«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

السيسي يعدّ استمرار الحرب الإسرائيلية تحدياً لـ«الشرعية الدولية»

آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)
آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)
آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)

جهود مكثفة للوسطاء تسابق الزمن لإبرام هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، وسط تسريبات إعلامية للمفاوضات التي تفرض عليها سرية كبيرة، تشير لوجود «فجوات»، وأخرى تتحدث عن «تقدم» بمسار المحادثات الذي يشهد زخماً، منذ إعلان فوز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة، الشهر الماضي، بعد أسابيع من الجمود.

تحركات الوسطاء تأتي وسط «تفاؤل» أميركي رسمي بإمكانية حدوث اتفاق، وتأكيد القاهرة أن استمرار الحرب الإسرائيلية يعد تحدياً لقرارات الشرعية الدولية. وإزاء تلك المشاهد يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الصفقة باتت وشيكة حال نجحت جهود «تقليص الفجوات»، وقدم طرفا الحرب «تنازلات حقيقية» في ظل ضغط الوقت الذي حدده ترمب بتنفيذ الهدنة قبل 20 يناير (كانون الثاني)، موعد وصوله للسلطة.

وبحسب مصدر فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن المحادثات تنصبّ على حالياً على «سد الفجوات التي تقوم إسرائيل بفتحها»، خاصة المتعلقة بعدد الرهائن، وإبعاد عدد من الأسرى الفلسطينيين أصحاب الأحكام الكبيرة خارج فلسطين، وطلب الحصول على قائمة بأسماء الرهائن الأحياء، وهناك تحفظات من «حماس» موجودة على الطاولة، متوقعاً إمكانية التوصل لتفاهمات تقرب وجهات النظر على أن يكون هناك اتفاق الأسبوع المقبل حال حدث ذلك.

فيما نقلت «رويترز»، الخميس، عن مصادر مطلعة قولهم إن وسطاء أميركيين وعرباً يكثفون جهودهم على مدار الساعة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، لافتين إلى أن «الوسطاء تمكنوا من تضييق بعض الفجوات بشأن النقاط العالقة، لكن بعض الاختلافات الأخرى لا تزال قائمة».

فلسطينيون يتفقدون موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل جنوب غزة (رويترز)

ودارت مناقشات، الثلاثاء الماضي، حول أعداد وفئات أولئك الذين سيتم إطلاق سراحهم، لكن الأمور لم تحسم بعد، فيما برزت من بين نقاط الخلاف طلب إسرائيل الاحتفاظ بالحق في التعامل مع أي تهديد عسكري محتمل من غزة، وتمركز القوات الإسرائيلية خلال مراحل الاتفاق، وفق «رويترز».

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن تلك المساعي والجهود من الوسطاء تعزز حالة من التفاؤل بإمكانية التوصل لاتفاق قريب، وتقليص الفجوات التي يثيرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لافتاً إلى أن الحديث الدائر عن الرهائن والأسرى يمكن تجاوزه والوصول لتفاهمات فيها وأي خلاف يؤجل لمرحلة ثانية، مع أي أهمية تقديم تنازلات حقيقية لا سيما من إسرائيل بهذه المرحلة.

جزء من هذا التفاؤل تعبر عنه وسائل إعلامية بإسرائيل، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور خالد سعيد، مشيراً إلى أن هناك حديثاً عن تحقيق تقدم جراء جهود الوسطاء الحالية، ووجود وفد إسرائيلي في قطر، وآخر سيتوجه إلى القاهرة، الخميس أو الجمعة، لاستكمال مسارات المحادثات.

وهناك مجموعة أخرى في إسرائيل، وفق سعيد، تروج إلى عدم وجود أجواء إيجابية، وأن القرار وحده في يد نتنياهو، وبالتالي غير متفائلة بإمكانية إبرام الاتفاق.

بينما لا يزال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، «متفائلاً» بإمكان التوصّل خلال الأيام المتبقية من ولاية الرئيس جو بايدن إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» رافضاً في مداخلة أمام «مجلس العلاقات الخارجية» في مركز الأبحاث المرموق في نيويورك، الأربعاء، الإدلاء بأي تكهّنات بشأن احتمالات نجاح هذه الجهود، بعدما مُنيت واشنطن بخيبات أمل متتالية في هذا المجال.

وكرّر بلينكن خلال كلمته ما سبق أن أدلى به، الأسبوع الماضي، خلال رحلته الثانية عشرة إلى الشرق الأوسط، حين قال إن «حماس» باتت أكثر جنوحاً إلى المفاوضات؛ بسبب الضربات المتتالية التي تلقّتها داعمتها إيران.

فيما شدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في كلمة بقمة مجموعة الثماني بالقاهرة، الخميس، على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، مؤكداً أن استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني تمثل تحدياً لقرارات الشرعية الدولية.

وجاءت كلمة الرئيس المصري بنهاية أسبوع حاسم مليء بالمحادثات كان أبرزها حديث وسائل إعلام أميركية عن زيارة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، الأربعاء إلى الدوحة؛ لبحث النقاط العالقة، حيث توجد حالياً فرق فنية لبحث الاتفاق.

ووفق مسؤول أميركي تحدث لموقع «أكسيوس»، الثلاثاء، فإن مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكجورك، موجود بالدوحة؛ للمشاركة في المحادثات التي تضم مسؤولين قطريين ومصريين وإسرائيليين، في حين قال مسؤولون إسرائيليون إن وفد بلادهم الذي وصل، الاثنين، ضم ممثلين عن جهازَي «الموساد»، و«الشاباك» والجيش الإسرائيلي.

وشهد الأسبوع الحالي أيضاً اتصالاً لافتاً بين بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الأحد، بشأن مفاوضات غزة، تلاه وصول مستشار ترمب لشؤون الرهائن، آدم بوهلر إلى إسرائيل، الاثنين. وسبقته زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك، رونين بار، للقاهرة، قبل نحو أسبوع لبحث اتفاق الهدنة، بالتزامن مع لقاء رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق، حسب «أكسيوس»، وتلاها وصول مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إلى إسرائيل وقطر ومصر، والتشاور بشأن الصفقة، بهدف «سد الثغرات النهائية».

وبرأي الرقب، فإن هذه التحركات وجهود تقليص الفجوات، قد تمهدان لاتفاق قبل نهاية الأسبوع المقبل، حال نجحت في تقريب وجهات النظر، لافتاً إلى أن التفاؤل الأميركي منبعه ضغوط واشنطن المتواصلة والداعمة لتحركات القاهرة وقطر.

وبرأي سعيد، فإن نتنياهو من يملك إبرام الهدنة أو تعطيلها وزيادة الفجوات رغم مرونة «حماس»، وبالتالي فالاتفاق مهدد بأن يرجع لنقطة الصفر لو تمسك نتنياهو بشروطه، أو يمضي في اتجاه إيجابي لرغبة حليفه ترمب في إنهاء الصفقة قبل وصوله للبيت الأبيض في 20 يناير، كما صرح مؤخراً.


مقالات ذات صلة

طلقة أولى في خطة نتنياهو لإقالة هيرتسي هاليفي

شؤون إقليمية أرشيفية لبنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي خلال إحاطة عسكرية (أ.ف.ب)

طلقة أولى في خطة نتنياهو لإقالة هيرتسي هاليفي

يريد بنيامين نتنياهو توجيه ضربة أخرى للأجهزة الأمنية، يحدّ فيها من استقلاليتها ويفتح الباب أمام توسيع نفوذه عليها.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جندي إسرائيلي بجوار آلة حفر في شمال قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعثر على مُعدات تابعة له في أنفاق بشمال قطاع غزة

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إنه دمَّر أنفاقاً لحركة «حماس» في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، يبلغ طولها مجتمعة نحو 5 أميال (8 كيلومترات).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية أقارب أسرى لدى «حماس» يتظاهرون خارج مكتب السفارة الأميركية في القدس (أرشيفية - أ.ب)

هدنة غزة: تقدم كبير بالمفاوضات... لكن الخواتيم تتطلب أسابيع

هناك فجوات معينة لا يمكن تجاوزها عبر المباحثات الجارية في الدوحة، وتتطلب قرارات من القيادات السياسية لدى إسرائيل و«حماس».

نظير مجلي (تل أبيب )
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة (رويترز)

إسرائيل متهمة بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» و«تطهير عرقي» في قطاع غزة

اتّهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، اليوم، إسرائيل بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» في الحرب التي تخوضها ضدّ حركة «حماس» في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تعبئة ميليشياوية تستهدف منتسبي 3 جامعات يمنية

تعبئة ميليشياوية تستهدف منتسبي 3 جامعات يمنية
TT

تعبئة ميليشياوية تستهدف منتسبي 3 جامعات يمنية

تعبئة ميليشياوية تستهدف منتسبي 3 جامعات يمنية

صعّدت الجماعة الحوثية انتهاكاتها ضد منتسبي الجامعات الحكومية، بما في ذلك عمليات التضييق، والاستبعاد من الوظيفة، وإجبار الطلبة والكادر التعليمي على الانخراط في برامج تعبوية ودورات عسكرية تمهيداً للزج بهم إلى جبهات القتال.

وأكدت مصادر أكاديمية يمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن الممارسات الحوثية الأخيرة تركزت على استهداف منتسبي جامعات إبّ وصنعاء والحديدة، وذلك ضمن مساعٍ لتدمير ما تبقى من قطاع التعليم العالي في المناطق الخاضعة تحت سيطرة الجماعة الانقلابية.

مبنى كلية العلوم التطبيقية والتربوية في مديرية النادرة (فيسبوك)

وتمثل آخر الانتهاكات في اقتحام القيادي الحوثي محمد النُّديش برفقة مسلحين مبنى كلية العلوم التطبيقية والتربوية في مديرية النادرة التابعة إدارياً لجامعة إبّ (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وإرغام الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والموظفين على تلقي دروس تعبوية ودورات قتالية تستمر 15 يوماً، ضمن حملات تجنيد واسعة تستهدف كافة فئات المجتمع.

واشتكى أكاديميون وطلبة من تكرار الانتهاكات ضدهم، وإجبار الجماعة الحوثية لهم عقب اقتحام الكلية على إلحاق أسمائهم في استمارات خاصة بالتعبئة العامة تحت شعار «طوفان الأقصى» والتوقيع عليها، لإلزامهم بالحضور يومياً للاستماع إلى المحاضرات ذات المنحى الطائفي، والالتحاق بدورات قتالية.

وتوعد القيادي النُّديش - بحسب المصادر - المتغيبين عن الحضور بحرمانهم من مواصلة التعليم والرسوب الحتمي في جميع المقررات الدراسية.

البوابة الرئيسة لجامعة إبّ اليمنية (الشرق الأوسط)

ويتزامن ذلك مع استبعاد الجماعة الحوثية خمسة من المدرسين لمادة «الفكر الإسلامي» في جامعة إبّ، وإسناد تدريس مقررات «الثقافة الإسلامية» لآخرين من أتباعها لا يحملون مؤهلات تتناسب مع شروط التدريس لتلك المقررات.

وكان قد سبق للقيادي الحوثي عبد الفتاح غلاب المعين مشرفاً على محافظة إبّ، أن أصدر في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي توجيهاته بتسريح 3 من أعضاء هيئة التدريس لمادة «الثقافة الإسلامية» من ذات الجامعة.

تعبئة مستمرة

توالياً لذلك الاستهداف الذي امتد إلى منتسبي جامعة صنعاء (كبرى الجامعات اليمنية)، فرضت الجماعة على طلاب وطالبات الجامعة المشاركة في مسيرات احتجاجية تقام كل يوم أربعاء، ووعدت بمنح 10 درجات إضافية في كل مادة دراسية لكل من شارك في المسيرات.

وألزمت الجماعة، وفق المصادر، الطلبة المشاركين في المسيرات بتقييد أسمائهم ضمن قوائم تُشرف عليها عمادات الكليات في جامعة صنعاء، حتى يتم بنهاية كل وقفة احتجاجية معرفة الطلبة المتغيبين ليتم معاقبتهم.

واستنكر طلاب وأكاديميون في جامعة صنعاء ذلك الإجراء، وعدوه انتهاكاً صارخاً لحقوقهم وتكريساً لـ«ملشنة» التعليم الجامعي؛ إذ باتت الدرجات الدراسية أداة ضغط لدفعهم للمشاركة في فعاليات تعبوية لا تخدم التعليم.

مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون في جامعة الحديدة (إعلام حوثي)

وفيما يخص جامعة الحديدة في المحافظة الساحلية التي تحمل الاسم نفسه، أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، بوجود مساعٍ حوثية لشن موجة جديدة من التعسفات تستهدف منتسبي الجامعة خلال الأيام القليلة المقبلة.

ويأتي هذا التوجه عقب لقاء جمع قيادات انقلابية قدِم بعضها من صنعاء بأخرى تُدير شؤون جامعة الحديدة، وخُصص لمناقشة ما تسميه الجماعة «جهود تعزيز أنشطة التعبئة والتحشيد في أوساط منتسبي الجامعة».

وخرج الاجتماع بتوصيات عدة، تتضمن إخضاع منتسبي الجامعة لمزيد من برامج التعبئة الفكرية والعسكرية تحت اسم «دورات تثقيفية وتوعوية».

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن القيادي علي الأهدل المعين في منصب رئيس جامعة الحديدة، اعتزامه إطلاق سلسلة دورات لجميع منتسبي الجامعة بزعم الدفاع عن القضية الفلسطينية، ونصرة الشعبين اللبناني والسوري.