تحذير أممي من موسم جفاف في اليمن

تراجع الأمطار تسبب في تأخير الزراعة ويهدد الأمن الغذائي

محافظات عدة في اليمن شهدت أقل معدل لهطول الأمطار هذا العام (إعلام محلي)
محافظات عدة في اليمن شهدت أقل معدل لهطول الأمطار هذا العام (إعلام محلي)
TT

تحذير أممي من موسم جفاف في اليمن

محافظات عدة في اليمن شهدت أقل معدل لهطول الأمطار هذا العام (إعلام محلي)
محافظات عدة في اليمن شهدت أقل معدل لهطول الأمطار هذا العام (إعلام محلي)

كشفت نشرة المناخ والإنذار المبكر التابعة للأمم المتحدة عن تراجع كبير في معدل هطول الأمطار على اليمن مع بداية الموسم الزراعي، وأكدت أن ذلك تسبب في تأخير الموسم وتفاقم نضوب المياه الجوفية وانعدام الأمن الغذائي، وواجهت أكثر من 50 في المائة من الأسر صعوبة في توفير الحد الأدنى من الغذاء.

وأكّدت بيانات النشرة المعنية بأنظمة معلومات الأمن الغذائي والإنذار المبكر التي تصدر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن نقص هطول الأمطار في أبريل (نيسان) الماضي أدى إلى تأخير الزراعة في المناطق البعلية (التي تعتمد على مياه الأمطار)، وإجهاد في المحاصيل والمراعي، وتفاقم نضوب المياه الجوفية، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي.

وبسبب ذلك واجه أكثر من 50 في المائة من العائلات صعوبة في تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية، لا سيما بين النازحين داخلياً والمعتمدين على الزراعة والرعي في معيشتهم.

وكان هطول أمطار هذا العام أقل من المتوقع، مما أدى إلى تأخير الاستعدادات، وانخفاض رطوبة التربة، وزيادة الضغط المائي على المحاصيل والمراعي المعرضة للخطر أصلاً، وخصوصاً في المرتفعات الوسطى والجنوبية، حيث تعدّ الأمطار ضرورية لتجهيز الأراضي والزراعة المبكرة، لا سيما في المرتفعات والمحافظات الغربية.

تراجع هطول الأمطار أدى إلى نضوب المياه الجوفية وتفاقم انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ويعكس مؤشر هطول الأمطار القياسي الشهري هذا الجفاف العام، مما يشير إلى ظروف جفاف جوية محتملة في أجزاء من المرتفعات الجنوبية والمناطق الشرقية، وسجّلت محافظات الجوف وعمران وحضرموت وأجزاء من محافظة تعز أقل معدل لهطول الأمطار.

جفاف غير مسبوق

طبقاً لبيانات النشرة، فإن أداء الغطاء النباتي في البلاد يتأثر بشكل كبير بهطول أمطار أقل من المتوسط، وظروف جفاف مطولة، وارتفاع درجات الحرارة.

وأشارت مقاييس رصد الأرض مثل مؤشر حالة الغطاء النباتي وتحليل تغيرات مؤشر الغطاء النباتي الموحد، إلى إجهاد نباتي واسع النطاق، لا سيما في المرتفعات الوسطى والجنوبية، وكذلك في المناطق الشرقية الداخلية والساحلية، حيث كان نقص هطول الأمطار هو الأكثر حدة.

وبالمثل، أدت شذوذات هطول الأمطار السلبية في محافظات مثل عمران وصنعاء وذمار وإب وتعز وأبين إلى تأخير أو إعاقة تجديد المراعي، وعلى العكس من ذلك، وفّرت الأمطار المحلية في محافظة حجة وشمال الحديدة تحسينات طفيفة في ظروف الغطاء النباتي.

نصف العائلات اليمنية المعتمدة على الزراعة تواجه صعوبة في تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها (إعلام محلي)

ويقصد بشذوذات هطول الأمطار الانحرافات في معدل الهطول عن متوسطاته على المدى الطويل، حيث تكون الشذوذات السلبية نقصاً في ذلك المعدل، بينما الإيجابية زيادة فيه.

ورغم ذلك، استمر نقص الرطوبة المستمر في تقييد نمو الغطاء النباتي، مما زاد من المخاطر على الزراعة والمراعي.

ونبهت النشرة إلى أن اليمن ظلّ خلال مارس (آذار) الماضي تحت تأثير موسم الرياح الموسمية الجافة، مما أدى إلى انخفاض هطول الأمطار في معظم المناطق.

إجهاد مائي كبير

تبين ملاحظات مقياس الأمطار الأرضي هطول أمطار متفرقة، لا سيما في المناطق المرتفعة من المرتفعات الوسطى والجنوبية، حيث بلغ أعلى معدل تراكمي لهطول الأمطار 75 ملم في محطة رصد بمحافظة حجة، بينما شهدت المناطق الساحلية القريبة من خليج عدن وبحر العرب أمطاراً قليلة أو معدومة.

التطرفات المناخية تسببت في نزوح قرابة نصف مليون يمني خلال العام الماضي (الأمم المتحدة)

وأكد الاستشعار عن بُعد استمرار الجفاف، حيث سجلت محافظة صعدة معدل هطول 39 ملم، بينما تلقت معظم المناطق الأخرى، بما في ذلك محافظات الجوف وعمران وحضرموت وأجزاء من تعز، أقل من 15 ملم.

ينبه تقييم تباين هطول الأمطار إلى ظروف أكثر جفافاً بشكل عام في جميع أنحاء البلاد خلال الشهر الماضي، مع عجز يتراوح بين 20 و80 في المائة مقارنة بمتوسط الثلاثين عاماً ما بين عامي 1983 و 2012، ولم تُظْهِر سوى مناطق قليلة في حجة وشمال الحديدة اتجاهاً رطباً، مع شذوذات إيجابية تتراوح بين 10 و20 في المائة.

ويشير نظام مؤشر الإجهاد الزراعي التابع للنظام العالمي للإنذار المبكر إلى إجهاد مائي كبير في بعض مناطق ذمار وعمران والبيضاء، حيث تراوح مؤشر الإجهاد الزراعي بين 25 و55 في المائة، وهذا جدير بالملاحظة، نظراً لأن موسم الزراعة الرئيسي لا يزال في مراحله الأولى في معظم المناطق الزراعية.

الجفاف يهدد مهنة الزراعة في اليمن وينذر بمفاقمة تردي الأمن الغذائي للسكان (أ.ب)

ورغم ذلك سجلت النشرة زيادة في كثافة هطول الأمطار مقارنة بالشهر الذي سبقه، حيث تلقت بعض المناطق المرتفعة ما يصل إلى 66 ملم، في حين ظلت المناطق الساحلية جافة، لكنها بيّنت أن البلاد أظهرت اتجاهات واسعة النطاق نحو الجفاف مقارنة بالمعدل الطبيعي.

ويؤدي ذلك إلى ظروف محتملة تشبه الجفاف في المرتفعات الوسطى والجنوبية، والمناطق الشرقية، باستثناء المناطق الساحلية للبحر الأحمر.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

ماذا يعني ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية في طريقها للحوثيين؟

خاص كمية من الصواريخ المصادرة ضمن الشحنة الإيرانية التي كانت في طريقها للحوثيين (السفارة الأميركية في اليمن)

ماذا يعني ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية في طريقها للحوثيين؟

ما دلالات نجاح قوات خفر السواحل اليمنية التابعة للمقاومة الوطنية في ضبط نحو 750 طناً من الأسلحة الإيرانية المتطورة كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين الإرهابية؟

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صورة للسفينة المضبوطة نشرها الإعلام العسكري لقوات المقاومة الوطنية اليمنية

«صفعة بحرية» للحوثيين بعد ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية

وجَّهت قوات المقاومة اليمنية «صفعة» بحرية للحوثيين بعد ضبطها شحنة أسلحة إيرانية «ضخمة»، إثر عملية وُصِفت بأنها الأكبر في تاريخ إحباط الأسلحة الإيرانية للجماعة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

اليمن يعلن إحباط خطط حوثية لاغتيال المبعوث الأممي غروندبرغ

أعلنت الحكومة اليمنية إحباطها خلال الأسابيع الأخيرة خططاً لاغتيال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عبر واحدة من أخطر الخلايا الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي بعد تشديد الإجراءات الأمنية على سواحل تعز ولحج انتقل نشاط تهريب المهاجرين شرقاً (إعلام حكومي)

السلطات اليمنية تحذر من تأثيرات تدفق المهاجرين الأفارقة

تواجه السلطات في محافظة شبوة مخاطر ازدياد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين بعد أن أُغلقت السواحل الغربية لليمن أمام المهربين ما يفرض عليها تحديات أمنية وصحية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة وزَّعها الحوثيون تُظهر لحظة غرق السفينة «إيترنيتي سي» في البحر الأحمر يوم 9 يوليو الحالي (رويترز)

وسط إدانات لتهديد الملاحة الدولية... مجلس الأمن يمدد مراقبة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

صوَّت مجلس الأمن الدولي أمس (الثلاثاء) على استمرار تقديم تقارير حول الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر، من قبل الجماعة الحوثية في اليمن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

الحوثيون يلزمون طالبات صنعاء بارتداء «الشادور الإيراني»

مسلحات حوثيات يشاركن في فعالية تعبوية بمحافظة عمران (إعلام حوثي)
مسلحات حوثيات يشاركن في فعالية تعبوية بمحافظة عمران (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يلزمون طالبات صنعاء بارتداء «الشادور الإيراني»

مسلحات حوثيات يشاركن في فعالية تعبوية بمحافظة عمران (إعلام حوثي)
مسلحات حوثيات يشاركن في فعالية تعبوية بمحافظة عمران (إعلام حوثي)

أجبرت الجماعة الحوثية طالبات مدارس في العاصمة المختطفة صنعاء على ارتداء الزي النساء الإيراني المعروف بـ«الشادور» بدلاً من الحجاب التقليدي المصاحب للزي المدرسي، بمبرر الحفاظ على «الهوية الإيمانية».

وذكرت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات في الجماعة الحوثية تدير قطاع التعليم أصدرت، منذ أيام، تعليمات تحضُّ مديرات المدارس على إلزام طالبات المراحل الابتدائية والأساسية بشراء وارتداء الزي الإيراني المعروف بـ«الشادور»، وهو نوع من اللباس الخارجي ترتديه النساء في إيران تعبيراً عن تأييدهن للثورة الخمينية.

وتوعد هؤلاء القادة مسؤولات المدارس والطالبات المخالفات لهذه التعليمات باتخاذ عقوبات بحقهن، تتضمن النقل إلى مدارس أخرى خارج العاصمة، والحرمان من دخول الامتحانات الشهرية.

وأرجعت المصادر لجوء الحوثيين إلى فرض مزيد من القيود المُشددة على الطلاب والمعلمين إلى محاولات إعاقة العملية التعليمية، بعد سنوات من حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

وأكّد ناشطون لجوء بعض القائمين على المدارس في صنعاء إلى إرغام طالبات المرحلة الابتدائية على ارتداء الجلباب الإيراني، لافتين إلى صدور توجيهات حوثية لإدارات المدارس بمنع أي طالبة لم تلتزم بالتعليمات من دخول الامتحانات الشهرية.

واشتكت طالبات في مدارس عمومية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من إلزامهن من قبل مديرات المدارس ومسؤولات أقسام الأنشطة الحوثية بشراء «الشادور» والالتزام بارتدائه يومياً.

الجماعة الحوثية فرضت على الطالبات ارتداء أزياء دخيلة على المجتمع اليمني (إعلام حوثي)

وأبدت طالبات في مدارس «زينب الكبرى» بمديرية السبعين، و«الغفران» بمديرية آزال، و«الكرار»، و«نور المصطفى» بمديرية معين، ومدرسة «حفصة الأساسية» بمديرية الوحدة، ومدرستي «الإسراء» و«نور الهدى» بمديرية الثورة بصنعاء رفضهن ارتداء الزي الإيراني المفروض عليهن من قبل الجماعة.

رفض مجتمعي

أدى هذا التوجه إلى حالة من الغليان والسخط والرفض المطلق في أوساط شريحة واسعة من السكان والتربويين خصوصاً، حيث أبدوا رفضهم لهذه الممارسات، التي تشكل، بحسب قولهم، إضافة جديدة إلى سجل الجماعة الحوثية الحافل بالانتهاكات المرتكبة في حق التعليم ومنتسبيه.

فتيات في صنعاء يشاركن بدورة ثقافية حوثية (إعلام حوثي)

وكشفت والدة إحدى الطالبات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن عدم الاستجابة لشكوى، تقدمت بها منذ أيام، إلى ما تسمى «إدارة الجمهور» التابعة لوزارة التعليم في حكومة الجماعة الحوثية غير المعترف بها، حول ما قالت إنه استهداف مكتب التعليم التابع للوزارة نفسها في صنعاء، لحقوق وحريات الطالبات، وإلزامهن بارتداء الشادور.

وأعربت عن رفضها ارتداء ابنتها، التي تدرس في الصف الثاني الابتدائي، للزي الإيراني، مؤكدة على مواصلتها ارتداء الزي المدرسي مع الحجاب التقليدي المتبع في جميع المدارس اليمنية.

وطالبت والدة الطالبة بوقف كل أشكال التدخل القسري الذي مورس ولا يزال على الفتيات الصغيرات في المدارس، لإجبارهن على اتباع نمط مُعين ذي طابع طائفي.

معلمات وطالبات يقفن أمام صورة لمؤسس الجماعة الحوثية في فناء إحدى المدارس (إكس)

وبدورها، كشفت «أسماء» وهي معلمة في مدرسة حكومية عن ممارسة مشرفات تربويات تابعات للجماعة الحوثية، العنف اللفظي والتهديد بالطرد والحرمان من التعليم بحق عشرات الطالبات، بذريعة عدم الالتزام بالتعليمات.

وعدّت محاولات فرض الزي الإيراني أو الجلباب أو أي نوع من الحجاب المتُشدد، غير المعروف في اليمن، على الطالبات الصغيرات وغيرهن، أمراً لا يخص قطاع التعليم الذي لا يمتلك الحق بذلك.

ويشكو اليمنيون من سعي الجماعة الحوثية إلى فرض طابعها ونهجها على المدارس، وإلزام المعلمين والكادر الإداري والطلاب به، وممارسة التعسفات ضدهم بغية تحويل العملية التعليمية إلى أداة للتعبئة الطائفية والتجنيد.