جهود حكومية يمنية وأممية لإنقاذ ملايين الأطفال باللقاحات

الإصابات بالشلل تصاعدت جراء حرب الحوثيين ضد التحصين

حملات تحصين مستمرة تنظمها الحكومة اليمنية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية (الأمم المتحدة)
حملات تحصين مستمرة تنظمها الحكومة اليمنية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية (الأمم المتحدة)
TT

جهود حكومية يمنية وأممية لإنقاذ ملايين الأطفال باللقاحات

حملات تحصين مستمرة تنظمها الحكومة اليمنية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية (الأمم المتحدة)
حملات تحصين مستمرة تنظمها الحكومة اليمنية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية (الأمم المتحدة)

تزداد أعداد الإصابات بالأمراض التي يمكن الوقاية منها في اليمن، خصوصاً لدى الأطفال، رغم جهود الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية للحد منها، ويعود ذلك إلى تأثيرات الصراع والحرب الحوثية على عمليات التحصين وتراجع التوعية بأهمية اللقاحات والتشجيع عليها.

وذكرت «منظمة الصحة العالمية» أخيراً أنه جرى تسجيل 33 حالة جديدة بفيروس شلل الأطفال منذ مطلع العام الجاري، بعد نحو شهر من إعلان المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال (GPEI) أنه أُبلغ عن 32 حالة إصابة جديدة بفيروس شلل الأطفال، في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، منذ مطلع العام الجاري.

وفي منتصف يوليو (تموز) الماضي، أشارت «يونيسيف» إلى ارتفاع حالات الإصابة بفيروس شلل الأطفال إلى 257 حالة منذ عام 2021.

وأكدت الولايات المتحدة الأمريكية منتصف الشهر الماضي إصابة 188 طفلاً بفيروس شلل الأطفال في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، مع استمرار الحملات الحوثية على اللقاحات وحملات التطعيم في مناطق سيطرتها.

وأوضحت السفارة الأميركية لدى اليمن عبر حسابها على منصة «إكس»، أن الأطفال اليمنيين تحملوا خلال العقد الماضي العبء الأكبر من الدمار والعنف والجوع الذي تسبب فيه المسلحون الحوثيون.

وأشارت إلى أن تقارير برنامج الأغذية العالمي أفادت بأن «ما يقرب من نصف أطفال اليمن الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، ويقدر عددهم بنحو 2.2 مليون طفل، يعانون من سوء التغذية الحاد».

وأضافت السفارة الأميركية أن الجماعة الحوثية نشرت المعلومات الطبية المغلوطة حول اللقاحات، مستهدفةً العائلات والأطفال لمنعهم من الممارسات الصحية الأساسية وتعريض حياة الصغار للخطر.

تضليل قاتل

اتهمت السفارة الأميركية لدى اليمن الجماعة الحوثية بالاستمرار في عرقلة حملات التطعيم المنقذة للأرواح ضد شلل الأطفال، التي تسميها «مؤامرة دولية» على المجتمعات، في تزييفٍ للحقائق التي تؤكد أن الطب الحديث ينقذ الأرواح.

ووصفت السفارة الممارسات الحوثية بـ«التضليل القاتل»، مستدلةً بفعالية نظَّمتها الجماعة العام الماضي، جرى خلالها نعت اللقاحات، وعموم الطب الحديث، بـ«المؤامرة الإسرائيلية»، دون وجود أساس علمي، حيث زعم منظمو الفعالية أن اليمنيين لن يحصلوا على المناعة من الأمراض أو يحافظوا على صحتهم، إلا باتباع تعليمات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

متطوعون يمنيون في حملات الحشد المجتمعي لمناصرة اللقاحات (الأمم المتحدة)

وحذر البيان الأميركي من أن عواقب التضليل الحوثية كانت مأساوية، وذلك بعد انتشار فيروس شلل الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث أُصيب 178 طفلاً منذ عام 2022.

كانت منظمة الصحة العالمية قد كشفت عن ثلاث حالات جديدة من شلل الأطفال المشتق من اللقاح في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، ليصل إجمالي عدد الحالات في عام 2024 إلى 10 حالات.

وحسب مسؤولي بعثة منظمة الصحة العالمية في اليمن، فإن الأطفال معرضون بشكل خاص للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل شلل الأطفال والحصبة والسعال الديكي والدفتيريا.

وتقول البيانات الأممية إن واحداً من كل 4 أطفال يمنيين لم يتلقوا جميع التطعيمات الموصى بها في جدول التحصين الروتيني الوطني، و17 في المائة منهم أطفال لم يتلقوا أي تطعيمات، ولم يتلقوا جرعة واحدة من لقاح الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي.

وفي مواجهة تفشي فيروس شلل الأطفال من النمط الثاني، أطلقت وزارة الصحة في الحكومة اليمنية بدعم من «يونيسيف» ومنظمة الصحة العالمية والمبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال، حملات تطعيم عاجلة وشاملة للحد من انتشار الفيروس ومنع مزيد من حالات الإصابة بالشلل.

حشد مجتمعي

استهدفت حملات التحصين التي تقودها الحكومة اليمنية الوصول إلى كل طفل دون سن الخامسة، من خلال فرق من العاملين في الرعاية الصحية، المجهزين باللقاحات واللوازم الأساسية الذين تنقلوا من بيت إلى بيت في المجتمعات المحلية لإعطاء اللقاحات الفموية المضادة لشلل الأطفال وفيتامين «أ» لضمان عدم ترك أي طفل دون تطعيم.

متطوعتان في عدن تزوران المنازل لمشاركة العائلات المعلومات الحيوية حول التطعيم (الأمم المتحدة)

ووفقاً لبيانات «يونيسيف»، تم تطعيم أكثر من 1.3 مليون طفل خلال الجولة الثانية من الحملة منتصف يوليو (تموز) الماضي، بمساندة جهود الحشد المجتمعي الحاسمة لمواجهة الشائعات التي لا أساس لها من الصحة وبناء الثقة في أوساط المجتمعات.

وتولت حملة الحشد المجتمعي مهمة تثقيف الآباء حول أهمية تطعيم أطفالهم، والتوعية بأن شلل الأطفال مرض ليس له علاج، والتطعيم هو السبيل الوحيد لحماية أطفالهم من هذا المرض، وشملت الحملة كل منزل في محافظة عدن تقريباً.

وشارك الوعاظ في حملة التوعية من خلال تخصيص أماكن وأوقات داخل المساجد للمتطوعين المجتمعيين لعقد جلسات التوعية واستخدام مكبرات الصوت فيها لإعلان الرسائل الهادفة لحث العائلات على تطعيم أطفالها، وكان لذلك أثر كبير في إنجاح حملة التطعيم.

ووفقاً للمشاركين في الحملة المجتمعية للتوعية بالتطعيم، فإن جهود الحشد المجتمعي تؤتي ثمارها، فمنذ عام 2022، حدثت زيادة كبيرة في قبول العائلات للتطعيم، ويمكن أن يُعزى ذلك إلى المشاركة النشطة للجان المجتمعية المكونة من شخصيات محلية تحظى بالاحترام، كما كان إشراك النساء الحاصلات على تعليم جيد فعالاً بشكل خاص في زيادة تأثيرهن.

أكثر من 580 ألف طفل يمني لم يتلقوا التحصينات وفق تقديرات أممية (أ.ف.ب)

وأوضحت «يونيسيف» أنه مع استمرار اليمن في التعافي من سنوات النزاع والسعي نحو مستقبل أكثر صحة، فإن التفاني الملحوظ من أفراد حملات الحشد المجتمعي يُعد محفزاً للتغيير الإيجابي، إذ مثَّلت جهودهم الجماعية «التزاماً عميقاً بالتغلب على المعلومات المضللة، وبناء ثقة المجتمع، وضمان عدم ترك أي طفل دون حماية ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل شلل الأطفال».


مقالات ذات صلة

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.