قلق دولي عقب إحالة الحوثيين موظفِين أمميّين وإغاثيين إلى المحاكمة

رؤساء الوكالات والمنظمات جددوا الدعوة لإطلاق المحتجزين «فوراً»

خلال سنوات الانقلاب سخّر الحوثيون المساعدات الدولية لمصلحة أتباعهم (أ.ف.ب)
خلال سنوات الانقلاب سخّر الحوثيون المساعدات الدولية لمصلحة أتباعهم (أ.ف.ب)
TT

قلق دولي عقب إحالة الحوثيين موظفِين أمميّين وإغاثيين إلى المحاكمة

خلال سنوات الانقلاب سخّر الحوثيون المساعدات الدولية لمصلحة أتباعهم (أ.ف.ب)
خلال سنوات الانقلاب سخّر الحوثيون المساعدات الدولية لمصلحة أتباعهم (أ.ف.ب)

بدأت الجماعة الحوثية، أخيراً أول إجراءات محاكمة المعتقلين لديها من موظفي الوكالات الأممية والمنظمات الدولية الإغاثية من خلال إحالتهم إلى نيابة خاضعة للجماعة في صنعاء، مختصة بأمن الدولة وقضايا الإرهاب، وهو ما أثار قلق رؤساء الوكالات الأممية والدولية، مع تجدد المطالب بسرعة إطلاق سراح المحتجزين فوراً.

وكانت الجماعة المدعومة من إيران شنّت في يونيو (حزيران) الماضي أوسع حملة اعتقالات للعاملين في مجال الإغاثة والمنظمات الأممية والدولية والمحلية، وسط تقديرات باعتقال نحو 70 شخصاً، بينهم نساء، ليضافوا إلى عشرات آخرين من موظفي الأمم المتحدة والعاملين السابقين في الهيئات الدبلوماسية الأجنبية.

الحوثيون يواصلون استهداف العاملين الإغاثيين في المنظمات الأممية والدولية (أ.ف.ب)

ورداً على الإجراء الحوثي، أصدر رؤساء الكيانات المتأثرة التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية، بياناً جدّدوا فيه نداءهم للإفراج فوراً عن الموظفين المحتجَزين.

وإضافة إلى المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، وقّع على البيان كل من: أخيم شتاينر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتيدروس أدهانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، وإنغر أشينغ الرئيس التنفيذي لمنظمة رعاية الأطفال الدولية، وأميتاب بيهار المدير التنفيذي لمنظمة «أوكسفام» الدولية.

كما وقّع على البيان كل من: أودري أزولاي المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، وسيندي هينسلي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، وفولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وكاثرين راسل المديرة التنفيذية لـ«يونيسيف»، ورينتغي فان هايرينغن الرئيس التنفيذي لمنظمة «كير هولندا» ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة «كير» الدولية.

وقال مديرو الكيانات الأممية والدولية، في بيانهم، إن القلق البالغ يساورهم إزاء ما ورد بشأن إحالة الحوثيين عدداً كبيراً «من الزملاء المحتجَزين تعسفاً إلى النيابة الجزائية»، من بينهم 3 من موظفي الأمم المتحدة: اثنان من «يونيسكو»، وواحد من مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الذين تم اعتقالهم في عامَي 2021 و2023.

العاملون في المنظمات الدولية والأممية يعيشون رعب الاعتقالات الحوثية (أ.ف.ب)

وعبّر الموقِّعون على البيان عن «حزنهم الشديد» إزاء تلقي خبر هذا التطور المُبلَّغ عنه، في الوقت الذي كانوا يأملون فيه إطلاق سراح المعتقلين. وشددوا على أن توجيه «اتهامات» محتملة ضد المعتقلين أمر غير مقبول، ويزيد من فترة احتجازهم دون أي تواصل مع ذويهم، وهو الأمر الذي عانوا منه بالفعل.

مخاوف جدية

في حين يثير القرار الحوثي، بحسب مديري الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، «مخاوف جدية» بشأن سلامة وأمن العاملين في هذه الوكالات والمنظمات وأسرهم. وأكدوا أن ذلك «سيعوق بشكل أكبر القدرة على الوصول إلى ملايين الناس في اليمن الذين هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية، الأمر الذي ينعكس سلباً على سلامتهم ووضعهم».

وفي حال تمّت إدانة هؤلاء المحتجَزين عبر المحاكم الحوثية، فإن العقوبة التي تنتظرهم هي الإعدام، بالنظر إلى التهم التي كانت الجماعة روّجتها بحقهم، وهي تهم مزعومة بـ«الجاسوسية» لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل.

اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين تشكل تهديداً حقيقياً لمجتمع العمل الإنساني (أ.ف.ب)

وجدّد رؤساء الكيانات المتأثرة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، «النداء العاجل للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية المحتجَزين بصورة تعسفية في اليمن» من قبل الحوثيين.

وشدد البيان المشترك على وجوب «إيقاف استهداف العاملين في المجال الإنساني في اليمن، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والتخويف، وسوء المعاملة، والادعاءات الباطلة»، وعلى وجوب «الإفراج الفوري عن المحتجزين جميعاً».

وأوضح البيان: «تعمل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والشركاء، عبر جميع القنوات الممكنة ومع حكومات متعددة، لضمان إطلاق سراح هؤلاء المحتجَزين».

خطوات أكثر حزماً

كانت الحكومة اليمنية طالبت في نداءات متكررة باتخاذ تدابير أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية رداً على حملات الاعتقال في صفوف العاملين في مجال الإغاثة وفي الوكالات الأممية والدولية، بما في ذلك وقف الأنشطة في مناطق سيطرة الجماعة، ونقل مقار الوكالات والمنظمات إلى المناطق المُحرَّرة.

وفي أحدث البيانات الحكومية، جدّدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية إدانتها «بشدة» استمرار اختطاف وإخفاء أكثر من 70 موظفاً وناشطاً، بينهم 5 نساء، منذ مطلع يونيو 2024 في سجون ومعتقلات الحوثيين الذين وصفتهم بـ«الميليشيا الإرهابية».

وذكرت الوزارة، في بيان، أن المختطفين، الذين بينهم 19 من موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ما زالوا حتى اللحظة مخفيين قسراً، ولم يستطع أهاليهم معرفة أماكن احتجازهم أو حالاتهم الصحية في أقبية الميليشيات. ووصفت ذلك بأنه «انتهاك صارخ لحقوقهم في الحياة، والحرية، والأمن الشخصي».

وأشار البيان إلى أن المحتجَزين والمختطفين يقبعون في سجون سرية، ويتعرّضون لصنوف من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية؛ لإجبارهم على الإدلاء بأقوال واعترافات تدينهم.

حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم تضامناً مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)

ولفت البيان اليمني إلى الحملة الإعلامية الحوثية التي رافقت الاختطافات بالترويج عبر معلومات مضللة تتهم المحتجَزين بأنهم جواسيس وعملاء لصالح أميركا وإسرائيل وجهات خارجية أخرى. وقال إن ذلك «يشوه صورة العمل الإنساني، ويحط من أدوار المعتقلين الإنسانية أمام أسرهم ومجتمعاتهم».

وشدّدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، في بيانها، على أن ممارسات الحوثيين غير القانونية «تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، التي تحمي حقوق المدنيين في النزاعات المسلحة، كما تمثل انتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».

وجدّدت الوزارة اليمنية دعوة المجتمع الدولي إلى سرعة التحرك لاتخاذ قرارات رادعة بحق الجماعة الحوثية، وضم أسماء قادتها الذين يقومون بالانتهاكات إلى قائمة العقوبات، بحيث يكون هذا التحرك «بمثابة قوة ضغط رادعة لإنقاذ حياة المختطفين وحمايتهم».

وناشد البيان اليمني وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، الوطنية والإقليمية والدولية، تسليط الضوء على «الانتهاكات والجرائم الحوثية» التي استهدفت الحقوق والحريات الإنسانية كلها. وطالب بتضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية للإفراج الفوري وغير المشروط عن المختطفين جميعاً، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز تستهدف صاغة الذهب في صنعاء

العالم العربي استهداف حوثي لورشة صياغة ذهب في صنعاء (إعلام حوثي)

حملة ابتزاز تستهدف صاغة الذهب في صنعاء

شنت الجماعة الحوثية حملة ميدانية تستهدف معامل وورش صياغة الذهب والمجوهرات في صنعاء، وفرضت على ملاكها دفع إتاوات مالية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

أزمة الاقتصاد في اليمن تتفاقم رغم جهود الإصلاحات

مع تصعيد الحوثيين وتعثر جهود السلام تفاقمت الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الحكومة الشرعية بسبب استمرار توقف تصدير النفط الذي يُعَدّ أهم مصدر للعملة الصعبة

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي حرب غزة منحت الحوثيين مبرراً لهجماتها ضد السفن التجارية وإسرائيل (رويترز)

الحوثيون والرد الإسرائيلي المرتقب... حذر وترتيبات وتمسك بالتصعيد

على الرغم من الهجمات الحوثية ضد إسرائيل وضربات الأخيرة الانتقامية من الجماعة في الحديدة فإن المواجهة بين الطرفين لا تزال محكومة بالحذر وترتيب الأولويات

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أكثر من نصف سكان اليمن بحاجة إلى المساعدات الغذائية (الأمم المتحدة)

اليمن يتصدر الدول الأكثر احتياجاً للمساعدات الغذائية

رسمت شبكة دولية معنية بمراقبة المجاعة صورة قاتمة لمستقبل الأمن الغذائي في اليمن، وقالت إنه سيظل في المراكز الأولى لقائمة أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الإنسانية

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط)

وزير الدفاع اليمني: الحوثيون لن يتوقفوا حتى لو انتهت الحرب

استبعد وزير الدفاع اليمني، الفريق ركن محسن الداعري، أن تتوقف العمليات الحوثية ضد سفن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي بمجرد توقف حرب غزة، متهماً الجماعة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

جيران الضاحية يشاركونها القلق والخوف على إيقاع الغارات الإسرائيلية

أشخاص قرب دمار سبّبه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
أشخاص قرب دمار سبّبه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

جيران الضاحية يشاركونها القلق والخوف على إيقاع الغارات الإسرائيلية

أشخاص قرب دمار سبّبه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
أشخاص قرب دمار سبّبه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

«نعيش الخوف المتواصل كل ليلة»... بهذه العبارة تلخص اللبنانية جمال خ، ما تعيشه في منطقة عين الرمانة المحاذية لضاحية بيروت الجنوبية، وذلك في معرض وصف مشاعرها ومشاعر عائلتها على وقع القصف الإسرائيلي للضاحية. وعين الرمانة كما سكانها، تحمل ذكريات أليمة؛ فهي كانت منطلق الحرب الأهلية اللبنانية، ثم بقيت سنوات طويلة خط تماس مفتوحاً بين المتحاربين.

جمال لم تغادر منزلها حتى الساعة، وتصف إيقاع يومياتها قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «نسارع لتأمين احتياجاتنا قبل الظهر على وقع صوت المسيّرات، ولكن اعتباراً من الثانية بعد الظهر، نلازم المنزل خوفاً من الغارات».

وتشبه حياة جمال وعائلتها يوميّات آلاف المواطنين الذين ما زالوا يعيشون في المناطق المتاخمة للضاحية الجنوبية. وقد عاش أبناء هذه المناطق كل الحروب التي عصفت بلبنان ومآسيها، ويعيشون اليوم حرباً جديدة قد لا يكون لها تأثير مباشر عليهم لجهة التدمير، إنما لها كل التأثيرات الأخرى للحروب من خوف وقلق، وسماع دوي القصف والغارات التي تتركز خلال ساعات الليل.

أيام صعبة

وعاشت الضاحية عشرة أيام صعبة خلال الأسبوعين الماضيين، وكانت تتلقى كل ليلة تهديدات وطلبات لإخلاء الأبنية، كما نفذت فيها إسرائيل اغتيالات، استهدف أحدها أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، واستهدف آخر خليفته هاشم صفي الدين، وقياديين آخرين، منهم الشيخ نبيل قاووق الذي استهدفته غارة جوية في منطقة الشياح الموازية لعين الرمانة. لكن وتيرة قصف الضاحية تراجعت منذ يوم الخميس الماضي، حيث لم تُسجل أي غارة، رغم طلب إخلاء بعض الأبنية الصادر عن الجيش الإسرائيلي.

أطفال يلاعبون قطة في شاحنة تستخدمها عائلات نزحت من الجنوب اللبناني (إ.ب.أ)

وتقول جمال: «هذه الحرب تختلف عن حرب يوليو (تموز) 2006، والواضح أن نوع السلاح المستخدم يفوق بدرجات ما كان يستعمل في عدوان تموز»، مشيرة إلى أنه «مهما كانت المنطقة المستهدفة في الضاحية الجنوبية، فإن صوت الغارة يدوّي بشكل كبير ويُحدث هزات في زجاج الأبنية في المناطق المحيطة».

وتضيف: «في السنوات الأخيرة، اعتقدنا أننا ارتحنا من رعب الحروب، إلا أننا للأسف نعيش يومياتها، وبشكل أسوأ من كل ما مرّ على لبنان سابقاً».

تهجير جديد

وكما عين الرمانة، يعيش جيران الضاحية في مناطق الحدث وبعبدا والحازمية وفرن الشباك (تسكنها أغلبية مسيحية)، القلق نفسه.

وتقول إليز، التي تعيش في عين الرمانة وتعمل في الحدث: «لا أستطيع أن أصف الشعور الذي عشناه. بيتنا يفصله خط واحد عن منطقتي الشيّاح والضاحية. وقبل أيام شنوا غارة خلف البيت، وهذا ما شكّل رعباً لنا، خصوصاً أن والدي مريض. هربنا حاملين أحلامنا ومخاوفنا وذكرياتنا». وتضيف باكية: «إنها ليست المرة الأولى التي نتهجّر فيها، ولكن هذه المرة الجرح كبير، ونشعر وكأن العودة إلى البيت لن تكون آمنة مع كل الأحداث!».

حياة مختصرة

ويجمع سكان محيط الضاحية على أن «هذه الحرب مختلفة عن كل الحروب التي مرّت بنا، ولا تقارَن حتى بحرب تموز من حيث الأصوات والخوف الذي نعيشه».

دخان بعد قصف على الضاحية الجنوبية الأسبوع الماضي (أ.ب)

وتقول برنا ن، التي تعيش في فرن الشبّاك: «بين الترقب والخوف، نتسمّر قبالة شاشة التلفاز. هذا مختصر يومياتنا». وتضيف: «التوتر والإرهاق من الخوف وعدم النوم يرافقنا منذ أسابيع، منذ بدء التطورات الميدانية التي تطول الضاحية».

أما زينة ع، التي تسكن في تحويطة فرن الشباك مع عائلتها المؤلّفة من طفلين، فتقول إن حياتها تم اختصارها بين الذهاب إلى العمل، والعودة بسرعة إلى البيت، «بعد أن أشتري ما ينقصنا سريعاً». وتتابع: «دائماً نحن مرتابون. نخاف الجلوس على الشرفات أو الخروج في المساء، وفي الليل نتناول الحبوب المهدئة علّنا نتمكن من النوم قليلاً، لكننا نفكر بأن وضعنا لا يزال أفضل من أهالي الضاحية الذين تهجّروا أو قُتلوا أو جُرحوا».

أقسى الحروب منذ 1975

في الحدث، يعيش إسكندر، الذي اختبر الحروب المتعاقبة على لبنان منذ عام 1975، ولم يترك بيته خلال تلك الحروب، لكنه بسبب تقدمه في السن، يعيش الآن حالة ترقّب وخوف وانتظار. ويقول: «نشاهد القصف وكأنه مسرح مفتوح أمامنا، لا سيما حين يستهدف القصف مناطق الليلكي وبرج البراجنة وحارة حريك».

ويصر إسكندر على عدم المغادرة. ورغم أن السكان لم يحصلوا على ضمانات، لكنه مطمئن إلى أنه «لا مخازن للأسلحة في المنطقة، ولا مراكز لـ(حزب الله)؛ لذلك يُفترض ألا نتعرّض لأي غارات».

أنقاض مبانٍ مدمرة بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت يوم 10 أكتوبر (أ.ف.ب)

إبادة جماعية

ويؤكد إسكندر، الذي عاصر كل الحروب التي مرّت على لبنان، أن «ما نعيشه اليوم هو نوع من أنواع الجنون؛ فهي ليست معركة بين جيشين، إنما عملية إبادة جماعية».

وعلى رغم قساوة المشهد في عام 1982 عندما دخل الإسرائيليون إلى بيروت وحاصروا بيروت الغربية وضواحيها، «فإن ما نعيشه اليوم هو أقسى بأشواط». ويقول: «ما يحصل اليوم هو حصار مفروض من البحر والجو... حصار مطلق على الضاحية ومحيطها».

ولا ينفي إسكندر أنه «حزين على وطني، وعلى أولادي الذين غادر آخرهم قبل أسبوع!»، ويضيف بحرقة: «لقد تشتّتت العائلة اللبنانية!». ويسأل: «ألا يوجد صوت في كل العالم يدعو إلى إيقاف هذا الجنون وهذا القتل وهذه المذبحة التي تحصل بحق لبنان؟!»، متمنياً أن يرتاح لبنان من الحروب «بعد هذا العمر والتجارب المقلقة». ويتابع: «ألا يستحق لبنان أن يتم التعامل معه من قبل الدول بشكل أفضل؟!».