الحوثيون يمنعون العاملين في البنوك التجارية من مغادرة صنعاء

تحذير من دخول الصراع دائرة الإهمال العالمي

مبنى البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
مبنى البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

الحوثيون يمنعون العاملين في البنوك التجارية من مغادرة صنعاء

مبنى البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
مبنى البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

منع الحوثيون العاملين جميعاً في البنوك التجارية من مغادرة مناطق سيطرتهم، بعد أن أعلنت مجموعة من البنوك رغبتها في نقل مراكزها الإدارية إلى مدينة عدن؛ حيث العاصمة اليمنية المؤقتة، بينما تتأهب الحكومة اليمنية لمواجهة اقتصادية جديدة مع الجماعة على خلفية العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها مع تصنيفها «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً».

وعقب إعلان البنك المركزي اليمني، الذي يتَّخذ من مدينة عدن مركزاً له، تلقيه طلبات نحو 8 من كبار البنوك التجارية لنقل إداراتها العامة إلى مناطق سيطرة الحكومة، ذكرت مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أصدروا قراراً بمنع جميع موظفي البنوك التجارية أو الحكومية من مغادرة مناطق سيطرتهم حتى لقضاء إجازة عيد الفطر مع أسرهم خارج العاصمة المختطفة.

وذكرت المصادر أن 5 من الموظفين على الأقل تم اعتقالهم خلال الأيام القليلة الماضية في نقاط التفتيش المنتشرة بين المدن.

البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين تواجه مخاطر الإفلاس (إعلام محلي)
البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين تواجه مخاطر الإفلاس (إعلام محلي)

وبحسب هذه المصادر، فإن جهاز أمن ومخابرات الحوثيين نشر تعميماً بأسماء جميع موظفي البنوك الإسلامية والتجارية والحكومية في صنعاء لدى جميع نقاط التفتيش المنتشرة بين المدن، وألزمها باعتقال كل موظف يحاول السفر إلى أي منطقة خارج العاصمة؛ خشية انتقاله إلى مناطق سيطرة الحكومة.

كما قضت التوجيهات بعدم إطلاق سراح أي موظف يتم القبض عليه إلا بعد أن يتعهد خطياً بعدم السفر مرة أخرى.

مأزق العقوبات

من جهتها أفادت مصادر حكومية «الشرق الأوسط» بأن الحوثيين في مأزق مع سريان العقوبات الأميركية واقتراب تفعيل قرار منع استيرادهم المشتقات النفطية، حيث سيؤدي ذلك إلى فقدان الجماعة واحداً من أهم مصادر الدخل، لأنهم كانوا يحصلون على الوقود وغاز الطهي مجاناً، إذ كانت الشحنات تُهرَّب من إيران بوثائق مزورة يتم فيها تغيير بلد المنشأ، حيث وفّر ذلك موارد مالية ضخمة للجماعة طوال سنوات الهدنة التي ستدخل عامها الرابع خلال الشهر المقبل.

وفيما يتعلق بالبنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، بيَّنت المصادر أن هذه البنوك ستكون عرضةً للعقوبات إذا ما تورَّطت بأي معاملات مالية مع الحوثيين جماعةً أو أفراداً، خصوصاً أن معظم الشركات العاملة في مناطق سيطرتهم يمتلكها قيادات في الجماعة أو شركاء في رأسمالها.

استعداد يمني حكومي لتسهيل عمل البنوك التي قررت نقل مراكزها من صنعاء (إعلام حكومي)
استعداد يمني حكومي لتسهيل عمل البنوك التي قررت نقل مراكزها من صنعاء (إعلام حكومي)

وأوضحت المصادر أن الحوثيين، وطوال السنوات الماضية، خلقوا طبقةً من التجار من أتباعهم وتم إحلالهم بدلاً عن التجار المعروفين، وأن الشركات الجديدة يمتلكها قادة في الجماعة أو دخلوا شركاء فيها.

وامتدت هذه التدخلات الحوثية - وفق المصادر - إلى البنوك التجارية، واستيراد المشتقات النفطية، واحتكار الخدمات اللوجيستية المقدمة للمنظمات الأممية والدولية.

وأكدت المصادر أن هذا الأمر سيؤثر بقوة على أنشطة تلك الشركات لأنها ستكون تحت الرقابة الأميركية الدقيقة، ما قد يجعلها عرضةً للعقوبات بموجب قرار تصنيف الجماعة «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً».

تجاهل المعاناة

ذكرت إيمي بوب، المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، أن الصراع في اليمن اختفى من دائرة الاهتمام العالمي، لكن المعاناة لم تتوقف بالنسبة لمَن يعيشونها، «وأنه وبعد أكثر من عقد من الحرب والنزوح والانهيار الاقتصادي، لا يزال اليمن يمثل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، لكن نتيجة انشغال العالم بأزمات أخرى، يتضاءل التمويل بشكل مقلق. الآن، وأكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة ماسة إلى تضامن عالمي لمنع حرمان الملايين من المساعدات».

الجوعى في اليمن لا يعرفون متى يحصلون على الوجبة التالية (إعلام محلي)
الجوعى في اليمن لا يعرفون متى يحصلون على الوجبة التالية (إعلام محلي)

وذكرت بوب أنه، وخلال شهر رمضان المبارك، تفاقم وقع الأزمة أكثر. بالنسبة لكثير من اليمنيين، لأن الإفطار لم يكن وقتاً للتجمع والاحتفال بالخير والبركة، بل فترة أخرى ينامون فيها جوعى، غير متأكدين مما يخبئه لهم الغد. وقالت إنه وبينما تستعد العائلات حول العالم لاستقبال عيد الفطر، سيقضي اليمنيون عيداً آخر في ظلال الحرب، حيث أصبح الفقدان والجوع والمعاناة واقعاً يومياً.

وبيَّنت المنظمة الأممية أنه وعلى الرغم من الجهود المستمرة لتقديم المساعدات، فإن النقص الحاد في التمويل يجعل من الوصول إلى أكثر الفئات احتياجاً صعباً للغاية. وفي كثير من المناطق، بالكاد تحصل المجتمعات النازحة على أي دعم. ومع استمرار ازدياد الاحتياجات، تتقلص الموارد، مما يعرِّض ملايين الأشخاص للخطر.

وطبقاً لما ذكرته المسؤولة الأممية «لا يستطيع اليمنيون تحمل أن يكونوا في طي النسيان، خصوصاً بينما تجلس العائلات على موائد الإفطار وبالكاد تجد ما تأكله، وبينما يواجه الآباء عيداً آخر، غير قادرين على توفير احتياجات أطفالهم».


مقالات ذات صلة

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

العالم العربي الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

عادت ظاهرة اختفاء المراهقين والأطفال إلى الواجهة في محافظة ذمار الخاضعة لسيطرة الحوثيين وسط مخاوف من تصاعد الظاهرة واستخدامها بصفتها غطاء لعمليات التجنيد القسري

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي صورة مأخوذة من مقطع فيديو قدمته البحرية الأميركية تظهر طائرة تنطلق من حاملة طائرات لضرب الحوثيين (أ.ب)

ضربات أميركية على مخابئ الحوثيين في صنعاء وضواحيها

شنت مقاتلات أميركية، فجر الجمعة، ضربات مركزة استهدفت مواقع وتحصينات حوثية في صنعاء وضواحيها، وذلك غداة وصول حاملة الطائرات «كارل فينسون» إلى شمال البحر الأحمر.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عدد الأشخاص الذين يحصلون على المساعدات في اليمن انخفض بنسبة 44 % (الأمم المتحدة)

اليمن خامس أخطر منطقة لعمل المنظمات الإنسانية حول العالم

احتل اليمن المرتبة الخامسة عالمياً من حيث المخاطر التي تواجه عمل المنظمات الإنسانية، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي الذي اشتكى من أثر قيود الحوثيين على المساعدات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة أميركية تنطلق لضرب الحوثيين من على حاملة الطائرات هاري إس ترومان (أ.ب)

ضربات واشنطن المتصاعدة تعطّل فاعلية الحوثيين الهجومية

عطّلت ضربات واشنطن المتواصلة منذ نحو أربعة أسابيع القدرات الهجومية الصاروخية للجماعة الحوثية، إذ لم يسجل منذ 12 يوماً إطلاق أي صاروخ باتجاه إسرائيل

العالم العربي سفينة تجارية في ميناء الحديدة الخاضعة للجماعة الحوثية في اليمن (رويترز)

واشنطن تحذر السفن من تفريغ الوقود في مواني سيطرة الحوثيين

حذرت واشنطن الشركات والسفن من التعامل مع المواني الخاضعة للجماعة الحوثية، لا سيما فيما يتعلق بتفريغ شحنات الوقود، وقالت إنها لن تتسامح مع أي جهة تنتهك هذا الحظر

«الشرق الأوسط» (عدن)

الجيش الأميركي: حاملة الطائرات «ترومان» تواصل عملياتها رغم «ادعاءات» الحوثيين

طائرة المراقبة «هوك آي» تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
طائرة المراقبة «هوك آي» تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT
20

الجيش الأميركي: حاملة الطائرات «ترومان» تواصل عملياتها رغم «ادعاءات» الحوثيين

طائرة المراقبة «هوك آي» تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
طائرة المراقبة «هوك آي» تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

قالت القيادة المركزية الأميركية، يوم الجمعة، عبر منصة «إكس»، إن مجموعة حاملة الطائرات «هاري ترومان» تواصل عملياتها رغم «ادعاءات» الحوثيين.

ونشرت القيادة المركزية الأميركية، أمس، مقطع فيديو يظهر انطلاق الطائرات من الحاملة «هاري ترومان» لقصف أهداف تابعة لجماعة الحوثي في اليمن. كما أعلنت وصول حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية إلى منطقة عمليات القيادة المركزية.

وتشن جماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن، هجمات على إسرائيل وعلى السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 دعماً للفلسطينيين في غزة. وتسبّبت هجمات الحوثيين في تعطيل التجارة العالمية، ودفعت الولايات المتحدة إلى مهاجمة أهداف مرتبطة بالجماعة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر في 15 مارس (آذار) ببدء حملة عسكرية ضد جماعة الحوثي، متوعداً إياها باستخدام «قوة مميتة» و«القضاء الكامل» على قدراتها، في إطار مسعى واشنطن لوقف تهديدات الجماعة للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، ولردع الهجمات المتكررة التي تستهدف إسرائيل.

وتعلن جماعة الحوثي بين الحين والآخر أنها تشن عمليات بالصواريخ والطائرات المسيرة تستهدف حاملة الطائرات «هاري ترومان» والسفن المرافقة لها التي تتمركز في البحر الأحمر، والتي تنطلق منها الطائرات لتقصف أهدافاً للجماعة في اليمن.