الحكومة اليمنية تندد باستدعاء الحوثيين الضربات الإسرائيلية

خروق انقلابية للتهدئة في جبهتيْ تعز والساحل

صورة من كاميرا مراقبة وزعها الحوثيون تظهر لحظة استهداف غارة إسرائيلية برج مطار صنعاء (أ.ف.ب)
صورة من كاميرا مراقبة وزعها الحوثيون تظهر لحظة استهداف غارة إسرائيلية برج مطار صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الحكومة اليمنية تندد باستدعاء الحوثيين الضربات الإسرائيلية

صورة من كاميرا مراقبة وزعها الحوثيون تظهر لحظة استهداف غارة إسرائيلية برج مطار صنعاء (أ.ف.ب)
صورة من كاميرا مراقبة وزعها الحوثيون تظهر لحظة استهداف غارة إسرائيلية برج مطار صنعاء (أ.ف.ب)

وسط خروق حوثية للتهدئة القائمة مع الجيش اليمني في جبهتيْ تعز والساحل الغربي، جددت الحكومة الشرعية إدانتها لما وصفته بـ «الاستدعاء الحوثي» للضربات الإسرائيلية على المنشآت الحيوية في مناطق سيطرة الجماعة دون اكتراث لمعاناة السكان.

وكانت الجماعة المدعومة من إيران قد كثفت أخيراً من هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيَّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وهو ما جعل إسرائيل ترد بضربات انتقامية للمرة الرابعة مستهدفةً البنى التحتية في صنعاء والحديدة بما فيها المطار والمواني ومحطات الكهرباء.

وجاء التنديد اليمني على لسان معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الشرعية، وسط مخاوف السكان في مناطق سيطرة الحوثيين من هجمات انتقامية أوسع، خصوصاً بعد التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار قادته.

وقال الإرياني في تصريحات رسمية إن «ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، تواصل استدعاء الضربات العسكرية، في ظل سياسات تدمير ممنهجة للاقتصاد الوطني، دون أي اكتراث لمعاناة المواطنين، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الكارثية».

وأضاف: «المُواطن اليمني يدفع الثمن الأكبر للحروب المدمِّرة التي أشعلتها ميليشيات الحوثي الإرهابية، بتخطيط وتمويل وتسليح إيراني، منذ انقلابها الغاشم على الدولة في 2014».

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وأعاد الوزير اليمني التذكير بحجم التدمير الذي قامت به الجماعة الحوثية ضد المؤسسات الحكومة في مناطق سيطرتها، بما في ذلك سيطرتها على البنك المركزي في صنعاء والبنوك الحكومية والأهلية بالقوة، وتحويل موارد الدولة لتمويل الحرب، ما أدى إلى انهيار العملة الوطنية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وزيادة معدلات المجاعة بشكل غير مسبوق، وتعميق حجم المعاناة الإنسانية في البلاد.

وأشار الإرياني إلى أن الميليشيات الحوثية أوقفت منذ عام 2015 صرف مرتبات موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها بالقوة، واتهمها بإفشال جميع الاتفاقات التي رعتها الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الجهود التي اتخذتها الحكومة الشرعية من طرف واحد لإعادة انتظام صرف المرتبات بعد فرضها انقساماً نقدياً في يناير (كانون الثاني) 2020، ومنعها تداوُل العملة النقدية الجديدة.

تدمير الاقتصاد

تَطَرَّقَ الإرياني في تصريحاته إلى ما فرضته الجماعة الحوثية من ضرائب غير قانونية على التجار والمواطنين، وقال إن ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، لتضيف عبئاً إضافياً على الأسر اليمنية التي تعاني من الفقر والجوع، ووصف سلوك الجماعة بأنه «ليس مجرد ممارسات فساد مالي، بل تصرفات عصابات تهدف إلى نهب الموارد، وإدامة معاناة الشعب، دون أدنى اعتبار لحقوق المواطنين».

واتهم وزير الإعلام اليمني الجماعة بأنها تواصل فرض الرسوم والإتاوات غير القانونية، وسرقة المساعدات الإنسانية التي كان من المفترض أن تكون طوق نجاة لآلاف اليمنيين، وتحويلها إلى السوق السوداء لبيعها وتمويل حروب لا تنتهي، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني، وفق تعبيره.

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

ودعا الإرياني المجتمع الدولي إلى إدراك حقيقة أن تلاعُب الحوثيين بالاقتصاد ليس مجرد جريمة داخلية، بل تهديد خطير لاستقرار المنطقة بأسرها، وقال: «هذه السياسات لا تفاقم الأزمة الإنسانية، وتعوق جهود الإغاثة فقط، بل تضعف أيضاً أي محاولات للتنمية المستقبلية في اليمن، ما يطيل أمد الأزمة، ويزيد من تعقيد الحلول الممكنة».

وأكد الوزير اليمني أن المجتمع الدولي مُطالب بالتوحد في مواجهة الجماعة الحوثية، واتخاذ موقف حاسم ضد «مشروعها الإرهابي التخريبي»، وذلك عبر الشروع الفوري في تصنيفها «جماعة إرهابية عالمية»، وملاحقة قياداتها أمام المحاكم الجنائية الدولية على الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين، فضلاً عن أنشطتهم الإرهابية التي تمثل انتهاكاً سافراً للقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية.

تصعيد في تعز

بموازاة الهجمات التي تنفذها الجماعة الحوثية باتجاه إسرائيل في سياق سعيها لاستجلاب مزيد من الخراب، صعَّدت من خروقاتها الميدانية في الداخل اليمني ضد القوات الحكومية لا سيما في محافظة تعز ومناطق التماس في الساحل الغربي.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن الجماعة المدعومة من النظام الإيراني، استهدفت، الأحد، بقذائف المدفعية، مواقع الجيش في منطقة «الدفاع الجوي»، ومنازل المدنيين في حي الأربعين ومنطقة الشقب في محافظة تعز (جنوبي غرب).

ونقلت وكالة «سبأ» عن مصدر عسكري قوله: «إن الميليشيات الحوثية صعَّدت من القصف، واستهدفت بقذائف (الهاون) المنازل والقرى في منطقة الشقب جنوب شرقي مدينة تعز، والأحياء السكنية في منطقة (الأربعين) ومواقع الجيش شمال غربي المدينة».

مجسم طائرة وهمية من صنع الحوثيين خلال تظاهرة للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

وعلى وقع الانتهاكات الحوثية في مناطق التماس في الساحل الغربي اليمني، شهدت مدينة حيس التابعة لمحافظة الحديدة، وقفة احتجاجية حاشدة للتنديد بـ«الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ميليشيات الحوثي الإرهابية بحق أبناء منطقة الحيمة الساحلية في مديرية التحيتا، وفي مديرية مقبنة غرب تعز.

وطبقاً للإعلام الحكومي طالب المحتجون المجتمع الدولي، وفي المقدمة بعثة الأمم المتحدة (أونمها)، بتحمُّل مسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية، والضغط على الحوثيين لإيقاف استهداف المدنيين بالمقذوفات والطيران المسيّر، ووقف الجرائم التي تهدد السلم والأمن المحليين والإقليميين.

وأكد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية أن «مجازر الحوثي المرتكَبة بحق المدنيين، في التحيتا ومقبنة هي جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب مكتملة الأركان لا تسقط بالتقادم».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

بعد غياب عن صنعاء لأكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إليها، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح المعتقلين الأمميين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

في خطوة غير مسبوقة أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حرباً لمواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام وملاحقة المتهمين في الداخل والخارج.

علي ربيع (عدن)
الحوثيون ينفذون عملية تعبئة عسكرية بمناطق سيطرتهم للسكان والقطاعات بمن فيهم طلبة المدارس (إ.ب.أ)

اليمن: انتهاكات انقلابية تستهدف قطاع التعليم في عمران

نفذ الحوثيون موجة جديدة من الانتهاكات استهدفت قطاع التعليم ومنتسبيه في عمران شملت تغيير أسماء مدارس وإرغام المعلمين والطلبة على التعبئة الفكرية والعسكرية 

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن يرغمون جميع الموظفين العموميين على حمل السلاح

أرغم الحوثيون جميع الموظفين العموميين، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة إسرائيل.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.