جبايات حوثية من بوابة «منكوبي السيول»... ورفض لمبادرات الإغاثة

مواقف رسمية وحقوقية أدانت زيادة معاناة المتضررين

أضرار كبيرة في محافظة الحديدة اليمنية في ظل ضعف أعمال الإغاثة وتسييسها (رويترز)
أضرار كبيرة في محافظة الحديدة اليمنية في ظل ضعف أعمال الإغاثة وتسييسها (رويترز)
TT

جبايات حوثية من بوابة «منكوبي السيول»... ورفض لمبادرات الإغاثة

أضرار كبيرة في محافظة الحديدة اليمنية في ظل ضعف أعمال الإغاثة وتسييسها (رويترز)
أضرار كبيرة في محافظة الحديدة اليمنية في ظل ضعف أعمال الإغاثة وتسييسها (رويترز)

تتابعت مواقف الإدانة والاستنكار ضد ممارسات الجماعة الحوثية بحق أهالي محافظة الحديدة اليمنية المنكوبين بكارثة السيول خلال الأسابيع الماضية، ورفضها مبادرة خلية الأعمال الإنسانية المقدمة بواسطة الأمم المتحدة للإغاثة، وإطلاقها حملة جبايات تحت مسمى «إغاثة المنكوبين».

وأكدت مصادر محلية في محافظة الحديدة (غرب) بدء الجماعة تنفيذ حملة جبايات واسعة شملت البيوت التجارية الكبيرة ومختلف التجار ورجال الأعمال والمحال التجارية والمصانع وشركات الملاحة والشحن وحتى صغار الباعة، في الوقت نفسه الذي رفضت فيه المساعدات الإغاثية المقدمة من خارج مناطق سيطرتها، وآخرها المساعدات المقدمة من «الخلية الإنسانية» في قوات المقاومة الوطنية المنضوية تحت الحكومة اليمنية.

قافلة المساعدات الإغاثية التي أعدّتها خلية الأعمال الإنسانية في المقاومة الوطنية اليمنية لإغاثة منكوبي الحديدة (إعلام محلي)

وكشفت المصادر عن إجراءات ترهيب تمارسها الجماعة عبر مشرفيها وقادتها المكلفين تنفيذ الجبايات، ومن ذلك تهديد مالكي المحال والباعة بالإغلاق والسجن، في حين يتعرض كبار التجار والبيوت التجارية لضغوط مختلفة، مثل التهديد بفرض إجراءات مشددة على إخراج بضائعهم من ميناء الحديدة، أو عرقلة نقلها إلى المحافظات.

وينوّه مصدر في أحد أكبر البيوت التجارية اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية إلى أن حملة الجبايات هذه تتزامن مع اقتراب بدء حملة الجبايات السنوية لصالح الاحتفال بالمولد النبوي، والذي تتخذه الجماعة مناسبة لتعزيز مشروعها وادعاءاتها بالحق في الحكم.

وبحسب المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن البيوت التجارية وكبار التجار يواجهون حالياً مأزقاً في تلبية مطالب الجماعة الحوثية؛ نظراً لأنهم يستعدون كل عام لتوفير المبالغ المفروضة عليهم لصالح الاحتفال بالمولد النبوي، لكنهم وبسبب الجبايات بمسمى إغاثة المنكوبين سيقعون في أزمات مالية، خصوصاً مع تراجع عائداتهم بسبب السياسات الحوثية والغلاء الذي أضعف القدرة الشرائية للسكان.

وأوضح المصدر الذي يعمل في إدارة حسابات واحد من أكبر البيوت التجارية أن رؤساءه بادروا بالتبرع لصالح منكوبي الفيضانات بعد الكارثة مباشرة، في محاولة لتجنب فرض الجماعة عليهم مبلغاً كبيراً، خصوصاً وأنهم يستعدون لحملة جبايات المولد النبوي.

آلاف العائلات اليمنية اضطرت إلى النزوح وأصبحت بلا مأوى بسبب الفيضانات (أ.ب)

وكان النائب في البرلمان الذي تديره الجماعة الحوثية في صنعاء، أحمد سيف حاشد، تساءل منذ أسبوعين عن صحة فرضها مبالغ مالية ضخمة على كبار التجار تحت عنوان مواجهة أضرار السيول في الحديدة، وفق معلومات حول إلزام كل تاجر بدفع ما يقارب مليوني دولار (نحو مليار ريال يمني).

وذكر حاشد حينها أن الجماعة طلبت مليار ريال يمني من كلٍ من مجموعة شركات «هائل سعيد» ومجموعة «إخوان ثابت»، ورجال الأعمال درهم العبسي، ويحيى سهيل وسمير الزيلعي وغيرهم، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 530 ريالاً.

حسابات سياسية

منذ أيام رفضت الجماعة الحوثية عرضاً تقدمت به خلية الأعمال الإنسانية في المقاومة الوطنية لإغاثة المنكوبين من سيول الأمطار التي ضربت محافظة الحديدة عبر بعثة الأمم المتحدة (أونمها) ومكتب المبعوث الأممي الذي تلقى رد الجماعة الرافض للمبادرة.

واستغربت السلطة المحلية في محافظة الحديدة، الموقف الحوثي من المساعدات الغذائية والإيوائية للأسر المنكوبة التي قدمتها الخلية، بينما رأت المقاومة الوطنية أن هذا الموقف يأتي ضمن الحسابات السياسية الضيقة للجماعة على حساب المعاناة الإنسانية.

وأعرب وكيل أول محافظة الحديدة وليد القديمي عن استنكاره رفض هذه المبادرة الإنسانية الذي يعدّ تأكيداً على عدم اكتراثها بمعاناة المواطنين، منوهاً إلى أن ذلك يضعها تحت طائلة المسؤولية عن مفاقمة المعاناة التي تتكبدها آلاف العائلات المنكوبة بسيول الأمطار في مدينة الحديدة والمديريات الواقعة تحت سيطرتها.

وكان نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، طارق صالح، وجّه بالتدخل العاجل وتسيير قوافل غذائية وإيوائية للمنكوبين في مختلف مناطق محافظة الحديدة.

ويتهم سكان الحديدة الجماعة الحوثية بترك المنكوبين بسيول الأمطار يواجهون مصيرهم بمفردهم في المحافظة الأكثر تضرراً من الفيضانات وسيول الأمطار، في وقت باتت فيه آلاف العائلات بلا مأوى وتفتقر لأبسط الاحتياجات الأساسية.

إدانات محلية

نددت جهات وشخصيات رسمية وحقوقية يمنية بممارسات الجماعة الحوثية، ورفض المبادرات الإنسانية ومنع دخول المساعدات الإغاثية لمنكوبي الفيضانات في الحديدة.

وأدان برلمانيو محافظة الحديدة، موقف الجماعة الحوثية بمنع وصول المساعدات الإنسانية العاجلة للمواطنين المتضررين من السيول بمناطق سيطرتها، وأشاروا إلى أن هذا الفعل الذي وصفوه بـ«الإجرامي»، ينطوي على أحقاد ضد أبناء تهامة، ويمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وجريمة ضد الإنسانية تستهدف حياة المدنيين المنكوبين وتفاقم معاناتهم.

وبالمثل، أدان منتدى الحديدة للعدالة والسلام، ما وصفها، بالانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها الجماعة الحوثية، وآخرها رفضها مبادرة خلية الأعمال الإنسانية في المقاومة الوطنية، التي أتت عبر الأمم المتحدة لإغاثة المنكوبين من سيول الأمطار في مناطق سيطرتها.

أعمال الإغاثة الحوثية تقتصر - بحسب سكان الحديدة - على إزالة مخلفات السيول وفتح الطرقات (إعلام حوثي)

وقال المنتدى في بيان له إن استغلال الجماعة للأزمات الإنسانية سلاحاً للحرب، وتعطيشها المتعمد للسكان، وتجويعهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة، يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعدّ إصرارها على عرقلة جهود الإغاثة، ورفضها للمبادرات الأممية، يضعها في موقف المتسبب الأول في تفاقم الكارثة الإنسانية في الحديدة.

واستهجنت قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في محافظة الحديدة رفض الجماعة الحوثية المبادرة الذي يظهر «تجسيداً لصلفها وغرورها وعدم اكتراثها بأوضاع المواطنين في عموم اليمن وتهامة على وجه الخصوص».

ودعت جميع البيانات المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى الضغط الجاد على الجماعة الحوثية للسماح بوصول المساعدات الإغاثية الطارئة للمنكوبين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع المحتاجين في اليمن.

وخلال الشهر الحالي منعت الجماعة الحوثية التجار وفاعلي الخير في مناطق سيطرتها من تقديم مساعدات غذائية ونقدية سنوية للآلاف من الفقراء والنازحين في صنعاء وريفها ومحافظتي البيضاء وتعز.

واشترطت استقطاع كميات من سلال الغذاء لصالح أتباعها، متسببة في إثارة استياء العائلات المستهدفة بتلك المساعدات، في ظل انقطاع رواتب الموظفين العموميين وغياب الخدمات واتساع رقعة الفقر وتفشي الأوبئة.


مقالات ذات صلة

تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

العالم العربي جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)

تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

لقي هجوم الحوثيين على قرية «حنكة آل مسعود» في محافظة البيضاء اليمنية إدانات أميركية ويمنية واسعة وسط مخاوف من ارتكاب «إبادة» بحق السكان.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي محافظ تعز أقر في لقائه مسؤولي المدينة وقيادات سياسية ضبط أسعار الإيجارات (سبأ)

مخاوف يمنية في تعز من تصاعد أزمة إيجار المنازل

أثارت حادثة إحراق مالك منزل لعائلة مستأجرة في مدينة تعز مخاوف بشأن تداعيات مثل هذه الخلافات، ما دفع السلطات إلى اتخاذ قرار بتحديد أسعار الإيجارات والرقابة عليها

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي عدد المحتاجين للمساعدات الغذائية في اليمن ارتفع إلى 19 مليون شخص (الأمم المتحدة)

شركاء العمل الإنساني في اليمن يوسّعون المساعدات النقدية

أكد شركاء العمل الإنساني في اليمن توسيع نطاق المساعدات النقدية خلال السنوات الأخيرة، إذ أصبحت شكلاً شائعاً بشكل متزايد من أشكال المساعدة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يتجاهلون تفشي الجوع ويرغمون السكان على حمل السلاح (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يلزمون طلبة الجامعات بحمل السلاح

ألزمت الجماعة الحوثية طلبة الجامعات بحمل السلاح، كما أرغمت الإناث على الالتحاق بدورات للإسعافات الأولية بعد أيام من إرغام جميع الموظفين العموميين على التعبئة.

محمد ناصر (تعز (اليمن))
العالم العربي الحوثيون يتعمدون التنكيل بسكان المناطق القبلية لإخضاعهم (إكس)

حملة حوثية تنكل بسكان قرية يمنية في محافظة البيضاء

حشدت الجماعة الحوثية حملة عسكرية للتنكيل بسكان إحدى القرى اليمنية التابعة لمحافظة البيضاء، وسط تنديد حكومي وحقوقي أعقب مقتل وإصابة 13 شخصاً جرّاء قصف القرية.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة حوثية تنكل بسكان قرية يمنية في محافظة البيضاء

الحوثيون يتعمدون التنكيل بسكان المناطق القبلية لإخضاعهم (إكس)
الحوثيون يتعمدون التنكيل بسكان المناطق القبلية لإخضاعهم (إكس)
TT

حملة حوثية تنكل بسكان قرية يمنية في محافظة البيضاء

الحوثيون يتعمدون التنكيل بسكان المناطق القبلية لإخضاعهم (إكس)
الحوثيون يتعمدون التنكيل بسكان المناطق القبلية لإخضاعهم (إكس)

حشدت الجماعة الحوثية حملة عسكرية للتنكيل بسكان إحدى القرى اليمنية التابعة لمحافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء)؛ حيث استخدم عناصرها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والمسيّرات في مهاجمة القرية، وهو ما أدّى إلى مقتل وإصابة 13 شخصاً، بينهم نساء، (الخميس)، وفق ما أفادت به مصادر حقوقية حكومية.

وفي حين ندّدت الحكومة اليمنية بالحملة الحوثية؛ طالبت بتدخل أممي ودولي لوقف التنكيل بسكان قرية الحنكة، التابعة لقبيلة آل مسعود في مديرية القريشية؛ حيث منطقة قبائل «قيفة» القريبة من مدينة رداع.

وخلال سنوات الانقلاب اعتمدت الجماعة الحوثية على أساليب البطش والتنكيل بحق معارضيها في المناطق القبلية، خصوصاً في محافظة البيضاء، المختلفة مذهبياً مع الجماعة، وصولاً إلى تفخيخ المنازل وتفجيرها، كما حدث قبل أشهر في حي الحفرة بمدينة رداع.

وذكرت المصادر المحلية أن المسلحين الحوثيين المزودين بمدرعات وعربات عسكرية ودبابات قاموا بقصف منازل القرية بذريعة البحث عن مطلوبين للجماعة، مستخدمين الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيّرة المفخخة، ما أدّى إلى سقوط قتيل على الأقل و12 مصاباً، بينهم 3 نساء.

وفي حين فرضت الجماعة حصاراً خانقاً على سكان القرية، ومنعت إسعاف المصابين، إلى جانب منع الإمدادات الإنسانية باتجاه القرية المحاصرة، توعّد قادتها باستمرار الحملة، رافضين كل المساعي القبلية للتهدئة.

حصار وتدمير

ووسط المخاوف من أن تؤدي الحملة العسكرية الحوثية إلى مزيد من الضحايا بين سكان القرية، أدانت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية بأشد العبارات، ما وصفته بـ«الجريمة النكراء» التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي بحق المدنيين الأبرياء والأعيان المدنية في قرية الحنكة التابعة لقبيلة آل مسعود.

وأوضحت الوزارة اليمنية في بيان أن الميليشيات الحوثية «أقدمت (الخميس) في عمل جبان ومتعمّد على استهداف المدنيين الأبرياء باستخدام الطائرات المسيّرة المتفجرة من دون طيار والدبابات، ما أسفر عن سقوط 13 شخصاً بين قتيل وجريح، بينهم 3 نساء، إلى جانب منعها إسعاف المصابين وتدمير عدد من المنازل ودور العبادة وتشريد مئات العائلات».

ووفق البيان، جاء الهجوم الحوثي بعد أيام من فرض حصار خانق على أهالي القرية قبل أن تدفع الجماعة بتعزيزات ضخمة تتقدمها دبابات وعدد كبير من العربات العسكرية التي تقل عشرات العناصر المدججين بالأسلحة، و«نتج عن الحصار والحملة في أيامها الأولى اعتقال عدد من أبناء المنطقة، وسط اتهامات ملفقة».

وقال البيان، إن هذه الجرائم البشعة، التي تشمل القتل العمد والحصار والتهجير القسري وقصف وتفجير المنازل ودور العبادة، تعد انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأكدت وزارة حقوق الإنسان أن مهاجمة القرية ترقى إلى جريمة حرب، وتعكس الطبيعة الإجرامية لميليشيات الحوثي التي لا تتورع عن استهداف المدنيين الأبرياء دون تمييز، وتنفذ أجندة طائفية عنيفة بهدف بث الرعب والخوف بين السكان المدنيين وتعزيز نهجها الدموي.

وحمل البيان الحكومي الحوثيين المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم البشعة، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم وفوري لوقف هذه الانتهاكات التي تُمثل «تحدياً مباشراً لإرادة المجتمع الدولي».

منزل يحترق في قرية يمنية بمحافظة البيضاء جرّاء قصف الحوثيين (إكس)

كما دعت الوزارة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى التحرك الفوري والعاجل لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد هذه الجماعة الحوثية، بما في ذلك تصنيفها منظمةً إرهابيةً عالميةً، وإدراج قياداتها المتورطة في هذه الجرائم البشعة ضمن قائمة العقوبات الدولية وتجميد أصولها.

إلى ذلك، ناشد البيان الحكومي كل المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية لتكثيف جهودها في فضح هذه الانتهاكات الحوثية الجسيمة لحقوق الإنسان.