تصريحات أبو الغيط في لبنان تثير انتقادات «سوشيالية»

الأمين العام لجامعة الدول العرببة أحمد أبو الغيط خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي مؤخراً (الجامعة العربية)
الأمين العام لجامعة الدول العرببة أحمد أبو الغيط خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي مؤخراً (الجامعة العربية)
TT

تصريحات أبو الغيط في لبنان تثير انتقادات «سوشيالية»

الأمين العام لجامعة الدول العرببة أحمد أبو الغيط خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي مؤخراً (الجامعة العربية)
الأمين العام لجامعة الدول العرببة أحمد أبو الغيط خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي مؤخراً (الجامعة العربية)

أثارت تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، متهمة الجامعة العربية بـ«التقصير» في مواجهة أزمات المنطقة.

وهو ما أرجعه مراقبون إلى «نقص الثقافة السياسية وعدم فهم طبيعة عمل المنظمات الدولية»، في وقت عدّها مصدر مطلع «حملات موجَّهة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنها «حملات من لجان ضد الجامعة العربية وأمينها العام».

وزار أبو الغيط لبنان، الاثنين الماضي، وأجرى مشاورات مع قيادات لبنانية حول «سبل التعامل مع العدوان الإسرائيلي المستمر على البلاد». وخلال الزيارة قال أبو الغيط: إن «الجامعة تقف إلى جانب لبنان في هذه المحنة». وأشار إلى أنه بحث مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي «الإجراءات المتاحة التي يمكن القيام بها دبلوماسياً على النطاق العربي».

وتداول رواد على مواقع التواصل الاجتماعي أجزاء مقتطعة من تصريحات أبو الغيط، مصحوبة بانتقادات لدور الجامعة وأمينها العام، لا سيما حديثه عن أن «الجامعة ليست لديها دبابة للوقوف في وجه إسرائيل»، أو تأكيد دعم الجامعة لسيادة لبنان.

بدوره، قال المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، جمال رشدي، إن «زيارة أبو الغيط إلى بيروت كان هدفها توجيه رسالة تضامن مع لبنان حكومةً وشعباً». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المواقف التي عبَّر عنها الأمين العام هي في الأساس دعم لمواقف الحكومة اللبنانية التي تسعى لتعزيز سيادتها، وإيجاد مخرج من الموقف الصعب الحالي، عبر التوصل لوقف إطلاق النار من خلال تطبيق القرار 1701 بشكل كامل غير منقوص بما يتضمن تعزيز سيادة الدولة والحكومة وبسطها على أراضيها كافة».

وأوضح رشدي أن الأمين العام عندما يتحدث فهو يعبّر عن مواقف عربية انعكست في قرارات عن مجلس الجامعة تحت عنوان «دعم لبنان»، وهي قرارات موجودة منذ سنوات بعيدة، ويتم تجديدها، وفي كل نسخة منها هناك تأكيد على ذات المعاني وهي: سيادة الدولة وتعزيز وحدتها ودعم الجيش. وقال رشدي: «سيادة لبنان أمر مفروغ منه، وعليه إجماع لبناني وعربي ومن يعارضه أو يماري فيه له أهداف وأجندات أخرى».

زيارة أبو الغيط إلى بيروت تزامنت مع زيارة مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى المنطقة، آموس هوكستين، إلى لبنان. وقال الأمين العام للجامعة العربية، عقب لقائه ميقاتي، إن «القرار 1701 محوري وينبغي تنفيذه حرفيّاً»، وأضاف: «أكدت أولويات محددة أهمها وقف إطلاق النار فوراً وانتخاب رئيس للبلاد». وهي التصريحات التي انتقدها رواد مواقع التواصل وعدوها «مناقضة للموقف اللبناني».

بدوره، رفض الخبير الاستراتيجي وعضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي في «تحديد مسارات الاتجاهات السياسية»، مطالباً بتشكيل مراكز استطلاع رأي عام علمية لقياس توجهات الشارع العربي في مختلف القضايا.

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «حديث أبو الغيط كان حديثاً بدهياً عن أساسيات متعلقة بدعم الجامعة لسيادة كل دولة عربية»، مشيراً إلى أن «التدخل الحالي الإيراني لم يحمِ لبنان، بل دفعه إلى معركة لم يستشر فيها رئيسه لأنه غير موجود».

وأضاف أن «الرأي العام العربي لديه خلط في معنى المقاومة والبطولة، ولا يدرك الفرق بين المقاومة والإيذاء»، موضحاً أن «البطولة تعني تحرير أرض، والمقاومة الحقيقية يجب أن تعتمد استراتيجيتها على بناء جبهة وطنية لا كسر هذه الجبهة».

وكان أبو الغيط قد قال، في بيان صحافي قبيل زيارة بيروت، تعليقاً على إبداء إيران استعدادها للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق القرار 1701: «إنني كأمين عام للجامعة العربية أعلن مساندتي الكاملة للموقف الذي عبّر عنه ميقاتي، والذي رفض هذا التصريح الإيراني، فلا محل لفرض الوصاية من هذا الطرف أو ذاك أو ممارسة الضغوط أو تجاوز السيادة اللبنانية».

واتهم رواد مواقع التواصل الاجتماعي الجامعة العربية، مستغلين تصريحاً لأبو الغيط قال فيه إن «العمل الدبلوماسي ليس بالعمل الذي يبدو عنيفاً»، مشيراً إلى أنه «عندما نطالب بوقف إطلاق النار، ولا يتم ذلك، فهذا لا يعني أن تلجأ الدبلوماسية إلى الدبابة لأن الجامعة العربية ليست لديها دبابة».

وتعليقاً على ذلك قال رشدي: «هناك من يحاول وضع إحباطه من الوضع الحالي سواء في غزة أو لبنان، على كاهل الجامعة»، مشيراً إلى أنه «بينما تتفهم الجامعة هذا الإحباط المبرَّر، فإنها لا تفهم في الوقت ذاته لومها عليه».

وأضاف أن «الجامعة العربية بالفعل، كما تحدث الأمين العام، ليس لديها جيش، ولكن لديها كلمة واتصالات وثقل معنوي وسياسي، وهي تحاول تفعيل كل هذا وتوظيفه من أجل إنهاء المأساة في غزة ولبنان». واستطرد: «نتحرك في إطار أدواتنا ونقوم بواجبنا».

وقال رشدي: «وجود الأمين العام للجامعة في بيروت، وهي تحت القصف، هو في حد ذاته رسالة مهمة وواجب يقوم به، بكل التزام، من أجل لبنان».

من جانبه، أكد سعيد أن «المنظمات الإقليمية ومن بينها الجامعة العربية ينحصر دورها في الجهود الدبلوماسية ومحاولة إدخال الإغاثة». وعدَّ الهجوم على الجامعة العربية ودورها في مواجهة أزمات المنطقة «جزءاً من أزمة ثقافة سياسية دائماً ما تطرح سؤال: أين أنتم يا عرب؟ بهدف التهييج وخلق نوع من الإحساس بنوع من القصور غير الموجود».


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب)

أبو الغيط يحذر من مغبة القانون الإسرائيلي بحظر «الأونروا»

وجَّه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اليوم (الخميس)، رسالتين يحذر فيهما من مغبة القانون الإسرائيلي بشأن حظر نشاط «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال إلقائه كلمته في الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (واس)

اتفاقية تعاون سعودية ـ مغربية متعددة المجالات

أبرمت السعودية والمغرب اتفاقية للتعاون في عدد من المجالات التي تجمع وزارتي «الداخلية السعودية» و«العدل المغربية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

أجمع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية على رفض حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار العدوان على لبنان.

عبد الهادي حبتور (الرياض )

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.