أوسع موجة عقوبات أميركية تضرب عصب الاقتصاد الحوثي

شملت 4 أفراد و12 كياناً وسفينتَيْن لتوريد النفط

حشد للحوثيين في أكبر ميادين صنعاء استجابة لدعوة زعيمهم عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
حشد للحوثيين في أكبر ميادين صنعاء استجابة لدعوة زعيمهم عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
TT

أوسع موجة عقوبات أميركية تضرب عصب الاقتصاد الحوثي

حشد للحوثيين في أكبر ميادين صنعاء استجابة لدعوة زعيمهم عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
حشد للحوثيين في أكبر ميادين صنعاء استجابة لدعوة زعيمهم عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)

في خطوة وُصفت بأنها الأوسع منذ إدراج الولايات المتحدة الجماعة الحوثية على قوائم الإرهاب، فرضت واشنطن حزمة عقوبات جديدة استهدفت شبكة تمويل وتهريب ضخمة مرتبطة بالجماعة المدعومة من إيران، تشمل أربعة أفراد واثني عشر كياناً وسفينتَيْن.

وتأتي العقوبات ضمن سلسلة إجراءات متصاعدة تهدف إلى تجفيف منابع تمويل الجماعة، والحد من قدرتها على تهديد الملاحة الدولية وأمن اليمن والمنطقة، وفق ما أعلنته وزارة الخزانة الأميركية في بيان رسمي.

وأوضح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية أن الحزمة الأخيرة تمثّل «أكبر إجراء منفرد حتى الآن» ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها استهدفت شبكة واسعة من الشركات الوهمية وميسرين ماليين ومشغلي سفن، قاموا بعمليات بيع وتهريب نفط وسلع غير مشروعة، يتم استخدامها لتمويل الحوثيين ودعم أنشطتهم العسكرية.

وقال نائب وزير الخزانة مايكل فولكندر، إن الحوثيين «يعتمدون على شبكة من الشركات الوهمية والميسرين الموثوقين لتوليد الإيرادات سراً، وشراء مكونات الأسلحة، وتوسيع حكمهم القمعي بالتعاون مع النظام الإيراني».

ضربات أميركية سابقة دمرت مستودعات النفط الحوثية في ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

ويرى محللون أن التنسيق الأميركي المتصاعد مع الحكومة اليمنية والتحالف الإقليمي يعكس تحوّلاً واضحاً في استراتيجية الردع؛ من الاكتفاء بالتصريحات إلى فرض ضغوط اقتصادية مباشرة قد تؤثر في قدرة الجماعة على تمويل عملياتها.

وتمثّل هذه الحزمة من العقوبات تصعيداً نوعياً في الضغط على جماعة الحوثي، وتضع الاقتصاد السري الذي تديره الجماعة تحت المجهر الدولي، وسط دعوات متزايدة إلى تحالف دولي أشمل لمواجهة الخطر الذي تمثّله على الأمن الإقليمي والممرات الملاحية الدولية.

الكيانات المستهدفة

من أبرز الكيانات المستهدفة بالعقوبات شركة «بلاك دايموند» للمشتقات النفطية (مقرّها صنعاء)، وهي مرتبطة مباشرة بالمتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، وتهرّب النفط الإيراني لصالح الجماعة.

وكذلك شركة «ستار بلس اليمن» (مقرّها الحديدة)، وتعمل وسيطاً لتسهيل صفقات بيع النفط وشراء المكونات العسكرية ثنائية الاستخدام، وشركة «تامكو» لمشتقات النفط (مقرّها صنعاء)، وتُستخدم لإخفاء هوية المستفيدين النهائيين من واردات النفط.

كما شملت العقوبات شركة «رويال بلس» (مقرّها صنعاء)؛ حيث أدارت تحويلات مالية لشراء محركات طائرات مسيّرة من إيران وروسيا، إلى جانب شركة «أبوت» للشحن والخدمات اللوجيستية، ويديرها علي أحمد دغسان وشريكه دغسان أحمد دغسان، وتُستخدم لتمويل الهجمات وشراء الأسلحة.

مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وضمّت قائمة العقوبات الأميركية شركات أخرى منها: «غازولين أمان»، و«الزهراء»، و«يمن إيلاف»، و«العسيلي»، إلى جانب مدير مواني الحديدة والصليف، زيد الوشلي، الذي صُنّف بوصفه شخصاً يعمل نيابة عن الجماعة، ويُنسّق تهريب الأسلحة ومكونات الطائرات المسيّرة.

وفي تطور لافت، طالت العقوبات الأميركية ثلاث سفن وشركاتها المالكة، بسبب استمرارها في تفريغ منتجات نفطية في مواني الحوثيين، رغم انتهاء الترخيص الأميركي الذي كان يسمح مؤقتاً بتلك الأنشطة حتى يوم الرابع من أبريل (نيسان) الماضي.

وذكر بيان الخزانة الأميركية أن العقوبات شملت السفينة «Valente»، المرتبطة بشركة Best Way Tanker Corp، بعد أن أفرغت أكثر من 60 ألف طن متري من البنزين في رأس عيسى.

كما شملت السفينة Atlantis MZ، المرتبطة بشركة Atlantis M» Shipping Co»، التي كانت تفرّغ الحمولة حتى يونيو (حزيران) 2025.

وطالت العقوبات السفينة «Sara»، وكان الاسم السابق لها Tulip BZ، وكانت قد نقلت غاز البترول المسال لصالح الحوثيين رغم انتهاء صلاحية التصريح.

وعدّت وزارة الخزانة الأميركية أن استمرار هذه الأنشطة يمثّل «خرقاً مباشراً للعقوبات، ويعرّض أطقم السفن للخطر الأمني»، لا سيما في ظل تزايد الهجمات البحرية الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن.

ترحيب حكومي

رحّبت الحكومة اليمنية بهذه الخطوة الأميركية، وعدّتها «الأكثر تأثيراً» في إطار الضغط الدولي على الجماعة الحوثية.

وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، إن هذه العقوبات تمثّل «خطوة بالغة الأهمية نحو كبح أنشطة الحوثيين في البحر الأحمر وباب المندب، وتفكيك شبكاتهم المالية والاقتصادية».

وأضاف الإرياني أن الإجراءات الجديدة كشفت بوضوح عن «الاقتصاد الموازي» الذي أسّسته الجماعة لتمويل حربها، من خلال استغلال المواني والمعونات وفرض الجبايات والاحتكار.

وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني (سبأ)

وشدد على أن الحظر لا يهدف فقط إلى العقوبة، بل أيضاً إلى تقويض قدرة الجماعة على الاستمرار في تهديد الاستقرار المحلي والإقليمي.

ودعا الوزير اليمني شركاء بلاده في المجتمع الدولي، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، إلى اتخاذ خطوات مماثلة في تجميد أصول الحوثيين وشبكاتهم، وملاحقة الشركات والأفراد المتعاونين معهم داخل اليمن وخارجه وإدانة أنشطة إيران في دعم الجماعة مادياً ولوجيستياً.

يُشار إلى أن العقوبات الجديدة تُضاف إلى سلسلة إجراءات سابقة صدرت منذ مطلع عام 2024، حيث صنّفت «الخارجية» الأميركية الحوثيين في فبراير بصفتهم «إرهابيين عالميين محددين بشكل خاص» ثم أعادت تصنيفهم «منظمة إرهابية أجنبية» في مارس (آذار) 2025.

حرائق على متن ناقلة هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر العام الماضي (مهمة أسبيدس الأوروبية)

ومنذ ذلك الحين، اتخذت واشنطن 7 خطوات عقابية رئيسية، استهدفت قادة الجماعة وشبكات شراء الأسلحة ونقل الأموال.

وتؤكد هذه الخطوات -حسب مراقبين- أن واشنطن باتت ترى في الجماعة الحوثية خطراً إقليمياً يتجاوز حدود اليمن، خصوصاً في ظل هجماتها على السفن التجارية، وتهديداتها المتكررة بإغلاق مضيق باب المندب، ومحاولاتها توسيع نفوذها عبر الدعم الإيراني.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.