سكان في الحديدة لـ«الشرق الأوسط»: استنفار حوثي بعد ضربات إسرائيلية

الهجوم يأتي غداة مقتل شخص وإصابة آخرين بمسيّرة استهدفت تل أبيب

نيران تشتعل في موقع نفطي ضربه الإسرائيليون في الحديدة السبت (أ.ف.ب)
نيران تشتعل في موقع نفطي ضربه الإسرائيليون في الحديدة السبت (أ.ف.ب)
TT

سكان في الحديدة لـ«الشرق الأوسط»: استنفار حوثي بعد ضربات إسرائيلية

نيران تشتعل في موقع نفطي ضربه الإسرائيليون في الحديدة السبت (أ.ف.ب)
نيران تشتعل في موقع نفطي ضربه الإسرائيليون في الحديدة السبت (أ.ف.ب)

ضربت سلسلة غارات إسرائيلية ميناء الحديدة اليمنية الخاضع للحوثيين المدعومين من إيران، السبت، غداة مقتل شخص وإصابة آخرين في تل أبيب إثر هجوم بطائرة مسيّرة تبنته الجماعة التي تزعم أنها تساند الفلسطينيين في غزة.

وبينما اشتعلت النيران في موقع قرب ميناء الحديدة، وتداوله كثيرون في وسائل التواصل الاجتماعي، أفاد سكان في الحديدة «الشرق الأوسط» باستنفار حوثي في أرجاء المدينة كافة، والتزم أغلب السكان منازلهم مع القصف الذي وصف بأنه الأعنف منذ بدء الضربات الأميركية والبريطانية على مواقع الحوثيين في المدينة.

أدخنة كثيفة تصاعدت من موقع الاستهداف الإسرائيلي لموقع قرب ميناء الحديدة السبت (أ.ف.ب)

ونقلت وسائل إعلام دولية عن يوآف غالانت، وزير دفاع حكومة الطوارئ الإسرائيلية القول: «سنستهدف الحوثيين في كل مكان إذا كان ذلك مطلوباً»، إذ نقلت القناة «12» عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن «هجوم الحوثيين على تل أبيب تجاوز كل الخطوط الحمراء وأيام ضبط النفس انتهت».

قتلى وجرحى

تبنت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي العديد من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يذكر، كما تبنت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، وادعت مهاجمة سفن في موانئ إسرائيلية منفردة ومشتركة مع فصائل عراقية موالية لإيران. في حين أكد الجيش الإسرائيلي سلسلة الغارات التي استهدفت منشآت تخزين الوقود في ميناء الحديدة، وأدت الضربات إلى إشعال حريق ضخم وتحدثت وسائل إعلام الجماعة الحوثية عن سقوط قتلى وجرحى لم تحدد عددهم على الفور.

وقال وكيل محافظة الحديدة في الحكومة الشرعية، وليد القديمي لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين وضعوا السكان في الحديدة عرضة للاستهدافات الأميركية والبريطانية المتكررة، وأخيراً الإسرائيلية.

نيران وأدخنة تتصاعد من موقع ضربات إسرائيلية على قرب ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

وأضاف القديمي أن هدف الحوثيين «تحقيق أطماع إيران في المنطقة والسيطرة على الممر التجاري بالبحر الأحمر». مشيراً إلى نزوح السكان من منازلهم في الحديدة إلى خارج المدينة وإلى المحافظات المجاورة.

مخاوف من أزمة وقود

وذكر سكان أن معظم محطات تعبئة الوقود أغلقت أبوبها عقب الغارات مباشرةً، وأن طوابير طويلة من السيارات تشكلت عند محطات شركة النفط وسط مخاوف من أزمة خانقة في وقود السيارات وارتفاع أسعارها حيث يتعمد الحوثيون إلى افتعال مثل هذه الأزمات لبيع الوقود بأضعاف سعره، كما أنهم يشرعون في إغلاق المحطات الرسمية ويديرون أسواق سوداء للبيع.

كما يخشى السكان من أزمة خانقة في غاز الطهي بعد الأنباء التي وردت عن استهداف محطة تعبئة الأسطوانات في هذه الغارات. المصادر بينت أن السكان في الحديدة يعيشون حالة من الذعر مع عودة تحليق المقاتلات في سماء المدينة حتى بعد تنفيذ الضربات، وأنهم يخشون تجدد الضربات في حين عجز الحوثيون عن السيطرة على حريق مخازن الوقود الذي شكَّلَ سحابة داكنة في أجواء المدينة، كما أن ألسنة اللهب كانت تضيء أجزاءً من المدينة.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية تحذر إسرائيل وإيران من تحويل اليمن إلى ساحة لحروبهما «العبثية»

العالم العربي ألسنة النيران تشتعل في الحديدة بعد الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

الحكومة اليمنية تحذر إسرائيل وإيران من تحويل اليمن إلى ساحة لحروبهما «العبثية»

أدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأشد العبارات الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة، وعده انتهاكاً لسيادة الأراضي اليمنية، ومخالفة للقوانين والأعراف الدولية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو بعد الضربات الإسرائيلية في اليمن: «سندافع عن أنفسنا بكل الوسائل»

أكدت إسرائيل أنها ضربت السبت «أهدافاً عسكرية» في غرب اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون، بعدما تبنوا الجمعة هجوماً بطائرة مسيّرة على تل أبيب

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )
العالم العربي دخان كثيف شاهده السكان من منطقة بعيدة عن موقع الهجوم الإسرائيلي على الحديدة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تضرب الحوثيين في الحديدة

ضربت سلسلة غارات إسرائيلية مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين المدعومين من إيران رداً على هجوم للجماعة استهدف تل أبيب.

علي ربيع (عدن) محمد ناصر (تعز)
العالم العربي نيران من جراء الغارات (أ.ف.ب)

إسرائيل تضرب الحوثيين في الحديدة

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، إن طائراته المقاتلة قصفت أهدافاً عسكرية لجماعة الحوثي بمنطقة ميناء الحديدة باليمن رداً على مئات الهجمات التي نُفذت ضد إسرائيل

«الشرق الأوسط» (صنعاء )
العالم العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش يدين هجوماً على تل أبيب تبناه الحوثيون

دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الجمعة) الهجوم الدامي بطائرة مسيّرة على مدينة تل أبيب الإسرائيلية الذي تبناه المتمردون الحوثيون في اليمن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مطالبة يمنية بتعليق النشاط الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
TT

مطالبة يمنية بتعليق النشاط الأممي في مناطق سيطرة الحوثيين

الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)
الحوثيون استغلوا أحداث الحرب في غزة لشن حملات اعتقال واسعة بتهمة التجسس (أ.ف.ب)

تصاعدت الأزمة بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة، ودخلت مرحلة غير مسبوقة من التوتر على خلفية موقف الأخيرة من اعتقال جماعة الحوثيين العشرات من موظفي المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني والإغاثي، إذ ترى الحكومة أن ردة فعل المنظمة الأممية لا ترقى إلى مستوى الحدث، وأن إيقاف النشاط الأممي في مناطق سيطرة الجماعة هو الخطوة المطلوبة.

وذكرت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الحكومي - ومنذ واقعة الاعتقالات - أبلغ الأمم المتحدة بضرورة اتخاذ مواقف قوية تضمن إطلاق سراح الموظفين المعتقلين وعدم تكرار مثل هذه الممارسات في المستقبل، إلا أنها فوجئت بالمواقف الأممية التي لم تتجاوز التصريحات فقط، بعد أن كان الجانب الأممي وعد بتأمين إطلاق سراح المعتقلين خلال ثلاثة أيام لكن ذلك لم يتم، بل رد الحوثيون بتوسيع نطاق الاعتقالات.

الحوثيون اعتقلوا موظفاً يمنياً في مكتب المبعوث الأممي غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وأوضحت المصادر أن الجانب الحكومي أبلغ الأمم المتحدة بوضوح أنه سيتخذ خطوات تصعيدية في حال لم تتفاعل المنظمة مع الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهذا الخصوص منذ يومين، وعبر فيها عن الاستياء من الطريقة التي تعاملت بها المنظمة مع حملة الاعتقالات.

ووفق ما ذكرته المصادر، فإن الجانب الحكومي أبلغ مدير مكتب الأمم المتحدة في اليمن عدم رضاه عن ذهاب المدير إلى صنعاء والبقاء هناك لأكثر من أسبوعين، إذ رأت الحكومة في هذه الخطوة رسالة خاطئة للحوثيين، وتظهر تساهلاً من المكتب الأممي تجاه محنة الموظفين اليمنيين المعتقلين لدى الجماعة.

وأكدت المصادر أن النقاشات كانت صريحة، وتم تنبيه المكتب إلى أن المعتقلين يواجهون خطر التعذيب، أو الإحالة إلى محاكم غير عادلة، وسيواجهون أحكاماً بالإعدام.

وطالبت الحكومة اليمنية الجانب الأممي، حسب المصادر، بتحركات فعلية، ومواقف مختلفة عن الموقف الذي ظهر منذ واقعة الاعتقالات، وأكدت أن ما وصفته بـ«التساهل» الأممي والدولي دفع الحوثيين إلى توسيع رقعة الاعتقالات، إذ بلغ عدد المعتقلين 67 شخصاً.

وأشارت الحكومة اليمنية إلى أن الحوثيين تجاهلوا كل الدعوات، ولا يزالون حتى اللحظة يرفضون الإفصاح عن أماكن احتجاز المعتقلين، أو السماح لهم بالتواصل مع أسرهم، وأن هناك مخاطر حقيقية على حياتهم جراء التعذيب الذي يتعرضون له أثناء عملية الاستجواب.

أكثر من لقاء

عقد الجانب الحكومي اليمني، حسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أكثر من لقاء مع مسؤولي الأمم المتحدة، وكذا المنظمات الإغاثية الدولية، وعبَّرَ خلال هذه اللقاءات عن الأسف إزاء المواقف «الضعيفة» تجاه الممارسات الحوثية التي بدأت منذ أربعة أعوام واستهدفت حينها أكثر من 20 من الموظفين اليمنيين لدى سفارة الولايات المتحدة وموظفين آخرين لدى مكاتب الأمم المتحدة، وامتدت إلى العاملين لدى منظمات دولية وتعذيبهم في المعتقل حتى الموت، كما حصل مع مسؤول السلامة في منظمة «حماية الطفولة» هشام الحكيمي، ومن بعده الخبير التربوي صبري الحكيمي، وصولاً إلى هذه الحملة الأخيرة.

أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء خلال زيارة سابقة للمبعوث غروندبرغ (إ.ب.أ)

المصادر أكدت أن الجانب الحكومي يتوقع أن تراجع الأمم المتحدة مواقفها وتستدرك مخاطر عدم اتخاذها مواقف رادعة وواضحة تجاه الحوثيين، وقالت إنه يعتقد أن تعليق عمل المكاتب الرئيسية للأمم المتحدة في صنعاء إلى حين إطلاق سراح الموظفين، وتقديم الحوثيين التزامات واضحة بضمان أمن وسلامة العاملين في المكاتب الأممية والمجال الإنساني بشكل عام، خطوة مهمة سيكون لها تأثير واضح، وسترغم الحوثيين على إطلاق سراح هؤلاء الأبرياء.

واستشهدت المصادر بالخطوة التي اتخذها برنامج الأغذية العالمي عندما قرر وقف توزيع المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ نهاية العام الماضي عندما أراد الحوثيون فرض قوائم المستفيدين بعيداً عن الآلية التي يتبعها البرنامج، وقالت إن هذا الموقف الشجاع أرغم الحوثيين على سحب اعتراضهم ووقف تدخلاتهم في تحديد المستفيدين من المساعدات التي يقدمها البرنامج.

اعترافات باطلة

علقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» على المقاطع الجديدة التي نشرتها وسائل إعلام الحوثيين التي تتضمن ما يسمى بـ«اعترافات» أشخاص تم اعتقالهم تعسفياً ومختفين منذ عام 2021، ووصفتها بأنها «وسيلة لتبرير اعتقالات الحوثيين الأخيرة».

وقالت نيكو جعفراني، مسؤولة ملف اليمن في المنظمة، إن الدليل المعروض في تلك الاعترافات المسجلة «ليس دليلاً على التجسس»، إذ يعترف شخصان باستضافة ورش عمل كانت مختلطةً بين المشاركين من الذكور والإناث. و«يعترف» آخر بتقييم احتياجات الأقليات في اليمن.

اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين تشكل تهديداً حقيقياً لمجتمع العمل الإنساني (أ.ف.ب)

‏وأضافت جعفراني أن الاعترافات تفتقر إلى المصداقية، وتقوض الحق في محاكمة عادلة، خصوصاً أن فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة قد وثق ومعه آخرون استخدام الحوثيين للتعذيب للحصول على اعترافات، إذ وجد الفريق في عام 2020 أن الحوثيين قاموا بتعذيب 14 رجلاً وصبي واحد، بما في ذلك استخدام العنف الجنسي لانتزاع الاعترافات.

‏وشددت المسؤولة في «هيومن رايتس ووتش» في تعليقها على أن تلك «الاعترافات» والاتهامات لا معنى لها، خصوصاً وأنها تأتي في سياق المطالب المرهقة من قِبَل الحوثيين للمنظمات غير الحكومية، إذ يشترط موافقتهم المسبقة على كل تفاصيل برامج الأمم المتحدة أو المجتمع المدني المقترحة، وهو ما يعني أن البرامج التي يزعمون أنها جزء من جهود التجسس قد تمت الموافقة عليها من قبلهم مسبقاً.