السيسي يطمئن المصريين ويحذر من «الإشاعات»

أكد أن التطرف لن يجد في بلاده بيئة حاضنة له أو متهاونة معه

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يطمئن المصريين ويحذر من «الإشاعات»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

حمل خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ73 لـ«عيد الشرطة»، رسائل «طمأنة» بشأن قدرة بلاده على مواجهة التحديات، وهي رسائل باتت «تشكل خطاً دائماً» في خطابات السيسي الرسمية، لا سيما مع ما تشهده المنطقة من تطورات جيوسياسية متلاحقة، وما تعانيه القاهرة من مصاعب اقتصادية، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وكان الرئيس المصري وجه رسائل طمأنة مماثلة في مناسبات عدة آخرها الشهر الحالي خلال تفقده للأكاديمية العسكرية، وقبلها خلال احتفال الأقباط بعيد الميلاد.

وحِرص الرئيس المصري على «طمأنة» المواطنين بدا واضحاً مع بداية كلمته في ختام الاحتفال الذي أقيم بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، الأربعاء، مؤكداً أن «بلاده تسير في الطريق الصحيح رغم التحديات». وقال في كلمة مرتجلة: «لا أحد يستطيع أن يمس مصر، رغم ما يتردد من إشاعات وأكاذيب ومحاولات لاستهدافنا».

وأضاف السيسي: «رغم ما يحدث من تطورات وتحديات نطمئن الشعب المصري... نحن لا نعتدي ولا نتآمر على أحد، بل نعمر ونبني داخل بلادنا وحدودنا». وتابع: «الاطمئنان ليس مرده قدرة الجيش والشرطة فقط. وإنما هو مسار انتهجناه وقيم نمارسها وليس فقط نرددها، تدعو إلى الشرف والاحترام والعزة والكرامة والبناء»، مشدداً على «ضرورة وعي المجتمع بالمشكلات التي تحيط بالبلاد والتي لم تنته».

وأكد السيسي أن «مصر دولة كبيرة ولا يمكن لأحد تهديدها»، موضحاً أن «اجتماعه مع قيادات الدولة والمحافظين ومديري الأمن في القيادة الاستراتيجية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان لمراجعة الاستعدادات والخطط من أجل أمن مصر».

وقال: «عندما عقدنا الاجتماع، تساءل الكثير عن سبب انعقاده، ونحن بوصفنا دولة كبيرة، 120 مليون نسمة تقريباً بضيوفها، وبالتالي لابد أن نكون منتبهين ويقظين جداً». وأضاف أن «الأحداث الكثيرة التي وقعت خلال الشهور الماضية والتطورات على الحدود المختلفة، قد تكون أثرت على قلق المصريين، وهذا القلق مشروع، ولا بأس أن يشعر المصري بالخوف على وطنه».

وأكد الرئيس المصري أن «زيادة الإشاعات والكذب تعني زيادة الاستهداف، ما قد يجعل البعض يعتقد أن الأمر أصبح يسيراً وأنه من الممكن أن يقترب أحد من البلد، ولكن لن يقدر أحد على ذلك».

وفي كلمته الرسمية أشار الرئيس المصري إلى أن «التطرف بوجهه البغيض وتلونه المكشوف لن يجد في بلاده بيئة حاضنة له أو متهاونة معه»، وقال: «الشعب المصري يعتز بوسطيته، ويرفض التطرف بكل أشكاله... ومهما فعل الأعداء من محاولات لزرع الأفكار الهدامة ونشر الإشاعات المغرضة، فمحكوم عليها بالعدم».

وجدد السيسي التأكيد أن بلاده «تسير في الطريق الصحيح»، مشدداً على «السعي بجدية لإجراء المزيد من الخطوات المتتابعة لتعزيز دور القطاع الخاص، وتحسين مسـتوى معيشة المواطن».

وجاء خطاب السيسي محملاً برسائل عدة للداخل والخارج، بحسب الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج، الذي أشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الطمأنة كانت الرسالة الأهم والأبرز في الخطاب»، موضحاً أنه «في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها الدول المجاورة لمصر، فإنه من الطبيعي أن يستشعر المصريون الخطر، ويشعروا بالقلق، من هنا تأتي أهمية حديث الرئيس ومحاولته طمأنة المصريين».

وقال فرج: «الخطاب تضمّن تأكيداً على قوة وقدرة الجيش والشرطة في الدفاع عن البلاد، إضافة إلى التذكير بأن مصر استطاعت دحر الإرهاب»، مشيراً إلى أن «رسائل الطمأنة ليست موجهة للمصريين فحسب، بل للمستثمرين أيضاً، فدون الأمن والاستقرار لن يكون هناك استثمار».

وأضاف: «حمل خطاب الرئيس رسائل لمن يهمه الأمر بأن مصر قادرة على تجاوز التحديات وأنها لن تسمح لأحد بالمساس بأمنها وسيادتها واستقرارها».

ويلفت فرج إلى نقطة أخرى تضمّنها خطاب السيسي، وهي التحذير من خطورة الإشاعات، موضحاً أنه في «في ظل حروب الجيل الرابع والخامس باتت الإشاعات سلاحاً خطيراً يمكن أن يزعزع استقرار الدول، ومن هنا وجب التحذير منها والتأكيد على ضرورة التنبه لها ولخطورتها على وحدة البلاد».

بدوره، أكد مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، أن «طمأنة المصريين باتت خطاً دائماً في خطابات الرئيس المصري وفي مختلف المناسبات، لا سيما مع ما تمر به البلاد من أزمات اقتصادية ومعيشية، تضاف إلى أوضاع غير مستقرة في المنطقة، ومناخ إقليمي مليء بالتحديات».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن خطاب الطمأنة مهم لأنه يهدئ من مخاوف المصريين المشروعة»، مؤكداً أنه «بالتوازي مع هذا الخطاب فهناك إجراءات عدة تتعلق باستكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي ووضع خطط لمواجهة التحديات، وهو ما أشار له السيسي في حديثه أيضاً».

وفي إطار الاحتفال وضع الرئيس المصري إكليلاً من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الشرطة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، كما ترأس اجتماع المجلس الأعلى للشرطة، ومنح الأوسمة لعدد من أسر شهداء الشرطة والأنواط لعدد من الضباط المكرمين.


مقالات ذات صلة

السيسي يعوّل على «تماسك» المصريين أمام «تحديات استثنائية» تواجه المنطقة

تحليل إخباري الرئيس المصري يلقي كلمته في احتفالية ليلة القدر (الرئاسة المصرية)

السيسي يعوّل على «تماسك» المصريين أمام «تحديات استثنائية» تواجه المنطقة

يُعول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «تماسك وصلابة» المصريين، في مواجهة «تحديات استثنائية» تمر بها المنطقة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التجارة والصناعة المغربي خلال لقاء السفير المصري بالرباط (الخارجية المصرية)

مصر والمغرب لتعزيز الشراكة عقب أزمة «التدابير التجارية»

خطوات متواصلة تتخذها القاهرة والرباط لتفادي أزمة «التدابير التجارية» التي اندلعت قبل شهر، عبر تعزيز اللقاءات ومسارات الشراكة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
رياضة عربية الأولمبية قالت إن الأهلي لم يطلب رسميا استقدام طاقم حكام أجنبي ( الأولمبية المصرية)

اللجنة الأولمبية المصرية ترفض شكوى الأهلي بشأن مباراة القمة

رفضت اللجنة الأولمبية المصرية اليوم الأربعاء شكوى الأهلي بشأن الإجراءات التي اتخذتها رابطة الأندية المصرية المحترفة لكرة القدم فيما يتعلق بمباراة القمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية حسام حسن (أ.ب)

مدرب مصر: إمام عاشور يجب أن يعتذر!

أشاد حسام حسن مدرب منتخب مصر لكرة القدم بجهود لاعبيه مؤكدا رضاه التام عن الأداء في الفوز 1-صفر على سيراليون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
رياضة عربية هدف عالمي على طريقة «رابونا» (مقطع فيديو متداول)

مصر: الدورات الرمضانية تكشف عن «مواهب مدفونة»

هدف عالمي على طريقة «رابونا» وفرحة جنونية من اللاعبين والجماهير... مشهد جاء بعيداً عن أضواء المستطيلات الخضراء الشهيرة، وكاميرات القنوات الرياضية ومتابعيها.

محمد عجم (القاهرة )

الجيش الأميركي يكثف ضرباته على معاقل الحوثيين في صعدة

مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)
مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)
TT

الجيش الأميركي يكثف ضرباته على معاقل الحوثيين في صعدة

مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)
مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» تستعد لضرب الحوثيين في اليمن (رويترز)

كثّف الجيش الأميركي ضرباته على مواقع الحوثيين ومخابئهم في صعدة شمال اليمن، حيث معقلهم الرئيس، في الأسبوع الثاني من الحملة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب لإرغام الجماعة على وقف هجماتها ضد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حين أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقي نحو 17 غارة جوية على مدينة صعدة وأريافها ليل الثلاثاء - الأربعاء، امتدت الضربات إلى محافظة عمران المجاورة، وسط تكتم على آثار هذه الضربات التي يعتقد أنها تستهدف مخابئ محصنة للأسلحة والقادة.

وإذ تبنت الجماعة الحوثية مهاجمة إسرائيل وحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالطائرات المسيرة، لم يؤكد الجيش الإسرائيلي ولا القيادة المركزية الأميركية هذه المزاعم.

وأورد إعلام الجماعة أن 17 غارة استهدفت صعدة، حيث شملت شرقي المدينة ومنطقة آل سالم ومديرية سحار التي استقبلت لوحدها سبع غارات، كما شملت الغارات محيط مدينة صعدة ومديرية حرف سفيان المجاورة إلى الجنوب والتابعة لمحافظة عمران.

ولم يورد الجيش الأميركي تفاصيل حول هذه الضربات، كما لم تورد الجماعة الحوثية أي معلومات بخصوص طبيعة الأهداف المقصوفة، أو عدد الضحايا، غير أن مراقبين يتكهنون بتلقي تحصينات الجماعة ومستودعاتها ومقراتها ضربات موجعة.

ومع هذه الضربات تكون محافظة صعدة استقبلت مع اقتراب نهاية الأسبوع الثاني من الحملة الأميركية الحصة الكبرى من الضربات التي بلغت نحو 135 غارة منذ 15 مارس (آذار) الجاري، إلى جانب صنعاء والحديدة والجوف وذمار وحجة والبيضاء وذمار.

وكان ترمب أمر في 15 مارس الجاري ببدء حملة ضد الحوثيين، توعدهم خلالها بـ«القوة المميتة» وبـ«القضاء عليهم تماماً» في مسعى من إدارته لحماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات الجماعة المدعومة من إيران.

وتدعي الجماعة أنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال استهداف السفن الإسرائيلية وعبر الصواريخ والمسيرات بعد أن تعثرت المرحلة الثانية من الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس».

آثار ضربة أميركية في موقع حوثي شمال اليمن (رويترز)

وتضاف هذه الغارات إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية أميركية وبريطانية استقبلتها في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، دون أن يحدّ ذلك من قدرتها على الهجمات في البحر وباتجاه إسرائيل.

ورغم تصريح إدارة ترمب بأن حملتها ضد الحوثيين ستكون مختلفة عن طريقة بايدن الدفاعية لتشمل استهداف القادة ومخابئهم، لا تتوقع الحكومة اليمنية ولا المراقبون العسكريون نتائج مختلفة بسبب عدم وجود قوة على الأرض يمكنها إنهاء تهديد الجماعة بشكل نهائي.

مزاعم عن هجمات

في مواجهة الحملة الأميركية، زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، أنها هاجمت إسرائيل بعدد من الطائرات المسيرة، وهي أول مرة تتبنى فيها الجماعة إطلاق المسيرات منذ عودة تصعيدها تجاه تل أبيب، حيث اقتصرت هجمات الأسبوع الماضي على إطلاق سبعة صواريخ باليستية أكد الجيش الإسرائيلي اعتراضها.

وفي حين لم يتحدث الجيش الإسرائيلي عن هذه الهجمات المسيّرة، زعم المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع استهداف القطع الحربية المعادية في البحر الأحمر وعلى رأسها حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان».

ومع عدم وجود أي دلائل على تأثير هذه الهجمات، كانت الجماعة تبنت مهاجمة القوات الأميركية نحو 9 مرات بالصواريخ والمسيرات، وهو أمر يرى فيه المراقبون نوعاً من الدعاية الموجهة إلى أتباع الجماعة.

صواريخ ومسيرات حوثية وهمية معروضة في أحد شوارع صنعاء لرفع معنويات أتباع الجماعة (أ.ف.ب)

وكانت الجماعة الحوثية دخلت على خط التصعيد ضد إسرائيل بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأطلقت نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة، دون أن يكون لها أي تأثير عسكري باستثناء مقتل شخص واحد في 19 يونيو (حزيران) الماضي حينما انفجرت مسيرة في إحدى الشقق.

وتبنت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حتى هدنة غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مهاجمة 211 سفينة، وأدّت الهجمات إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة.

وبعد دخول الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت الجماعة أعلنت التوقف عن هجماتها البحرية وباتجاه إسرائيل، قبل أن تقفز مجدداً للانخراط في الصراع مع تعثر المرحلة الثانية من الهدنة.

وتسود مخاوف يمنية من هجمات إسرائيلية انتقامية ضد المناطق الخاضعة للحوثيين على غرار 5 موجات شهدها العام الماضي استهدفت البنى التحتية في صنعاء والحديدة، بما فيها المطار والميناء ومحطات الكهرباء.