موظفو الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية تحت سياط التهديد الحوثي

لقاءات لتأكيد القيود وترديد «الصرخة الخمينية»

الحوثيون استدعوا أكثر من 800 موظف لدى المنظمات الأممية والدولية (إعلام حوثي)
الحوثيون استدعوا أكثر من 800 موظف لدى المنظمات الأممية والدولية (إعلام حوثي)
TT

موظفو الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية تحت سياط التهديد الحوثي

الحوثيون استدعوا أكثر من 800 موظف لدى المنظمات الأممية والدولية (إعلام حوثي)
الحوثيون استدعوا أكثر من 800 موظف لدى المنظمات الأممية والدولية (إعلام حوثي)

واصلت الجماعة الحوثية تجاهل الدعوات للالتزام بالقواعد الدولية المتعلقة بحماية عمال الإغاثة وإطلاق سراح عشرات المعتقلين منهم؛ إذ أرغمت العاملين المحليين لدى وكالات أممية ومنظمات إغاثية دولية على حضور لقاءات مع قيادات في الجماعة أُجبروا خلالها على ترديد «الصرخة الخمينية»، كما تلقوا التهديدات وتم تذكيرهم بجملة القيود التي ينبغي عليهم الالتزام بها للحفاظ على وظائفهم وتجنب الاعتقال.

وذكرت مصادر حضرت اللقاءات لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي في الجماعة إبراهيم الحملي، الأمين العام لما يسمى المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية (كيان استخباري استحدثه الحوثيون)، أعاد التأكيد على جملة القيود والتهديدات التي سبق وأن أعلن عنها بحق العاملين الإنسانيين.

تهديدات القيادي الحوثي إبراهيم الحملي للموظفين الإنسانيين مرّت من دون أي اعتراض واضح من المنظمات (إعلام حوثي)

وتمسك رئيس الكيان الحوثي بصلاحيات إعطاء الموافقة على بقاء الموظفين في أعمالهم من عدمه، والتحذير من القيام بجمع أي معلومات بشكل مباشر لصالح المنظمات التي يعملون بها، بما فيها بيانات المستحقين للمساعدات أو أسعار البضائع والسلع لتحديد الميزانية ووضع الخطط اللازمة لتنفيذ أي مشروع أو البحث عن تمويل له، والالتزام بالبيانات التي سيقدمها هذا الكيان الاستخباري فقط.

تأكيد على القيود

كان لقاء القادة الحوثيين مع العاملين في المنظمات الأممية والدولية - بحسب المصادر - مناسبة لإعادة التأكيد على تمسك الجماعة بقرار منع الموظفين من مغادرة مناطق سيطرتها إلى أي محافظة أو مناطق في سيطرة الحكومة أو أي دولة إلا بعد الحصول على تصريح مسبق من قِبل ما يسمى «المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية»، المكلف مراقبة أداء المنظمات الإغاثية ومنحها تصاريح العمل والتحرك داخلياً وخارجياً.

ويتضمن طلب الموافقة على المغادرة – بحسب المصادر - المهمة المكلف بها الشخص والأشخاص الذين سيلتقي بهم، على أن يقدم عند عودته تقريراً مفصلاً عن تحركاته ولقاءاته والنقاشات التي دارت، وإلا سيكون عُرضة للاعتقال.

ووفق المصادر، فإن هذا الكيان الاستخباري الحوثي أكد للموظفين المحليين في المنظمات أن قرار منع المغادرة من مناطق سيطرة الجماعة امتد أيضاً إلى الموظفين الأجانب؛ إذ إن عليهم الحصول على موافقة مسبقة بعد تقديم إيضاحات شاملة عن طبيعة الرحلة وأهدافها والأشخاص أو الجهات التي سيلتقون بها.

الموظفون المحليون في كل المنظمات الدولية أُجبروا على ترديد «الصرخة الخمينية» (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن العناصر الحوثيين اتهموا المنظمات بإنفاق الأموال في غير محلها، وشددوا على أن كل الأنشطة والمشاريع ستكون موضع تمحيص ولن يسمح بتنفيذها إلا بعد الموافقة الواضحة من قبل الجماعة.

وكرر الحوثيون في اللقاءات - طبقاً للمصادر - التهديد بالاعتقال لمن يخالف تعليماتهم وأعادوا التذكير بعرض جهاز مخابراتهم للموظفين بالإبلاغ طواعية عن الأعمال والأنشطة التي يصفونها بالتجسسية التي تورطوا بها من قبل.

ومن ضمن هذه الأنشطة قيامهم بتقديم أي تقارير عن الأوضاع المحلية أو إجراء أي استبيانات عن الأوضاع المعيشية والاجتماعية أو النزول إلى الأسواق لمعرفة أسعار السلع أو تقديم إحصائيات عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية.

انتقاد للموقف الأممي

رأى عاملون في قطاع الإغاثة في صنعاء أن عدم وجود تحرك دولي وأممي فاعل يلزم الحوثيين باحترام القانون الدولي والحصانة الممنوحة للعاملين في المجال الإنساني، أطلق يد الجماعة وجعلها تتمادى في تدخلاتها.

ووصلت تدخلات الجماعة إلى حد جعل موافقتها المسبقة على الموظفين المحليين والدوليين شرطاً للعمل لدى هذه المنظمات وإلزام هؤلاء الموظفين بتقديم تقارير إلى الكيان المسمى «المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية»، ومنع المنظمات من ممارسة أي مهام فيما يخص المسح الميداني لمستحقي المساعدات أو معرفة أسعار السلع أو جمع بيانات عن المنشآت التعليمية والصحية وغيرها والالتزام بالبيانات التي تقدم من هذا الكيان الاستخباري فقط.

موظفو الوكالات الأممية والمنظمات الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين عرضة للاعتقال (إعلام حوثي)

من جهتها، ذكرت النسخة التي يديرها الحوثيون من وكالة «سبأ» أن الجماعة نفذت «سلسلة لقاءات مع موظفي المنظمات الدولية في صنعاء»، وشارك في «اللقاءات» المنسق المقيم للأمم المتحدة جوليان هارنيس، وهدفت إلى تعزيز التعاون والتنسيق مع المجلس.

ونقلت عن القيادي الحوثي إبراهيم الحملي تحذيره الموظفين، الذين بلغ عددهم قرابة 3287 موظفاً، من الأعمال التجسسية في إطار العمل الإنساني. ونسبت إلى الموظفين القول بأنهم ملتزمون بالعمل وفق مبادئ العمل الإنساني والقوانين اليمنية، من خلال العمل مع المجلس الذي يتولى فيه الحملي منصب الأمين العام.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.