إلحاق منتسبي جامعة البيضاء اليمنية بمعسكرات للتعبئة القتالية

قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
TT

إلحاق منتسبي جامعة البيضاء اليمنية بمعسكرات للتعبئة القتالية

قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)

ألحقت الجماعة الحوثية المئات من منتسبي جامعة يمنية بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة القتالية، ضمن حملات استقطاب وتجنيد واسعة تستهدف فئات الشباب والأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وكشفت مصادر أكاديمية في محافظة البيضاء (267 كلم جنوب شرقي صنعاء) لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية دفعت بنحو 1000 طالب وموظف وكادر تعليمي في 6 كليات وأقسام في جامعة البيضاء للمشاركة، دفعةً أولى، في دورات عسكرية مفتوحة في محيط مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، تحت مسمى دورات «طوفان الأقصى».

وأغلقت الجماعة، حسب المصادر، عدداً من الكليات والأقسام في الجامعة، وأوقفت العملية التعليمية فيها؛ لإخضاع منتسبيها للتعبئة، بمزاعم تأهيلهم لما تسميه «الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وطبقاً للمصادر، فإن الجماعة تعتزم إلحاق دفعات جديدة تضُم طلاباً وأكاديميين وموظفين من الجامعة ذاتها، والذين يقدر عددهم بنحو 4 آلاف و200 فرد، لتلقي دورات ميدانية، في ظل اتهامات لها بالاستهداف الممنهج للجامعات اليمنية وتحويلها إلى مقرات للتعبئة والتحشيد إلى الجبهات.

جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

ويُشرِف على هذا الاستهداف قيادات حوثية أُوكلت إليهم إدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في المحافظة، يتصدرهم القيادي عبد الله إدريس، المعيّن من قبل الجماعة محافظاً للمحافظة، وبدر الدين العبال، المشرف العام عليها، وأحمد العرامي، المعين رئيساً للجامعة.

واشتكى طلاب وأكاديميون في الجامعة لـ«الشرق الأوسط»، من إجبار قيادات حوثية لهم، منذ عدة أيام، على الحضور القسري إلى أماكن مُخصصة بضواحي مدينة البيضاء؛ للمشاركة بدورات عسكرية وتلقي برامج تروج لأفكار الجماعة.

وبينت مصادر طلابية أخرى في الجامعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية مستمرة منذ أيام في إرغام نحو 1000 طالب وأكاديمي وموظف في كليات وأقسام تعليمية عدة بجامعة البيضاء على المشاركة في التعبئة، وسبق ذلك منح منتسبي الكليات والأقسام المستهدفة إجازة مؤقتة، للبدء بتنفيذ الدورات التعبوية.

وتتزامن هذه التعبئة مع ما يعانيه الأكاديميون والعاملون في الجامعة، ومعهم مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين في مختلف قطاعات الدولة اليمنية المختطفة بيد الجماعة، من أوضاع معيشية بائسة وحرمان من أبسط الحقوق، وفي مقدمها الراتب.

طلاب في جامعة البيضاء في فعالية أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة فيها (إعلام حوثي)

وقوبل الاستهداف الحوثي بموجة استنكار ورفض واسعة من قبل الطلاب والأكاديميين، حيث أشار عدد منهم إلى أن إجبار الجماعة لما تبقى من منتسبي الجامعات الحكومية، على الخضوع لتدريبات عسكرية وتلقي برامج تعبوية، يندرج في سياق المساعي الرامية لاستكمال مخطط «ملشنة» ما تبقى من الجامعات في عموم المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة.

ولم يستغرب معمر، وهو أكاديمي في جامعة حكومية في صنعاء، من سلوك الجماعة الحوثية تجاه منتسبي جامعة البيضاء وغيرها من الجامعات اليمنية الأخرى.

وأكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن التوجه الجديد يأتي في إطار توسيع الجماعة من استهدافها لمنتسبي الجامعات في مناطق سيطرتها؛ إذ تواصل حالياً إرغام آلاف الطلاب وأعضاء هيئات التدريس والموظفين في مختلف الجامعات اليمنية على المشاركة قسراً؛ إما بدورات قتالية، وإما في مسيرات تجوب شوارع المدن، وتردد الشعارات ذات المنحى الطائفي.

وتُتهم الجماعة الحوثية بممارسة أعمال فساد في الجامعات وتضييق على الطلاب والأكاديميين وحرمانهم من الحقوق، وإجبارهم على المشاركة في مسيرات ووقفات احتجاجية تخدم أجندتها، ومنع التعليم وتغيير مقررات دراسية.


مقالات ذات صلة

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

حملات أمنية حوثية لمنع اليمنيين من الاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»

جماعة الحوثي تعيش رعباً حقيقياً؛ لأنها تعلم أن غالبية كبيرة من اليمنيين تنبذ أفكارها وطريقتها في الحكم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

680 وفاة بالكوليرا و186 ألف حالة خلال ستة أشهر في اليمن

اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)
اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)
TT

680 وفاة بالكوليرا و186 ألف حالة خلال ستة أشهر في اليمن

اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)
اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)

أظهرت بيانات أممية حديثة تسجيل نحو 186 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا خلال الأشهر الستة الماضية، ووفاة 680 شخصاً مصاباً، رغم انتهاء موسم الأمطار في اليمن. وسُجِّلت أعلى المعدلات في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية.

وذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) في تحديثه الشهري أن الإسهال المائي الحاد (الكوليرا) استمر في الانتشار في جميع أنحاء اليمن، وأن الأطفال دون سن الخامسة وكبار السن يمثلون ربع جميع الحالات، وذلك بعد مرور 6 أشهر منذ بدء تفشي المرض.

وتظهر إحصائيات وزارة الصحة العامة والسكان إجمالياً تراكمياً يزيد على 186 ألف حالة مشتبه بها من الوباء في جميع محافظات البلاد البالغ عددها 22 محافظة، منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، وبلغت الوفيات المرتبطة المبلغ عنها أكثر من 680 حالة، وتم الإبلاغ عن أعلى حالات الإصابة بالكوليرا في المحافظات الغربية المرتفعة الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وكشفت أحدث البيانات وجود بؤر ساخنة في محافظات الضالع والحديدة ومأرب والجوف التي تسيطر الجماعة الحوثية على أجزاء منها، إلى جانب محافظات البيضاء وعمران وحجة وريمة التي تسيطر عليها الجماعة بالكامل.

اكتشاف بؤر ساخنة للكوليرا في ثمانٍ من محافظات البلاد (الأمم المتحدة)

ووصف التحديث الأممي تفشي هذ المرض بأنه «فريد من نوعه»، بسبب تلوث المياه والغذاء، وخلال ذروة تفشيه يتم الإبلاغ يومياً عما بين 1050 و1800 حالة جديدة، «ما يؤكد الطبيعة الشديدة العدوى لهذا الخطر» على الصحة العامة، مشيراً إلى انخفاض شهده الشهر الماضي، حيث تم الإبلاغ عما بين 700 إلى 800 حالة جديدة يومياً.

ورجحت الأمم المتحدة أن تكون هناك زيادة أخرى في الحالات المبلغ عنها عقب الأمطار الغزيرة الأخيرة في جميع أنحاء البلاد، موضحة أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والنساء الحوامل وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة؛ أخرى هم الأكثر عرضة لخطر الكوليرا.

مخاطر الفيضانات

يمثل الأطفال دون سن الخامسة نسبة 16 في المائة من جميع الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا، و18 في المائة من حالات الوفاة، فيما يمثل أولئك الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً ما يقرب من 10 في المائة من الحالات، و36 في المائة من حالات الوفاة وفق البيانات الأممية.

تلوث المياه والغذاء وراء تفشي الكوليرا في اليمن (إعلام محلي)

وأعادت الأمم المتحدة التذكير بأن السكان الضعفاء الذين يعيشون في مناطق لا تتوفر فيها إمكانية الوصول الكافية إلى مياه الشرب النظيفة ومرافق الصرف الصحي معرضون لخطر كبير.

ووفق البيانات الأممية؛ فإن الوضع الصحي في البلاد يتفاقم بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات اللاحقة التي أثرّت على أكثر من 76800 أسرة في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين، لأن موسم الأمطار يزيد من احتمال انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه، خاصة أن البلاد تشهد ارتفاعاً في هطول الأمطار خلال هذا العام، وتواجه بعض المناطق زيادات كبيرة.

وعلى الرغم من التوقعات التي تتنبأ بانخفاض تدريجي في معدل الأمطار، أكد التحديث الأممي أن مخاطر الفيضانات تظل مرتفعة، وخاصة في المناطق المشبعة بالمياه في المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية.

وحذر التحديث من أن تؤدي تلك الفيضانات إلى تفاقم مشاكل الصحة العامة والزراعة والبنية التحتية، لأن المياه الراكدة تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، كما أن العواصف الغبارية في الهضبة الشرقية تسببت في حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي وتلف المحاصيل، في حين ستؤدي درجات الحرارة المرتفعة أيضاً إلى تسريع نشاط الآفات، مما يهدد الأمن الغذائي.

الأطفال يمثلون نسبة كبيرة من حالات الإصابة بالكوليرا (الأمم المتحدة)

وفي تقرير آخر قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن اليمن يشهد تفشياً حاداً للإسهال المائي الحاد والكوليرا، وإن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية معرضون لخطر متزايد للإصابة بهذه الأمراض، وذكرت أنها ومنظمة الصحة العالمية أنشأتا زوايا في 141 مركزاً صحياً في المناطق المتضررة، كما نشرتا 3385 عاملاً صحياً مجتمعياً ووصلت إلى 1.2 مليون شخص.

من جهتها، أعلنت هيئة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة أن 2184 شخصاً نزحوا خلال شهر أغسطس (آب)، وهو أعلى عدد منذ ما قبل نهاية العام الماضي، موضحة أن هذا الارتفاع أدى إلى قيام مكتب النزوح المشترك برفع 23 تنبيهاً بالمخاطر المتزايدة في الحديدة وإب ولحج ومأرب ومدينة صنعاء وتعز.

وطبقاً للهيئة، نزح نحو 14 ألف شخص خلال الفترة من مطلع يناير (كانون الثاني) حتى نهاية أغسطس، معظمهم إلى محافظات الحديدة ومأرب وتعز أو داخلها.