سلالة «فتاكة» من شلل الأطفال تتربص بغزة... لماذا عاد الفيروس الآن؟

طفل فلسطيني يحمل لافتة مكتوباً عليها «ممنوع الدخول... مشروع الصرف الصحي» التي وُضعت بالقرب من أكوام القمامة التي أُلقيت بين خيام النازحين في دير البلح (د.ب.أ)
طفل فلسطيني يحمل لافتة مكتوباً عليها «ممنوع الدخول... مشروع الصرف الصحي» التي وُضعت بالقرب من أكوام القمامة التي أُلقيت بين خيام النازحين في دير البلح (د.ب.أ)
TT

سلالة «فتاكة» من شلل الأطفال تتربص بغزة... لماذا عاد الفيروس الآن؟

طفل فلسطيني يحمل لافتة مكتوباً عليها «ممنوع الدخول... مشروع الصرف الصحي» التي وُضعت بالقرب من أكوام القمامة التي أُلقيت بين خيام النازحين في دير البلح (د.ب.أ)
طفل فلسطيني يحمل لافتة مكتوباً عليها «ممنوع الدخول... مشروع الصرف الصحي» التي وُضعت بالقرب من أكوام القمامة التي أُلقيت بين خيام النازحين في دير البلح (د.ب.أ)

في تطور يُنذر بكارثة صحية حقيقية في غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأسبوع الماضي، تسجيل أول إصابة بفيروس شلل الأطفال في القطاع، لتنتهي بذلك فترة استمرت 25 عاماً خلا فيها قطاع غزة من الإصابات بهذا المرض.

وشُخّص رضيع بشلل الأطفال، يبلغ من العمر 10 أشهر، في مدينة دير البلح، في حين لم يتلق أي جرعة تحصين ضد المرض.

وسرعان ما ارتفعت تحذيرات منظمة الصحة العالمية و«اليونيسيف»، عقب بيان وزارة الصحة الفلسطينية من خطر تفشي المرض، في ظل الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها سكان القطاع، منذ اندلاع حرب غزة.

ومن المعروف أن احتواء انتشار شلل الأطفال يتطلّب جهوداً كبيرة في ظل الحرب المستمرة على غزة، ونقص احتياجات النظافة الأساسية، وعدم توفر الخدمات الصحية ومياه الشرب النظيفة.

طفلة فلسطينية تخضع للفحص من قبل طبيب وسط مخاوف من انتشار مرض شلل الأطفال بعد أن أعلنت وزارة الصحة عن أول حالة في قطاع غزة (رويترز)

فما شلل الأطفال؟

بداية، شلل الأطفال هو مرض فيروسي معدٍ، يمكن أن يؤثر في أعصاب المريض، ويقود إلى إصابته بالشلل أو الموت.

وقد انحسرت الإصابات بالمرض عالمياً بفضل التطعيم، ولكنه ما زال موجوداً في دول، مثل: أفغانستان وباكستان والهند ونيجيريا، ومؤخراً عاود الظهور في قطاع غزة.

وينتج شلل الأطفال عن الإصابة بفيروس «البوليو» (poliovirus)، وهو فيروس شديد العدوى ينتقل من شخص إلى آخر بطرق عدة، تشمل التواصل المباشر بين شخص مصاب وآخر سليم، وعبر المخاط والبلغم من الفم والأنف، وعن طريق البراز الملوث، بالإضافة إلى الطعام والماء الملوثين بالفيروس.

يصطف الفلسطينيون ومن بينهم الأطفال لملء المياه في مخيم مؤقت للنازحين الفلسطينيين في دير البلح (أ.ف.ب)

ويدخل الفيروس الجسم عبر الفم أو الأنف، ثم يتكاثر في الحلق والأمعاء، وبعدها يمتصه الجسم وينتقل عبر الدم إلى باقي أجزائه.

وفي العادة تمتد فترة حضانة الفيروس (المدة الزمنية من دخوله الجسم إلى بدء ظهور الأعراض) ما بين 5 و35 يوماً، ولكنها في المتوسط من أسبوع إلى أسبوعين.

مَن يصيب؟

يصيب الفيروس الأطفال دون سن الخامسة بالدرجة الأولى. وتؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال، ويلاقي ما يتراوح بين 5 و10 في المائة من المصابين بالشلل حتفهم بسبب توقف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها.

وانخفضت حالات المرض الناجمة عن فيروس شلل الأطفال بنسبة تزيد على 99 في المائة منذ عام 1988، أي انخفض عدد البلدان الموطونة من 125 بلداً كان بها نحو 350 ألف حالة إلى بلدين موطونين فقط حتى أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

طفل فلسطيني يسير على طول شارع مليء بالقمامة والأنقاض في خان يونس (أ.ف.ب)

لماذا عاود شلل الأطفال الانتشار في غزة؟

وفق منظمات الإغاثة قُضي على شلل الأطفال في غزة قبل 25 عاماً، لكن التطعيمات انخفضت بعد اندلاع الحرب قبل عشرة أشهر، ليصبح القطاع أرضاً خصبة للفيروس.

وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن الفحوصات أظهرت وجود فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في القطاع، جراء تدمير إسرائيل للبنية التحتية.

وقالت الوزارة، في بيان، إنه «تم إجراء فحوصات لعينات من الصرف الصحي بالتنسيق مع اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة)، وأظهرت النتائج وجود الفيروس المسبب لشلل الأطفال».

وأضاف البيان أن وجود الفيروس «في مياه الصرف الصحي التي تتجمع وتجري بين خيام النازحين وفي أماكن وجود السكان، نتيجة تدمير البنية التحتية، يمثّل كارثة صحية جديدة».

طفل فلسطيني يسير حافي القدمين بالقرب من مياه الصرف الصحي الراكدة في دير البلح (أ.ف.ب)

وأشارت الوزارة إلى «الزحام الشديد مع شح المياه المتوفرة وتلوثها بالصرف الصحي وتراكم أطنان القمامة، ومنع الاحتلال إدخال مواد النظافة، بما يشكله ذلك من بيئة مناسبة لانتشار الأوبئة المختلفة».

ومنذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي، تضرّرت 70 في المائة من مرافق المياه والصرف الصحي في غزة بصورة كبيرة، وتراكم نحو 340 ألف طن من النفايات الصلبة في المناطق المأهولة أو بالقرب منها، وفقاً لتقدير من «مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة» التابعة للأمم المتحدة.

وفي يونيو (حزيران)، قدّرت منظمة «أوكسفام» أن هناك مرحاضاً واحداً فقط لكل 4130 شخصاً في المواصي، وهي منطقة يُفترض أنها «آمنة» غرب خان يونس.

شلل الأطفال المرصود في غزة... هل هو مختلف؟

وحسب موقع «ساينس»، فإن الفيروس المرصود في غزة ليس بالتحديد فيروس شلل الأطفال البري، وإنما فيروس شبيه ناتج عن اللقاح، يُعرف باسم «فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من (النوع 2)»، وهو خطير تماماً مثل الفيروس الأصلي.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن «السلالة 2» من فيروس شلل الأطفال لها خصائص وبائية فتاكة.

وحسب «ساينس»، تظهر هذه الفيروسات المتغيرة في المناطق التي تكون فيها معدلات التطعيم منخفضة، مما يسمح للفيروس الحي الضعيف المستخدم في لقاح شلل الأطفال الفموي (OPV) بالانتقال من طفل إلى آخر، واستعادة قدرته على الانتشار والتسبب في الشلل.

امرأة فلسطينية تطعم طفلتها الرضيعة في مستشفى «شهداء الأقصى» وسط مخاوف من انتشار شلل الأطفال بعد أن أعلنت وزارة الصحة أول حالة في قطاع غزة (رويترز)

وسُحب المكون من «النوع 2» في لقاح شلل الأطفال الفموي من التطعيم الروتيني عالمياً في عام 2016، لذا فإن الأطفال في غزة غير محميين جيداً ضد هذه السلالة، رغم أن معدلات التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة كانت جيدة قبل أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفقاً لما سبق أن أعلنه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس.

حملة تطعيم لاحتواء الفيروس

وأكدت الوزارة، في بيان لها، أنها «ستنفّذ حملة تطعيم خلال الأيام القليلة المقبلة تستهدف الأطفال تحت سن 10 سنوات، إذ جرى توفير مليون ومئتي ألف جرعة من لقاح شلل الأطفال من النوع الثاني بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، والعمل جارٍ لتوفير أربعمائة ألف جرعة أخرى».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد قال، الجمعة، إن منع انتشار شلل الأطفال واحتوائه في غزة سيتطلّب جهوداً ضخمة ومنسقة وعاجلة.

وناشد غوتيريش الذي كان يتحدث إلى الصحافيين في الأمم المتحدة، جميع الأطراف تقديم ضمانات ملموسة على الفور لتنفيذ هدنات إنسانية، من أجل إجراء حملات التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة.

وطالبت الأمم المتحدة بهدنة لسبعة أيام في غزة لتلقيح 640 ألف طفل ضد الفيروس.

وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن وكالات الأمم المتحدة تريد تقديم لقاح شلل الأطفال الفموي «النوع 2» للأطفال تحت سن العاشرة في وقت لاحق هذا الشهر.

وأضافت: «في غياب الهدن الإنسانية، لن يكون من الممكن تنفيذ الحملة».

أطفال يفرزون القمامة في مكب نفايات بمخيم النصيرات للاجئين في قطاع غزة (أ.ب)

ولكن هل من الممكن أن تكون حملة التطعيم ممكنة في ظل استمرار الحرب؟

في هذا المجال، قال إيدان أوليري، مدير «المبادرة العالمية لمكافحة الإيدز والسل والملاريا»، إن الوصول إلى العدد الهائل من الأطفال الذين يحتاجون إلى التطعيم لن يكون ممكناً في المناطق التي تشهد صراعاً نشطاً.

لكنه أضاف: «على أقل تقدير، سيجري تطعيم الأطفال في المخيمات والملاجئ والمرافق الصحية التي تعمل بصورة كاملة أو جزئية. و(أونروا) لها حضور قوي على الأرض».

تخوف إسرائيلي

إلى ذلك، أكدت وزارة الصحة الإسرائيلية وجود فيروس شلل الأطفال من «النوع 2» في عينات مياه الصرف الصحي من منطقة غزة، حسب ما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وقالت الوزارة إن هذه العينات «اُختبرت في معمل إسرائيلي معتمد من منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي يثير مخاوف من وجود الفيروس في المنطقة».

وأشارت إلى أنها «تراقب الوضع من كثب، لمنع انتشار خطر الإصابة بالمرض في إسرائيل».

وتتخوّف إسرائيل من انتقال الفيروس عن طريق جنودها المقاتلين في القطاع، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية أن وزارة الصحة «أوصت الجيش بتطعيم جنوده ضد مرض شلل الأطفال»، بسبب تأكيد ظهور الفيروس في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

​مخاوف لبنانية من تقدم الحرب على الحل الدبلوماسي في غزة

المشرق العربي النيران تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً في البقاع بشرق لبنان (متداول)

​مخاوف لبنانية من تقدم الحرب على الحل الدبلوماسي في غزة

تتخوف الأوساط السياسية اللبنانية من أن يتقدم الحل العسكري على نحو ينذر بتوسعة الحرب على الجهود الدبلوماسية للتوصل لوقف النار في غزة.

محمد شقير (بيروت)
شؤون إقليمية صِبية فلسطينيون يلعبون بالقرب من الحدود مع مصر في رفح على طول ممر فيلادلفيا جنوب غزة (أ.ب)

نتنياهو: إسرائيل لن تنسحب من ممري نتساريم وفيلادلفيا تحت أي ظرف

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الثلاثاء)، أن إسرائيل لن تنسحب من ممري نتساريم وفيلادلفيا الأمنيين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أحد أفراد الدفاع المدني في غزة خلال عملية البحث عن أحياء بعد قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين (رويترز)

«حماس»: تصريحات بايدن «ادعاءات مضلّلة»

عدّت حركة «حماس» أن تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن التي اتهم فيها الحركة بأنها «تتراجع» عن خطة التسوية في غزة، «ادعاءات مضلّلة».

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي أشخاص يتفقدون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في حي الرمال وسط مدينة غزة في 20 أغسطس 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب) play-circle 00:39

12 قتيلاً بقصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة، الثلاثاء، مقتل 12 شخصاً في غارة إسرائيلية على مدرسة مصطفى حافظ غرب مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير خارجيته بدر عبد العاطي في مدينة العلمين في شمال مصر (رويترز)

السيسي يستقبل بلينكن... ويؤكد: حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى مدينة العلمين في شمال مصر، لإجراء محادثات حول وقف الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (العلمين (مصر))

منظمة دولية: هجوم إسرائيل على الحديدة قد يشكل «جريمة حرب»

الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)
الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)
TT

منظمة دولية: هجوم إسرائيل على الحديدة قد يشكل «جريمة حرب»

الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)
الغارات الإسرائيلية على الحديدة دمرت 29 خزاناً للوقود من أصل 41 خزاناً (أ.ف.ب)

بعد مرور شهر على قصف إسرائيل ميناء الحديدة اليمني الخاضع لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن الغارات على الميناء «قد تشكل جريمة حرب»، وإنها كانت على ما يبدو هجوماً عشوائياً أو غير متناسب على المدنيين، وقد يكون له تأثير طويل الأمد على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على الميناء للحصول على الغذاء والمساعدات الإنسانية.

وأوضحت المنظمة، في بيان صدر أخيراً، أن الضربات الإسرائيلية أتت بعد يوم من غارة بطائرة حوثية من دون طيار «قد ترقى إلى جريمة حرب» أيضاً، على حي سكني في تل أبيب، ما أسفر عن مقتل مدني وإصابة 4 آخرين.

صورة مسيّرة وزعها الحوثيون زاعمين أنها استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

وأشارت إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية التي قتلت 6 مدنيين على الأقل في الحديدة، وأصابت ما لا يقل عن 80 آخرين، أصابت أكثر من 20 خزاناً لتخزين النفط ورافعتين للشحن في الميناء، بالإضافة إلى محطة كهرباء في مديرية الصليف، «ويبدو أن الهجمات تسببت في أضرار غير متناسبة للمدنيين والأعيان المدنية».

وقالت نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين في «هيومن رايتس ووتش»: «إن الهجمات الإسرائيلية على الحديدة رداً على ضربة الحوثيين على تل أبيب يمكن أن يكون لها تأثير دائم على ملايين اليمنيين في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون؛ حيث يعاني اليمنيون بالفعل من الجوع على نطاق واسع بعد صراع دام عقداً من الزمان، وإن هذه الهجمات لن تؤدي إلا إلى تفاقم معاناتهم».

وبيَّنت المنظمة أنها أجرت مقابلات مع 11 شخصاً حول هجوم الحديدة، بمن في ذلك مسؤول حوثي في ​​صناعة النفط و4 موظفين في وكالات الأمم المتحدة على دراية بالميناء. كما قامت بتحليل صور الأقمار الاصطناعية للمواقع المستهدفة وصور بقايا الأسلحة المحتملة، وأرسلت نتائجها الأولية إلى السلطات الإسرائيلية في 31 يوليو (تموز) وإلى الحوثيين في 7 أغسطس (آب)، لكن لم يرد أي منهما على ذلك.

آثار الضربات

ومع إشارة المنظمة الدولية إلى أن الحوثيين أطلقوا عشوائياً كثيراً من الصواريخ على مدينتي إيلات وحيفا الإسرائيليتين، قالت إن القوات الإسرائيلية أتلفت أو دمرت ما لا يقل عن 29 من أصل 41 خزاناً لتخزين النفط في ميناء الحديدة، بالإضافة إلى الرافعتين الوحيدتين المستخدمتين لتحميل وتفريغ الإمدادات من السفن. كما دمرت الغارات الجوية خزانات النفط المتصلة بمحطة كهرباء الحديدة؛ ما تسبب في توقف محطة الطاقة عن العمل لمدة 12 ساعة.

رافعة متضررة في ميناء الحديدة إثر القصف الإسرائيلي (رويترز)

ولفتت المنظمة إلى أن ميناء الحديدة بالغ الأهمية لتوصيل الغذاء وغيره من الضروريات إلى السكان اليمنيين الذين يعتمدون على الواردات، حيث يمر عبره نحو 70 في المائة من الواردات التجارية و80 في المائة من المساعدات الإنسانية.

ونقلت عن الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أوكي لوتسما، القول إن الميناء حيوي للغاية للأنشطة التجارية والإنسانية. بينما وصفت روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام لشؤون السياسة وبناء السلام في الأمم المتحدة، الميناء بأنه «شريان حياة لملايين الأشخاص»، ويجب أن يكون «مفتوحاً وعاملاً».

وقال مسؤول في وكالة تابعة للأمم المتحدة إن نحو 3400 شخص، جميعهم مدنيون، يعملون في الميناء. وذكر أنه حتى 30 يوليو (تموز) لم «ير سفينة جديدة واحدة تدخل الميناء منذ الهجوم»، وهو مؤشر «مثير للقلق» فيما يتعلق بتوفير المساعدات الإنسانية.

ونبهت المنظمة إلى أن الموانئ اليمنية الأخرى تفتقر إلى نفس القدرة على إدارة الواردات، وسيتطلب إصلاح الضرر والتدمير الذي لحق بخزانات النفط ورافعات التحميل والأضرار الأوسع نطاقاً بمرافق الميناء، تمويلاً كبيراً ووقتاً طويلاً.

تداعيات بيئية وإنسانية

وجد تحليل لصور الأقمار الصناعية أجرته المنظمة أن خزانات النفط احترقت لمدة 3 أيام على الأقل؛ ما أثار مخاوف بيئية. ونقلت عن مساعد عقلان، الخبير البيئي اليمني، القول إن «الأبخرة السامة الناتجة عن حرق آلاف الأطنان من الوقود تشكل دون شك خطراً خطيراً على الصحة العامة». وذكر الخبير أن تسرُّب النفط من الخزانات إلى المناطق المحيطة «يهدد بتلويث مصادر المياه القريبة والتربة والشواطئ والموائل البحرية».

وقال مسؤول في برنامج الأغذية العالمي إن المنظمة فقدت 780 ألف لتر من الوقود في الهجوم الإسرائيلي، وإن هذه الكميات كانت المنظمة تستخدمها «لدعم مولدات المستشفيات» والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي في جميع أنحاء اليمن.

حتى بداية شهر أغسطس لم تدخل سفينة تجارية واحدة ميناء الحديدة (رويترز)

وأعادت المنظمة التذكير بأن قوانين الحرب المعمول بها تحظر الهجمات المتعمدة أو العشوائية أو غير المتناسبة على المدنيين والأهداف المدنية. وقالت إن الهجوم غير الموجه إلى هدف عسكري محدد هو عشوائي. ويكون الهجوم غير متناسب إذا كانت الخسارة المدنية المتوقعة مفرطة مقارنة بالمكسب العسكري المتوقع للهجوم.

ووفق ما خلص إليه بيان المنظمة، لم يجرِ الإعلان عن أي معلومات تشير إلى تخزين الأسلحة أو الإمدادات العسكرية في الميناء أو تسليمها إليه، أو تحويل النفط والكهرباء، الخاضعين للمراقبة، إلى قوات الحوثي، وهو ما يجعل الهجوم الإسرائيلي عشوائياً بشكل غير قانوني.

وحتى لو كان الهجوم ضد أهداف عسكرية صالحة، قالت المنظمة إن الضرر الذي لحق بالسكان المدنيين من المرجح أن يجعل الهجوم غير متناسب. وبالإضافة إلى الخسائر المدنية المبلَّغ عنها، يبدو أن الضرر الذي لحق بمرافق الميناء يلحق ضرراً مفرطاً فورياً وطويل الأمد لشرائح كبيرة من السكان الذين يعتمدون على ميناء الحديدة من أجل البقاء.