح كلياً».

تواجه المرحلة الثانية من «اتفاق غزة» عقبات سياسية، حيث ترفض إسرائيل أي إدارة فلسطينية للقطاع، وتعرقل تشكيل لجنة تكنوقراط، بينما تدفع واشنطن نحو قوة دولية، في حين لا يزال مصير إعادة إعمار غزة غير واضح، بحسب مراقبين.

امرأة وطفل يجلسان وسط أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية بجانب امرأة أخرى تراقب عملية الإنقاذ بغزة (أ.ف.ب)

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، أكرم عطا الله، أن «تقسيم الاتفاقيات مع إسرائيل على مراحل يسمح لها بنقضها، وهو ما حدث في (اتفاق يناير)، وسبق أن حدث من قبل في (اتفاق أوسلو)، وهي تتلاعب بالفلسطينيين عبر استخدام القوة العسكرية وفرض الأمر الواقع، لذا فالانتقال لأي مرحلة تالية يبدو وكأنه (عُقدة)».

وتم توقيع «اتفاقية أوسلو» والمعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، في سبتمبر (أيلول) من عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتتكون الاتفاقية من 17 بنداً بدءاً من إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية وانتهاء بتسوية المنازعات والتعاون الإسرائيلي - الفلسطيني فيما يتعلق بالبرامج الإقليمية، وفق التفاصيل المنشورة في وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وقال عطا الله لـ«الشرق الأوسط» إن «دفع إسرائيل لتنفيذ باقي مراحل (اتفاق أكتوبر) يكون عبر تحرك الوسطاء والدول العربية والإسلامية نحو الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للالتزام بباقي بنود الاتفاق، وحتى الآن يمكن القول بأن الولايات المتحدة ما زالت حريصة على تنفيذه». لكنه تحدث أيضاً عن عقبات تواجه الاتفاق الحالي في مقدمتها «النوايا الإسرائيلية، واتجاه الأنظار نحو تفاصيل (القوة الدولية)، وإدخال تعديلات على مهامها، والسماح لإسرائيل بالحركة الأمنية داخل القطاع، وهو ما أغضب الدول الراعية للاتفاق».

ووفقاً لموقع «أكسيوس» الأميركي، مساء الاثنين الماضي، فقد وزّعت واشنطن مسودة مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن الدولي، تقترح فيه إنشاء قوة أمنية دولية تعمل لمدة لا تقل عن عامين قابلة للتمديد حتى نهاية عام 2027.

وترى واشنطن أن تشكيل هذه «القوة الدولية» يمثل المفتاح الأساسي للمرور إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وتشمل هذه المرحلة من الاتفاق موضوعات الحكم والسلاح وقوات الاستقرار الدولية وإعادة الإعمار.

مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ المصرية (الرئاسة المصرية)

وقبل أيام، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية أن بنيامين نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، يجريان مفاوضات مع الإدارة الأميركية للحصول على ورقة تفاهمات تمنح إسرائيل حرية العمل في غزة، هدفها وضع حدود لحرية التحرك الإسرائيلي وترسيخ ضمانات أميركية بشأن ما سيحدث في حال فشلت القوة الدولية في نزع سلاح «حماس».

الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء حمدي بخيت، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتقال إلى مراحل متقدمة لاتفاقيات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تحولت إلى (عُقدة)، وهو سلوك اعتادت عليه الحكومات الإسرائيلية حينما تُصر على تقسيم الاتفاقيات إلى مراحل»، لافتاً إلى أن «دفع الاتفاق الحالي يقع على مسؤولية الوسطاء، كما أن الولايات المتحدة يجب أن تكون حريصة على تنفيذه باعتبارها ضامنة للاتفاق».

وأضاف «تواجه حركة (حماس) موقفاً صعباً الآن؛ لأنها سلمت جميع الرهائن الأحياء لديها وقاربت على تسليم جميع الرفات، والآن يتم التركيز على ورقة تسليم السلاح، وهي من الممكن استخدامها للانتقال إلى المرحلة الثانية وضمان التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق».

وشهدت إسطنبول التركية اجتماعاً وزارياً موسّعاً، قبل أيام بمشاركة وزراء خارجية تركيا وقطر والسعودية والإمارات والأردن وباكستان وإندونيسيا، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار، ومتابعة تنفيذ «مبادرة ترمب» وما تلاها من «إعلان شرم الشيخ»، إضافة إلى نتائج اجتماع التحالف العالمي لتنفيذ «حل الدولتين» الذي عُقد في الرياض أخيراً.


اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
TT

اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)

اتهمت منظمة حقوقية يمنية الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، بتنفيذ واحدة من أكبر حملات القمع الجماعي ضد المدنيين في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بعد أن اختطفت 76 مواطناً وأخفتهم قسراً منذ أكثر من عشرة أيام، دون السماح لأسرهم بمعرفة أماكن احتجازهم أو التواصل معهم.

وقالت منظمة «مساواة لحقوق الإنسان» في بيان إن الجماعة شنت في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حملة مداهمات واعتقالات واسعة ومتزامنة في عدد من مديريات المحافظة، طالت أكاديميين وتربويين وشخصيات سياسية واجتماعية، في تصعيد وصفته بأنه «الأوسع منذ انقلاب الجماعة على الدولة».

وأوضحت أن مصير المختطفين لا يزال مجهولاً حتى اليوم، وبينهم مرضى وكبار في السن، وسط غياب أي معلومات رسمية أو إنسانية عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية.

وأكدت المنظمة الحقوقية في بيانها أن استمرار الجماعة في إخفاء هؤلاء المختطفين يمثل «جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان، وانتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف الأربع والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية».

الحوثيون يقمعون السكان في مناطق سيطرتهم خشية تزايد الأصوات المناهضة لانقلابهم (رويترز)

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية»؛ كونها تأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين لبث الرعب في المجتمع وإسكات الأصوات الحرة. وحمّلت المنظمة قيادة الميليشيات الحوثية في ذمار المسؤولية القانونية والجنائية الكاملة عن سلامة جميع المختطفين وحياتهم.

ودعت منظمة «مساواة» الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين للكشف عن مصير المختطفين والإفراج عنهم فوراً ومن دون شروط، كما حثّت المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية على توحيد الجهود لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

انتهاكات ممنهجة

أدانت السلطة المحلية في ذمار، والمعيّنة من قبل الحكومة اليمنية الشرعية، بشدة حملة الاختطافات الواسعة التي نفذتها الجماعة الحوثية بحق العشرات من أبناء المحافظة، مؤكدة أن تلك الاعتقالات طالت أكاديميين وسياسيين ووجهاء وشخصيات اجتماعية؛ فقط لأنهم مارسوا حقهم في التعبير أو احتفوا بالمناسبات الوطنية، وعلى رأسها ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الجماعة في 1962.

وقالت السلطة المحلية، في بيان، إنها تتابع بقلق بالغ ما تشهده المحافظة من مداهمات للمنازل واحتجاز تعسفي للمواطنين، معتبرة أن ما تقوم به الجماعة «انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ومبادئ الدستور والقوانين النافذة، واعتداء سافر على الحريات العامة وكرامة المواطنين».

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «لن تسقط بالتقادم»، وأن مرتكبيها سيخضعون للمساءلة القانونية يوماً ما، مؤكداً أن أبناء ذمار «سيظلون متمسكين بمبادئ الثورة والجمهورية، ورافضين لكل أشكال الاستبداد والعنف الذي تمارسه الميليشيات بحقهم لمجرد التعبير عن آرائهم».

عناصر حوثيون خلال تجمع للتعبئة العسكرية في أوساط القبائل (إ.ب.أ)

وطالبت السلطة المحلية الجماعة بسرعة الإفراج عن جميع المختطفين والمعتقلين تعسفاً، ووقف انتهاكاتها فوراً، محمّلة إياها كامل المسؤولية عن تبعات هذه الممارسات التي «تهدد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، وتزرع بذور الفتنة والكراهية بين أبناء المحافظة».

كما دعا البيان المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وكافة القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، إلى إدانة هذه الانتهاكات والضغط من أجل إطلاق سراح جميع المختطفين والمخفيين قسراً، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم التي تعكس، بحسب البيان، «طبيعة المشروع القمعي الذي تمارسه الميليشيات بحق اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها».