وسط تفاعل واسع أثارته واقعة تصدي أمن بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة بنيويورك، لمحتجين، بإدخالهم في مقر البعثة، قبل تسليمهم للشرطة الأميركية، أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، أن «أفراد البعثة التزموا بالقوانين، ولم يقوموا بضبط أشخاص من الشارع دون سبب، بل إن هؤلاء الأشخاص هم من حضروا لمقر البعثة، واعتدوا عليها بمحاولة إغلاق مقرها وتعطيل عملها».
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، تداول مقطع فيديو على نطاق واسع يظهر فيه أفراد أمن البعثة الدبلوماسية المصرية في نيويورك يتصدون لمحتجين حاولوا «اقتحام مقرها»، بدعوى «مسؤولية مصر عن حصار وتجويع أهالي غزة»، ويظهر في الفيديو أفراد أمن البعثة يجرون اثنين من الشباب إلى داخل المبنى الموجودة به البعثة، بينما يصرخ الشابان، قبل أن تحضر الشرطة الأميركية وتتسلمهما من داخل مبنى البعثة.
وشدد المصدر على أن «أمن البعثة لم يعتد على هؤلاء الأشخاص بل تحفظ عليهم، وتم إبلاغ الشرطة الأميركية التي حضرت وتسلمتهم وفق المعمول به من قوانين».
وأوضح المصدر أن «مقر البعثة بالطابق الأول في مبنى يضم مصالح أخرى، ودخول الشرطة كان لمدخل المبنى، وليس إلى داخل مقر البعثة، فضلاً أن كل شيء كان بالتنسيق بين السلطات المصرية والأميركية».
تحية لرجال وأبطال البعثة المصرية فى نيويورك ممن تصدوا لعنصرين إرهابيين من تنظيم الإخوان الصهيونى وهما يحاولان التعدى على مقر البعثة الدبلوماسية وتم القبض عليهما والتعامل مع الإرهابيين المنتمين لعصابة الماسونى حسن الساعاتى بالواجب الذى يستحقانه ويستحقه من يتعدى على سور أى سفارة أو...
— أحمد موسى - Ahmed Mousa (@ahmeda_mousa) August 21, 2025
وأثار الفيديو حالة كبيرة من الجدل، فبينما أشاد مؤيدون وإعلاميون مصريون بما فعله أمن البعثة المصرية، «وأن ذلك هو النهج الذي يجب اتباعه مع مثل هذه التصرفات التي لا تأتي لخدمة فلسطين أو غزة، وإنما خطة من جماعة الإخوان ضد مصر»، رأى آخرون أن مثل ذلك يمكن أن «يفسر بأنه عنف غير مطلوب».
توضيح مهم:وفقًاً للمادة 22 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لا يحق للشرطة المحلية دخول أي مقر ديبلوماسي أجنبي إلا بطلب أو موافقة البعثة ذاتها،لذلك طبقاً للفيديو المرفق فإن البعثة المصرية بنيويورك هي من طلبت الشرطة وسمحت لها بالدخول لإعتقال الشخصين ومن ثم التحقيق معهما. pic.twitter.com/IrVL1x62UR
— عبدالواحد عاشور (@AA_Ashour) August 21, 2025
وفي فيدو مسرب - لم يتم تأكيده - منسوب إلى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأسبوع الماضي، أعطى الوزير تعليمات للسفراء والبعثات الدبلوماسية المصرية بالخارج «بضبط أي معتد على مقارها والتعامل معه بقوة لحين حضور شرطة البلد وتسلمه»، ثم ظهر في لقاء تلفزيوني وأكد أن مصر «ستتعامل بالمثل مع سفارات الدول التي تقصر في حماية البعثات المصرية».
وتعرضت سفارات وبعثات مصرية بالخارج لاحتجاجات واعتداءات بدأت في هولندا حينما قام شاب مصري بإغلاق أبواب السفارة، بدعوى أن ذلك «مثل ما تفعله مصر بإغلاق معبر رفح ومنع المساعدات عن الفلسطينيين»، وهي التصرفات التي أدانتها مصر بشدة، ووصفتها بأنها «حملة إخوانية ممنهجة تستهدف الإساءة لدورها التاريخي في القضية الفلسطينية، وصرف الانتباه عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة».

المحلل السياسي المقيم بواشنطن، سعيد البستاني، قال إن «اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961 تقر بأن حماية البعثات الدبلوماسية هي مسؤولية الدولة المستضيفة، لكن يبقى أن لأمن البعثات الدبلوماسية الحق في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أفرادها وممتلكاتها من أي اعتداء مباشر أو تخريب، ما دامت هذه التدابير لا تخالف الاتفاقيات الدولية أو تخرق قوانين الدولة المستضيفة».
من جانبه، قال المحلل السياسي المصري المتخصص في الشؤون الأميركية المقيم بنيويورك، محمد السطوحي، إن «البعثة المصرية بنيويورك لها دور واحد فقط في المبنى الموجودة به، وهذه تفصيلة مهمة في المشهد».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «بشكل عام، فالغضب مما يحدث أمام بعض السفارات والقنصليات المصرية في الخارج لا ينبغي أن يجر البعثات لتصرفات خشنة تضر بصورة مصر، وقد تؤدي إلى زيادة عدد المتظاهرين... وإلى التصعيد في المواجهة مع بعض الدول التي تستضيفها».
تجدر الإشارة كذلك إلى أن مصريين نظموا مظاهرة احتجاجية، الثلاثاء، أمام السفارة الهولندية بالقاهرة، رداً على الاعتداء الذي تعرضت له السفارة المصرية بهولندا، وأدانوا «تقصير السلطات الهولندية في حماية البعثة المصرية»، ورددوا هتافات تطالب هولندا بتسليم عناصر الإخوان «الإرهابيين» الموجودين على أرضها.
المصريون يتظاهرون أمام سفارة هولندا بالقاهرة، يهتفون غضبًا ويطالبون بتسليم عناصر الإخوان المتورطين، رسالة حازمة لرفض أي دعم للتطرف على أرض مصر.#مصر_دوله_قويه_لاتمس pic.twitter.com/Ip0LE5ZuYv
— المقاتلة العنيـــدة (@jwry_shry) August 19, 2025
وجاء ذلك بعد ساعات من تلقي وزير الخارجية المصري اتصالاً من نظيره الهولندي كاسبر فيلدكامب، حيث عبر عبد العاطي عن استياء مصر وإدانتها لما تعرضت له سفارتها من اعتداء في هولندا، وتقصير السلطات الهولندية في حمايتها، فيما رد الأخير بـ«التأسف لهذا الأمر، وأنه تحدث مع السلطات المعنية لتكثيف الحماية على السفارة المصرية».
وتعليقاً على هذا الأمر، قال سعيد البستاني إن «المظاهرة أمام السفارة الهولندية بمصر تأتي رداً على الاعتداء الذي تعرضت له السفارة المصرية في هولندا... لكن الشيء الواضح والمؤكد أن المظاهرة أمام السفارة الهولندية بمصر لم يسجل فيها أي اعتداء على مقر السفارة أو خرق للقوانين المحلية أو الدولية».







