تدخل العلاقات المصرية - الأوروبية مرحلة جديدة من التعاون مع عقد أول قمة من نوعها بين الجانبين، بوفد يرأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي في بروكسل.
تلك القمة التي وصفتها الرئاسة المصرية بـ«التاريخية»، تأتي بعد أشهر من دعم مالي أوروبي تكرر للقاهرة، ستعزز مسار الشراكة الاستراتيجية بصورة أكبر وفرص التعاون في ظل تقلبات عالمية عدة، وفق ما يراه دبلوماسيون مصريون سابقون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» الذين أكدوا أن القمة ستتناول أيضاً الأزمات السياسية بالمنطقة.
ووصل السيسي، الثلاثاء، إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث يترأس وفد بلاده في أعمال القمة المصرية - الأوروبية الأولى، والمقرر انعقادها الأربعاء، حسب بيان للرئاسة المصرية.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، في البيان ذاته، إن «انعقاد هذه القمة التاريخية، الأولى من نوعها بين مصر والاتحاد الأوروبي، يأتي تتويجاً لمسار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم إطلاقها رسمياً في القاهرة في مارس (آذار) 2024».
وسيجرى الرئيس المصري على «هامش الزيارة، سلسلة من اللقاءات المهمة مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عدد من القادة الأوروبيين، وملك بلجيكا؛ بهدف ترسيخ أطر التعاون والتنسيق السياسي إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».
كما تتضمن الزيارة «شقاً اقتصادياً محورياً، حيث يُعقد على هامشها منتدى اقتصادي موسّع حول فرص الاستثمار في مصر، بمشاركة واسعة من كبريات الشركات الأوروبية وقيادات قطاع الأعمال، إلى جانب مناقشة الرؤية المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية»، وفق البيان المصري.
وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي نحو 31.2 مليار دولار خلال عام 2023، حسب بيان لجهاز الإحصاء المصري في مارس الماضي.
ويعدّ الاتحاد الأوروبي المستثمر الرائد في مصر؛ حيث يبلغ رصيد الاستثمار المتراكم نحو 38.8 مليار يورو، يمثل نحو 39 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر. وتظل مصر ثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسب معلومات بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر عبر موقعها الإلكتروني.

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد حجازي، أن هذه القمة وهذه الزيارة تأتي تأكيداً على اتفاقية الشراكة بين الجانبين، وهي فرصة مهمة لتعزيز نطاق التعاون بينهما.
وفي مارس 2024، وقّع الرئيس المصري والمفوضية الأوروبية، إعلاناً يقضي برفع مستوى العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبي إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، في حضور رؤساء حكومات قبرص واليونان وإيطاليا والنمسا، وتضمَّن الاتفاق العمل في 6 مجالات، هي «العلاقات السياسية، والاستقرار الاقتصادي، والاستثمار، والتجارة، والهجرة والأمن».
وقال الأمين العام لوحدة الشراكة المصرية - الأوروبية السابق، مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومي، إن القمة تحمل أهمية كبيرة، خاصة أنها الأولى من نوعها ولم تحدث مع أي دولة بالبحر المتوسط من قبل، وتكشف عن أن هناك توجهاً لتعزيز المشاركة في مجالات عدّة مع مصر بشكل أكبر وأسرع.
وتوقع أن تخرج تلك القمة والزيارة بمزيد من الاستثمارات الأوروبية بمصر وزيادة فرص التعاون وتعزيز المشاركة بين الجانبين ورفع التبادل التجاري بينهما.
وفي مارس 2024، أعلن الجانب الأوروبي عن «حزمة دعم مالي لمصر في مجالات التجارة والاستثمار تقارب 8 مليارات يورو يجري توزيعها على مدار السنوات المقبلة»، وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في يناير (كانون الثاني) 2025، إن بلاده «تلقَّت شريحة أولى قيمتها مليار يورو، من حزمة تمويل من الاتحاد الأوروبي حجمها 7.4 مليار يورو».
وفي 20 مايو (أيار) الماضي، توصل ممثلو البرلمان الأوروبي وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق على تقديم قروض بقيمة 4 مليارات يورو (4.5 مليار دولار) لمصر؛ بهدف دعم اقتصادها وتعزيز التعاون في إطار شراكة استراتيجية.
وقال البرلمان الأوروبي في بيان صحافي: «صُرف قرض قصير الأجل بقيمة تصل إلى مليار يورو نهاية عام 2024، وسيجري الآن صرف قرض إضافي بقيمة تصل إلى 4 مليارات يورو». وأوضح أن القاهرة ستحصل على فترة سداد تمتد إلى 35 عاماً.
ويؤكد حجازي، أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التعاون بين الجانبين، لا سيما في الاستثمارات، مؤكداً أن حزمة التمويل والمساعدات الأوروبية التي تقدَّم لمصر تعبير عن إدراك لأهمية القاهرة بالمنطقة، وضرورة تأكيد دعم اقتصادها ومستقبلها.
وتوقع بيومي، الذي قاد مفاوضات مصر مع الاتحاد الأوروبي عام 2001 لتوقيع اتفاقية الشراكة، أن يكون للملف الاقتصادي أولوية وسط باقي الملفات، وأن يكتب النجاح له في ضوء الدعم الأوروبي المتواصل للقاهرة في ظل أزمات المنطقة.









