في الوقت الذي ضربت السيول الناجمة عن الأمطار أحياء وشوارع متفرقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، مخلِّفةً قتلى وجرحى وخسائر مادية كبيرة، انتهزت الجماعة الفرصة للبدء في فرض جبايات جديدة تحت ذريعة «مواجهة السيول».
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن الجماعة بدأت منذ يومين تنفيذ حملة جباية لإجبار السكان في صنعاء وريفها ومدن أخرى على تقديم التبرع النقدي والعيني بحجة مواجهة أضرار السيول وإنقاذ المتضررين.
جاء ذلك بالتوازي مع توقعات الأرصاد باستمرار الأمطار الغزيرة خلال الساعات المقبلة على عدة محافظات يمنية، في حين لم يحرك الانقلابيون أي ساكن، من قبيل اتخاذهم بعض التدابير لحماية السكان وممتلكاتهم من مخاطر السيول.
وشكَّلت الجماعة الحوثية في الأيام الماضية لجاناً ميدانية تحمل في ظاهرها اسم لجان «دعم وإنقاذ» وباطنها لجان «دهم وابتزاز» في نحو 10 مديريات في صنعاء، لتولي مهام النزول الميداني لفرض إتاوات دعماً لمن تسميهم المتضررين من السيول.
وإذ يشكو ملَّاك محال تجارية لـ«الشرق الأوسط»، الجبايات المستمرة، تتهم الجماعة الحوثية بنهب الموارد وتسخير كل عائداتها للمجهود الحربي وإقامة المناسبات ذات المنحى الطائفي، متجاهلةً ما يكابده الملايين جراء سيول الأمطار، والمعاناة المعيشية والإنسانية وانقطاع الرواتب وتوقف الخدمات وندرة الشغل واتساع رقعة الجوع والفقر.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور تداولها ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي مشاهد تُظهر معظم شوارع وأحياء صنعاء وعدة مدن أخرى تحت سيطرة الجماعة، وهي غارقة في السيول، بعد أن حاصرت المياه كثيراً من السكان في منازلهم، إضافةً إلى تعرض بعض السيارات والمحال التجارية لأضرار بالغة.
وأثارت حملات الحوثيين بزعم مواجهة أضرار السيول، موجة انتقاد ورفض واسعة، لجهة التشكيك في أن هذه الأموال ستذهب إلى جيوب قادة الجماعة ولن تصل إلى المستحقين.
غياب الرحمة
يتحدث أمين، وهو اسم مستعار لمالك محل تجاري في شارع القصر في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه لخسائر كبيرة نتيجة تدفق سيول الأمطار على محله التجاري، رغم إطلاقه مع تجار آخرين في الشارع نفسه نداءات استغاثة لسلطة الانقلاب الحوثي، لغرض التدخل، لكن دون جدوى.
وشَن مالك المتجر هجوماً على جماعة الحوثي، حيث جاء مسلحوها إلى محله التجاري بعد عصر اليوم التالي من تعرض متجره للغرق، طالبين منه دون رحمة التبرع لمصلحة إنقاذ المتضررين من السيول، متجاهلين معاناته جراء تعرض محله والمحال التجارية الأخرى للسيول.
ويقول أمين إنه كان يتوقع لحظة قدوم مشرفي الجماعة أنهم سيقدمون المساندة والدعم تعويضاً عن خسائره، فإذا بهم يأتون ليطلبوا منه دفع مبالغ مالية لإنقاذ المتضررين من السيول.
كانت الأمم المتحدة قد حذرت من فيضانات جديدة ستضرب مناطق عدة في اليمن. وأعلن صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي ضربت محافظات الحديدة وريمة والمحويت في اليمن، تسببت في وفاة وإصابة وفقدان العشرات، وتشريد آلاف العائلات اليمنية جراء تدمير منازلها.
وفي حين لا تزال تلك المحافظات تعيش أوضاعاً إنسانية مأساوية منذ أيام نتيجة سيول الأمطار الغزيرة، أكد الصندوق الأممي أن الحاجة مُلحّة لتوفير مزيد من الدعم العاجل من أجل إغاثة المتضررين وإنقاذ الأرواح.