إرغام مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات

حملات جباية رغم تدهور إنتاج المحاصيل

الحوثيون أجبروا مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات (إعلام حوثي)
الحوثيون أجبروا مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات (إعلام حوثي)
TT

إرغام مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات

الحوثيون أجبروا مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات (إعلام حوثي)
الحوثيون أجبروا مزارعين في ريف صنعاء على التبرع للجبهات (إعلام حوثي)

أرغمت الجماعة الحوثية مزارعين في ريف صنعاء على تقديم محاصيل زراعية مجانية لمصلحة مقاتليها في الجبهات، بالتوازي مع إجبارها عدداً آخر على دفع مبالغ مالية لنقل تلك التبرعات.

وذكرت مصادر مطَّلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن عمليات الإرغام الحوثية توازت مع إجبار سكان الأحياء والمؤسسات الحكومية الخاضعة للجماعة في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها على المشاركة في تسيير قوافل غذائية متنوعة مع جمع تبرعات نقدية.

قوافل يقدمها المزارعون بالإكراه لمصلحة الحوثيين (فيسبوك)

وطبقاً للمصادر، أجبر الحوثيون أهالي قرى ذي مرمر وخربة سعوان وصرف، التابعة لمديرية بني حشيش شمال شرقي صنعاء على تقديم نحو 6 قوافل متنوعة من مختلف المحاصيل الزراعية، منها الأعناب بمختلف أنواعها والخوخ، لمصلحة مقاتلي الجماعة.

كما أرغمت الجماعة مزارعين في قرى تتبع مديريات همدان وبني مطر وسنحان وخولان في محافظة ريف صنعاء على تسيير قوافل مالية وعينية بمبلغ 20 مليون ريال يمني (الدولار نحو 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة) تتضمن بعضها زبيباً ولوزاً، وأصنافاً متعددة من الفواكه.

واشتكى مزارعون في ريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تجدد الاستهداف الحوثي لهم بفرض إتاوات إجبارية جديدة، رافقها أعمال تعقب وخطف طاولت عشرات المزارعين بعد رفضهم التبرع.

وفي حين يتولى مشرفو الجماعة الحوثية مهمة مراقبة وتتبع عمليات الزراعة منذ بداية الموسم وحتى جني الثمار، أفاد المزارعون بأن الجماعة فرضت في هذا الموسم جبايات مضاعفة عما كان في العام السابق، بزعم وجود اتساع في عملياتها العسكرية، بما في ذلك التصعيد المستمر للجماعة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.

تدهور الإنتاج الزراعي في اليمن بسبب الحرب والأوبئة والجبايات (إعلام حوثي)

وتتهم الجماعة الحوثية بأنها تشّن منذ الانقلاب حرباً شعواء ضد زراعة المحاصيل، مع تسخير كل جهدها لدعم وتشجيع زراعة نبتة «القات» المخدرة؛ لأنها تدر على كبار قادتها مبالغ مالية طائلة من عائدات الضرائب.

وأكد أحد المزارعين في منطقة بني حشيش لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفاً حوثياً أرغمه على تقديم نحو 20 سلة من العنب والخوخ، وهي أكثر من ربع إنتاجه السنوي، لمصلحة المجهود الحربي.

تدهور الإنتاج

يأتي الاستهداف الحوثي للمزارعين بمحافظة ريف صنعاء ومناطق يمنية أخرى تحت سيطرة الجماعة في وقت يعاني فيه غالبيتهم من حالة تدهور في الإنتاج، بسبب غلاء الوقود، وعدم وجود صيانة للمعدات.

وتتحدث المصادر الزراعية في صنعاء عن استمرار حملات الانقلابيين في استهداف ما بقي من المزارعين لإجبارهم على مبالغ مالية، بذرائع مختلفة، لكن الجماعة لا تكتفي بذلك، إذ تقوم في كل موسم بالإعلان عمّا تسميه «حملة رفد الجبهات»، لتجبر المزارعين على التبرع من منتجاتهم الزراعية.

الجماعة الحوثية متهمة بالتسبب في تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية (إعلام حوثي)

ومنذ الفترة التي أعقبت الانقلاب والحرب، دخل القطاع الزراعي في اليمن كغيره من القطاعات الأخرى، حالة تدهور كبيرة؛ إذ قضت سياسات الجماعة التدميرية على ثلث الإنتاج الزراعي في مناطق سيطرتها.

وطبقاً لتقارير محلية، فقد تضرّر القطاع الزراعي اليمني بدرجة كبيرة نتيجة استمرار الحرب الحوثية؛ إذ إن إجمالي المساحة المزروعة عام 2018 بلغ نحو 1.08 مليون هكتار، مسجّلة انخفاضاً عن مستوى عام 2005 بأكثر من 118 ألف هكتار.

ويشير مسؤولون في القطاع الزراعي الخاضع للجماعة إلى أن القطاع شهد تدهوراً حاداً، رافقه تراجع كبير في إنتاج عدد من المحاصيل وزراعتها، بسبب ممارسات النهب والتدمير الممنهج الذي انتهجته الجماعة بحق هذا القطاع ومنتسبيه.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يدمر 3 مسيّرات حوثية ومركبة دعم

العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش الأميركي يدمر 3 مسيّرات حوثية ومركبة دعم

أعلن الجيش الأميركي تدمير 3 طائرات حوثية من دون طيار ومركبة دعم في مناطق يمنية تُسيطر عليها الجماعة، وذلك في سياق الضربات الدفاعية التي تقودها واشنطن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين بالسعي للسيطرة على القطاع التجاري

اتهم وزير يمني الجماعة الحوثية بالسعي للسيطرة الكاملة على القطاع التجاري، وذلك تعليقاً على رفع الجماعة رسوم الجمارك على الملابس المستوردة بنسبة 100 %.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي جدل واسع حول أولويات احتياجات المجتمع والنساء باليمن في ظل آثار الحرب والفقر والنزوح (إ.ب.أ)

جدل يمني حول أولويات وفاعلية الأنشطة الموجهة للنساء

يدور جدل واسع في اليمن حول الأنشطة الموجهة نحو النساء في اليمن من حيث فاعليتها وأولويتها في ظل الصراع المستمر والقمع الحوثي وعدم مراعاة خصوصية المجتمع

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي صورة حديثة لاستمرار الحرائق على متن ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)

«أسبيدس» الأوروبية متأهبة لحماية إنقاذ ناقلة النفط «سونيون»

أكدت المهمة الأوروبية «أسبيدس» أن قواتها متأهبة لحماية عملية إنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة بسبب هجمات الحوثيين، داعية للتكاتف لتجنب كارثة بيئية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون تجوب أحد شوارع حجة (إعلام حوثي)

طلاب المدارس تحت طائلة التطييف والاستقطاب الحوثي

أرغمت الجماعة الحوثية طلبة المدارس في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها على تنظيم مسيرات تجوب الشوارع، وتهتف بشعارات الجماعة ذات المنحى الطائفي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

الجيش الأميركي يدمر 3 مسيّرات حوثية ومركبة دعم

مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش الأميركي يدمر 3 مسيّرات حوثية ومركبة دعم

مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن الجيش الأميركي تدمير 3 طائرات حوثية من دون طيار ومركبة دعم في مناطق يمنية تُسيطر عليها الجماعة المدعومة من إيران، وذلك في سياق الضربات الدفاعية التي تقودها واشنطن لحماية السفن من الهجمات المستمرة للشهر العاشر في البحر الأحمر وخليج عدن.

الضربات الأميركية ضد قدرات الحوثيين تزامنت مع استمرار الجهود التي تدعمها قوة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر (أسبيدس) من أجل إنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون»، وقَطْرها إلى مكان آمن لتجنب كارثة بيئية غير مسبوقة عالمياً في حال انفجارها أو غرقها في البحر الأحمر.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، السبت، أن قواتها نجحت خلال الـ24 ساعة الماضية، في تدمير 3 طائرات مسيرة ومركبة دعم في المناطق التي يُسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

وطبقاً للبيان، تبيّن أن هذه الأنظمة الحوثية تُشكل تهديداً وشيكاً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه قد جرى اتخاذ هذه الإجراءات (تدمير الأهداف) لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

ولم تُشر الجماعة الحوثية إلى تلقي أي ضربات غربية في اليومين الأخيرين، كما لم تتبنَّ أي هجوم جديد ضد السفن في البحر الأحمر، منذ الثاني من سبتمبر (أيلول) الحالي؛ إذ كانت قد هاجمت في ذلك التاريخ ناقلة نفط تحمل علم بنما من دون التسبب في أضرار كبيرة.

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

مسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في شن هجماتها ضد السفن (رويترز)

وأطلقت واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمّته «تحالف حارس الازدهار» لحماية الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين الذين يزعمون مناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 620 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت في مجملها إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ومن بين نحو 185 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بعدد من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

إنقاذ «سونيون»

في آخر تحديث بخصوص عملية إنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون»، نشرت المهمة الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس)، السبت، صوراً جديدة للناقلة التي تشتعل الحرائق على متنها بسبب هجمات الحوثيين، إلى جانب صور لأصولها العسكرية وسفينتي القطر اللتيين سوف تستخدمان في الإنقاذ.

استمرار الحرائق على سطح ناقلة النفط «سونيون» الجانحة في البحر الأحمر (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)

وقالت المهمة الأوروبية في بيان: «إن عملية إنقاذ السفينة (سونيون) ضرورية لتجنب كارثة بيئية محتملة في المنطقة. ولتحقيق هذه الغاية، يعمل عدد من الجهات الفاعلة العامة والخاصة معاً».

وأضافت أن أصول المهمة «أسبيدس» شاركت بنشاط في هذا المسعى المعقد، من خلال خلق بيئة آمنة، وهو أمر ضروري للقاطرات لإجراء عملية السحب.

ومن خلال تفويضها الدفاعي، أكدت «أسبيدس» أنها تعمل على حماية السلع المشتركة العالمية، بما في ذلك البيئة وسبل عيش أولئك الذين يعيشون حول البحر الأحمر.

وكان الحوثيون المدعومون من إيران قد شنّوا سلسلة هجمات على الناقلة في 21 أغسطس (آب) الماضي، ما أدى إلى توقف محركها وجنوحها في البحر الأحمر بين اليمن وإريتريا، قبل أن تتدخل فرقاطة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية، وتقوم بإجلاء الطاقم المكون من 29 شخصاً إلى جيبوتي، وفق بيانات السلطات الجيبوتية.

سفن أوروبية ترافق قاطرات لإنقاذ الناقلة «سونيون» بعد تعرضها لهجمات الحوثيين (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)

ولم يكتفِ الحوثيون بهذه الهجمات؛ حيث قاموا في اليوم التالي لإجلاء الطاقم، بالصعود على متن الناقلة التي تحمل مليون برميل من النفط الخام، وتفخيخ سطحها وتفجيرها، ما أدى إلى اشتعال الحرائق في نحو 5 مواضع على الأقل.

ومع تصاعد المخاوف من حدوث أكبر كارثة بيئية محتملة في العالم في حالة انفجار الناقلة «سونيون» أو غرقها في البحر الأحمر، كانت الجماعة الحوثية قد وافقت على السماح بمحاولة إنقاذ السفينة، بعد أن تلقت ضوءاً أخضر من إيران، بناءً على مطالب أوروبية.

ومنذ ذلك الحين لم تتمكن الشركة التي تتولى عملية الإنقاذ من تنفيذ المهمة، قبل أن يعود الحديث مجدداً عن محاولة جديدة ستبدأ قريباً لقطر الناقلة إلى مكان آمن.

وأعلن خفر السواحل في اليونان في وقت سابق أنه من المقرر البدء قريباً بقطر ناقلة «سونيون» التي تحمل أكثر من مليون برميل نفط.