«مراجعة» برنامج صندوق النقد... «تلميح رئاسي» يتجاوب مع شكاوى مصريين

السيسي أكد أهمية ألا يشكل الإصلاح الاقتصادي «ضغطاً لا يتحمله الناس»

الرئيس المصري خلال افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)
TT

«مراجعة» برنامج صندوق النقد... «تلميح رئاسي» يتجاوب مع شكاوى مصريين

الرئيس المصري خلال افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)

في وقت تصاعدت فيه الانتقادات والشكاوى بسبب الارتفاع «المتواصل» في أسعار السلع والخدمات، خصوصاً بعد «زيادة الجمعة» في أسعار الوقود، ألمح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إمكانية مراجعة الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي.

وخلال جلسة حوارية بالمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية بالعاصمة الإدارية الجديدة، الأحد، قال السيسي: «أقول لنفسي وللحكومة... إنه لا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد إذا كان الاتفاق الحالي سيجعلنا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس».

وتوصلت مصر، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة قيمة قرضه من 3 إلى 8 مليارات دولار، على أن تطبق مصر مجموعة من الإصلاحات، وتنتظر مراجعة رابعة بشأن الحصول على المتبقي من شرائحه نهاية الشهر.

تصريحات السيسي عدّها برلماني مصري، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، رسالة رئاسية لطمأنة المواطنين بأنه يعلم شكواهم في ظل غلاء الأسعار، وأيضاً لتوجيه الحكومة قبل المراجعة المقبلة مع الصندوق للقيام باللازم، مع احتمال إرجاء بعض الإجراءات معه مستقبلاً. فيما أكد خبيران أن التوجيه الرئاسي حال وجد طريقاً للتطبيق وتفاهمات مع صندوق النقد، سيجد تأثيرات إيجابية بين المصريين في ظل «وجود ضغوط حقيقية» عليهم جراء الارتفاعات «المتواصلة».

وكان من المقرر أن تزور بعثة من صندوق النقد مصر لإجراء مراجعة رابعة لبرنامج مصر خلال الشهر الحالي أو الشهر المقبل، إلّا أن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قال في تصريحات سابقة إن مصر والصندوق توافقا على تأجيل الزيارة لتكون بعد اجتماعات الصندوق السنوية في واشنطن المقررة نهاية الشهر الحالي، مشيراً إلى أن كل المستهدفات التي كانت موضوعة تحققت.

وخلال مؤتمر الأحد، وجّه الرئيس المصري رسالة لصندوق النقد والبنك الدولي، قائلاً إن مصر تقوم بتنفيذ برنامجها الحالي مع صندوق النقد في «ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة الصعوبة ولها تأثيرات سلبية للغاية على الاقتصاد في العالم كله، وأحاديث محتملة على الاتجاه إلى ركود اقتصادي عالمي في السنوات القليلة المقبلة».

ولفت إلى «فقد مصر من 7 إلى 8 مليارات دولار من دخل قناة السويس في فترة ما بين 7 و10 شهور فقط (مع استهداف الحوثيين للسفن التجارية بالبحر الأحمر)»، مؤكداً أنه «من المحتمل أن يستمر هذا الأمر لمدة سنة أخرى».

السيسي في صورة جماعية مع المشاركين في المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)

وجاءت هذه التصريحات بعد تطبيق قرار زيادة هي الثالثة خلال هذا العام في أسعار الوقود في مصر، تلتها انتقادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي لسياسة الحكومة وإذعانها لطلبات صندوق النقد دون مراعاة لانعكاسات القرارات على المواطنين.

الحل الذي طرحه الرئيس المصري، الأحد، بمراجعة صندوق النقد الدولي يراه رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي، فخري الفقي، «يحمل رسالة طمأنة للمواطن بأن الرئيس يشعر بمقدار الضغط الواقع عليه جراء ارتفاعات الوقود والتضخم ومعدلات الغلاء».

الرسالة الثانية من الرئيس المصري تحمل، حسب الفقي، «توجيهاً للحكومة بأهمية بحث التفاوض مع الصندوق ومراجعة هذا البرنامج حتى لا يوضع المواطنون تحت ضغوط سلبية جراء تطبيق أي إجراءات أخرى».

وتفاعلت منصات التواصل مع مطلب الرئيس المصري للحكومة، ودعا مغردون على منصة «إكس» للنظر في التعامل مع الصندوق نهائياً.

وأوضح النائب مصطفى بكري، في تغريدة بمنصة «إكس»، أن توجيه الرئيس السيسي «هو الموقف الذي ينتظره المصريون من الرئيس»، مؤكداً أن «توجيهات الرئيس اليوم توجب على الحكومة مراجعة الموقف مع الصندوق، وعدم الاستجابة لشروطه المجحفة».

وحسب الخبير الاقتصادي، الدكتور مدحت نافع، فإن البرنامج مع صندوق النقد جائز المراجعة، مستبعداً إلغاء التعامل معه، وأضاف أن «الاتفاق مع الصندوق مرن وليس جامداً، والمراجعة مسألة مطروحة؛ لذلك تتم المراجعة بشكل دوري بين الطرفين».

ويرى أن المصريين لهم أولويات، ويجب الحرص عليها، وفي الوقت ذاته لا يمانع الصندوق من إجراء التفاوض والنقاش حول برامجه، مستدركاً: «لكن هناك حاجة لتشكيل لجنة مستقلة لمراجعة الاتفاق، كما سبق أن طبقت في سيريلانكا، تقوم بعامل ضغط مساعد لتحقيق المصالح المصرية وتوجيه الدعم اللازم للنظر مع الحكومة في أولويات المصريين».

ويبقى على الحكومة سرعة تنفيذ توجيه الرئيس المصري، وفق الدكتور مدحت نافع، وذلك عبر بحث كيفية تنفيذ الأمر على الشكل الذي لا يمثل ضغوطاً إضافية على المصريين.

وأمام الحكومة مسار واحد بعد دعوة الرئيس المصري، وفق تقدير المستشار السابق لصندوق النقد الدولي، فخري الفقي، وهو طلب المتفاوضين المصريين من الصندوق إرجاء بعض الإجراءات، وبدء محادثات في هذا الإطار لتأخير إجراءات قد تشكل ضغوطاً لا تُحتمل هذه الفترة على المواطنين.

وبرأي أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، فإن توجيه الرئيس المصري سيكون أكثر تأثيراً على المصريين مع تطبيقه فوراً، وأيضاً تحرك سريع من الحكومة لبحثه مع صندوق النقد الذي كان أحد أسباب ارتفاع الفقر بمصر «منذ التعامل معه».

ويعتقد أن المصريين سيكونون مؤيدين لأي خطوة تخفف الغلاء المتواصل عليهم، خصوصاً أن تاريخ مصر مع هذا الصندوق يقول إنه بحاجة لمراجعة سريعة لإجراءاته.


مقالات ذات صلة

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لمدينة الكويت (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.44 % خلال أكتوبر

سجل معدل الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يعرف بالتضخم، ارتفاعاً بنسبة 2.44 في المائة خلال شهر أكتوبر الماضي، على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد سفينة وحاويات شحن في ميناء ليانيونغو بمقاطعة جيانغسو (رويترز)

صندوق النقد الدولي يحذر من تأثير التعريفات الجمركية الانتقامية على آفاق نمو آسيا

حذر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن التعريفات الجمركية الانتقامية «المتبادلة» قد تقوض الآفاق الاقتصادية لآسيا، وترفع التكاليف، وتعطل سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (سيبو )

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات الجرائم الخاصة بالاستيلاء على التيار الكهربائي.

وتشكو الحكومة المصرية منذ سنوات من لجوء مواطنين إلى وصلات غير شرعية للحصول على الكهرباء دون دفع رسوم، أو استهلاك الكهرباء من دون عداد، تُحصّل من خلاله الحكومة مستحقاتها.

وتحمّل الحكومة المصرية عمليات السرقة جزءاً كبيراً من مسؤولية انقطاع التيار الذي شهدته مصر خلال الأعوام الماضية.

وبحسب التعديل الجديد، الذي وضعته الحكومة، الأربعاء، يعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه (الدولار يساوي 49.7)، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كُل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود. أمّا إذا ترتب على هذه الجريمة انقطاع التيار الكهربائي فتكون العقوبة السجن.

وتقضي العقوبة في القانون الحالي، لتلك المخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد على سنتين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه.

ووفق مشروع القانون الجديد، تقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه، بالإضافة إلى الامتناع عمداً عن تقديم أي من الخدمات المُرخص بها دون عُذر أو سَنَد من القانون، على أن تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة التكرار.

وشملت التعديلات الجديدة، العقاب أيضاً بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكُل من قام بتوصيل الكهرباء لأي من الأفراد أو الجهات بالمُخالفة لأحكام القانون، أو عَلِمَ بارتكاب أي مخالفة لتوصيل الكهرباء ولم يُبادر بإبلاغ السلطة المختصة.

بينما تقضي العقوبة في القانون الحالي، لذات المخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه.

ووفق مشروع القانون الجديد، سيتم الحبس مُدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة عن طريق التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو المهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، وفقاً للضوابط الفنية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.

وتضمن التعديل إضافة مادة جديدة إلى قانون الكهرباء، تنص على أن يكون للجهة المجني عليها التصالح مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في المادتين 70 و71، إذا دفع قبل رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المُختصة، مُقابل أداء قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، أو إذا دفع بعد رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المُختصة وحتى صدور حُكم باتٍ فيها، مقابل أداء مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، أو إذا دفع بعد صدور الحكم باتاً، مقابل أداء ثلاثة أمثال قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه.

وفي جميع حالات التصالح، إذا نتج عن الجرائم، إتلاف المعدات أو المُهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء؛ يلتزم طالب التصالح بسداد قيمة ما تم إتلافه. وفي جميع الأحوال تضاعف قيمة مقابل التصالح في حالة العود.

وارتفعت أعداد المحاضر التي حرّرتها الحكومة لسارقي الكهرباء الفترة الماضية، حتى تجاوزت خلال 5 أسابيع فقط أكثر من 600 ألف محضر سرقة، وفق ما صرّح به وزير الكهرباء، خلال اجتماع الحكومة، في سبتمبر (أيلول) الماضي.