«هدنة غزة»: ضغوط مكثفة من الوسطاء بحثاً عن اتفاق

ترمب يزور المنطقة بالتزامن مع انطلاق محادثات الدوحة

فلسطينيون يشيعون أقاربهم الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يشيعون أقاربهم الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: ضغوط مكثفة من الوسطاء بحثاً عن اتفاق

فلسطينيون يشيعون أقاربهم الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يشيعون أقاربهم الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ضغوط تتزايد من الوسطاء بشأن استئناف اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، صاحبها تهديد من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالتصعيد العسكري بالقطاع، مع إمكانية القبول بهدنة مؤقتة تزامناً مع مشاركة وفد لحكومته في مفاوضات بالدوحة.

ذلك التلويح العسكري الإسرائيلي الذي لم يمانع في إمكانية حدوث هدنة جزئية يعلم أنها تصطدم مع مطالب «حماس» بأخرى شاملة، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» مجرد مناورات تعطيل متكررة لتفادي ضغوط الوسطاء المكثفة، ومحاولة لنيل مكاسب أكبر خلال محادثات الدوحة التي ذهب إليها وفد إسرائيل تحت ضغوط أميركية بعد إطلاق الحركة الفلسطينية سراح الرهينة الأميركية عيدان ألكسندرا، مرجحين أن تتمسك «حماس» بشروطها مع إبداء مرونة باتفاق مرحلي شريطة ضمانات أميركية بإنهاء الحرب، وذلك استكمالاً لنجاح محادثاتها المباشرة وغير المسبوقة مع واشنطن.

طفل فلسطيني يتفقد الدمار داخل مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووصل ترمب، الثلاثاء، للسعودية ضمن جولة تشمل الدوحة ثم الإمارات في أول جولة بالشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة. وفي هذا الزخم، أطلع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الثلاثاء، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي، هاكان فيدان، الذي تلعب بلاده أدواراً في الوساطة، على «الجهود التي تبذلها مصر، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، لاستئناف وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، فضلاً عن دخول المساعدات الإنسانية والطبية والإيوائية إلى غزة دون أي عوائق»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية.

وشهدت الدوحة، الثلاثاء، وصول وفد إسرائيلي تفاوضي للمشاركة في محادثات، بحسب ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فيما أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، الثلاثاء، بأن مبعوث ترمب للشرق الأوسط ستيوف ويتكوف سيتجه إلى الدوحة لاستئناف المحادثات بشأن وقف إطلاق النار بغزة.

وجاء الوصول غداة حديث نتنياهو، بعد لقاء ويتكوف والسفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هكابي، بأن هناك «خطوطاً عريضة لإطلاق سراح الرهائن، قدّمها ويتكوف، قبل توسع نطاق القتال»، مضيفاً: «لتحقيق هذه الغاية، وجّه رئيس الوزراء بإرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة، الثلاثاء».

ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم»، عن مصادر لم تسمّها، أن «إسرائيل تعهدت بمواصلة المحادثات في قطر حتى نهاية الأسبوع تزامناً مع زيارة ترمب للمنطقة». فيما كشفت عائلات الأسرى الإسرائيليين، في بيان، الثلاثاء، أنها التقت ويتكوف ساعتين، وأكّد الأخير ذهابه للدوحة، لاعتقاده أن هناك تقدماً سيحصل في المفاوضات.

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، قال إن هناك تطورات ملموسة في مشهد غزة، سواء من صفقة عيدان ألكسندر حتى محادثات الدوحة، بحضور إسرائيلي ومشاركة ويتكوف.

ويعتقد أن الضغوط الأميركية والجهود من الوسطاء أثمرتا على خطوات للأمام، حتى لو قابلها نتنياهو بمناورات وترضية لواشنطن، خاصة بعد تجاهله صفقة ألكسندر، التي كانت محادثات مباشرة بين واشنطن والحركة الفلسطينية، وسيعزز فرص الاتفاق وجود ترمب في المنطقة وزيارتا ويتكوف لإسرائيل وقطر.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن واشنطن بذلت ضغوطاً كبيرة لحدوث شيء قبل وصول ترمب للمنطقة، وكلّلت مبادرة حسن النية من «حماس» هذه الجهود بالنجاح بإطلاق سراح ألكسندر، بخلاف ذهاب ويتكوف لإسرائيل لممارسة ضغوط إضافية على نتنياهو، وهذه الضغوط المكثفة متواصلة من الوسطاء، ولا سيما مصر وقطر أيضاً، للتوصل إلى اتفاق جزئي، وليس كلياً استغلالاً لوجود ترمب بالمنطقة.

غير أن نتنياهو عاد في بيان لمكتبه، الثلاثاء، للتهديد العسكري قائلاً: «سندخل غزة بكل قوتنا خلال الأيام المقبلة لإكمال العملية، لهزيمة وتدمير (حماس)، ولا يوجد وضع سنقوم فيه بوقف الحرب. قد تكون هناك هدنة مؤقتة»، مضيفاً: «إذا قررت (حماس) إعادة 10 مخطوفين، فسنتسلمهم ثم نستكمل العملية».

بالمقابل، أكّدت حركة «حماس»، الثلاثاء، في بيان، أن إطلاق سراح الرهينة الإسرائيلي - الأميركي، عيدان ألكسندر، الاثنين، «ثمرة الاتصالات الجادّة مع الإدارة الأميركية وجهود الوسطاء، وليست نتيجة العدوان الصهيوني أو وهم الضغط العسكري»، خلافاً لما قاله رئيس وزراء إسرائيل.

وأضافت «حماس» أن «نتنياهو يضلل شعبه»، لافتة إلى أن إطلاق سراح ألكسندر «يؤكد أن المفاوضات الجادة وصفقة التبادل هما السبيل لإعادة الأسرى ووقف الحرب».

وكشف مصدر مطّلع على المحادثات المباشرة التي جرت بين الولايات المتحدة وحركة «حماس» بالدوحة، لشبكة «سي إن إن» الأميركية، الاثنين، أن الإفراج عن ألكسندر سيقود فوراً إلى مفاوضات من أجل ترتيبٍ أوسع يهدف إلى إنهاء الحرب في غزة.

ويعتقد أنور أن حديث نتنياهو استفزاز لـ«حماس» وتكرار لمغامرات تمت تجربتها، وأثبتت فشلها ولم تصل إلى الرهائن أحياء، مؤكداً أن المفاوضات هي وحدها من تحسم الأمر، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحافظ على مصالحه السياسية والهدنة المؤقتة بالنسبة له مناورة، مشيراً إلى أن المفاوض الفلسطيني استطاع الوصول لأرضية أفضل في المحادثات المباشرة مع «حماس»، وأتوقع أن يبدي مرونة ويقبل بحلّ وسط نحو هدنة مؤقتة مع ضمانات أميركية لتحقيق الصفقة الشاملة.

ويرجح الرقب أن نتنياهو يحاول المماطلة والمناورة بتصريحاته والضغط على «حماس»، وغير جاد في التفاوض ويحاول كسب الوقت وعدم مخالفة خسارة حكومته بوقف نهائي للحرب، متوقعاً أن تكون لدى «حماس» رغبة أكبر في صفقة شاملة لا اتفاقات جزئية، وسيكون قبول «حماس» لهدنة مؤقتة حسب التطورات والضمانات، التي ستقدم خصوصاً من واشنطن التي فتحت الحركة معها صفحة جديدة، قد يساهم في استكمال وتضييق الخناق على رئيس الوزراء الإسرائيلي مع تنامي فشله داخلياً.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: إلى أي مدى تؤثر الضربات الإسرائيلية لإيران على المحادثات؟

تحليل إخباري أطفال فلسطينيون ينتظرون الطعام عند نقطة توزيع في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: إلى أي مدى تؤثر الضربات الإسرائيلية لإيران على المحادثات؟

ضربة إسرائيلية مفاجئة لإيران، جاءت بعد أيام من حديث واشنطن عن أن طهران جزء من مفاوضات قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا «قافلة الصمود» المغاربية عند مدخل مدينة سرت (صفحة تنسيقية القافلة)

بنغازي تشترط «تأشيرات وموافقات» مصرية لمرور «قافلة الصمود»

قالت وزارة الداخلية في حكومة شرق ليبيا إن «جوازات سفر بعض أفراد (قافلة الصمود) منتهية، وأخرى على وشك الانتهاء، ولا تتيح لهم عبور أي دولة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا أعلام فلسطينية تُرفع خلال تجمُّع جماهيري في ساحة الجمهورية بباريس (أ.ف.ب) play-circle

«رغم ما يحدث في المنطقة»... فرنسا «مصممة» على الاعتراف بدولة فلسطينية

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الجمعة، أن فرنسا عازمة على الاعتراف بدولة فلسطينية، على الرغم مما يحدث في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أكياساً تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية (أ.ب)

بعد هجوم إسرائيل على إيران... تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين

أعلن مصدران، الجمعة، أن مؤتمر الأمم المتحدة، الذي كان من المقرر أن تستضيفه فرنسا والسعودية بهدف صياغة خريطة طريق لحل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي فلسطينيات يبكين أحد أحبائهن بعد قتله في قصف إسرائيلي يوم الخميس بمدينة غزة (أ.ف.ب)

إسرائيل تعزل غزة رقمياً

أحكمت إسرائيل حصارها لقطاع غزة وعزلتها رقمياً، أمس، بعدما استهدفت آخر خط للألياف الضوئية في القطاع، ما تسبب في انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

أميركا تجرى عمليات تنقّل وتغييرات لمواردها العسكرية في الشرق الأوسط

حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية وأمامها طائرات (إف 15) و(إف 35) وطائرة إنذار مبكر (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)
حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية وأمامها طائرات (إف 15) و(إف 35) وطائرة إنذار مبكر (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)
TT

أميركا تجرى عمليات تنقّل وتغييرات لمواردها العسكرية في الشرق الأوسط

حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية وأمامها طائرات (إف 15) و(إف 35) وطائرة إنذار مبكر (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)
حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية وأمامها طائرات (إف 15) و(إف 35) وطائرة إنذار مبكر (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)

قال مسؤولان أميركيان، اليوم الجمعة، إن الولايات المتحدة تجرى عمليات تنقّل وتغييرات لمواردها العسكرية، ومنها السفن، في الشرق الأوسط، رداً على الضربات الإسرائيلية والانتقام الإيراني المحتمل.

وأمرت البحرية الأميركية المدمرة «توماس هودنر» للبدء بالإبحار نحو شرق البحر المتوسط، كما وجهت مدمرة ثانية بالبدء في التحرك قدماً في اتجاه المنطقة لتكون متاحة في حال طلب البيت الأبيض استخدامها.

وقال المسؤولان إن الرئيس دونالد ترمب بصدد عقد اجتماع مع كبار أعضاء مجلس الأمن القومي لمناقشة الوضع، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

حاملة الطائرات الأميركية جورج واشنطن ومجموعتها القتالية (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)

وقد أدلى المسؤولان الأميركيان بالتصريحات شريطة عدم الكشف عن هويتهما، بدعوى الكشف عن تفاصيل لم يتم الإعلان رسمياً عنها بعد.

يذكر أن القوات الأميركية في المنطقة اتخذت تدابير احترازية منذ عدة أيام، من بينها السماح لأفراد عائلات العسكريين بمغادرة القواعد في المنطقة طوعاً، وذلك تحسباً للضربات الإسرائيلية وحماية هؤلاء الأفراد في حال وقوع رد واسع النطاق من جانب طهران.

أحد عناصر البحرية الأميركية فوق جناح طائرة حربية على متن حاملة الطائرات «كارل فينسون» (صفحة حاملة الطائرات فينسون عبر فيسبوك)

وعادة ما يتمركز نحو 30 ألف جندي في الشرق الأوسط، ويوجد نحو 40 ألف جندي في المنطقة الآن، وفقاً لمسؤول أميركي ثالث. وقد ارتفع هذا العدد ليصل إلى 43 ألف جندي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وسط التوترات المستمرة بين إسرائيل وإيران، بالإضافة إلى الهجمات المستمرة على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر من قبل الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

ولدى البحرية الأميركية أصول إضافية يمكن أن تدفع بها إلى الشرق الأوسط إذا لزم الأمر، خاصة حاملات الطائرات ومجموعتها القتالية التي تبحر معها. وتتمركز حاملة الطائرات «كارل فينسون» في بحر العرب، وهي حاملة الطائرات الوحيدة في المنطقة.

وقال أحد المسؤولين إن حاملة الطائرات «نيميتز» موجودة في المحيطين الهندي والهادي ويمكن توجيهها إلى الشرق الأوسط إذا لزم الأمر، كما أن حاملة الطائرات «جورج واشنطن» غادرت للتو ميناءها في اليابان ويمكن توجيهها إلى المنطقة إذا ما طُلب منها ذلك.