قيود الحوثيين تفاقم معاناة المتضررين من الفيضانات غرب اليمن

الانقلابيون سخّروا المساعدات للكسب السياسي

آلاف الأسر اليمنية تضررت من السيول لا سيما في مناطق الساحل الغربي (أ.ف.ب)
آلاف الأسر اليمنية تضررت من السيول لا سيما في مناطق الساحل الغربي (أ.ف.ب)
TT

قيود الحوثيين تفاقم معاناة المتضررين من الفيضانات غرب اليمن

آلاف الأسر اليمنية تضررت من السيول لا سيما في مناطق الساحل الغربي (أ.ف.ب)
آلاف الأسر اليمنية تضررت من السيول لا سيما في مناطق الساحل الغربي (أ.ف.ب)

على الرغم من انقضاء أكثر من أسبوعين منذ الفيضانات التي ضربت عدداً من مناطق غرب اليمن، فإن القيود التي وضعها الحوثيون على عمل المنظمات والوصول إلى تلك المناطق وتوزيع المساعدات لا تزال تحول دون تخفيف معاناة الآلاف من المتضررين وفق ما أفادت به مصادر حكومية.

وأوضحت المصادر أن المتضررين من الأمطار والسيول التي جرفت الطرقات والأراضي الزراعية والمنازل، وهدمت حواجز المياه في ‫محافظة المحويت غرب العاصمة المختطفة صنعاء، يعيشون في وضع لا إنساني، في حين يواصل الحوثيون إخفاء حقيقة الوضع هناك.

الحوثيون سيطروا على العمل الإغاثي وقيدوا تحرك المنظمات (إعلام محلي)

ولا تزال الطرقات ‏مقطوعة، كما يعيش المتضررون في مراكز إيواء مؤقتة ويعانون من نقص شديد في المواد الغذائية والطبية، بحسب المصادر نفسها.

ولزيادة قيود وصول الإغاثة، شكّل القيادي الحوثي حنين قطينة المعين في منصب محافظ المحويت لجنة للإشراف على العمل الإغاثي مؤلفة من عناصر الجماعة وجهاز مخابراتها؛ إذ رفضت اللجنة وصول أي مساعدات إلا عبرها، كما أنها تستأثر بأي تدخل حتى من فاعلي الخير وتقوم بنهب المساعدات وتوزعها على من تريد بغرض كسب ولاءات الأسر المتضررة.

واتهمت المصادر الحكومية اللجنة الحوثية بالاستيلاء على قوافل إغاثية محلية قُدمت من قبل سكان مديريات خميس بني سعد ومديرية القناوص ومديرية معين، مع الاستمرار في منع تدخلات المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية التي كانت تعمل بشكل حيادي وبمعايير مهنية.

وطالبت المصادر المنظمات الإغاثية الأممية والدولية بعدم الرضوخ للقيود التي فرضها الحوثيون، وممارسة أقصى الضغوط على الجماعة حتى تتمكن من الوصول إلى المتضررين، الذين يعيشون في ظروف إنسانية بائسة.

تحديات مستمرة

تزامنت قيود الحوثيين على الإغاثة في مناطق محافظة المحويت مع تأكيد شبكة الاتصالات الإنسانية في اليمن أن عام 2024 كان مليئاً بالتحديات بالنسبة للشعب اليمني؛ إذ يواصل الأفراد النضال في مواجهة الاضطرابات الاقتصادية المستمرة، ونقص الخدمات العامة والبنية الأساسية وتدهور الظروف المعيشية، ومعها تستمر مستويات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بالارتفاع في جميع أنحاء البلاد.

التجمعات السكانية في المحويت تنتشر في أعلى المرتفعات الجبلية (إكس)

وأفادت الشبكة بأن الأوضاع الصحية تفاقمت بسبب تفشي الإسهال المائي الحاد والكوليرا. كما تفاقم الوضع الإنساني بسبب التأثير المدمر لتغير المناخ، بما في ذلك الأمطار الغزيرة والفيضانات في العديد من مناطق البلاد. كما أضافت الديناميكيات الإقليمية المستمرة تحديات إضافية.

وعلى الرغم من هذه التحديات، أكد شركاء العمل الإنساني في اليمن أنه خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، واصلت 162 منظمة إنسانية تقديم المساعدات إلى ما معدله 2.7 مليون شخص شهرياً؛ إذ تم الوصول إلى ما معدله 1.8 مليون شخص شهرياً بالمساعدات الغذائية، وتم تقديم المساعدة لأكثر من 500 ألف شخص بالرعاية الصحية، وتم توفير خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة لأكثر من 617 ألف شخص، وتلقى ما يقرب من 330 ألف شخص دعماً غذائياً.

سوء التغذية

أكدت الهيئة الطبية الدولية أن الساحل الغربي في اليمن بخاصة جميع المناطق «المنخفضة» تأثرت بسوء التغذية بسبب تفاقم معدلات الإسهال المائي الحاد والكوليرا، فضلاً عن الضغوط الاقتصادية المتعلقة بانعدام الأمن الغذائي.

وقالت إن سوء التغذية الحاد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بتفشي الكوليرا الذي أُعلن عنه قبل نحو عام من الآن، فضلاً عن حالات الإسهال المائي الحاد، والتي قد تتسارع مؤخراً في أجزاء من الأراضي المنخفضة.

سوء التغذية الحاد ارتبط بتفشي الكوليرا في غرب اليمن (الأمم المتحدة)

ووفقاً لأحدث تصنيف مرحلي للأمن الغذائي المتكامل، فإن الأزمة «ترجع بشكل أساسي إلى ممارسات المياه والصرف الصحي السيئة»؛ ولهذا فإن المساعدة العاجلة ضرورية لإنقاذ الأرواح وحماية الأطفال من الآثار العقلية والجسدية الضارة طويلة الأمد الناجمة عن سوء التغذية.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن معدلات سوء التغذية الحالية من المرجح أن ترتفع في الأشهر المقبلة؛ إذ ستبدأ الفيضانات الأخيرة في إحداث تأثير متوسط ​​المدى على صحة الناس وقدرتهم على الوصول إلى مياه الشرب العذبة.

وأوضحت الهيئة الدولية أنها تعمل بنشاط من خلال توفير مساعدات الطوارئ المتكاملة متعددة القطاعات للسكان المتضررين من الصراع أو الصدمة المفاجئة في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، بما في ذلك سوء التغذية وتفشي الكوليرا.

وذكرت الهيئة أنه بالنظر إلى الارتباط القوي بين سوء التغذية وسوء النظافة، فإن الهدف هو منع تفشي العدوى والإسهال، من خلال معالجة الفجوات الحرجة في الوصول إلى المياه العذبة وممارسات النظافة التي تؤدي إلى الكوليرا والإسهال المائي الحاد.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.