إسرائيل تستهدف مدينة صور التاريخية... وموجة نزوح جماعي

الدخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية بإخلاء أجزاء من صور زعم الجيش الإسرائيلي أنها مواقع لـ«حزب الله» (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية بإخلاء أجزاء من صور زعم الجيش الإسرائيلي أنها مواقع لـ«حزب الله» (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستهدف مدينة صور التاريخية... وموجة نزوح جماعي

الدخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية بإخلاء أجزاء من صور زعم الجيش الإسرائيلي أنها مواقع لـ«حزب الله» (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية بإخلاء أجزاء من صور زعم الجيش الإسرائيلي أنها مواقع لـ«حزب الله» (إ.ب.أ)

نفذت إسرائيل، اليوم (الأربعاء)، ضربات على مدينة صور الساحلية اللبنانية التاريخية، بينما فرّ مدنيون من المدينة عقب صدور تحذير من الجيش الإسرائيلي للسكان لإخلاء أجزاء كبيرة من المدينة التي تؤوي آلاف النازحين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن «4 غارات استهدفت مدينة صور بعد تهديد العدو بقصفها».

وكانت الوكالة قد ذكرت قبل ذلك أن «مسيرة معادية استهدفت شارع صوت الفرح في صور».

وأظهرت لقطات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» سحب دخان تتصاعد من المدينة.

تصاعد الدخان فوق مدينة صور الساحلية المدرجة على قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي بعد غارات إسرائيلية (رويترز)

نزوح جماعي

وقال مدير وحدة إدارة الكوارث في صور مرتضى مهنا إن «الوضع سيئ جداً ونقوم بإجلاء السكان».

من جانبه، أفاد المسؤول الإعلامي في الوحدة بلال قشمر للوكالة الفرنسية بأن الكثير من الأشخاص يفرّون من المدينة باتّجاه الضواحي، وأضاف: «مدينة صور بكاملها يتم إخلاؤها».

وأشار إلى أن السكان بدأوا مغادرة المدينة فور صدور التحذير الإسرائيلي.

وأوضح قشمر أن نحو 14500 شخص كانوا لا يزالون في صور، أمس (الثلاثاء)، بينهم آلاف النازحين من مناطق جنوبية أخرى.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن «بعض العائلات التي لم تغادر مدينة صور في السابق بدأت في مغادرة منازلها، للابتعاد عن الأماكن التي هدد الجيش الإسرائيلي باستهدافها».

وقالت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية إن «الغارات الإسرائيلية» التي استهدفت صور اليوم «تسببت في دمار هائل وأضرار جسيمة في المنازل والبنى التحتية والمباني والمحال التجارية والسيارات».

وأظهرت صور لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مباني كاملة سويّت بالأرض.

وقال بلال قشمر، المسؤول في وحدة إدارة الكوارث في صور، إن 7 مبانٍ دُمّرت بالكامل، وتعرّضت أكثر من 400 شقّة في محيط الغارات لأضرار.

وأدّى الركام إلى قطع 4 شوارع، وفق قشمر، الذي أضاف أن شخصين على الأقل أصيبا بجروح.

في أعقاب الغارات، نشرت «كشافة الرسالة» وهي هيئة إسعاف تابعة لحركة «أمل»، سيارات إسعاف لنقل الجرحى من المدنيين إلى المستشفيات المجاورة.

وقال ربيع عيسى المسؤول في الهيئة: «نعمل مع البلديات على تأمين سكن بديل» للنازحين الذين دُمرت منازلهم.

تهديد الجيش الإسرائيلي

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قد وجه عبر منصة «إكس» إنذاراً عاجلاً لسكان منطقة صور في لبنان، حيث قال: «الإنذار موجه تحديداً إلى الموجودين في المباني بين الشوارع: الحيرام، وجعفر شرف الدين، وأبو ديب وشارع الآثار».

تصاعد الدخان بعد هجوم إسرائيلي على مدينة صور (إ.ب.أ)

وأضاف: «أنشطة (حزب الله) تجبر الجيش الإسرائيلي على العمل ضده وبقوة حيث لا تنوي المساس بكم. عليكم الابتعاد فوراً إلى خارج المنطقة المحددة بالأحمر والتوجه إلى شمال نهر الأولي. كل من يوجد بالقرب من عناصر (حزب الله) ومنشآته ووسائله القتالية يعرض حياته للخطر».

مدينة الآثار

يذكر أن مدينة صور التي تعتبر من أهم المدن الساحلية في العالم واشتهرت بتصديرها للأبجدية، يرجع تاريخ تأسيسها إلى الألف الثالث قبل الميلاد. ضمتها منظمة «اليونيسكو» إلى لائحة التراث العالمي سنة 1979.

وتعد المواقع الأثرية في صور، التي تعود بشكل أساسي إلى الحقبة الرومانية، لا سيما موقع آثار البص، الذي يضم قوس النصر والمدرجات والملعب ومئات النواويس ومتحف الآثار وغيرها، من المقومات السياحية الكبيرة في المدينة، إلى جانب موقع الآثار البحرية، الذي يحتوي على الأعمدة الرخامية والحمامات وخزانات جمع المياه، وأيضاً موقع آثار المدينة المتاخم للحارة القديمة.

وكانت صور المدينة الفينيقية الكبرى في الأزمنة الماضية، وعرفت بجمالها الرائع، وسرعان ما أصبحت أهم مركز للتجارة البحرية والبرية في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وقال قشمر إنه سيتم الوقوف على حالة المواقع الأثرية في المدينة وتقييم إن كانت قد تعرضت لأضرار، مشيراً إلى أن إحدى الغارات وقعت على بُعد نحو 50 متراً من أحد المواقع الأثرية.

وأكدت «اليونيسكو» اليوم أنها «تراقب من كثب أثر النزاع الدائر على موقع التراث العالمي في صور» عبر صور أقمار اصطناعية وأدوات استشعار عن بعد.


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني: قوات إسرائيلية أطلقت النار على جندي لبناني وخطفته

المشرق العربي جنود إسرائيليون يسيرون على طريق بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع لبنان... شمال إسرائيل يوم 19 أكتوبر 2023 (رويترز)

الجيش اللبناني: قوات إسرائيلية أطلقت النار على جندي لبناني وخطفته

قال الجيش اللبناني، اليوم (الاثنين)، إن قوات إسرائيلية أصابت عسكرياً بالرصاص عند الحدود الجنوبية، أمس، ثم نقلته إلى داخل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع جماعي لمقاتلين قتلوا في الحرب الأخيرة بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

إسرائيل تضغط بالنار على لبنان لمقايضة استقراره بمعاهدة سلام

تتوخى إسرائيل من خلال قيامها بشن أكثر من 20 غارة على شمال الليطاني تُعد الأكبر منذ تخلفها عن الالتزام بوقف النار توجيه رسائل نارية إلى الخارج والداخل

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي آلية تابعة لقوات الـ«يونيفيل» في بلدة حولا في جنوب لبنان حيث تظهر صورة كبيرة للأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أحد المباني (إ.ب.أ)

تصعيد إسرائيلي عنيف بجنوب لبنان و«حزب الله» يرمي الكرة في ملعب الدولة

شهد جنوب لبنان في الساعات الأخيرة أعنف الخروقات الإسرائيلية منذ انتهاء مهلة الانسحاب الإسرائيلي الأخيرة في 18 فبراير الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيارة تمر بجوار المباني المدمرة بسبب الغارات الإسرائيلية في قرية راميا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر في «حزب الله» بجنوب لبنان

أفادت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» اليوم السبت بأن طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة في مدينة بنت جبيل بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بجوار بقايا صاروخ إيراني جرى اعتراضه فوق البحر الميت (رويترز) play-circle

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري سيتقاعد

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، أن المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري، الذي قدّم إحاطات دورية للصحافيين، خلال الحرب مع «حماس» في قطاع غزة، سيتقاعد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
TT

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)

أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن تطلعه إلى شراكة أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات التي تواجهها بلاده، داعياً إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن على الصعد الإنسانية والاقتصادية والأمنية.

تصريحات العليمي جاءت خلال استقباله في الرياض سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وذلك بعد أيام من دخول تصنيف الجماعة الحوثية «منظمة إرهابية أجنبية» حيز التنفيذ وفرض عقوبات أميركية جديدة على 7 من كبار قادتها، في مقدمهم المتحدث باسمها وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام.

وذكر الإعلام الرسمي أن اللقاء، الذي حضره عضو المجلس القيادي الرئاسي عثمان مجلي، بحث العلاقات اليمنية - الأميركية وآفاقها المستقبلية، وسبل تعزيزها على مختلف المستويات.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد الحاجة الملحة إلى نهج عالمي جماعي لدعم الحكومة في بلاده لمواجهة التحديات الاقتصادية، والخدمية، والإنسانية، وتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتأمين مياهها الإقليمية، بصفتها شريكاً وثيقاً لحماية الأمن والسلم الدوليين.

العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)

وتطرق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدات الوضع اليمني، ووجهات النظر إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي المقدمة «خطر ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان».

وأشاد رئيس مجلس الحكم اليمني، خلال اللقاء، بـ«العلاقات الثنائية المتميزة بالولايات المتحدة، وتدخلات واشنطن الإنسانية والإنمائية، ودورها المشهود في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية المهربة للحوثيين».

شراكة أوسع

وطبقاً للمصادر الرسمية اليمنية، فقد أعرب العليمي عن تطلعه إلى شراكة ثنائية أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات، وردع التهديدات المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة.

ومع التنويه بقرار الإدارة الأميركية إعادة تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، جدد العليمي الالتزام اليمني بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي لتنفيذ القرار، والحد من تداعياته الإنسانية المحتملة على الفئات الاجتماعية الضعيفة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أعاد منذ الأيام الأولى من رئاسته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، قبل أن يدخل القرار حيز التنفيذ قبل أيام بالتوازي مع فرض عقوبات على 7 من قادة الجماعة.

ومن غير المعروف حتى الآن حجم الضرر الذي يمكن أن يتعرض له الحوثيون جراء هذا التصنيف، خصوصاً في ظل الدعوات الأممية إلى عدم تعريض المدنيين والقطاع الخاص في مناطق سيطرة الجماعة لأي أضرار، فضلاً عن عدم التأثير على العمل الإنساني الذي تقوده الوكالات الأممية.

ودائماً ما يقول مجلس القيادة الرئاسي اليمني إن الوسيلة المثلى لمواجهة الحوثيين وتأمين المياه اليمنية، هي دعم القوات الحكومية الشرعية لفرض سيطرتها على الأرض واستعادة الحديدة وموانئها.

مخاوف أممية

في ظل عدم وجود يقين بشأن مسار السلام المتعثر الذي يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، لم يُخفِ الأخير، في أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن، مخاوفه من انهيار التهدئة والعودة إلى مسار الحرب، خصوصاً مع أحداث التصعيد الميداني للجماعة الحوثية في جبهات مأرب والجوف وتعز.

وطبقاً لتقارير يمنية، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً حوثياً متسارعاً في جبهات مأرب، ومواجهات مع القوات الحكومية، بالتزامن مع دفع الجماعة المدعومة من إيران بحشود إضافية من مجنديها إلى جبهات المحافظة الغنية بالنفط.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وحذر المبعوث من الإجراءات التصعيدية، وقال: «شهدنا تصاعداً في الخطاب من أطراف الصراع، وهيّأوا أنفسهم علناً للمواجهة العسكرية. ويجب ألا نسمح بحدوث ذلك. الكلمات مهمة. النية مهمة. الإشارات مهمة. يمكن أن تكون للرسائل المختلطة والخطاب التصعيدي عواقب حقيقية؛ مما يعمق انعدام الثقة ويغذي التوترات في وقت يكون فيه خفض التصعيد أمراً بالغ الأهمية».

وعبر غروندبرغ عن قلقه إزاء القصف، والهجمات بالطائرات من دون طيار، ومحاولات التسلل، وحملات التعبئة، التي حدثت مؤخراً في مأرب، وكذلك في مناطق أخرى مثل الجوف وشبوة وتعز. في إشارة إلى تصعيد الحوثيين.

وقال المبعوث: «أكرر دعوتي الطرفين إلى الامتناع عن المواقف العسكرية والتدابير الانتقامية التي قد تخاطر بإغراق اليمن مرة أخرى في صراع واسع النطاق حيث سيدفع المدنيون الثمن مرة أخرى».