انقلابيو اليمن يكثّفون انتهاكاتهم في قطاع التعليم

تطييف وتعبئة عسكرية وأنشطة للاحتفال بالمناسبات

إجبار طلبة المدارس بمناطق سيطرة الحوثيين على المشاركة في فعاليات طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس بمناطق سيطرة الحوثيين على المشاركة في فعاليات طائفية (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يكثّفون انتهاكاتهم في قطاع التعليم

إجبار طلبة المدارس بمناطق سيطرة الحوثيين على المشاركة في فعاليات طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس بمناطق سيطرة الحوثيين على المشاركة في فعاليات طائفية (إعلام حوثي)

عادت الجماعة الحوثية مجدداً لاستهداف قطاع التعليم ومنتسبيه بالانتهاك من خلال إلزام المدارس الأهلية بتخصيص أوقات دراسية لإحياء مناسبات ذات منحى طائفي، وإجبار معلمين على المشاركة في دورات تعبوية وعسكرية، وإرغام مدارس أخرى على التخلي عن النشيد الوطني أثناء الإذاعة المدرسية الصباحية، واستبدال ذلك بترديد «الصرخة الخمينية».

وتحدثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

تعميم حوثي يُلزم المدارس في محافظة الضالع اليمنية بترديد «الصرخة الخمينية» (فيسبوك)

وألزمت الجماعة الحوثية عبر تعليمات صادرة عن قيادات تدير قطاع التعليم، مدارس صنعاء، بتخصيص يومين دراسيين من كل أسبوع للاحتفال بالمناسبات ذات الصبغة الطائفية، مع توفير ملصقات وشعارات على صلة بكل مناسبة.

ونصت التعليمات على إلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى ليومين من كل أسبوع بالمدارس المستهدفة واستبدال فقرات تحتفي بمناسبات الجماعة بها، وذلك في سياق الاستهداف الممنهج لقطاع التعليم وتحويله إلى أداة للتعبئة ونشر الطائفية ورافد للحرب وجبهات القتال.

دورات قتالية

تزامنت الانتهاكات الحوثية الجديدة في قطاع التعليم مع إخضاع الجماعة أكثر من 80 معلماً وكادراً تربوياً في مديرية الصافية في صنعاء للالتحاق بدورات تعبوية وقتالية، بينما تواصل تلك الجماعة تجاهلها المتعمد لمعاناة وأوجاع عشرات الآلاف من المعلمين التي يكابدونها بسبب استمرار توقف رواتبهم.

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها على أن الدورة ستُركّز على الجانب التعبوي والقتالي، عوضاً عن الجانب التعليمي والتربوي، لافتة إلى أن ذلك يأتي استجابةً لتوجيهات صادرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، تحض على إلحاق منتسبي قطاع التعليم بدورات عسكرية مفتوحة لتدريبهم وتأهيلهم استعداداً لما يسمونه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

انقلابيو اليمن يجبرون طالبات المدارس على المشاركة في فعالياتهم (إعلام حوثي)

إلى ذلك، تحدثت مصادر تربوية في محافظة الضالع (جنوب شرق صنعاء) عن إلزام جماعة الحوثي المدارس الحكومية والأهلية في مديرية جبن بترديد «الصرخة الخمينية» في الطابور الصباحي المدرسي.

وتداول ناشطون يمنيون تعميماً حوثياً يُلزم المدارس بترديد تلك الصرخة عوضاً عن النشيد الوطني أثناء الطابور المدرسي الصباحي.

وأثار ذلك التوجه الانقلابي موجة غضب واستنكار في أوساط الطلاب والتربويين وأولياء أمور في الضالع، وأوضح عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الممارسات تضاف إلى سجل الجماعة الحافل بأبشع الممارسات المرتكبة بحق قطاع التعليم اليمني ومنتسبيه.

تجاهل الرواتب

كان نادي المعلمين اليمنيين اتهم في وقت سابق الجماعة الحوثية بالعمل على إغلاق أبواب التعليم وفتح أبواب الجهل والتخلف للطلبة من خلال تجاهلها المستمر لرواتب المعلمين في مناطق سيطرتها.

وفي تغريدات على منصة «إكس»، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن سلطة الانقلاب تتجاهل رواتب المعلمين المقطوعة، وتعالج ذلك بحوافز بدل انتقال «لا تسمن ولا تغني من جوع»، معتبراً أن ذلك يُعد مساهمة حوثية في إغلاق أبواب التعليم بالمدارس وفتح أبواب الجهل والتخلف للطلاب على مصراعيه والتسرب إلى الشوارع.

الحوثيون أخضعوا تربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إعلام حوثي)

وطالب نادي المعلمين موظفي وكوادر وزارة التربية بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية بالضغط من أجل نيل حقوقهم، لافتاً إلى أن استمرار الجماعة في قطع الرواتب التربويين «يثبت جلياً أنها ليست على القدر الكافي من المسؤولية تجاه وطن لا يستطيع أن يرعى حقوق مواطنيه».

ومنذ اجتياح صنعاء ومدن يمنية أخرى، سعت جماعة الحوثي بكل طاقتها لارتكاب أبشع التعسفات والممارسات بحق المؤسسات التعليمية ومنتسبيها من المعلمين والطلاب والكادر الإداري في عموم مناطق سيطرتها، إذ عملت على انتهاك حرمات مئات المدارس؛ بغية حرفها عن مسارها التعليمي وتحويلها إلى أداة للتعبئة الطائفية والتجنيد.


مقالات ذات صلة

الجيش اليمني يُسقط 3 مسيّرات حوثية هاجمت منشأة نفطية حيوية

العالم العربي جانب من منشأة «صافر» لتكرير النفط في محافظة مأرب اليمنية (إكس)

الجيش اليمني يُسقط 3 مسيّرات حوثية هاجمت منشأة نفطية حيوية

هاجمت الجماعة الحوثية منشأة «صافر» النفطية بمحافظة مأرب الخاضعة للحكومة الشرعية بثلاث طائرات مسيرة تم اعتراضها وإسقاطها، وذلك في أخطر تصعيد ضد المنشآت الحيوية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)

«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

يعيش أكثر من 4500 نازح في بلدة «مفرق المخا» اليمنية قرب خطوط المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في ظروف إنسانية صعبة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي ندوة محدودة أقامها جناح حزب «المؤتمر» الموالي للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

منع «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب

منعت جماعة الحوثيين في اليمن قادة جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من إقامة مهرجان جماهيري في أحد الميادين، أو حتى تنظيم احتفالية كبيرة بذكرى تأسيس الحزب.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي أضرار كبيرة في محافظة الحديدة اليمنية في ظل ضعف أعمال الإغاثة وتسييسها (رويترز)

جبايات حوثية من بوابة «منكوبي السيول»... ورفض لمبادرات الإغاثة

فرض الحوثيون جبايات على التجار بذريعة إغاثة منكوبي السيول في الحديدة، في حين رفضوا مبادرات الإغاثة المقدمة من طرف الحكومة الشرعية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي محمد آل جابر خلال استقباله هانس غروندبرغ في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

آل جابر وغروندبرغ يستعرضان جهود السعودية في دعم التهدئة والسلام اليمني

ناقش محمد آل جابر سفير السعودية لدى اليمن مع هانس غروندبرغ المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مستجدات الأزمة اليمنية، ودور السعودية في دعم جهود التهدئة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

منع «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب

مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام حزب المؤتمر الشعبي)
مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام حزب المؤتمر الشعبي)
TT

منع «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب

مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام حزب المؤتمر الشعبي)
مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام حزب المؤتمر الشعبي)

منعت جماعة الحوثيين في اليمن قادة جناح حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعين لها في العاصمة المختطفة صنعاء من إقامة مهرجان جماهيري في أحد الميادين، أو حتى تنظيم احتفالية كبيرة احتفاء بذكرى تأسيس الحزب التي تصادف 24 أغسطس (آب) من كل عام.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن رفض جماعة الحوثي طلبات تقدم بها قادة جناح حزب «المؤتمر» للسماح لهم بتنظيم احتفالية بذكرى التأسيس لهذا العام.

مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» الخاضع لجماعة الحوثي في صنعاء (الشرق الأوسط)

وأبلغ قادة في الحزب قبل نحو أسبوع أعضاء فيما يسمى المكتب السياسي لجماعة الحوثي بصنعاء، عن نيتهم تنظيم احتفالية كبيرة بالذكرى الـ42 لتأسيس الحزب، إلا أن المصادر أكدت أن قادة الجماعة أبلغوا كبار قادة الحزب، ومن بينهم صادق أمين أبو راس، ويحيى الراعي، وعبد العزيز بن حبتور، بصدور تعليمات من زعيم الجماعة، تقضي بمنع الحزب من إقامة أي احتفالية؛ سواء في ميدان السبعين، أو في القاعة التي تتبع الحزب في حي الحصبة شمال العاصمة.

واكتفت جماعة الحوثي بالسماح لبعض قادة جناح الحزب في صنعاء بإقامة ندوة مصغرة، شارك فيها عدد محدود من قيادات وأعضاء الحزب، ظهر فيها يحيى الراعي، وهو النائب الأول لرئيس جناح حزب «المؤتمر» في صنعاء، ورئيس البرلمان غير الشرعي، وهو منزعج بشدة بسبب أنه لم يُبلغ بخبر الفعالية إلا قبيل تنظيمها بنصف ساعة. وفق ما أفادت به المصادر.

استياء شديد

وذكر ثلاثة من أعضاء الحزب حضروا الندوة لـ«الشرق الأوسط» أن الراعي قدَّم في كلمة ألقاها لدى ترؤسه الندوة اعتذاره للمشاركين، نتيجة التقصير الحاصل والوقت المفاجئ والضيق الذي حُدِّدَ لإقامة الندوة.

وأبدى الراعي انزعاجه من حجم القاعة الذي لا يتناسب مع إقامة الفعالية، ورأى أن ذلك يعد إهانة متعمدة لقادة حزب «المؤتمر» الخاضعين للجماعة بصنعاء، وطالب الحاضرين بمزيد من الصبر والتحمل «حتى يفرجها الله»، وفق تعبيره.

ندوة محدودة أقامها جناح حزب «المؤتمر» الموالي للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

ويندرج التضييق الحوثي على جناح حزب «المؤتمر» ضمن قيود مشددة وضعتها الجماعة على أنشطة الأحزاب والتنظيمات السياسية في مناطق سيطرتها، خشية بروز أصوات منددة بالممارسات القمعية وسياسات الفساد والعبث والتجويع.

وأبدى قادة في حزب «المؤتمر» في صنعاء، استيائهم الشديد من الممارسات الحوثية تجاه الحزب ومنتسبيه، ووصفوا ذلك بأنه يندرج ضمن سلوك الجماعة الاستفزازي ضد الأحزاب والتنظيمات السياسية، وضد اليمنيين بشكل عام.

وأرجعت مصادر حزبية أسباب المنع الحوثي من إقامة أي مهرجانات أو احتفالات بذكرى تأسيس حزب «المؤتمر»، إلى تخوف كبار قادة الجماعة من أي حضور جماهيري واسع في ميدان السبعين، إلى جانب خشيتها من أي هجوم جديد قد يشنه رئيس جناح الحزب، صادق أمين أبو راس، على خلفية سياسة التهميش والإقصاء التي انتهجتها الجماعة أثناء تشكيل حكومتها الجديدة غير المعترف بها.

موالون للجماعة الحوثية يرددون «الصرخة الخمينية» في احتفالية سابقة لحزب «المؤتمر» في صنعاء (فيسبوك)

وليست هذه هي المرة الأولى التي تمنع فيها جماعة الحوثي جناح حزب «المؤتمر» وغيره من التنظيمات السياسية تحت سيطرتها من إقامة أي احتفالات بذكرى التأسيس وبالمناسبات الوطنية، فقد سبق أن منعت مطلع أبريل (نيسان) العام الماضي، قادة حزب «المؤتمر» الخاضعين لها في صنعاء وريفها، مع بقية الأحزاب الأخرى، من إقامة أي فعاليات تنظيمية وأمسيات رمضانية.

وعادة ما تبرر جماعة الانقلاب منع أي أنشطة سياسية وتنظيمية للأحزاب وغيرها في مدن سيطرتها، بأنه يأتي انطلاقاً من اعتقادها أن الحزبية والتعددية السياسية والديمقراطية والانتخابات وغيرها، عبارة عن مخطط غربي يستهدف المجتمعات الإسلامية والعربية.