ضغوط انقلابية لدفع اليمنيات للتبرع بالأموال والحلي

الحوثيون متهمون بإهدار الأموال على الاحتفالات

الحوثيون يجبرون الطالبات والنساء على حضور الفعاليات ذات الصبغة الطائفية (إعلام حوثي)
الحوثيون يجبرون الطالبات والنساء على حضور الفعاليات ذات الصبغة الطائفية (إعلام حوثي)
TT

ضغوط انقلابية لدفع اليمنيات للتبرع بالأموال والحلي

الحوثيون يجبرون الطالبات والنساء على حضور الفعاليات ذات الصبغة الطائفية (إعلام حوثي)
الحوثيون يجبرون الطالبات والنساء على حضور الفعاليات ذات الصبغة الطائفية (إعلام حوثي)

وسَّعت جماعة الحوثيين في الأيام الأخيرة من حجم ابتزازها المالي للتجار والسكان وصغار الباعة، وصولاً إلى استهداف النساء والفتيات اليمنيات في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها، لإجبارهن على حضور فعاليات تعبوية والتبرع بالمجوهرات والحلي التي يملكنها، بحجة دعم احتفالات الجماعة بـ«المولد النبوي»، وفق ما تحدثت به مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وكشفت المصادر عن قيام قيادات نسائية حوثية يعملن فيما تسمى «الهيئة النسائية»، رفقة عناصر من «الزينبيات» (الجناح الأمني النسائي) بزيارات ميدانية إلى أحياء ومناطق عدة في صنعاء وضواحيها، لاستهداف اليمنيات كي يتبرعن بالحلي والمصوغات التي يملكنها لتمويل فعاليات «المولد النبوي».

يمنيات في ريف صنعاء يشاركن في فعاليات حوثية ذات طابع تعبوي (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشكيل الجماعة الحوثية -في إطار احتفالها بالمناسبة- مئات الفرق النسائية الميدانية، بموجب تعليمات مباشرة من كبار القادة لاستهداف النساء والفتيات اليمنيات في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.

وتواصل فرق «الزينبيات» الميدانية في صنعاء منذ أيام استهداف الأمهات وربات البيوت وغيرهن، في أحياء وحارات تتبع مديريات آزال ومعين والثورة والسبعين وبني الحارث؛ من خلال اللقاء بهن في منازلهن، وحضهن -بعد إلقاء محاضرات تعبوية مكثفة- على حضور فعاليات «المولد النبوي» وتقديم التبرعات.

واشتكى نساء في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من قيام منتسبات لفصائل نسائية حوثية بزيارات إلى منازلهن، لحثهن على تقديم الدعم والمشاركة مع ذويهن للاحتفال بالمناسبات ذات الصبغة الطائفية.

ربات البيوت

بينما تتجاهل جماعة الحوثي معاناة وأوجاع أغلبية الأسر اليمنية في صنعاء وبقية المناطق، جراء تدهور الظروف المعيشية نتيجة الانقلاب والصراع المستمر، تفيد «أم محمد» -وهي ربة بيت في صنعاء- بأن قيادات نسائية حوثية يشدِّدن عند كل زيارة يقمن بها إلى المنازل على حضور فعاليات الجماعة ذات الطابع الطائفي، وتقديم الدعم المادي والحلي والمصوغات.

طالبات المدارس عرضة للاستقطاب الحوثي (إعلام حوثي)

وكشفت أم محمد لـ«الشرق الأوسط»، عن لجوء «الزينبيات» إلى استخدام أساليب الترغيب، من خلال حض ربات البيوت على التبرع بالمال والحلي تحت مزاعم «التقرب إلى الله وإثبات حبهن وولائهن للرسول» وكذا حضهن على المساهمة في تحشيد جموع النساء إلى المناسبات الاحتفالية.

وعادة ما تلجأ «الزينبيات» الحوثيات إلى استخدام كافة وسائل الترغيب والترهيب، لإجبار النساء على تنفيذ مطالب الجماعة وتنفيذ أجندتها.

وتؤكد «ابتسام» وهي معلمة في ريف صنعاء، وجود نشاط حوثي غير مسبوق بين أوساط النساء والفتيات (الشريحة الأضعف في اليمن) في عدة مديريات وقرى، لإرغامهن بمختلف الطرق والأساليب على تقديم الدعم لاحتفالات الجماعة بـ«المولد النبوي».

طالبات المدارس

لم تستثنِ الجماعة الحوثية -عبر فرق «الزينبيات»- الطالبات في المدارس الحكومية والأهلية في صنعاء وريفها؛ إذ أفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، بتنفيذ القيادات النسوية الحوثية زيارات ميدانية إلى المدارس، لإجبار الطالبات على تقديم جزء من مصروفهن اليومي لدعم الاحتفال بـ«المولد النبوي».

واتهمت المصادر جماعة الانقلاب بمواصلة استخدام جناحها النسائي «الزينبيات» أداة لقمع اليمنيات وتحشيدهن بالقوة، في الأحياء والقرى والعزل، وعلى مستوى المدارس، والضغط عليهن بحجة احتفالات الجماعة.

الجماعة الحوثية تواصل الجباية السنوية باسم «المولد النبوي» في ذمار (إكس)

ومنذ نحو شهر، بدأت الجماعة حملات جباية واسعة في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، تستهدف التجار وأصحاب المحال الصغيرة والمتوسطة والشركات والبنوك الخاصة، وصولاً إلى الباعة المتجولين، لتمويل احتفالاتها بـ«المولد النبوي».

وسبق أن أكدت مصادر مطلعة في صنعاء، أن جماعة الحوثي خصصت هذا العام ما يعادل نحو 100 مليون دولار للإنفاق على احتفالاتها بـ«المولد النبوي»، وهي المناسبة التي حولتها الجماعة من مناسبة يتم الاحتفاء بها عادة في المساجد إلى فعاليات سياسية واسعة ومهرجانات وتظاهرات، لتأكيد أحقية زعيمها عبد الملك الحوثي في حكم اليمنيين.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.