اتهامات للحوثيين بإخفاء أدوية مرضى السكري المجانية

4500 مصاب في محافظة إب تحت المعاناة

مرضى ومراجعون يمنيون أمام مستشفى الثورة في صنعاء (رويترز)
مرضى ومراجعون يمنيون أمام مستشفى الثورة في صنعاء (رويترز)
TT

اتهامات للحوثيين بإخفاء أدوية مرضى السكري المجانية

مرضى ومراجعون يمنيون أمام مستشفى الثورة في صنعاء (رويترز)
مرضى ومراجعون يمنيون أمام مستشفى الثورة في صنعاء (رويترز)

يعاني الآلاف من مرضى السكري في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) من انعدام الأدوية المخصصة لهم مجاناً من منظمات دولية، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإخفاء كميات من تلك الأدوية كانت قد وصلت إلى المحافظة بوصفها مساعدات مُخصصة للمصابين بالسكري وأمراض مزمنة أخرى.

وكشفت مصادر طبية في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، عن تفاقم معاناة آلاف المصابين بمرض السكري في مركز المحافظة، ونحو 22 مديرية تابعة لها جراء عدم تمكنهم منذ عدة أسابيع من الحصول على «الإنسولين».

يمنيات يحملن أطفالهن بأحد مشافي صنعاء التي تعاني شحاً في الأدوية والمعدات (إ.ب.أ)

وقدرت المصادر أن عدد مرضى السكري المعتمدين على «الإنسولين» في المحافظة يصل إلى أكثر من 4 آلاف و500 مريض، يعانون جراء عدم توفر ذلك العلاج وأدوية أخرى، وعدم مقدرتهم على تأمينها؛ نظراً لارتفاع أسعارها.

ووسط تقديرات غير رسمية ببلوغ أعداد مرضى السكري في اليمن أكثر من مليون شخص، تفيد المصادر بأن عدداً كبيراً من المرضى في المحافظة باتوا يواجهون أشد المعاناة وخطر الموت؛ نتيجة استمرار قادة الجماعة الذين يديرون القطاع الصحي بمدينة إب، في حرمانهم من الحصول على الأدوية المنقذة للحياة والمخصصة لهم مجاناً من قبل المنظمات الأممية.

واشتكى عدد من مرضى السكري في إب لـ«الشرق الأوسط»، من انعدام الأدوية، بعد قيام ما يُسمى فرع المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومكتب الصحة الخاضعين للجماعة في المحافظة بإيقاف عملية صرف الأدوية، بما فيها «الإنسولين» التي كانت تقدم لهم بصورة مجانية.

وأكدوا استمرار ترددهم منذ أسابيع عدة على مكتب الصحة الخاضع للحوثيين؛ أملاً في تسلم حِصصهم من تلك الأدوية المجانية، لكن قادة الجماعة يتحججون في كل مرة بعدم وصول حصة المحافظة من صنعاء.

إخفاء متعمد

ووفق المصادر الطبية لم تعد أدوية السكر متوفرة في مخازن مكتب الصحة الخاضع للحوثيين في إب؛ إذ يُتهم قادة في الجماعة الانقلابية بمصادرتها فور وصولها إلى المحافظة، وبعد أن كانت متوفرة بكميات كبيرة، وتُصرف مجاناً للمرضى. وأوضحت أن أدوية السرطان والقلب والضغط والصرع التي كانت تصرف مجاناً للمرضى في إب أصبحت هي الأخرى غير متوفرة.

طفل يمني يتلقى العلاج من «الدفتيريا» في أحد مشافي صنعاء (غيتي)

ويشكو علاء، وهو قريب مريض بالسكري في إب من صعوبات كبيرة يواجهها حالياً من أجل الحصول على الأدوية المخصصة لقريبه، متهماً في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، جماعة الحوثي بإخفائها الأدوية التي وصلت حديثاً إلى المحافظة مقدمة من عدة منظمات دولية، بغية حرمان المرضى، وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة.

ويقطع علاء برفقة مريضه من مدينة العدين إلى مركز محافظة إب مسافة نحو 40 كيلومتراً لغرض الحصول المجاني على الأدوية المقررة له شهرياً، لكنه أكد مواصلة رفض العاملين في مكتب الصحة الخاضع للحوثيين صرف الأدوية عند كل زيارة يقوم بها بحجة تأخر وصوله من صنعاء نتيجة ما زعموا أنه عدم توفر النفقات الخاصة بنقلها.

ولفت بعض أقارب مرضى السكري في إب إلى أن هدف الجماعة الانقلابية من وراء إخفائها المتكرر للأدوية هو مضاعفة معاناة المرضى، وإرغامهم وأسرهم بعد أن تقطعت بهم السبل على التوجه لشرائها من صيدليات تتبع كبار قادة الجماعة بعضها تقع داخل المستشفيات والمراكز الطبية.

طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)

وفي تقرير سابق لها، تحدثت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن استمرار تفاقم معاناة المصابين بمرض السكري في اليمن جراء عدم تمكنهم من الحصول على الأنسولين، في حين توقف نحو نصف المرافق الصحية في البلد، إثر الصراع الدائر منذ عدة سنوات.

وقالت بعثة الصليب الأحمر الدولي في اليمن إن نحو 51 في المائة من المرافق الصحية تعمل في اليمن. مضيفة: «يعيش الأشخاص المصابون بمرض السكري في اليمن مسألة حياة أو موت للحصول على الأنسولين».


مقالات ذات صلة

واشنطن تعلن تدمير منصة صواريخ للحوثيين وزورقاً مسيراً في اليمن

الولايات المتحدة​ إطلاق صاروخ توماهوك من مدمرة أميركية في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - أ.ب)

واشنطن تعلن تدمير منصة صواريخ للحوثيين وزورقاً مسيراً في اليمن

قالت القيادة المركزية الأميركية، إن قواتها دمرت منصة إطلاق صواريخ للحوثيين، وزورقاً مسيراً في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن خلال الـ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي محافظ الحديدة اليمنية الحسن طاهر (سبأ)

محافظ الحديدة لـ«الشرق الأوسط»: نعمل على إحصاء خسائر السيول وإغاثة الضحايا

تعمل الحكومة اليمنية على إحصاء الخسائر جراء السيول التي جرفت مناطق واسعة في محافظة الحديدة الساحلية والمحافظات المجاورة وتدعو لمساندتها لإغاثة المناطق المنكوبة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

ناقلة نفط تنجو من سلسلة هجمات حوثية... وأميركا تنفذ ضربات استباقية

استهدفت سلسلة هجمات يُعتقد أنها حوثية، ناقلة نفط في جنوب البحر الأحمر يومي الخميس والجمعة دون أضرار، في حين دمرت أميركا قدرات عسكرية للجماعة المدعومة من إيران.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مساكن النازحين في اليمن كانت الأكثر تضرراً من السيول (إعلام محلي)

يمنيون غاضبون من خنادق حوثية وسواتر أغرقت جنوب الحديدة

اتهمت مصادر يمنية حكومية الحوثيين بالتسبب في غرق الأجزاء الجنوبية من مدينة الحديدة بسبب خنادقهم وسواترهم الترابية التي حالت دون تصريف السيول للبحر.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي خسائر هائلة لحقت بأهالي تهامة في اليمن جراء السيول التي طالت الأرواح والممتلكات والأراضي الزراعية (إكس)

اليمن يستنجد لإغاثة سكان تهامة غداة أمطار وسيول مميتة

تواجه منطقة تهامة اليمنية الواقعة على الساحل الغربي المحاذي للبحر الأحمر وضعاً مأساوياً بعد أمطار غزيرة تسببت بسيول جارفة خلَّفت عشرات القتلى والمفقودين.

وضاح الجليل (عدن)

«هدنة غزة»: دعوات دولية متزايدة لإنهاء الحرب تعزز جهود الوسطاء

نقل أحد ضحايا قصف إسرائيلي إلى مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
نقل أحد ضحايا قصف إسرائيلي إلى مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: دعوات دولية متزايدة لإنهاء الحرب تعزز جهود الوسطاء

نقل أحد ضحايا قصف إسرائيلي إلى مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
نقل أحد ضحايا قصف إسرائيلي إلى مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تتوالى دعوات إقليمية ودولية لإنهاء الحرب في قطاع غزة، المستمرة منذ 11 شهراً، وسط حديث أميركي عن الاقتراب أكثر من إبرام اتفاق هدنة، ومطالبة مصرية للدول الكبرى والمؤثرة بالضغط على إسرائيل، تزامناً مع جهود مكثفة من الوسطاء لإعادة المفاوضات لمسارها بعد تداعيات اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية الأسبوع الماضي.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن زخم تلك الدعوات التي تتوالى مع المطالبات المصرية بضغوط على إسرائيل، قد يعزز جهود الوسطاء نحو استئناف المفاوضات وإنجاز المرحلة الأولى من 3 مراحل دعا لها مقترح أعلنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في نهاية مايو (أيار) الماضي، مشترطين تزايد الضغوط الدولية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو للوصول لذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يراهن الأخير عليها في فوز حليفه دونالد ترمب؛ أملاً في دعم أكبر منه.

ومع دخول الحرب بغزة شهرها الـ11، تزايدت الدعوات الساعية لإنهاء الحرب وسط تصعيد بين إسرائيل من جانب وإيران وحليفها «حزب الله» اللبناني، على خلفية اغتيال أحد قادته فؤاد شكر في بيروت ثم هنية بطهران الأسبوع الماضي.

وردّت البعثة الإيرانية الأممية، على تقارير تفيد باحتمال امتناعها عن شنّ هجوم انتقامي ضد إسرائيل مقابل إبرام هدنة بغزة بالقول إنها «تسعى لتحقيق أولويتين في وقت واحد»، الأولى، التوصل لوقف إطلاق نار دائم في غزة وانسحاب إسرائيل منها، والأخرى «معاقبة المعتدي» على اغتيال هنية، وفق ما نقلته «سي إن إن» الأميركية الأربعاء.

وبينما حضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نتنياهو في اتصال هاتفي، الأربعاء، على «تجنّب دوامة أعمال انتقامية»، وفق الإليزيه، اعتبر الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنه «لا يمكن لأي صوت عاقل إلا تأكيد أولوية الوقف الفوري للحرب في غزة وإنهاء دوامة العنف والتصعيد الإقليمي»، وفق ما ذكره الخميس عبر منصة «إكس».

ولـ«احتواء حالة التوتر والتصعيد الراهنة بالمنطقة»، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، أيضاً «ضرورة وقف الحرب الدائرة في قطاع غزة باعتبارها السبب الرئيسي في اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط».

ودعا، خلال اتصال هاتفي، مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل: «الدول الكبرى والمؤثرة في التدخل والضغط علي إسرائيل للتوقف عن اتباع سياسة حافة الهاوية والاغتيالات وانتهاك سيادة الدول الأخرى».

كما أدانت مصر، تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، التي ادعى فيها «وجود مبرر أخلاقي لتجويع المدنيين الفلسطينيين في غزة». ووصفت في بيان صادر عن الخارجية، الخميس، هذه التصريحات بـ«المشينة»، مؤكدة رفضها «شكلاً وموضوعاً»، باعتبارها «مخالفةً صريحةً لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع... وتحريضاً ضد سكان غزة».

بدوره، دعا اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي (57 دولة)، الأربعاء «مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته إزاء فرض وقف فوري وشامل للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني».

تلك الدعوات المتزايدة لإنهاء الحرب بغزة، بحسب نائب مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، اللواء محمد إبراهيم الدويري: «تبدو في شكلها العام إيجابية، ويمكن أن تساهم في دعم جهود الوسطاء»، إلا أنه اشترط لتحقيق ذلك أن «تكون هناك آليات ضغط وتنفيذ وتوقيتات محددة، وقبل ذلك قدرة على الضغط على إسرائيل وإلا ستصبح محاولات شكلها جيد ومضمونها غير فعال».

وشدّد على أن المطالبة المصرية بالضغط على إسرائيل مهمة وتقرأ المشهد بصورة واقعية بهدف إنجاز حلول.

وعن تزايد تلك الدعوات الدولية هذه الآونة، يعتقد المدير التنفيذي لمنتدى «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي»، الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن مسار دعوات إنهاء حرب غزة، ليست وليدة اللحظة وترتفع وتنخفض بناءً على مستوى التصعيد في المنطقة، وتعزز جهود الوسطاء مع مساعي احتواء التوترات.

في مقابل تلك المطالبات، تمسك نتنياهو، بأن «الحرب في غزة لن تنتهي قريباً»، وفق حوار مع مجلة «تايم» الأميركية، الخميس، غداة إعلان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، أن إسرائيل و«حماس» «باتتا أقرب من أي وقت مضى للوصول إلى اتفاق من شأنه وقف إطلاق النار في غزة».

يعزّز ذلك الحديث الأميركي، ترجيحات الأربعاء، من الكاتب الإسرائيلي، كوبي مايكل، بصحيفة «جيروزاليم بوست»، ترى أن اختيار السنوار «قد يساعد في دفع المفاوضات»، باعتباره ما زال داخل غزة وسيتعامل بواقعية، تتزامن مع تأكيد «حماس»، استمرارها في عملية التفاوض عبر الوسطاء غداة اختيار السنوار رئيساً لمكتبها السياسي، باعتبار أن الأخير «لم يكن بعيداً عن عملية التفاوض، بل كان حاضراً بتفاصيلها»، وفق تصريحات للقيادي بالحركة أسامة حمدان.

ولا يرى اللواء الدويري تكرار الحديث الأميركي عن الاقتراب من إبرام اتفاق في غزة، إلا كونه «تصريحات إيجابية تحتاج إلى الانتقال لمربع التفاوض والخروج بصفقة».

وباعتقاد الدويري، فإن انتخاب السنوار يبعد إتمام الصفقة ولا يقرّبها، مؤكداً أن إتمام الصفقة يحتاج إلى ضغوط حقيقية على نتنياهو، لا سيما من الداخل الذي يُعدّ رقماً مهماً في المعادلة.

غير أن نتنياهو «سيماطل حتى انتهاء الانتخابات الأميركية؛ أملاً في دعم أكبر مع احتمال قدوم ترمب، وسيعمل على إبقاء شعلة التصعيد»، بحسب الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، مستغرباً الترويج الأميركي للتقدم في المفاوضات، والذي يرده لاحتمال معلومات لديهم بشأن مواقف إيجابية من «حماس» قد تقود إلى اتفاق.

ويعتقد مطاوع أن الترويج لأن اختيار السنوار سيكون عامل ضغط يعد تقديراً «سطحياً»، خصوصاً وأنه كان موجوداً من قبل ومطلع على المفاوضات ولم يتجاوب.