يمنيان يقضيان تحت التعذيب في معتقلات الحوثيين

عشرات المدنيين مغيبون بسجون الانقلابيين

الحوثيون متهمون بتعذيب المختطفين وقتل العشرات منهم (إ.ب.أ)
الحوثيون متهمون بتعذيب المختطفين وقتل العشرات منهم (إ.ب.أ)
TT

يمنيان يقضيان تحت التعذيب في معتقلات الحوثيين

الحوثيون متهمون بتعذيب المختطفين وقتل العشرات منهم (إ.ب.أ)
الحوثيون متهمون بتعذيب المختطفين وقتل العشرات منهم (إ.ب.أ)

في حين لا يزال عشرات المدنيين اليمنيين مغيبين في سجون الجماعة الحوثية منذ شهور بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى إطاحة حكم أسلاف الجماعة، فقد أعلنت مصادر حقوقية عن وفاة جندي تحت التعذيب بأحد المعتقلات، وذلك بعد أيام من وفاة أحد المختطَفين في ظروف غامضة، والكشف عن انتهاكات وُصفت بالمروعة ونُسبت إلى قيادي حوثي بمحافظة حجة.

وأفادت منظمة «مساواة للحقوق والحريات» (منظمة يمنية) بأن الجندي في الجيش اليمني محمد سليمان (36 عاماً) فارق الحياة نتيجة تعرضه للتعذيب في سجن الأمن المركزي بصنعاء، بعد 4 أعوام من وقوعه في الأسر خلال المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين على جبهة صرواح بمحافظة مأرب (شرق صنعاء).

جندي يمني فارق الحياة تحت التعذيب في معتقل حوثي (إعلام محلي)

ووفقاً لما ذكرته المنظمة، فإن سليمان تعرض لـ«أبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي»، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية وفقدانه الوعي بشكل متكرر، تاركاً خلفه أسرة مكونة من زوجة و4 أطفال.

وطلبت المنظمة من المجتمع الدولي التحرك العاجل لحماية الأسرى والمعتقلين في سجون الحوثيين، «خصوصاً مع ازدياد أعداد الوفيات في صفوف المعتقلين؛ إما بسبب التعذيب، وإما لسوء الأوضاع المعيشية والصحية في الزنازين».

وفي سياق انتهاكات الجماعة الحوثية ضد المحتجزين في السجون، ذكرت مصادر حقوقية يمنية أن الشاب مسعود البكيلي توفي متأثراً بالتعذيب الذي تعرض له في أحد سجون الجماعة بصنعاء، عقب احتجازه لمدة عام.

وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية تعمدت نقل الضحية بين عدد من سجونها، قبل أن تبلغ أسرته بوفاته، قائلة إنه تأثر بإصابته بوباء الكوليرا، لكن المصادر بينت أنه وُجدت على جثته آثار كدمات شديدة نتيجة الضرب المبرح الذي تعرض له، ويرجح أنه كان سبب وفاته. وعدّت المصادر حديث الحوثيين عن وفاته نتيجة إصابته بوباء «الكوليرا» محاولة للتغطية على الجريمة.

وقائع مروعة

في محافظة حجة اليمنية (شمالي غرب) رصد ناشطون وقائع تعذيب وُصفت بالمروعة يقف خلفها القيادي الحوثي سليمان الهدوي، المشرف الحوثي في مديرية عبس التي تعدّ كبرى مديريات المحافظة، وتؤوي آلاف النازحين جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية.

ووفق ما نقله ناشطون عن أهالي الضحايا في المديرية من شهادات وصفوها بالبشعة، فقد اتهموا الرجل المنحدر من محافظة صعدة ويُكنى «أبو فردوس» بارتكاب انتهاكات غير مسبوقة عبر إدارته سَجْنَين بالمديرية التي لها امتداد على ساحل البحر الأحمر.

المشرف الحوثي في مديرية عبس متهم بارتكاب انتهاكات مروعة (إعلام محلي)

واتهم الناشطون القيادي الحوثي بارتكاب جرائم تعذيب بحق فتيات وتلفيق تهم أخلاقية لهن، وقالوا إنه يتعامل مع السكان على أنهم «عبيد»، ووصفوه بأنه أشد بشاعة من القيادي الحوثي سلطان زابن الذي أدرجه «مجلس الأمن الدولي» على قائمة العقوبات بعد ثبوت تورطه في تعذيب معتقلات واستغلالهن جنسياً بالمعتقلات السرية التي كان يديرها.

ووفق تلك الشهادات، فإن الهدوي يعدّ الحاكم المطلق في مديرية عبس، ويستمد سلطته من مكتب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ويفرض على السكان دفع إتاوات، حتى عند مغادرة المنطقة إلى الخارج للبحث عن العمل؛ إذ يلزمهم بدفع نحو 200 دولار عن كل شخص مقابل الحصول على موافقة سفر، وإلا أُودع المعتقل.

ويقوم نظام حكم الحوثيين على وجود سلطتَين متوازيتين؛ الأولى شكلية وتتبع ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى»، وتشمل محافظي المحافظات والوزراء ومديري المديريات، والأخرى سلطة فعلية تسمى سلطة المشرفين الذين يُعيَّنون في الوزارات والمحافظات والمديريات، ويتبعون مباشرة مكتب زعيم الحوثيين، ويتمتعون بسلطة مطلقة، ولا يمتلك أحد غير مكتبه حق الاعتراض على قراراتهم أو ممارساتهم، أو تغييرهم.

تعذيب معلم

اتصالاً بانتهاكات الجماعة الحوثية، فقد ذكر ناشطون يمنيون أن المعلم صلاح البعوم نُقل إلى أحد مستشفيات مدينة إب، (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد تدهور حالته الصحية والنفسية إثر تعرضه للتعذيب المستمر في سجن حوثي.

وكان البعوم اختُطف بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت أسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962، ومعه عشرات الشبان والنشطاء بالمحافظة التي باتت تشكل بؤرة رئيسية لمعارضة حكم الجماعة. ولا يزال معظم هؤلاء مغيبين في السجون للشهر الثالث على التوالي.

حتى كبار السن لم يسلموا من الاختطاف والإخفاء القسري الحوثي (إعلام محلي)

وأكد عدد من الناشطين لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يواصلون إخفاء عشرات المدنيين الذين اتُهموا بالتحضير للاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»، وقالوا إن عدد الذين أُطلق سراحهم من سجون الجماعة لا يشكل ربع المختطفين، وإن أغلب من أُطلق سراحهم أُرغموا على التوقيع على تعهدات بألا يعودوا إلى الاحتفال مستقبلاً بهذه المناسبة أو انتقاد حكم الجماعة، وإلا فإنهم سيكونون عرضة للاعتقال، بل تجاوز الأمر ذلك إلى التهديد باعتقال أقاربهم أو أبنائهم إذا خالفوا التعهدات.

وشدد الناشطون على ضرورة فتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم المتصاعدة بسجون الحوثيين، ومحاسبة المسؤولين عنها، وأكدوا على أن الانتهاكات التي تمارسها الجماعة الحوثية تعدّت المعتقلين إلى أسرهم، وأنها تستهدف سلامتهم النفسية والجسدية.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».