موظفو المنظمات معزولون عن العالم في معتقلات الحوثيين للعام الثاني

الجماعة سمحت باتصالات محدودة لبعض المحتجزين

الجهود الأممية كلها فشلت في إرغام الحوثيين على إطلاق موظفي الإغاثة (إعلام محلي)
الجهود الأممية كلها فشلت في إرغام الحوثيين على إطلاق موظفي الإغاثة (إعلام محلي)
TT

موظفو المنظمات معزولون عن العالم في معتقلات الحوثيين للعام الثاني

الجهود الأممية كلها فشلت في إرغام الحوثيين على إطلاق موظفي الإغاثة (إعلام محلي)
الجهود الأممية كلها فشلت في إرغام الحوثيين على إطلاق موظفي الإغاثة (إعلام محلي)

للعام الثاني على التوالي، يواصل الحوثيون في اليمن اعتقال العشرات من العاملين في المنظمات الإغاثية الدولية والأممية والمحلية، ويعزلونهم عن أسرهم والعالم الخارجي، متجاهلين كل النداءات لإطلاق سراحهم، رغم تراجعهم عن قرار محاكمة المجموعة الأولى من هؤلاء المعتقلين.

ووفق ما أفادت به أسر مجموعة من المعتقلين، فإنه ومع انقضاء عام كامل على حملة الاعتقالات، فإن أقاربهم لا يزالون لدى مخابرات الحوثيين دون أن يعرفوا أماكن احتجازهم، ولا التهم الموجَّهة إليهم، ولم يُسمَح لهذه الأسر بزيارتهم.

وذكرت المصادر أنه ونتيجة للضغوط الدولية، سُمِح للمعتقَلين بإجراء 4 اتصالات هاتفية مع أسرهم طوال العام الماضي بأكمله، ولم تتجاوز مدة كل مكالمة 5 دقائق.

ومع استنكار هذه الأسر الظلمَ الذي وقع على أقاربهم لمجرد أنهم عملوا مع منظمات دولية أو بعثة دبلوماسية قبل عقد من الزمن، فإنها أبدت حالةً من اليأس بإمكانية استجابة زعيم الحوثيين للمناشدات.

الحوثيون يواصلون تجنيد المراهقين والتحريض على عمال المنظمات الإغاثية (إعلام محلي)

ورأى أقارب المعتقلين أن الضغوط، من قبل الدول الفاعلة، على حلفاء الحوثيين يمكن أن تنهي معاناة المحتجزين. وذكروا لـ«الشرق الأوسط» أن قرار تأجيل إحالة دفعة أولى من المعتقلين إلى المحاكمة لا يعني انتهاء المخاوف من العودة لهذا السلوك، الذي اتُّبع مع كل مَن يُشكّ في ولائه، وصدر بحقه حكم بالإعدام.

دعوة دولية

وسط هذه المعاناة، دعت منظمتا «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» الحوثيين إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء الموظفين الذين احتُجزوا تعسفاً منذ أكثر من عام.

وأكدت المنظمتان أن موجة الاعتقالات الجماعية التي بدأها الحوثيون في 31 مايو (أيار) عام 2024، واستُؤنفت في مطلع العام الحالي وشملت 13 موظفاً أممياً وأكثر من 50 من العاملين في المنظمات غير الحكومية، تسبَّبت في شلل جزئي للعمليات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وأكدت منظمة «العفو الدولية» أن معظم المعتقلين محتجزون في ظروف غير إنسانية، دون السماح لهم بالتواصل مع محامين أو عائلاتهم، ودون توجيه تهم رسمية. كما تم توثيق وفاة أحد موظفي «برنامج الأغذية العالمي» في فبراير (شباط) الماضي في المعتقل، وهو ما أثار مخاوف بشأن سلامة باقي المحتجزين.

وبحسب ديالا حيدر، الباحثة في شؤون اليمن لدى المنظمة، فإن احتجاز هؤلاء الأشخاص لمجرد قيامهم بعملهم الإنساني والحقوقي أمر مروّع، وكان يجب ألا يُعتَقلوا أصلاً.

توزيع المساعدات الإنسانية تأثر بحملة الاعتقالات لكن الحوثيين تجاهلوا ذلك (الأمم المتحدة)

من جهتها، ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن الحوثيين يحتجزون موظفين محليين لدى مفوضية حقوق الإنسان واليونيسكو منذ عامي 2021 و2023، إلى جانب عاملين آخرين في منظمات دولية، بعضهم توفي في أثناء احتجازه، مثل هشام الحكيمي، مسؤول الأمن والسلامة في منظمة «إنقاذ الطفولة» الذي توفي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023.

المنظمتان دعتا المجتمع الدولي، وفي الطليعة الأمم المتحدة والدول ذات النفوذ على الحوثيين، إلى تكثيف الضغوط للإفراج عن المحتجزين، وتمكينهم من أداء مهامهم في تقديم المساعدات الضرورية وسط أزمة إنسانية متفاقمة.

ضغوط أممية

في سياق الضغوط، علقت الأمم المتحدة في فبراير الماضي، جميع أنشطتها في محافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للحوثيين؛ احتجاجاً على احتجاز 6 من موظفيها هناك. وتزامنت الاعتقالات مع حملة إعلامية للحوثيين اتهموا فيها العاملين في المنظمات الإنسانية بـ«التآمر» و«التجسس»، في سياق وصف من قبل المنظمات الحقوقية بأنهم وسَّعوا من التضييق على الحريات المدنية التي تعيشها مناطق سيطرتهم.

وأخيراً أنهى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى مسقط التقى خلالها كبار المسؤولين العمانيين، وأعضاء من قيادة الحوثيين، وممثلين عن السلك الدبلوماسي، بمَن فيهم مسؤولون إيرانيون كبار.

وقال غروندبرغ، في بيان وزَّعه مكتبه، إن المناقشات ركزت على وقف العمليات العدائية بين الولايات المتحدة والحوثيين، والحاجة إلى ترجمة ذلك إلى تقدم مستدام يعود بالنفع على اليمنيين جميعاً، ويشمل ضمانات للمنطقة والمجتمع الدولي.

وأوضح المبعوث الأممي أنه وخلال جميع لقاءاته، دعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية المحتجزين تعسفاً من قبل الحوثيين.

وأكد غروندبرغ أن احتجاز موظفي المنظمات المطول ليس فقط غير مبرَّر، بل يقوِّض قدرة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على تقديم الدعم الإنساني لملايين اليمنيين. وفق ما جاء في البيان.


مقالات ذات صلة

«الخارجية» اليمنية: التسليح الإيراني للحوثيين يعرقل السلام ويطيل الصراع

خاص مصطفى نعمان يتوسط وفد البعثة الأوروبية الذي زار العاصمة المؤقتة عدن أخيراً (سبأ)

«الخارجية» اليمنية: التسليح الإيراني للحوثيين يعرقل السلام ويطيل الصراع

انتقد مسؤول يمني رفيع السياسات الإيرانية العدائية ضد الشعب اليمني، والإصرار على تسليح الحوثيين، مما يطيل أمد النزاع في البلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص كمية من الصواريخ المصادرة ضمن الشحنة الإيرانية التي كانت في طريقها للحوثيين (السفارة الأميركية في اليمن)

خاص ماذا يعني ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية في طريقها للحوثيين؟

ما دلالات نجاح قوات خفر السواحل اليمنية التابعة للمقاومة الوطنية في ضبط نحو 750 طناً من الأسلحة الإيرانية المتطورة كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين الإرهابية؟

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صورة للسفينة المضبوطة نشرها الإعلام العسكري لقوات المقاومة الوطنية اليمنية

«صفعة بحرية» للحوثيين بعد ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية

وجَّهت قوات المقاومة اليمنية «صفعة» بحرية للحوثيين بعد ضبطها شحنة أسلحة إيرانية «ضخمة»، إثر عملية وُصِفت بأنها الأكبر في تاريخ إحباط الأسلحة الإيرانية للجماعة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

اليمن يعلن إحباط خطط حوثية لاغتيال المبعوث الأممي غروندبرغ

أعلنت الحكومة اليمنية إحباطها خلال الأسابيع الأخيرة خططاً لاغتيال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عبر واحدة من أخطر الخلايا الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي بعد تشديد الإجراءات الأمنية على سواحل تعز ولحج انتقل نشاط تهريب المهاجرين شرقاً (إعلام حكومي)

السلطات اليمنية تحذر من تأثيرات تدفق المهاجرين الأفارقة

تواجه السلطات في محافظة شبوة مخاطر ازدياد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين بعد أن أُغلقت السواحل الغربية لليمن أمام المهربين ما يفرض عليها تحديات أمنية وصحية

محمد ناصر (تعز)

الحوثيون يهاجمون وإسرائيل تنشد تحالفاً أميركياً

إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
TT

الحوثيون يهاجمون وإسرائيل تنشد تحالفاً أميركياً

إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

أعلنت الجماعة الحوثية، الجمعة، استهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع (فلسطين 2)، في حين تقدمت إسرائيل بطلب إلى الولايات المتحدة للتحالف لتوجيه ضربات مشتركة وقوية ضد الحوثيين، بالتعاون مع دول أخرى بعد التصعيد الحوثي الأخير ضدها والعودة لاستهداف الملاحة في البحر الأحمر.

وذكر القيادي يحيى سريع، الناطق العسكري باسم الجماعة، في بيان له، أنه تم تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار في منطقة يافا بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع (فلسطين 2)، زاعماً أنها «حققت هدفها بنجاح»، وتسببت في هروب الملايين من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار.

وجدّد سريع تأكيده استمرار العمليات العسكرية للجماعة ضد الأهداف الإسرائيلية «حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها»، مطالباً من سماهم «أبناء الأمة العربية والإسلامية» بـ«الخروج دعماً وإسناداً لسكان غزة»، ومحذراً «الأمة العربية والإسلامية» من تمكن إسرائيل من تنفيذ مخططها في غزة.

واعترف الجيش الإسرائيلي بوقوع الهجوم الحوثي، مؤكداً اعتراض صاروخ أُُطلق من اليمن، ما استدعى إطلاق صفارات الإنذار، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن صفارات الإنذار سُمِعت في أكثر من 250 مدينة وبلدة، من بينها القدس وتل أبيب، إلى جانب توقف مؤقت لحركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون.

كما اعترف الإعلام العبري بتوجه الإسرائيليين إلى الملاجئ نتيجة التحذيرات من الهجوم الحوثي الثالث خلال يومين.

زعيم الجماعة الحوثية تعهد مراراً باستمرار الهجمات على إسرائيل (غيتي)

وكان سريع قد أعلن الأربعاء الماضي تنفيذ عملية عسكرية نوعية بأربع هجمات متنوعة استهدفت فيها الجماعة الحوثية مطار بن غوريون بصاروخ باليستي نوع «ذو الفقار»، «حققت هدفها بنجاح»، وتسببت في هروب الملايينِ من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار، حسب ادعائه، إلى جانب 3 هجمات بأربع طائرات مسيَّرة استهدفت منطقة النقب ومطار بن غوريون وميناء إيلات، حققت أهدافها بنجاح أيضاً.

مناشدة إسرائيلية

خلال الأيام الماضية تقدمت إسرائيل بطلب إلى الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات مشتركة وقوية ضد الجماعة الحوثية في اليمن، بمشاركة تحالف دولي واسع.

وكشفت وسائل إعلام عبرية، الخميس الماضي، عن أن إسرائيل أكدت للولايات المتحدة، أخيراً، الحاجة إلى مضاعفة الضربات المشتركة والقوية ضد الحوثيين، مع عدم الاكتفاء بضربات سلاح الجو الإسرائيلي، وتجديد الهجمات الأميركية وإشراك دول أخرى ضمن التحالف ضد الجماعة التي تواصل تهديداتها لإسرائيل والملاحة في البحر الأحمر.

إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الأميركية إنشاء تحالف لمواجهة تهديدات المتمردين الحوثيين (إ.ب.أ)

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن الطلب الإسرائيلي جاء عبر رسائل عدة بعد تزايد عمليات إطلاق الصواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل، والتصعيد الحوثي الكبير بمهاجمة السفن في البحر الأحمر، وإغراق اثنتين، ما أدى إلى مقتل واختفاء بحارة إحداهما، واختطاف آخرين.

ووفقاً للهيئة؛ فإن إسرائيل بررت إلحاحها على الولايات المتحدة عقب الهجمات الحوثية، بأن الضرر الذي لحق بالممرات الملاحية يُمثّل مشكلةً عالميةً، ولا بدّ أن يؤدي إلى زيادة الهجمات وتكثيفها.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي، تشن الجماعة الحوثية هجمات بالصواريخ الباليستية والطيران المسيّر والزوارق البحرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي بمزاعم تبعيتها لإسرائيل، بالإضافة إلى توجيه ضربات على مواقع إسرائيلية تحت شعار مناصرة أهالي غزة.

عنصر حوثي يحمل نموذجاً لصاروخ في وقفة لأنصار الجماعة الحوثية ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية خلال الأيام الماضية عن قرار رسمي بإيقاف ميناء إيلات عن العمل بداية من الأحد المقبل، بعد عجزه عن سداد ديونه المتراكمة جراء انخفاض حاد في إيراداته.

ونقلت وسائل الإعلام تلك عن بلدية إيلات أنها اضطرت إلى الحجز على حسابات الميناء، بعد وصول مديونيته إلى نحو 3 ملايين دولار (قرابة 10 ملايين شيقل)، وعدم قدرته على دفع الضرائب للبلدية.

وأرجعت انخفاض إيرادات الميناء إلى النشاط العسكري للحوثيين في البحر الأحمر، ما دفع إلى تحويل السفن التي كانت تصل إليه إلى ميناءي أشدود وحيفا على البحر الأبيض المتوسط.