للمرّة الـ16... إسرائيل تضرب الحوثيين في صنعاء والجوف

الغارات طالت أهدافاً عسكرية ومحطة وقود ومقر الإعلام الحربي

دخان وألسنة لهب تصاعد إثر ضربة إسرائيلية على صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)
دخان وألسنة لهب تصاعد إثر ضربة إسرائيلية على صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)
TT

للمرّة الـ16... إسرائيل تضرب الحوثيين في صنعاء والجوف

دخان وألسنة لهب تصاعد إثر ضربة إسرائيلية على صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)
دخان وألسنة لهب تصاعد إثر ضربة إسرائيلية على صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)

شنّت إسرائيل الموجة الـ16 من ضرباتها الجوية على مواقع تابعة للجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران، الأربعاء، في خطوة تعكس إصرار تل أبيب على مواجهة تهديدات الجماعة المتحالفة مع إيران، التي كانت تبنت خلال الأيام الماضية سلسلة هجمات بصواريخ ومسيّرات على أهداف إسرائيلية.

وقال بيان للجيش الإسرائيلي إن مقاتلاته أغارت على «أهداف عسكرية لنظام الحوثي الإرهابي» في صنعاء والجوف، مشيراً إلى أن الغارات استهدفت معسكرات تضم غرف عمليات واستخبارات، ومقر دائرة الإعلام الحربي التابعة للجماعة الحوثية، إضافة إلى موقع لتخزين الوقود استُخدم في أنشطة عسكرية.

وفق البيان، فإن مديرية الإعلام العسكري الحوثية لعبت دوراً بارزاً في الدعاية والتحريض، عبر بث خطابات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وتصريحات المتحدث باسمها يحيى سريع، فضلاً عن إشرافها على «عمليات الحرب النفسية». وأضاف الجيش الإسرائيلي أن الضربات جاءت «رداً على تكرار الهجمات الحوثية بطائرات مسيّرة وصواريخ أرض - أرض ضد إسرائيل».

وشدد الجيش الإسرائيلي على أن عملياته لن تتوقف «ما دام الخطر قائماً»، مؤكداً أنه سيواصل «العمل بقوة ضد أي تهديد يستهدف مواطني إسرائيل، مهما بلغت المسافة». وأوضح البيان أن الجماعة الحوثية «تعمل بتوجيه وتمويل إيراني»، وتستغل المجال البحري الدولي لشن هجمات على السفن التجارية، في إطار ما وصفه بـ«المخططات الإرهابية» ضد إسرائيل وحلفائها.

ويرى محللون أن إسرائيل تسعى من خلال الضربات إلى كبح تنامي تهديد الحوثيين في وقت يواجه فيه جيشها تحديات ميدانية على جبهات أخرى في غزة ولبنان.

قتلى وجرحى

في المقابل، أفادت وسائل إعلام حوثية بأن الغارات الإسرائيلية خلّفت 35 قتيلا و131 مصاباً، في صنعاء والجوف، وألحقت أضراراً بمنازل في حي التحرير وسط المدينة.

كما أفادت قناة «المسيرة» التابعة للجماعة بأن محطة وقود «خاصة بالقطاع الصحي» في شارع الستين جنوب غرب صنعاء تعرّضت للقصف، إضافة إلى استهداف مقر التوجيه المعنوي في حي التحرير (الإعلام الحربي)، والمجمع الحكومي في مديرية الحزم بمحافظة الجوف ومقر البنك المركزي الخاضع للجماعة في المحافظة نفسها.

غارة إسرائيلية استهدفت مقر الإعلام الحربي الحوثي في صنعاء (رويترز)

من جهته، زعم المتحدث العسكري للجماعة يحيى سريع، في بيان على منصة «إكس»، أن الدفاعات الجوية «أطلقت عدداً من الصواريخ أرض - جو، وأجبرت بعض التشكيلات القتالية الإسرائيلية على المغادرة قبل تنفيذ هجماتها»، مدعياً أن «الجزء الأكبر من العدوان أُفشل».

وكان سريع قال في وقت سابق، الثلاثاء، إن العمليات العسكرية الحوثية «ستتواصل بوتيرة أعلى» انتقاماً للشعب الفلسطيني، مشيراً إلى تنفيذ عمليتين جديدتين استهدفتا «أهدافاً حساسة» في محيط القدس ومنطقة إيلات.

وذكر المتحدث الحوثي أن الهجوم شمل إطلاق صاروخ «فلسطين 2» الانشطاري متعدد الرؤوس، إلى جانب ثلاث مسيّرات هجومية أصابت مطار رامون وهدفين حيويين آخرين، وفق ادعائه.

وخلال الأيام الثلاثة الماضية نفذت الجماعة هجمات متواصلة بالطائرات المسيرة، وكان أخطرها سقوط إحدى المسيرات على صالة الوصول في مطار رامون الإسرائيلي، مع تسجيل إصابة واحدة على الأقل.

تصعيد مستمر

ويعود التصعيد المتواصل إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حين كثّف الحوثيون هجماتهم على إسرائيل والسفن المرتبطة بموانيها مستخدمين صواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيّرة.

وأسفرت تلك العمليات عن مقتل إسرائيلي واحد على الأقل، وغرق أربع سفن، ومصرع تسعة بحارة. وفي المقابل، ردّت تل أبيب ابتداء من 20 يوليو (تموز) بنحو 15 موجة من الغارات، كان أبرزها في 28 أغسطس (آب) الماضي حين قُتل رئيس حكومة الجماعة أحمد الرهوي وتسعة من وزرائه في ضربة مركزة على صنعاء.

الحوثيون تحدثوا عن سقوط قتلى وجرحى وتضرر منازل إثر الغارات الإسرائيلية (إكس)

وتعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بتصعيد العمليات ضد إسرائيل، واصفاً المواجهة بأنها «معركة مقدسة في كل المجالات»، فيما يرى مراقبون أن الجماعة تسعى لتعزيز موقعها الإقليمي عبر الظهور كقوة داعمة للمقاومة الفلسطينية، بينما تؤكد الحكومة اليمنية أن الحوثيين «ينفذون أجندة إيرانية» أدت إلى استدعاء الردود الإسرائيلية المدمّرة للبنية التحتية في مناطق سيطرتهم.

وفي حين تحاول إسرائيل تقليل أثر التهديد القادم من اليمن، لا ينكر مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن تحول الحوثيين إلى جبهة مواجهة جديدة على بُعد آلاف الكيلومترات يمثل خطراً استراتيجياً متنامياً، بخاصة وأن الجماعة لا تخفي نيتها تطوير أسلحة أكثر فاعلية في استهداف إسرائيل والملاحة الدولية.


مقالات ذات صلة

اختفاء كبار قادة الحوثيين في الذكرى السنوية لقتلاهم

العالم العربي الحوثيون شيدوا مئات المقابر لقتلاهم في مختلف مناطق سيطرتهم (إ.ب.أ)

اختفاء كبار قادة الحوثيين في الذكرى السنوية لقتلاهم

في حالة تعكس حالة من الذعر شهدت المناطق الخاضعة للحوثيين هذا العام غياباً كاملاً لقيادات الجماعة عن الفعاليات التي تنظمها بمناسبة الذكرى السنوية لقتلاها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أغلبية الموارد المالية الخاضعة للحوثيين تذهب لأعمال التعبئة والحشد والدعاية (إ.ب.أ)

الحوثيون يختصّون أتباعهم بالأموال... والفقراء خارج الحسابات

أنفق الحوثيون ما يعادل 56 مليون دولار ضمن مشروعات نقدية وصحية وتغذوية موجهة حصراً لأسر قتلاهم وجرحاهم في وقت يعيش فيه ملايين اليمنيين تحت وطأة الجوع.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)

القصف الإسرائيلي على صنعاء يدمّر 34 قطعة أثرية

أحدثت الغارات الإسرائيلية على العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء دماراً واسعاً في المتحف الوطني ما أدى إلى تلف عشرات القطع الأثرية وتصدع مبانيه التاريخية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي العليمي مجتمعاً مع رئيس الحكومة بن بريك ومحافظ البنك المركزي أحمد غالب (سبأ)

العليمي يشدد على التنفيذ الصارم للإصلاحات الاقتصادية

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، التزام بلاده بالمضي قدماً في تنفيذ قرار الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، وتعزيز الانضباط المالي والإداري

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي قادة حوثيون في بوابة مبنى مجلس القضاء الأعلى الذي تسيطر عليه الجماعة بصنعاء (إعلام حوثي)

اتهامات يمنية للحوثيين بهيكلة القضاء لتمكين المنتمين لسلالة زعيمهم

أقدم الحوثيون على إجراء تعيينات غير قانونية في السلك القضائي استعداداً لتصفيته من غير الموالين بإجراءات تقوض استقلاليته، وسط استنكار قانوني ودعوات لرقابة دولية.

وضاح الجليل (عدن)

الأمين العام لـ«حزب الله»: لبنان لن يستقر مع استمرار هجمات إسرائيل وضغط واشنطن

الأمين العام لـ«حزب الله»: لبنان لن يستقر مع استمرار هجمات إسرائيل وضغط واشنطن
TT

الأمين العام لـ«حزب الله»: لبنان لن يستقر مع استمرار هجمات إسرائيل وضغط واشنطن

الأمين العام لـ«حزب الله»: لبنان لن يستقر مع استمرار هجمات إسرائيل وضغط واشنطن

أكد الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، الثلاثاء، أن لبنان «لن يستقر مع استمرار هجمات إسرائيل وضغط واشنطن». ورفض «استبدال الاتفاق مع إسرائيل بآخَر له شروط جديدة». واستدرك بقوله: «إذا نفّذت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار (وُقّع قبل سنة) فكل السُّبل مفتوحة لنقاش داخلي لبناني على أساس من الإيجابية والتعاون».

وتحدّث الأمين العام لـ⁧«حزب الله‬»⁩ الشيخ ⁧نعيم قاسم‬⁩، لأول مرة، عن أنه «لا خطر على أمن المستوطنات». وأضاف أن «إسرائيل لم تخرج من لبنان بالمفاوضات ولا بالسياسة، بل خرجت، من دون قيدٍ أو شرط، بفعل المقاومة».

وعن الحرب الأخيرة قال: «قدّمنا في معركة (أُولي البأس) تضحيات كبيرة، ومنعنا إسرائيل من تحقيق أهدافها، ووقفنا حاجزاً أمام الاجتياح الإسرائيلي».

وأكد أن «وجود الجيش اللبناني في الجنوب ربحٌ لنا، والمقاومة كانت تنوب عن الدولة لمدة 42 عاماً». ورأى أن «إسرائيل خسرت لأنها لم تحقق أهدافها من العدوان، وعليها، وفق اتفاق وقف إطلاق النار، الانسحاب من جنوب لبنان».

ولفت إلى أن «أميركا وإسرائيل تَعتبران أن الاتفاق يعطي لبنان مكاسب، وأنه إذا خرجت إسرائيل من لبنان فسيستعيد سيادته، ولذلك يجري الضغط على الحكومة من أجل تنازلات». وانتقد الحكومة اللبنانية بقوله إنها «لم ترَ من البيان الوزاري إلا نزع سلاح المقاومة... ولماذا لا تضع خطة زمنية لاستعادة السيادة الوطنية وتطلب من القوى الأمنية تطبيقها؟!».

وأضاف أن المبعوث الأميركي «توم برّاك صرّح بالعلن بأنه يريد تسليح الجيش اللبناني ليواجه شعبه المقاوم فكيف ترتضي الحكومة ذلك؟!».

وجزَم بأن «العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمرّ، ولكل شيءٍ حدّ... نحن في (حزب الله) نقول إن اتفاق وقف إطلاق النار هو حصراً لجنوب (نهر) الليطاني، وعلى إسرائيل الخروج من لبنان وإطلاق سراح الأسرى».

وبعباراتٍ تدعو إلى التهدئة، قال: «لا خطر على المستوطنات الشمالية»؛ أي تلك القائمة قبالة الحدود الجنوبية اللبنانية.


أبو الغيط يطالب بقرارٍ أممي للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
TT

أبو الغيط يطالب بقرارٍ أممي للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الثلاثاء، أهمية استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، كما شدد على ضرورة مواصلة الضغوط على إسرائيل لرفع القيود لمعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في القطاع.

ونقل المتحدث باسم أبو الغيط، جمال رشدي، عن الأمين العام للجامعة تأكيده أن «تثبيت وقف إطلاق النار يقتضي مواصلة الضغوط على قوة الاحتلال لرفع القيود التعسفية، وبما يسمح بمعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة منذ عامين».

وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد أيضاً نقاشاً معمقاً حول أهمية استصدار قرار من مجلس الأمن يسمح بالانتقال للمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن غزة بما يمكّن الأطراف من التعاون بروح بنّاءة.

وتابع: «القرار المزمع له أهمية كبيرة في تحديد تفويض القوة الدولية التي سيجري تشكيلها، حيث سيحدد الإطار القانوني الناظم لمهامّها وصلاحياتها».

وأضاف أنه يتعين أن يستند القرار أيضاً للمرجعيات المُجمع عليها دولياً في شأن عملية السلام، وبما يعكس الوحدة السياسية لكل من غزة والضفة الغربية، بوصفهما إقليماً واحداً للدولة الفلسطينية، «الأمر الذي يقتضي كذلك دوراً واضحاً للسلطة الفلسطينية في أي تصور مستقبلي لإدارة القطاع».


اختفاء كبار قادة الحوثيين في الذكرى السنوية لقتلاهم

زعيم الحوثيين اكتفى بخطاب مسجل في الذكرى السنوية لقتلى جماعته (إعلام محلي)
زعيم الحوثيين اكتفى بخطاب مسجل في الذكرى السنوية لقتلى جماعته (إعلام محلي)
TT

اختفاء كبار قادة الحوثيين في الذكرى السنوية لقتلاهم

زعيم الحوثيين اكتفى بخطاب مسجل في الذكرى السنوية لقتلى جماعته (إعلام محلي)
زعيم الحوثيين اكتفى بخطاب مسجل في الذكرى السنوية لقتلى جماعته (إعلام محلي)

خلافاً لما كان عليه الأمر طوال السنوات الماضية، شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية هذا العام غياباً كاملاً لقيادات الجماعة عن الفعاليات التي تنظمها بمناسبة الذكرى السنوية لقتلاها، وهو ما يعكس حالة الذعر والقلق الأمني التي تسيطر على صفوفها عقب الضربات الإسرائيلية التي استهدفت عدداً من أبرز القادة.

فعلى مدى عقدين، دأب الحوثيون على استغلال هذه المناسبة التي يطلقون عليها «أسبوع الشهيد» وتحويلها إلى مهرجان تعبوي لترويج أفكارهم واستقطاب مزيد من الأنصار، ولا سيما بعد انقلابهم على الحكومة الشرعية في نهاية عام 2014.

وفي حين كانت قيادات الصف الأول تظهر في تلك الاحتفالات بخطب حماسية ومسيرات جماهيرية ضخمة، غير أن هذا العام اكتفت الجماعة ببث خطابٍ مسجلٍ لزعيمها عبد الملك الحوثي عبر قناة «المسيرة»، دون حضور أي من قادتها المعروفين.

الحوثيون شيدوا مئات المقابر لقتلاهم في مختلف مناطق سيطرتهم (إ.ب.أ)

وكان المشهد الأبرز في الفعالية المركزية التي نظمتها الجماعة في الكهف الجبلي المعروف باسم «جرف سلمان»، وهو الموقع الذي قُتل فيه مؤسس الجماعة حسين الحوثي، حيث غابت القيادات البارزة عن المكان، واكتفت القناة الحوثية ببث تقرير مصور يظهر مجموعة من المراهقين والأطفال وهم يرددون شعارات الثورة الإيرانية.

كما غابت الزيارات السنوية التي كان ينظمها قادة الجماعة لمقابر القتلى الحوثيين في صعدة وصنعاء ومناطق أخرى، وهو ما فُسّر بأنه إجراء احترازي خشية الاستهداف.

الخوف من الرصد

وبحسب مصادر سياسية في صنعاء، فإن قرار اختفاء القيادات جاء بعد مقتل رئيس حكومة الحوثيين وتسعة من أعضائها في غارة إسرائيلية دقيقة أواخر أغسطس (آب) الماضي، إذ أعقب ذلك إجراءات أمنية مشددة وتوجيهات سرية بنقل مواقع إقامة كبار القادة إلى أماكن مجهولة، وتغيير وسائل الاتصال والمرافقين.

ولا يزال وزيرا الدفاع والداخلية في حكومة الحوثيين متواريين عن الأنظار منذ تلك الضربة، في حين تم تفويض شخصيات مدنية لا تمتلك نفوذاً فعلياً لتمثيل الجماعة في المناسبات الرسمية، من بينهم عبد العزيز بن حبتور، رئيس الحكومة السابق، الذي يوصف بأنه منزوع الصلاحيات.

الحوثيون عرضوا نماذج للمراهقين الذين قتلوا في حروبهم (إعلام محلي)

ويقول مراقبون إن هذا التحول يعكس اختراقاً أمنياً غير مسبوق داخل المنظومة الحوثية، حيث لا تزال الجماعة عاجزة عن معرفة كيفية تنفيذ تلك الضربة التي استهدفت حكومتها، رغم التحقيقات الواسعة التي أجرتها منذ ذلك الحين.

وقد دفعها ذلك إلى شن حملة اعتقالات واسعة في صفوف موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، موجهة إليهم اتهامات بالتورط في عملية الاستهداف، وهي تهم نفتها الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية بشكل قاطع.

تجنيد الأطفال

وفي الوقت الذي اختفى فيه كبار القادة عن الأنظار، حرصت الجماعة الحوثية على استغلال المناسبة لتكثيف جهودها في تجنيد الأطفال والمراهقين، من خلال فعاليات رمزية تمجد «الشهداء الصغار» الذين قتلوا في جبهات القتال. إذ نظمت الجماعة زيارات مدرسية إلى مقابر مقاتليها، وقدمت عروضاً مصورة لأطفال ومراهقين قضوا في الحرب، مقدّمة إياهم بوصفهم نماذج للبطولة والتضحية.

وتحدث شهود في صنعاء وذمار عن حملات تعبئة جديدة تستهدف طلاب المدارس، تدعوهم إلى الالتحاق بمعسكرات التدريب، وتصف ذلك بأنه «واجب ديني وجهاد مقدس».

كما بثت القنوات التابعة للجماعة مشاهد دعائية تُظهر مقاتلين صغاراً وهم يتدربون على السلاح، في محاولة لتجنيد أكبر عدد من الأطفال لتعويض الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها الجماعة في الأشهر الأخيرة.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال خلال السنوات الماضية (إ.ب.أ)

وصف وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، المشاهد التي بثها الإعلام الحوثي بأنها صادمة ومؤلمة، عادّاً أنها تكشف طبيعة الجماعة التي «تتبادل الضحكات بين صور الأطفال الذين زجت بهم وقوداً لحروبها العبثية».

وقال الإرياني إن ما يحدث يمثل «أبشع صور الاستغلال الطفولي والانحدار الأخلاقي»، ويعكس انعدام التقدير لمن قتلوا دفاعاً عن مشروع الجماعة الطائفي.

وأشار الوزير إلى أن الحوثيين يحاولون إعادة تدوير الخطاب العقائدي عبر استثارة المشاعر الدينية والمظلومية التاريخية، في حين أنهم في الواقع يسعون إلى تعويض خسائرهم في الجبهات بعد ازدياد الانشقاقات والتمردات داخل صفوفهم، لافتاً إلى أن استمرار عمليات التجنيد الإجباري للأطفال يُشكل جريمة حرب تستدعي موقفاً حازماً من المجتمع الدولي.

محاكمات دعائية

وفي خطوة وُصفت بأنها محاولة لصرف الأنظار عن الاختراقات الأمنية التي تعرّضت لها، أعلنت الجماعة الحوثية هذا الأسبوع بدء محاكمة 21 شخصاً بتهمة الانتماء إلى ما قالت إنها «شبكة تجسسية تعمل لصالح المخابرات الأميركية والإسرائيلية والبريطانية».

وقالت وسائل الإعلام التابعة للجماعة إن المحكمة الجزائية المتخصصة عقدت جلستين منفصلتين برئاسة القاضيين يحيى المنصور وربيع الزبير، وبحضور ممثلين عن النيابة، تم خلالهما تلاوة قرارات الاتهام ومواجهة المتهمين بأدلة زعمت الجماعة أنها «دامغة».

وادعت النيابة الحوثية أن المتهمين عملوا ضمن «غرفة عمليات مشتركة»، وتلقوا تدريبات على استخدام تطبيقات مشفرة وكاميرات سرية، ونفذوا عمليات مراقبة لمواقع عسكرية وأمنية ومدنية في صنعاء وعدة محافظات.

مصرع أهم قادة الجناح العسكري للحوثيين أثار الذعر في صفوف الجماعة (إعلام محلي)

مصادر سياسية وأمنية يمنية استبعدت صحة هذه المزاعم، وعدّت أن الإعلان الحوثي الجديد جزء من حملة دعائية تهدف إلى ترميم صورة الجماعة بعد سلسلة من الضربات الجوية الدقيقة التي استهدفت مواقع حساسة في صعدة وصنعاء خلال الأشهر الماضية، وأدت إلى مقتل قيادات بارزة وتدمير مخابئ سرية.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الضربات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة، التي طالت مواقع عسكرية ومخازن أسلحة، «أصابت الجهاز الأمني الحوثي بارتباك غير مسبوق»، وأثارت تساؤلات بين صفوف أنصار الجماعة حول قدرة قيادتها على حماية نفسها.

وأضافت المصادر أن ما تُسمى «محاكمة الجواسيس» تأتي في هذا السياق «لاستعادة ثقة الأتباع عبر مشهد قضائي مصطنع يُظهر الجماعة كمن تسيطر وتكتشف وتنتقم».

يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها الجماعة إلى مثل هذا الأسلوب الدعائي؛ إذ اعتادت على ترويج قضايا «تجسس» و«عمالة» بعد كل ضربة تتلقاها أو عند مقتل أحد قادتها.