يمنيون غاضبون من خنادق حوثية وسواتر أغرقت جنوب الحديدة

السيول اجتاحت قرية بالكامل ودمرت منشآت طبية

السيول اجتاحت قرية كاملة في الحديدة اليمنية (الأمم المتحدة)
السيول اجتاحت قرية كاملة في الحديدة اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

يمنيون غاضبون من خنادق حوثية وسواتر أغرقت جنوب الحديدة

السيول اجتاحت قرية كاملة في الحديدة اليمنية (الأمم المتحدة)
السيول اجتاحت قرية كاملة في الحديدة اليمنية (الأمم المتحدة)

حمّلت مصادر في الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن غرق الأحياء الجنوبية من مدينة الحديدة، الأربعاء، بسبب السيول التي شهدتها المحافظة؛ نتيجة هطول الأمطار الغزيرة، التي أدت في حصيلة أولية إلى مقتل 45 وتشريد الآلاف، مما أثار غضباً لدى سكان المحافظة.

وذكرت مصادر في القوات الحكومية التي تسيطر على مناطق من جنوب المحافظة لـ«الشرق الأوسط» أن سبب غرق الأجزاء الجنوبية من مدينة الحديدة، وبالذات «حي غليل»، هي حفريات الحوثيين في منطقة «كيلو 16» والسواتر القتالية التي استحدثوها من خلال تعبئة حاويات البضائع بالرمال وتوزيعها في شوارع المدينة، ما حال دون انسياب السيول باتجاه البحر كما هو مخطط المدينة منذ عقود طويلة.

مساكن النازحين في اليمن كانت الأكثر تضرراً من السيول (إعلام محلي)

وبحسب المصادر فإن الاستحداثات التي أقامها الحوثيون، وتحويل جنوب المدينة إلى خنادق لاختباء المقاتلين وتنقلهم، ووضع سواتر ترابية لمنع دخول المياه إلى هذه الخنادق، أدى إلى تغيير مسار السيول نحو المساكن والمنشآت المدنية، وتضررت منها التجمعات السكنية الواقعة خارج الحديدة، وأدت إلى غرق منازل ومزارع وجرف طرقات.

أضرار جسيمة

أكدت منظمة الصحة العالمية أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على أجزاء من اليمن، ليلة 6 أغسطس (آب)، تسببت في حدوث فيضانات شديدة في محافظة الحديدة، بما في ذلك عاصمة المحافظة، وأسفرت الفيضانات عن مقتل 30 شخصاً وفقد 5 آخرين، وهي أرقام غير نهائية حتى الآن.

ووفق تقرير للمنظمة تسببت السيول في أضرار جسيمة للبنية التحتية، ونزوح العديد من السكان، معظمهم من النازحين داخلياً، وأسفرت عن إغلاق الطرق والخدمات العامة. وتم الإبلاغ عن أضرار جسيمة في القرى في جميع أنحاء المحافظة، حيث تشير التقارير الأوّلية إلى أن إحدى القرى اجتاحتها الفيضانات بالكامل.

طفل يقف على أطلال منزلهم الذي اجتاحته السيول في تعز (الأمم المتحدة)

وغمرت المياه الشوارع والمنازل، مما أجبر السكان على الانتقال إلى مناطق أكثر أماناً. كما انقطع التيار الكهربائي بشكل كامل أو جزئي. وغمرت المياه أيضاً مستشفى باجل، والمراكز الصحية في مديريات المراوعة والزيدية والزهرة، وتعرض مركز السل لأضرار جسيمة، حيث تم تدمير جميع المعدات والأدوية. وفق المنظمة الأممية.

كما أبلغت عدة أقسام في مستشفى الثورة، أحد المستشفيات المرجعية الرئيسية في الحديدة، عن أضرار، رغم أن المستشفى لا يزال يعمل. وتعمل خدمات الطوارئ الصحية على ضمان استمرار الرعاية الطبية.

ظروف سيئة

نبهت منظمة الصحة العالمية في اليمن إلى أن المياه الملوثة وظروف الصرف الصحي السيئة أدت إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، كما أن المياه الراكدة التي خلفتها الفيضانات تخلق أرضاً خصبة لتكاثر البعوض، مما يثير المخاوف بشأن تفشي الأمراض المنقولة بالنواقل مثل الملاريا وحمى الضنك، وحذرت من أن هذه المخاطر الصحية تشكل تهديداً كبيراً للسكان المعرضين للخطر بالفعل.

وقال أرتورو بيسيجان، ممثل منظمة الصحة العالمية ورئيس بعثتها في اليمن، إن البلدان المتضررة من الصراع مثل اليمن، تكون آثار تغير المناخ فيها شديدة بشكل خاص، وأن الجمع بين الصراع المستمر والكوارث المرتبطة بالمناخ مثل الفيضانات والأحداث الجوية المتطرفة يؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وذكر الممثل الأممي أن تدمير الملاجئ، وتقييد الوصول إلى الخدمات الأساسية بسبب الفيضانات، سيؤثر على العديد من الناس في اليمن، مما يجعل من الصعب على المجتمعات التعافي من تأثير الصراع. وتابع: «إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الاحتياجات الإنسانية الفورية والعواقب طويلة الأجل لتغير المناخ في البلاد».

أحد النازحين اليمنيين يحاول إعادة ترميم مسكنه المتضرر من السيول (إعلام محلي)

وتقول المنظمة إنها تراقب الوضع بشكل نشط وتنسق مع السلطات الصحية المحلية، وإنها استجابة للفيضانات الشديدة، أرسلت على الفور 35 مجموعة طوارئ صحية أساسية مشتركة بين الوكالات، و15 مجموعة وإمدادات طبية أخرى إلى الحديدة. وتعمل مع مجموعة الصحة التي تقودها على تعبئة مخزونات الطوارئ للفيضانات في المحافظة، لضمان وصول الإمدادات الطبية الأساسية والدعم إلى المحتاجين.

وطبقاً لبيانات المنظمة فإن اليمن يكافح بالفعل مع مستويات عالية من النزوح وتفشي الأمراض وسوء التغذية، في حين تستضيف محافظة الحديدة ما بين 50 ألفاً و60 ألف نازح داخلياً، وفقاً للسلطات المحلية.

وتضم محافظة الحديدة 477 منشأة صحية، منها 381 (80%) تعمل و93 (20%) تعمل جزئياً. وتتعرض القدرات الصحية- بحسب الصحة العالمية- لضغوط بسبب الإمدادات غير الكافية من الأدوية والأكسجين والكواشف المعملية والسوائل الوريدية، فضلاً عن نقص الموظفين المتخصصين.

وأكدت المنظمة أن انخفاض الحوافز للعاملين في مجال الرعاية الصحية أدى إلى انقطاع الخدمة، مما زاد من العبء المالي على المجتمعات التي تعاني بالفعل.


مقالات ذات صلة

محافظ الحديدة لـ«الشرق الأوسط»: نعمل على إحصاء خسائر السيول وإغاثة الضحايا

العالم العربي محافظ الحديدة اليمنية الحسن طاهر (سبأ)

محافظ الحديدة لـ«الشرق الأوسط»: نعمل على إحصاء خسائر السيول وإغاثة الضحايا

تعمل الحكومة اليمنية على إحصاء الخسائر جراء السيول التي جرفت مناطق واسعة في محافظة الحديدة الساحلية والمحافظات المجاورة وتدعو لمساندتها لإغاثة المناطق المنكوبة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

ناقلة نفط تنجو من سلسلة هجمات حوثية... وأميركا تنفذ ضربات استباقية

استهدفت سلسلة هجمات يُعتقد أنها حوثية، ناقلة نفط في جنوب البحر الأحمر يومي الخميس والجمعة دون أضرار، في حين دمرت أميركا قدرات عسكرية للجماعة المدعومة من إيران.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات للحوثيين بإخفاء أدوية مرضى السكري المجانية

يعاني الآلاف من مرضى السكري في محافظة إب اليمنية من انعدام الأدوية المخصصة لهم مجاناً من منظمات دولية، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإخفائها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي خسائر هائلة لحقت بأهالي تهامة في اليمن جراء السيول التي طالت الأرواح والممتلكات والأراضي الزراعية (إكس)

اليمن يستنجد لإغاثة سكان تهامة غداة أمطار وسيول مميتة

تواجه منطقة تهامة اليمنية الواقعة على الساحل الغربي المحاذي للبحر الأحمر وضعاً مأساوياً بعد أمطار غزيرة تسببت بسيول جارفة خلَّفت عشرات القتلى والمفقودين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لشن ضربات على أهداف للحوثيين في اليمن (أرشيفية -أ.ف.ب)

ضربات أميركية استباقية تدمر قدرات عسكرية حوثية

أعلن الجيش الأميركي، الخميس، تدمير قدرات عسكرية للحوثيين في ضربات استباقية في سياق عمليات التصدي التي تقودها واشنطن لحماية السفن من الهجمات المدعومة من إيران.

علي ربيع (عدن)

اتهامات للحوثيين بإخفاء أدوية مرضى السكري المجانية

مرضى ومراجعون يمنيون أمام مستشفى الثورة في صنعاء (رويترز)
مرضى ومراجعون يمنيون أمام مستشفى الثورة في صنعاء (رويترز)
TT

اتهامات للحوثيين بإخفاء أدوية مرضى السكري المجانية

مرضى ومراجعون يمنيون أمام مستشفى الثورة في صنعاء (رويترز)
مرضى ومراجعون يمنيون أمام مستشفى الثورة في صنعاء (رويترز)

يعاني الآلاف من مرضى السكري في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) من انعدام الأدوية المخصصة لهم مجاناً من منظمات دولية، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإخفاء كميات من تلك الأدوية كانت قد وصلت إلى المحافظة بوصفها مساعدات مُخصصة للمصابين بالسكري وأمراض مزمنة أخرى.

وكشفت مصادر طبية في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، عن تفاقم معاناة آلاف المصابين بمرض السكري في مركز المحافظة، ونحو 22 مديرية تابعة لها جراء عدم تمكنهم منذ عدة أسابيع من الحصول على «الإنسولين».

يمنيات يحملن أطفالهن بأحد مشافي صنعاء التي تعاني شحاً في الأدوية والمعدات (إ.ب.أ)

وقدرت المصادر أن عدد مرضى السكري المعتمدين على «الإنسولين» في المحافظة يصل إلى أكثر من 4 آلاف و500 مريض، يعانون جراء عدم توفر ذلك العلاج وأدوية أخرى، وعدم مقدرتهم على تأمينها؛ نظراً لارتفاع أسعارها.

ووسط تقديرات غير رسمية ببلوغ أعداد مرضى السكري في اليمن أكثر من مليون شخص، تفيد المصادر بأن عدداً كبيراً من المرضى في المحافظة باتوا يواجهون أشد المعاناة وخطر الموت؛ نتيجة استمرار قادة الجماعة الذين يديرون القطاع الصحي بمدينة إب، في حرمانهم من الحصول على الأدوية المنقذة للحياة والمخصصة لهم مجاناً من قبل المنظمات الأممية.

واشتكى عدد من مرضى السكري في إب لـ«الشرق الأوسط»، من انعدام الأدوية، بعد قيام ما يُسمى فرع المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومكتب الصحة الخاضعين للجماعة في المحافظة بإيقاف عملية صرف الأدوية، بما فيها «الإنسولين» التي كانت تقدم لهم بصورة مجانية.

وأكدوا استمرار ترددهم منذ أسابيع عدة على مكتب الصحة الخاضع للحوثيين؛ أملاً في تسلم حِصصهم من تلك الأدوية المجانية، لكن قادة الجماعة يتحججون في كل مرة بعدم وصول حصة المحافظة من صنعاء.

إخفاء متعمد

ووفق المصادر الطبية لم تعد أدوية السكر متوفرة في مخازن مكتب الصحة الخاضع للحوثيين في إب؛ إذ يُتهم قادة في الجماعة الانقلابية بمصادرتها فور وصولها إلى المحافظة، وبعد أن كانت متوفرة بكميات كبيرة، وتُصرف مجاناً للمرضى. وأوضحت أن أدوية السرطان والقلب والضغط والصرع التي كانت تصرف مجاناً للمرضى في إب أصبحت هي الأخرى غير متوفرة.

طفل يمني يتلقى العلاج من «الدفتيريا» في أحد مشافي صنعاء (غيتي)

ويشكو علاء، وهو قريب مريض بالسكري في إب من صعوبات كبيرة يواجهها حالياً من أجل الحصول على الأدوية المخصصة لقريبه، متهماً في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، جماعة الحوثي بإخفائها الأدوية التي وصلت حديثاً إلى المحافظة مقدمة من عدة منظمات دولية، بغية حرمان المرضى، وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة.

ويقطع علاء برفقة مريضه من مدينة العدين إلى مركز محافظة إب مسافة نحو 40 كيلومتراً لغرض الحصول المجاني على الأدوية المقررة له شهرياً، لكنه أكد مواصلة رفض العاملين في مكتب الصحة الخاضع للحوثيين صرف الأدوية عند كل زيارة يقوم بها بحجة تأخر وصوله من صنعاء نتيجة ما زعموا أنه عدم توفر النفقات الخاصة بنقلها.

ولفت بعض أقارب مرضى السكري في إب إلى أن هدف الجماعة الانقلابية من وراء إخفائها المتكرر للأدوية هو مضاعفة معاناة المرضى، وإرغامهم وأسرهم بعد أن تقطعت بهم السبل على التوجه لشرائها من صيدليات تتبع كبار قادة الجماعة بعضها تقع داخل المستشفيات والمراكز الطبية.

طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)

وفي تقرير سابق لها، تحدثت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن استمرار تفاقم معاناة المصابين بمرض السكري في اليمن جراء عدم تمكنهم من الحصول على الأنسولين، في حين توقف نحو نصف المرافق الصحية في البلد، إثر الصراع الدائر منذ عدة سنوات.

وقالت بعثة الصليب الأحمر الدولي في اليمن إن نحو 51 في المائة من المرافق الصحية تعمل في اليمن. مضيفة: «يعيش الأشخاص المصابون بمرض السكري في اليمن مسألة حياة أو موت للحصول على الأنسولين».