مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

رئيس الهيئة قال إن الممر سيظل «الخيار الأول» فور استقرار أوضاع المنطقة

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT
20

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».


مقالات ذات صلة

مصر تقود «قوة المهام»... كيف تسهم في حماية أمن البحر الأحمر؟

العالم العربي مراسم تسلم القوات البحرية المصرية قيادة «قوة المهام المشتركة 153» (القوات البحرية المشترَكة)

مصر تقود «قوة المهام»... كيف تسهم في حماية أمن البحر الأحمر؟

تسلمت البحرية المصرية قيادة قوة المهام «CTF 153»، التابعة للقوات البحرية المشتركة، المتخصصة في حماية الأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن.

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي مقاتلة أميركية تنطلق من على متن الحاملة «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أرشيفية - رويترز)

محادثات مصرية - أميركية بشأن توترات البحر الأحمر

تصدرت «توترات البحر الأحمر» أجندة محادثات مصرية - أميركية بين وزيري دفاع البلدين اللذين ناقشا تأثير هجمات «الحوثيين» على قناة السويس بحسب إفادة رسمية للبنتاغون.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
الاقتصاد سفينة عملاقة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (الموقع الإلكتروني لهيئة قناة السويس)

البيت الأبيض: 75 % من سفن الشحن الأميركية تتجنب المرور عبر قناة السويس

أفاد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، بأنّ ثلاثة أرباع حركة الشحن الأميركية التي يجب أن تمر عبر البحر الأحمر تضطر حالياً إلى تجنّب المرور عبر قناة السويس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية) play-circle

مصر تشدد على ضرورة احتواء التصعيد في غزة ولبنان واليمن

أعرب بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، اليوم (السبت)، عن موقف بلاده الرافض «أي تحركات من شأنها أن تمس أمن وسلامة واستقرار الشعب اللبناني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سفينة تابعة لشركة «إم إس سي» راسية في أحد المواني (هيئة قناة السويس)

«إم إس سي»: ننتظر استقرار الأوضاع في البحر الأحمر للعبور من قناة السويس

قال سورين توفت، الرئيس التنفيذي  للخط الملاحي (MSC)، إن طريق رأس الرجاء الصالح ليس بالخيار المفضل لدى الخط الملاحي، نظراً إلى افتقاره للخدمات الملاحية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

توافق مصري - كويتي على دعم تنفيذ خطة إعمار غزة ورفض «التهجير»

أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)
أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)
TT
20

توافق مصري - كويتي على دعم تنفيذ خطة إعمار غزة ورفض «التهجير»

أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)
أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر بيان بالكويت (كونا)

اختتم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، زيارته إلى دولة الكويت ضمن جولة خليجية استمرت 3 أيام شملت قطر، حيث أجرى مباحثات مع أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وصفها خبراء بأنها «مهمة بالنظر إلى توقيتها وما يجري في المنطقة»، كما حملت «أهدافاً سياسيةً واقتصاديةً» معاً.

تناولت القمة المصرية - الكويتية مختلف القضايا وشواغل المنطقة بحضور وفدي البلدين، حيث تم التأكيد على «ضرورة وقف إطلاق النار في غزة بشكل فوري، ومواصلة تبادل الرهائن والمحتجزين، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية بشكل عاجل»، حسب بيان للرئاسة المصرية.

وأكدت مصر والكويت «الدعم الكامل للخطة العربية للتعافي وإعادة إعمار قطاع غزة وضرورة تنفيذها فور وقف إطلاق النار»، وشددت الدولتان «على الرفض التام لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وعلى ضرورة إيجاد تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية من خلال إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

وتعكس زيارة السيسي ومباحثاته في الكويت «وحدة موقفي البلدين وتنسيقهما معاً بشكل كامل ومع مختلف الدول الخليجية والعربية في وقت حساس ومهم بشأن القضية المحورية، وهي القضية الفلسطينية، وكذلك القضايا الأخرى المتعلقة بأمن واستقرار المنطقة»، وفق عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري.

الأمير مشعل يستقبل الرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)
الأمير مشعل يستقبل الرئيس السيسي (الرئاسة المصرية)

وشدد بكري لـ«الشرق الأوسط» على أن الرسالة التي خرجت من تلك المباحثات هي «التوافق على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، والإسراع في تنفيذ الخطة العربية لإعادة الإعمار، باعتبارها هدفاً محورياً ومهماً، ليظهر للعالم الإصرار العربي على موقف موحد برفض تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم».

بيان الرئاسة المصرية أكد كذلك تناول المباحثات للتطورات في سوريا والسودان، حيث أكد الرئيس المصري وأمير الكويت دعمهما لوحدة واستقرار البلدين، بالإضافة إلى دعم الحكومة اليمنية الشرعية، مشددين على أهمية أمن واستقرار الملاحة في البحر الأحمر والممرات المائية بالمنطقة.

وأكد أمير الكويت أن زيارة الرئيس المصري لبلاده «تعكس عمق العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، وتعدُّ فرصة لمواصلة تعزيز التعاون في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والاستثمارية»، معرباً «عن تقديره لدور مصر التاريخي والمحوري في تطوير وتنمية دول الخليج، وفي تحقيق الاستقرار الإقليمي» وفق ما قالت الرئاسة المصرية.

من جانبه، أكد السيسي «حرص مصر على تعزيز التعاون مع الكويت في كافة المجالات، بالأخص المجال الاقتصادي، وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين».

السيسي يلتقي بمقر إقامته بمدينة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولي عهد دولة الكويت (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي بمقر إقامته بمدينة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولي عهد دولة الكويت (الرئاسة المصرية)

ويرى وزير الإعلام الكويتي الأسبق، سامي النصف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الزيارة تأتي للتأكيد على أهمية دور «دول معسكر الحكمة»، على حد وصفه، والمتمثلة في دول الخليج ومصر والأردن، في قيادة العمل العربي في ظروف صعبة لم تمر بها المنطقة منذ حرب عام 1973».

وأوضح النصف أن «المنطقة تعاني من حرب دامية في غزة وحروب وصراعات في نصف الدول العربية تقريباً، سواء السودان وليبيا وسوريا واليمن وغيرها، وكذلك هناك شبح قيام حرب بين إيران والولايات المتحدة، فضلاً عن حروب تجارية يمر بها العالم وتحولات تجعل هناك ضغوطاً كبيرةً على استقرار الدول العربية، وكذا اقتصاداتها، ومن ثم تأتي مثل هذا الزيارة ضمن جهود التنسيق العربي الخليجي من أجل إنهاء الحروب وإحلال السلام».

تجدر الإشارة إلى أنه خلال الزيارة التقى الرئيس المصري في جلستي مباحثات منفصلتين كلاً من الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولي عهد دولة الكويت، والشيخ فهد يوسف سعود الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية رئيس مجلس الوزراء الكويتي بالإنابة، حيث تم التأكيد على نفس مواقف البلدين بشأن قضايا المنطقة والرغبة في استمرار التعاون من أجل تحقيق الاستقرار والرخاء الاقتصادي للبلدين وجميع شعوب الشرق الأوسط.

وكان السيسي قد عقد مباحثات موسعة، الاثنين، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبيل توجهه للكويت، وشملت التأكيد على ذات المواقف السياسية فيما يتعلق بغزة والصراعات في الدول الأخرى بالمنطقة.