إسرائيل تفرض حصاراً جوياً وبحرياً على مناطق سيطرة الحوثيين

موجة انتقامية تاسعة دمَّرت آخر طائرة تشغِّلها الجماعة من صنعاء

بقايا طائرة مدنية في مطار صنعاء الخاضع للحوثيين إثر غارات إسرائيلية (رويترز)
بقايا طائرة مدنية في مطار صنعاء الخاضع للحوثيين إثر غارات إسرائيلية (رويترز)
TT

إسرائيل تفرض حصاراً جوياً وبحرياً على مناطق سيطرة الحوثيين

بقايا طائرة مدنية في مطار صنعاء الخاضع للحوثيين إثر غارات إسرائيلية (رويترز)
بقايا طائرة مدنية في مطار صنعاء الخاضع للحوثيين إثر غارات إسرائيلية (رويترز)

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فرض حصار جوي وبحري على المناطق الخاضعة للحوثيين في اليمن، عقب موجة تاسعة من الضربات الانتقامية دمَّرت، الأربعاء، آخر طائرة مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية تُشغِّلها الجماعة من وإلى مطار صنعاء.

واعترفت وسائل إعلام الجماعة المدعومة من إيران بتلقي 4 غارات قالت إنها استهدفت مدرج مطار صنعاء وطائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية، دون الحديث عن تفاصيل فورية عن سقوط ضحايا.

جاءت الضربات الإسرائيلية في موجتها التاسعة على مناطق سيطرة الحوثيين بشكل متوقع لجهة استمرار الجماعة في إطلاق الصواريخ والمسيرات بشكل شبه يومي باتجاه إسرائيل في سياق ما تدّعي أنه مساندة للفلسطينيين في غزة.

وحذر باحثون ومحللون يمنيون في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» من الرد الإسرائيلي، إلا أنهم أكدوا أن المتضرر الأول من هذه الضربات هم اليمنيون وليس قادة الجماعة الذين لا تملك تل أبيب معلومات استخبارية كافية عن أماكن اختبائهم.

وأوضح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان، أن طائرات تابعة لسلاح الجو قصفت ما وصفها بـ«أهداف إرهابية تابعة لتنظيم الحوثيين الإرهابي في مطار صنعاء»، مشيراً إلى أنها دمَّرت الطائرة الأخيرة التي كانت لا تزال قيد الاستخدام من الحوثيين.

وتوعد كاتس بأن المواني الخاضعة للحوثيين «ستستمر في التعرض لأضرار جسيمة»، وأن مطار صنعاء «سيتم تدميره مراراً وتكراراً»، وكذلك البنى التحتية الاستراتيجية الأخرى في المنطقة التي يستخدمها الحوثيون.

وأضاف كاتس بالقول: «تنظيم الحوثيين الإرهابي سيكون تحت حصار بحري وجوي، كما وعدنا وحذرنا».

في السياق نفسه، قال أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام العربية، إن الجيش أغار على ما وصفها بأنها «قطع جوية» تابعة للحوثيين في مطار صنعاء الدولي.

واتهم المتحدث الإسرائيلي في تغريدة على منصة «إكس» الحوثيين بأنهم استعلموا القطع الجوية في نقل عناصر لتشن هجمات ضد إسرائيل، وأكد التصميم على مواصلة العمل وضرب كل تهديد على الإسرائيليين «مهما بلغت المسافة».

حفرة أحدثها انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون بالقرب من مطار بن غوريون الإسرائيلي (رويترز)

وتعليقاً على هذه الغارات الانتقامية، حمَّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إيران المسؤولية عن هجمات الحوثيين، وقال في بيان نقله الإعلام العبري: «الحوثيون مجرد عَرَض مرضيّ، وإيران هي المسؤولة».

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن بيان نتنياهو قوله: «نعمل وفقاً لمبدأ بسيط: سنضرب أياً مَن يضربنا. ومن لا يفهم ذلك من خلال القوة، سيفهمه بمزيد من القوة».

الطائرة الأخيرة

مع تدمير الضربات الإسرائيلية الطائرة الأخيرة التي تُشغِّلها الجماعة من صنعاء، عبّر الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن سخطهم، وحمَّلوا الجماعة مسؤولية تعريض طائرات الخطوط الجوية اليمنية للدمار.

وفي الموجة السابعة من الضربات الانتقامية في 6 مايو (أيار) الحالي كانت إسرائيل قد شنت أعنف ضربات على مطار صنعاء الدولي، مما أدى إلى تدمير المدارج وصالات القدوم والمغادرة، إضافةً إلى ثلاث طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية، وطائرات أخرى كانت خارج الخدمة.

ونجت الطائرة التي جرى تدميرها (الأربعاء) من الدمار في المرة السابقة، حيث كانت في مطار الملكة علياء في عمان، قبل أن تقوم الجماعة بإعادة تشغيل المدرج في صنعاء وتستأنف الرحلات من جديد بواسطة هذه الطائرة.

واستولت الجماعة الحوثية قبل نحو عام على أربع طائرات من طائرات الخطوط الجوية اليمنية السبع، وقامت باحتجازها في مطار صنعاء، ومنعت عودتها إلى عدن، في سياق سعيها للاستئثار بأموال الشركة.

حطام طائرة مدنية في مطار صنعاء إثر ضربات إسرائيلية في 6 مايو الحالي (رويترز)

وعلى الرغم من الضغط الذي واجهته الشركة اليمنية في الوفاء بجدول رحلاتها، تمسكت الجماعة الحوثية باحتجاز الطائرات الأربع على الرغم من أنها لا تقوم إلا بتشغيل رحلة وحيدة يومياً من وإلى الأردن.

وحمَّلت الشركة بعد تدمير الطائرات الثلاث في الموجة السابعة من الغارات، الحوثيين المسؤولية، وأكدت أنهم رفضوا نقل الطائرات إلى أي مطار آمن رغم علمهم بسعي إسرائيل للانتقام من الأصول والمنشآت الحيوية.

كانت الجماعة قد قدَّرت الخسائر الناجمة عن قصف مطار صنعاء بنحو 500 مليون دولار، في حين قدَّرت الخسائر جراء الضربات على مواني الحديدة بنحو مليار دولار.

ومن المتوقع بعد هذه الغارات الإسرائيلية أن تتوقف الرحلات من مطار صنعاء حتى إشعار آخر، وهو ما يعني أن مئات المسافرين سيواجهون مصاعب في السفر عبر المطارات الخاضعة للحكومة اليمنية، بخاصة كبار السن والمرضى.

تصعيد مستمر

بهذه الغارات الأربع تكون إسرائيل قد نفَّذت الموجة الانتقامية التاسعة رداً على هجمات الحوثيين المتصاعدة بالصواريخ والمسيَّرات، حيث بدأتها في 20 يوليو (تموز) 2024، إثر مقتل إسرائيلي في تل أبيب جراء انفجار طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون في شقة سكنية.

وتوالت الضربات الإسرائيلية حتى قبل نحو 10 أيام من الهدنة المنهارة مع حركة «حماس»، إذ نفَّذ الجيش الإسرائيلي خامس موجة من ضرباته في 10 يناير (كانون الثاني) بالتزامن مع غارات أميركية على مواقع عسكرية حوثية.

واستأنفت إسرائيل ضرباتها الانتقامية ضد الحوثيين بالموجة السادسة في 5 مايو (أيار) الحالي قبل أن تتلوها الموجة السابعة في اليوم التالي، وصولاً إلى الموجة الثامنة في 16 من الشهر نفسه، حيث استهدفت ميناءي الصليف والحديدة.

وخلال هذه الضربات استهدفت إسرائيل مواني الحديدة الثلاثة (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى)، حيث أحرقت مستودعات الوقود كما دمرت الأرصفة والرافعات ولنشات سحب السفن، مما جعل المواني خارج الجاهزية.

رداً على هجمات الحوثيين نفَّذت إسرائيل 9 موجات من الضربات الجوية الانتقامية (رويترز)

كما دمَّرت الضربات مطار صنعاء الدولي ومصنع أسمنت عمران ومنع أسمنت باجل، إلى جانب تدمير محطات كهرباء رئيسية في صنعاء والحديدة، وخلال هذه الغارات سقط عشرات القتلى والجرحى، وفق البيانات الحوثية.

في المقابل أطلقت الجماعة الحوثية منذ 17 مارس (آذار) الماضي نحو 31 صاروخاً والكثير من الطائرات المسيَّرة باتجاه إسرائيل، كما زعمت فرض حظر جوي على مطار بن غوريون، وحظر بحري على ميناء حيفا، وهددت بالعودة إلى مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن.

وكان أخطر هذه الهجمات الأخيرة انفجار أحد الصواريخ قرب مطار بن غوريون في 4 مايو (أيار) الحالي، محدثاً حفرة ضخمة، بعد أن فشلت الدفاعات الجوية في اعتراضه.

الحوثيون هاجموا عشرات السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نوفمبر 2023 (رويترز)

وسبق أن هاجمت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 نحو 100 سفينة، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أطلقت أكثر من 200 صاروخ ومسيَّرة باتجاه إسرائيل حتى 19 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين لا تفيد الفلسطينيين في غزة، بقدر ما تستدعي إسرائيل لشن ضربات تدمِّر ما بقي من المنشآت الحيوية والبنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومن المرجح أن تستمر تل أبيب من وقت لآخر في ضرب المنشآت الخاضعة للحوثيين رداً على الهجمات، لكن يستبعد المراقبون للشأن اليمني أن تكون الضربات ذات تأثير حاسم على بنية الجماعة وقادتها وأسلحتها بسبب البعد الجغرافي.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.