صعوبة التضاريس تحرم ثلثي أطفال اليمن من التعليم

4.5 مليون تلميذ خارج المدارس

معلم في محافظة مأرب يطبق ما تلقاه من تدريبات حول تحسين الأداء المهني (الأمم المتحدة)
معلم في محافظة مأرب يطبق ما تلقاه من تدريبات حول تحسين الأداء المهني (الأمم المتحدة)
TT

صعوبة التضاريس تحرم ثلثي أطفال اليمن من التعليم

معلم في محافظة مأرب يطبق ما تلقاه من تدريبات حول تحسين الأداء المهني (الأمم المتحدة)
معلم في محافظة مأرب يطبق ما تلقاه من تدريبات حول تحسين الأداء المهني (الأمم المتحدة)

على الرغم من أن الأطفال اليمنيين في سن الدراسة يشكلون ما يقرب من 33 في المائة من إجمالي السكان، فإن أكثر من ثلثي هذا العدد يعيشون في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، ما حد من قدرتهم على الوصول إلى المؤسسات التعليمية، في بلد بلغ عدد الأطفال خارج التعليم فيه 4.5 مليون للمرة الأولى منذ عدة عقود.

ويذكر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن أكثر من 4.5 مليون طفل يمني لم يلتحقوا بالمدارس في العام الماضي، بينما تضررت أكثر من 2426 مدرسة وأصبحت غير قادرة على استقبال الطلاب بسبب استخدامها كمأوى أو لأغراض أخرى غير تعليمية، في بلد يشكل الأطفال في سن الدراسة 33 في المائة من إجمالي عدد السكان البالغ 35 مليون نسمة.

تراجع تسرب الطلبة وزادت دوافعهم للتعلم بعد تحسين البيئة التعليمية (الأمم المتحدة)

ووفق بيانات البرنامج الأممي فإن ثلثي أطفال اليمن يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها بسبب التضاريس، وهذا بدوره حد من قدرتهم على الوصول إلى المدارس، وذكر أنه كلما طالت فترة انقطاع الطلاب عن التعليم، زادت صعوبة تعويض خسارتهم التعليمية.

وبعد مرور 9 سنوات على الحرب التي أشعلها الحوثيون في اليمن، كان الأطفال والشباب النازحون من بين أكثر الفئات عرضة للانقطاع عن التعليم، حيث يتلقى حوالي 1.3 مليون طفل تعليمهم في فصول دراسية مكتظة وعلى أيادي معلمين مثقلين بالأعباء.

دور محوري

لأن التعليم يلعب دوراً محورياً في أوقات الأزمات والنزوح، في توفير الاستقرار والشعور بالحياة الطبيعية للأطفال والشباب، تشير الأمم المتحدة إلى أن ضمان حصول هؤلاء على تعليم جيد في اليمن هو شرط أساسي للتعافي والسلام.

ويؤكد التقرير أن المعلمين اليمنيين يقفون على خط المواجهة في هذه الظروف التي يعيشها اليمن، حيث الفصول الدراسية المكتظة والوصول المحدود إلى فرص التطوير المهني يعيقان قدرة المعلمين على ممارسة مهنتهم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

ونبه البرنامج الأممي إلى أنه إذا استمرت التحديات التي يواجهها المعلمون في اليمن، فإن هناك احتمالية بأن يفقدوا أعمالهم وهو ما سيكون له تأثير مدمر على تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، لأن التعليم حق وشرط حياة بالغ الأهمية لملايين الأشخاص في اليمن ومن الضرورة بمكان أن يتم الاستثمار فيه لضمان التعافي والنمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي.

وبحسب ما أكده البرنامج الأممي فإن التعليم الجيد يوفر للمجتمعات القدرة على التصرف والخروج من الفقر، وكلاهما ضروري بالقدر نفسه لتعزيز حلول السلام والتنمية.

وتواجه السلطات المحلية – وفق البرنامج- التحديات المتعلقة بالتعليم الذي يلعب دوراً مهماً في تعزيز صمود المجتمعات، وشدد على وجوب أن يكون التعليم نفسه قادراً على الصمود في وجه التغيير والأزمات من أجل صياغة مستقبل مستدام.

مشروع أوروبي

في سبيل مواجهة هذه الظروف التعليمية في اليمن يمول الاتحاد الأوروبي مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية ومن خلاله تعمل السلطات المحلية على استعادة قطاع التعليم، والذي تأثر بشدة بالأزمة التي طال أمدها.

ويشمل المشروع ترميم الفصول الدراسية ومرافق المياه والصرف الصحي والنظافة وبناء فصول ومرافق جديدة، فضلاً عن إعادة تأهيل وتوفير الأثاث وأنظمة الطاقة الشمسية لأكثر من 70 مؤسسة تعليمية في جميع أنحاء اليمن مع التركيز على المدارس والمنشآت التعليمية المخصصة للبنات، وتسهيل الوصول إلى التعليم وتعزيز تجربة التعلم والتدريس لمئات الآلاف من الطلاب والمعلمين.

توفير الأثاث والطاقة الشمسية لأكثر من 70 مؤسسة تعليمية في اليمن (الأمم المتحدة)

وتؤكد هالة، مديرة مدرسة خولة بنت الأزور الابتدائية والثانوية في مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت، أنها لاحظت انخفاضًا في معدلات التسرب وزيادة الدافعية والمواقف الإيجابية بين الطلاب منذ تركيب نظام الطاقة الشمسية، وبينت أن وجود 1500 طالبة جعل المدرسة تعمل على فترتين، صباحية ومسائية، بسبب قلة الفصول الدراسية.

وتذكر المديرة أنهم أصبحوا قادرين على إطالة فترة بقاء الطلاب والمعلمين في الفصول الدراسية منذ تركيب نظام الطاقة الشمسية، وخصوصاً خلال الفترة المسائية، لأنه لم يكن هناك خيار أمام إدارة ومعلمي وطلبة المدرسة من خيار سوى تحمل الوضع مع الفصول الدراسية المكتظة والأجواء الحارة والرطبة، خاصة خلال فصل الصيف، مع محدودية الكهرباء أو عدم وجودها على الإطلاق.

من جهتها، تقول سوسن، وهي معلمة اللغة الإنجليزية، إن وجود الكهرباء في المدرسة ساعدها على تقديم الدروس وضمان حصول الطلاب على تعليم بالجودة التي يستحقونها، وذكرت أن البنية الأساسية التعليمية الكافية لها مردود جيد على الطلاب ومعلميهم على حد سواء.

ويشير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة إلى أن البيانات الأخيرة كشفت عن أن الشباب يحجمون عن مهنة التدريس بسبب تدهور ظروف عمل المعلمين، ويؤكد أنه إذا لم يتم تحسين ظروف عمل المعلمين، فإن الحصول على تعليم جيد سيظل حلماً بعيد المنال بالنسبة لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليه.


مقالات ذات صلة

اليمن: انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في مناطق سيطرة الانقلابيين

العالم العربي واحد وستون في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين واجهوا صدمات تعطل الدخل (الأمم المتحدة)

اليمن: انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في مناطق سيطرة الانقلابيين

زاد مستوى انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في مقابل تباطؤ هذا المستوى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، وفق تقرير أممي

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي طفل يمني يتلقى تطعيم ضد مرض الكوليرا (أ.ف.ب)

حملات حوثية في صنعاء لإقناع السكان بمقاطعة اللقاحات

شنت الجماعة الحوثية حملات تحريض جديدة ضد اللقاحات في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها بالتزامن مع تسجيل نحو 10 حالات إصابة جديدة بشلل الأطفال خلال أسبوع.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الطريق من القرن الأفريقي إلى اليمن أكثر طرق الهجرة ازدحاماً وخطورة في العالم (الأمم المتحدة)

انتهاكات وترحيل قسري للاجئين الأفارقة بمناطق سيطرة الحوثيين

اتهمت الأمم المتحدة الجماعة الحوثية في اليمن بتعريض اللاجئين الأفارقة لشتى صنوف الانتهاكات قبل إجبارهم على الرحيل القسري إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أحد شوارع حي الصافية وسط صنعاء بعد هطول الأمطار (إكس)

المستنقعات تحاصر سكان صنعاء وتهددهم بالأوبئة

يتحول كثير من شوارع صنعاء في موسم الأمطار إلى مستنقعات وتغرق غالبية الأحياء بالأوحال لأيام طويلة ما يسبب خسائر مادية وإعاقة للحركة وتفشي الأوبئة

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مع العقوبات المفروضة على تدفق الأسلحة للحوثيين تُتهم إيران بأنها تقوم بتهريب الأسلحة لهم (أ.ف.ب)

عقوبات أميركية على كيانات وشخصين لتسهيل شراء أسلحة للحوثيين

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على فردين يمنيين و4 شركات مقارها في اليمن والصين على خلفية تسهيل شراء أسلحة للحوثيين المدعومين من إيران

«الشرق الأوسط» (عدن)

هنية يلتحق بالأولاد والأحفاد في «قائمة الموت»

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
TT

هنية يلتحق بالأولاد والأحفاد في «قائمة الموت»

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)

​باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، فجر الأربعاء في طهران، ينضم «عميد العائلة» إلى «قائمة الموت» الطويلة لأفرادها، قتلتهم إسرائيل خلال الحرب المستمرة منذ 300 يوم على غزة.

وفقد هنية، فعلياً، ما يزيد على 30 فرداً من أفراد عائلته الضيقة إثر غارات إسرائيلية متتالية، لكنه فقد أيضاً ما لا يقل عن 160 آخرين من أقاربه من عائلتي «سالم» و«عياش»، اللتين تعدان جزءاً من عائلة هنية لكنها تحمل أسماء أخرى.

وفي 10 أبريل (نيسان) الماضي، فقد هنية ثلاثة من أبنائه، هم حازم وأمير ومحمد، وخمسة من حفيداته، قتلوا جميعاً في غارة طالت مركبة كانوا على متنها بعد خروجهم من معايدة شقيقتهم في أحد مراكز الإيواء بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

كما فقد هنية حفيده جمال، وهو نجل ابنته سناء، إثر غارة طالته وطفله في حي النصر بمدينة غزة، في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أبناء هنية الثلاثة: حازم وأمير ومحمد الذين قتلوا في 10 أبريل الماضي بضربة إسرائيلية على مخيم الشاطئ بغزة (وسائل إعلام فلسطينية)

هنية... أولاد وأحفاد

ولدى هنية، 8 من الأبناء الذكور، و5 من البنات، وجمعيهم متزوجون، ولهم أبناء وبنات، ويكبرهم عبد السلام، وهو شخصية معروفة في قطاع غزة وخارجه، لصلته بالمجال الرياضي، ويعد شخصية اجتماعية لها حضورها مثل والده، وهو يوجد حالياً خارج القطاع الذي غادره قبل الحرب بأسابيع قليلة، ولديه طفلة وحيدة سماها «آمال» تيمناً باسم والدته عقيلة إسماعيل هنية.

كما يوجد نجله «همام» الذي يوصف بأنه أمين أسرار والده، الذي يرافقه باستمرار في كل مهامه الداخلية والخارجية وعلى علم واطلاع بكل تفاصيل العمل التنظيمي، خارج قطاع غزة.

وكان همام في قطر لحظة اغتيال والده، فجر الأربعاء، وقد فقد ابنته التي كانت تدرس في جامعة داخل غزة، بعد غارة طالت مدرسة كانت تأوي فيها في حي الرمال بمدينة غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

بقايا السيارة التي كان يستقلها 3 من أبناء هنية واستهدفتها غارة جوية غرب غزة أبريل 2024 (أ.ف.ب)

ويوجد داخل القطاع حالياً بعد استشهاد 3 من أبنائه، كل من وسام ومعاذ وعائد، لكنهم لم يسلموا من ملاحقات، فقد تعرض وسام لمحاولة اغتيال بعد أن كان يتفقد منزله في حي الصفطاوي شمال مدينة غزة، لكنه نجا بأعجوبة بعد أن هاجمت الطائرات الإسرائيلية منزله بعد دقائق من مغادرته إياه.

كما فقد هنية خلال الحرب، شقيقته الكبرى زهراء و9 آخرين من أبنائها وأحفادها، قتلوا في غارة طالتهم بمخيم الشاطئ في يونيو (حزيران) المنصرم، كما فقد اثنين من أبناء شقيقه خالد، وثلاثة من أبنائهم، واثنين من أشقاء عقيلته آمال، وهما من أبناء عمه، كما اعتقل العديد من أفراد العائلة خلال المداهمات البرية الإسرائيلية داخل غزة.