إجماع يمني على تحميل الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية

ناشطون شككوا في فاعلية الغارات من دون عمل بري

خلال تجهيز الصواريخ على متن حاملة الطائرات «ترومان»... (الجيش الأميركي)
خلال تجهيز الصواريخ على متن حاملة الطائرات «ترومان»... (الجيش الأميركي)
TT
20

إجماع يمني على تحميل الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية

خلال تجهيز الصواريخ على متن حاملة الطائرات «ترومان»... (الجيش الأميركي)
خلال تجهيز الصواريخ على متن حاملة الطائرات «ترومان»... (الجيش الأميركي)

على الرغم من التزام الجانب الحكومي اليمني الصمت إزاء الضربات الأميركية؛ التي استهدفت مخابئ ومواقع عسكرية للجماعة الحوثية في صنعاء و5 محافظات، فإن ردود الفعل من قِبل الشارع والنشطاء السياسيين أظهرت تبايناً في المواقف بين مؤيد هذه الضربات وآخر يشكك في فاعليتها، لكن آراء هؤلاء تُجمع على تحميل الجماعة الحوثية المسؤولية عن استدعاء مثل هذه الضربات.

وفي حين كانت الضربات هذه المرة مفاجئة وغير متوقعة، فإنها أتت مغايرة لما عرفه اليمنيون من ضربات نفذتها المقاتلات الأميركية طيلة عام كامل رداً على الهجمات المتواصلة للحوثيين على حركة الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وركزت الضربات الجديدة على استهداف مراكز للقيادة والسيطرة، وبعضها استهدف تجمعات لقيادات عسكرية، وثالثة على أجهزة المخابرات، وامتدت رقعة الاستهداف لتصل إلى مواقع تخزين الصواريخ والمسيّرات ومنصات إطلاقها في 6 من المحافظات، وكان لمحافظة صعدة، التي يختبئ فيها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، النصيب الأكبر من الغارات.

ووسط تأكيد سكان في العاصمة اليمنية المختطفة من قبل الحوثيين أن قوة الانفجارات كانت من الشدة بحيث أشاعت حالة من الرعب غير المسبوق، وألحقت أضراراً في عدد من المساكن البعيدة عن المواقع المستهدفة في جنوب غربي المدينة، أظهر نشطاء في مناطق سيطرة الحكومة مواقف متناقضة تجاه تلك الغارات، ففي حين عبروا عن تعاطفهم مع المدنيين، فقد ساندوا «استهداف قادة الحوثيين الذين كانوا السبب في تشريد أكثر من 4 ملايين شخص بانقلابهم على السلطة الشرعية».

لحظة الانطلاق لاستهداف مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
لحظة الانطلاق لاستهداف مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

ويؤكد ناشط يمني يدعى «صالح» أن «بقاء سيطرة الحوثيين على صنعاء وتنفيذهم أجندات خارجية، سيجعل المدينة وبقية المحافظات في شمال البلاد عرضة للاستهداف»، ويقول إن «تجنيب المدنيين أي أضرار؛ سواء في تلك المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفي عموم البلاد، من أي عدوان خارجي يرتبط بالخلاص من الجماعة الحوثية؛ لأنها السبب الرئيسي الذي جلب البوارج وقاذفات القنابل».

جذر المشكلة

يرى نشطاء ومعلقون يمنيون أن «الدعم الإيراني لانقلاب الحوثيين على الدولة، هو جذر المشكلة، وبقاء الانقلاب يعني استدعاء مثل هذه الاعتداءات الخارجية»، ويجزمون بأن «تجنيب اليمنيين كل هذه الويلات مرتبط بتخلي الجماعة الحوثية عن المقامرة واستخدام المناطق التي تحت سيطرتها لتهديد مصالح العالم». ويصفون الحوثيين بأنهم «جماعة منفلتة، أسقطت الدولة، وقوضت قيم التعايش، وانتهكت كل شيء وقع تحت يدها»، ويقولون إنه «آن الأوان كي يتوقف كل هذا».

وكان الناشط السياسي، خالد بقلان، أكثر حدة في رده على الانتقادات التي وجهت للضربات، وقال إنه «لا عدو لليمنيين إلا الحوثي ومن يقف خلفه، وأي طرف دولي أو إقليمي أو محلي يواجه الحوثيين، فأنه معه»، ويضيف: «أنا لا أقبل تبرير أي موقف؛ لأن البلاد في حرب، ومن يتألم على الحوثي، فعليه أن يصطف معه بشكل واضح، دون مواربات أو خداع».

الضربات الأميركية حولت ليل صنعاء إلى نهار (إعلام محلي)
الضربات الأميركية حولت ليل صنعاء إلى نهار (إعلام محلي)

ويتفق معه في ذلك الناشط «هشام»، الذي يقطع بـ«عدم إمكانية وقف الصواريخ الأميركية بالدموع على الضحايا المدنيين ولا بالسخط، ولكن بتوجيه السلاح نحو جماعة الحوثي التي حولت المناطق التي تحت سيطرتها إلى مركز لنشر الإرهاب في عموم المنطقة».

ويقول إن الحوثيين قبلوا بـ«تأجير» صنعاء والمحافظات التي حولها؛ «لمصلحة طهران لتفتعل كل هذه الحرب وكل هذا الدمار»، ويؤكد أنه «باستعادة تلك المحافظات، فلن تكون هناك حاجة لأي دولة كي تقصف أي مكان في البلاد»، ويدلل على ذلك بأن «صنعاء لم تُقصف قبل سيطرة الحوثيين عليها»، ويجزم بأنها لن تُقصف بعد زوال هذه السيطرة.

ومع التشكيك في نجاح الضربات الجوية من دون تحرك بري، يرى ناشطون آخرون أن «هذه الضربات إذا نجحت في منع الحوثيين من استهداف إسرائيل وقيدت الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر، فإنه عندها يمكن القول إن واشنطن حققت نجاحاً فعلياً؛ لأن نجاح العمليات العسكرية وفق رؤيتهم يحتاج إلى تحرك على الأرض، وذلك يتطلب تسليح القوات الحكومية وتوفير خطوط إمدادات، وهو ما لم يحدث حتى الآن».

ويذهب أحد النشطاء، ويُدعى «أنور»، إلى أن «عدم تنسيق واشنطن مع الأطراف الداخلية اليمنية لتنفيذ عمليات برية وبالتزامن مع استهداف الحوثيين بالقصف الجوي لن يؤدي إلى النتائج المرجوة؛ لأن (القصف بالتقسيط) سيكون بمثابة عرض لمساومتهم للتوقف عن تهديد المصالح الخارجية مقابل بقاء سيطرتهم على تلك المناطق».


مقالات ذات صلة

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

العالم العربي الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

تعهد مسؤولون أميركيون شن المزيد من الضربات في اليمن حتى يقرر الحوثيون وقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، كما هددوا باتخاذ إجراءات ضد إيران التي قالوا.

بدر القحطاني (لندن) علي ربيع (عدن)
العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ) play-circle

غوتيريش يدعو إلى ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية باليمن

قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الأمين العام دعا إلى «أقصى درجات ضبط النفس ووقف جميع الأنشطة العسكرية في اليمن».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

الإرياني: الحوثيون يتحمّلون مسؤولية ضربات ترمب

حمل وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، الحوثيين مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية التي أمر بها ترمب، واتهمهم بأنهم اختاروا التصعيد تنفيذاً لرغبات إيران.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب) play-circle 02:30

ترمب ينقل المواجهة مع الحوثيين إلى خانة «القوة المميتة»

نقل الرئيس الأميركي دونالد ترمب المواجهة مع الجماعة الحوثية من «رد الفعل» على الهجمات إلى «القوة المميتة» وسط تشكيك في إمكانية ردع الجماعة دون عمل بري.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الرئيس الأميركي لدى وصوله إلى نادي ترمب للغولف في ويست بالم بيتش الأحد (أ.ب) play-circle 00:36

واشنطن تعلن مقتل قيادات حوثية أساسية... وترمب يضع الجماعة أمام واقع جديد

أعلن البيت الأبيض مقتل قيادات حوثية خلال الحملة العسكرية الأميركية ضد الحوثيين. وتحدثت «الشرق الأوسط» مع مجموعة باحثين يمنيين وغربيين لقراءة التداعيات.

بدر القحطاني (لندن)

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون
TT
20

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

الضربات الأميركية تقتل قيادات... والحوثيون يتوعدون

تعهد مسؤولون أميركيون شن المزيد من الضربات في اليمن حتى يقرر الحوثيون وقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، كما هددوا باتخاذ إجراءات ضد إيران التي قالوا إنها تدعمهم. وأعلنت الولايات المتحدة، أمس (الأحد)، أن ضرباتها قتلت «العديد» من قادة الحوثيين في اليمن، حيث أعلنت الجماعة المدعومة من إيران مقتل 31 شخصاً بينهم أطفال، وفقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز إن الضربات الأميركية قتلت «العديد» من قادة الحوثيين في اليمن، موجهاً تحذيراً إلى إيران بوجوب التوقف عن دعم الجماعة وهجماتها على السفن في البحر الأحمر، وفقاً لمقابلة أجراها المستشار مع شبكة «إيه بي سي» أمس.

ترمب
ترمب

ولاحقاً مساء أمس، قال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين في اليمن إن الجماعة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان والقطع الحربية التابعة لها بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، رداً على الهجمات الأميركية. وأضاف في بيان نقلته «رويترز» أن القوات الحوثية «لن تتردد في استهداف جميع القطع الحربية الأميركية في البحرين الأحمر والعربي».

وقال مصطفى نعمان، نائب وزير الخارجية اليمني، لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة تمادت في وهمها بأنها قادرة على الدخول في مواجهة مع العالم كله، مضيفاً: «لقد جلبت الويلات لبلادنا والأبرياء».