الحوثيون ينسحبون من النقاط الأمنية في صنعاء ومحيطها خشية الغارات

مارسوا من خلالها التعسف وتلفيق التهم للمواطنين

منظر للأضرار جراء غارة أميركية ضربت موقعاً للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
منظر للأضرار جراء غارة أميركية ضربت موقعاً للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
TT
20

الحوثيون ينسحبون من النقاط الأمنية في صنعاء ومحيطها خشية الغارات

منظر للأضرار جراء غارة أميركية ضربت موقعاً للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
منظر للأضرار جراء غارة أميركية ضربت موقعاً للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)

سحبت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة أعداداً كبيرة من مسلحيها من النقاط الأمنية والعسكرية في مناطق عدة بالعاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في مسعى يبدو أنه لتحاشي تعرض تلك النقاط للضربات الأميركية المستمرة للأسبوع الرابع.

وكشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الحوثيين يواصلون وبشكل تدريجي إزالة العشرات من النقاط العسكرية والأمنية التابعة لهم من شوارع عدة وأسواق وأحياء وطُرق رئيسية وفرعية بصنعاء وغيرها، بالتزامن مع عملية تمويه لمعسكرات ومنشآت أمنية تابعة لهم في صنعاء ومحيطها.

ورصدت «الشرق الأوسط» رفع الجماعة عدداً من النقاط المنتشرة في أجزاء متفرقة من شارعي الستين والخمسين (أكبر شوارع صنعاء) ومن محيط ميدان السبعين في جنوب المدينة، بالإضافة إلى رفع نقاط أخرى مُنتشرة في عدد من الشوارع والأسواق والأحياء في مناطق متفرقة من المدينة.

وشملت النقاط الأمنية التي أزالتها الجماعة، تلك الواقعة على الطريق الرابط بين صنعاء وأرحب وصنعاء وعمران من جهة الشمال، وعلى الطريق بين صنعاء والحديدة غرباً وعلى الطريق بين صنعاء وذمار وتعز، من جهة الجنوب.

شاحنة مرور تقطع أحد شوارع صنعاء ضمن حملة جباية حوثية (الشرق الأوسط)
شاحنة مرور تقطع أحد شوارع صنعاء ضمن حملة جباية حوثية (الشرق الأوسط)

ولاحظ سكان في صنعاء قيام الجماعة خلال الأيام الأخيرة بسحب عشرات النقاط العسكرية والأمنية ونقاط تفتيش أخرى منتشرة في شوارع المدينة.

وأكدوا أن الانسحاب شمل إلى جانب العناصر الأمنيين والمشرفين آليات عسكرية تتضمن عربات ومدرعات ودبابات سبق للجماعة أن عززت بها خلال أوقات سابقة معظم النقاط التابعة بهدف إرهاب السكان وقمعهم.

إعادة تموضع

ورجحت مصادر مطلعة في صنعاء أن أسباب الانسحابات الحوثية من النقاط الأمنية يعود إلى إعادة التموضع التي يقوم بها الانقلابيون ضمن خطتهم لتفادي الضربات الأميركية المستمرة، وسط مخاوف متصاعدة من رصد مواكب وتحركات قادة الجماعة العسكريين والميدانيين.

وتزامنت هذه الانسحابات مع استمرار تعرُّض مواقع وتجمعات الحوثيين في صنعاء وصعدة وعمران والحديدة وغيرها لغارات أميركية مكثفة، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من العناصر.

ووفق بعض التقديرات يصل عدد النقاط العسكرية والأمنية التابعة للحوثيين والمنتشرة في نحو 10 مديريات في صنعاء إلى أكثر من 220 نقطة، كما يبلغ عدد نقاط الأخرى المستحدثة في الطرقات الرئيسية نحو 300 نقطة.

تجمع سيارات أجرة في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
تجمع سيارات أجرة في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

ويبدي «أحمد»، وهو أحد سكان صنعاء، ابتهاجه بسحب نقاط التفتيش الحوثية من جميع مداخل ومخارج صنعاء وتلك المستحدثة في الشوارع، ويرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك من الآثار الإيجابية للضربات الأميركية حتى الآن.

ويؤكد أن جميع النقاط العسكرية والأمنية الحوثية المنتشرة منذ سنوات عدة داخل صنعاء والمدن الأخرى وعلى الطرقات الرئيسية والفرعية، ليست سوى وسائل للقمع والجباية والتضييق على حركة السكان.

وسبق أن اشتكى سكان ومسافرون خلال السنوات الماضية من تعرضهم للقمع وشتى أنواع المضايقات والتعسف مع تلفيق التهم لهم في نقاط التفتيش الحوثية المنتشرة داخل صنعاء وعلى الطرقات الرئيسية الرابطة بين المحافظات الخاضعة للجماعة.


مقالات ذات صلة

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

العالم العربي الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

عادت ظاهرة اختفاء المراهقين والأطفال إلى الواجهة في محافظة ذمار الخاضعة لسيطرة الحوثيين وسط مخاوف من تصاعد الظاهرة واستخدامها بصفتها غطاء لعمليات التجنيد القسري

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي صورة مأخوذة من مقطع فيديو قدمته البحرية الأميركية تظهر طائرة تنطلق من حاملة طائرات لضرب الحوثيين (أ.ب)

ضربات أميركية على مخابئ الحوثيين في صنعاء وضواحيها

شنت مقاتلات أميركية، فجر الجمعة، ضربات مركزة استهدفت مواقع وتحصينات حوثية في صنعاء وضواحيها، وذلك غداة وصول حاملة الطائرات «كارل فينسون» إلى شمال البحر الأحمر.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عدد الأشخاص الذين يحصلون على المساعدات في اليمن انخفض بنسبة 44 % (الأمم المتحدة)

اليمن خامس أخطر منطقة لعمل المنظمات الإنسانية حول العالم

احتل اليمن المرتبة الخامسة عالمياً من حيث المخاطر التي تواجه عمل المنظمات الإنسانية، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي الذي اشتكى من أثر قيود الحوثيين على المساعدات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة أميركية تنطلق لضرب الحوثيين من على حاملة الطائرات هاري إس ترومان (أ.ب)

ضربات واشنطن المتصاعدة تعطّل فاعلية الحوثيين الهجومية

عطّلت ضربات واشنطن المتواصلة منذ نحو أربعة أسابيع القدرات الهجومية الصاروخية للجماعة الحوثية، إذ لم يسجل منذ 12 يوماً إطلاق أي صاروخ باتجاه إسرائيل

العالم العربي سفينة تجارية في ميناء الحديدة الخاضعة للجماعة الحوثية في اليمن (رويترز)

واشنطن تحذر السفن من تفريغ الوقود في مواني سيطرة الحوثيين

حذرت واشنطن الشركات والسفن من التعامل مع المواني الخاضعة للجماعة الحوثية، لا سيما فيما يتعلق بتفريغ شحنات الوقود، وقالت إنها لن تتسامح مع أي جهة تنتهك هذا الحظر

«الشرق الأوسط» (عدن)

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
TT
20

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)

بالتزامن مع تدشين جماعة الحوثي حملات استقطاب واسعة لأطفال وشبان إلى معسكراتها الصيفية لهذا العام، عادت ظاهرة اختفاء المراهقين إلى الواجهة مجدداً في محافظة ذمار الخاضعة لسيطرة الجماعة، وسط مخاوف حقوقية ومجتمعية من تصاعد الظاهرة واستخدامها غطاء لعمليات التجنيد القسري.

وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن المحافظة شهدت خلال الأيام القليلة الماضية تسجيل ما لا يقل عن ثماني حالات اختفاء مفاجئة لأطفال وشبان تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاماً، في مدينة ذمار وعدد من المديريات المجاورة، دون أن تتمكّن أسرهم من معرفة مصيرهم أو الجهات التي تقف وراء اختفائهم.

ويرى ناشطون حقوقيون في محافظة ذمار أن تصاعد حالات الاختفاء خلال الفترة الأخيرة ليس أمراً عابراً، بل يمثّل مؤشراً خطيراً على عمليات تجنيد منظّم تمارسها الجماعة الحوثية بحق القاصرين، في إطار ما تسميه «المعسكرات الصيفية». وأكدوا أن العام الحالي شهد تصاعداً غير مسبوق في جرائم الخطف، معظم ضحاياها من الفتيان والمراهقين.

الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)
الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)

وأشار الحقوقيون إلى أن الجماعة الحوثية تسعى من خلال هذه المعسكرات إلى غسل أدمغة الأطفال والمراهقين بالأفكار المتطرفة وتلقينهم مفاهيم طائفية، تمهيداً لإرسالهم إلى جبهات القتال تحت شعارات دينية وسياسية، من بينها «نصرة فلسطين».

وقائع مؤلمة

من بين أحدث حالات الاختفاء التي وثّقتها مصادر محلية، اختطاف الطفل أكرم صالح الآنسي من وسط مدينة ذمار قبل يومين، ولا يزال مصيره مجهولاً. كما شهدت المدينة حادثة اختفاء الطفل مهنأ حفظ الله (13 عاماً) في أثناء خروجه من منزله، دون أن تنجح أسرته حتى الآن في العثور عليه رغم عمليات البحث المكثفة.

وسُجلت أيضاً حالة اختفاء لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، إلى جانب حادثة غامضة أخرى لاختفاء خمسة إخوة من أسرة واحدة، جميعهم دون سن البلوغ، في أثناء قضاء إجازة عيد الفطر في ضواحي المدينة.

وأكد شهود عيان أن الأطفال الخمسة: عبد الرزاق، وهايل، وهناء، وملايين، وجنى، اختفوا في الثالث من أبريل (نيسان) الحالي دون أي أثر، في حين لم تُسفر جهود الأسرة الذاتية عن أي نتيجة.

وتحدّث سكان لـ«الشرق الأوسط» عن تنامي الظاهرة، متهمين جماعة الحوثي باستخدام عمليات الاختفاء وسيلة للابتزاز السياسي والمجتمعي، وفرض واقع التجنيد بالقوة.

قيادات حوثية لدى زيارتها حديثاً لمعسكر صيفي في ذمار (إعلام حوثي)
قيادات حوثية لدى زيارتها حديثاً لمعسكر صيفي في ذمار (إعلام حوثي)

وقال أحد السكان، ويدعى خيري، إن المحافظة تحوّلت خلال الفترة الماضية إلى «ساحة مفتوحة» لخطف المراهقين، متهماً قادة الحوثيين بالوقوف خلف عمليات الاختفاء، خصوصاً بعد رفض الأهالي إرسال أبنائهم إلى المعسكرات.

وأضاف خيري أن الحوثيين يسعون لتحويل الأطفال إلى «دروع بشرية» أمام الضربات الأميركية، واستثمار ذلك لاحقاً في الخطاب السياسي والإنساني، مشيراً إلى أن عشرات الشبان اختطفوا من عدة مناطق بذمار وتمّ إخضاعهم للتعبئة الفكرية والعسكرية دون علم أو موافقة أسرهم.

وكان القيادي الحوثي محمد البخيتي، المعيّن في منصب محافظ ذمار، قد دفع خلال الأعوام الماضية بمئات المجندين، معظمهم من الأطفال والمهمشين واللاجئين الأفارقة، إلى خطوط القتال عبر دوريات عسكرية تابعة للجماعة.

ويحذّر ناشطون من أن استمرار هذه السياسة يضع حياة آلاف الأطفال والشبان في خطر حقيقي، ويهدّد النسيج المجتمعي لمحافظة ذمار التي ترفض الغالبية العظمى من سكانها الزج بأبنائهم في حروب لا علاقة لهم بها.